البعض من الدعاة يقولون : لا ينبغي أن نعلم الناس مسائل توحيد الأسماء و الصفات لأنها من المتشابه و لكن إذا حصل إشكال لهم في أي شيء منها بينا لهم ذلك فما رأيكم في هذا ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : هذا سائل يقول يا فضيلة الشيخ البعض من الدعاة يقولون بأنه لا ينبغي أن نعلّم الناس مسائل توحيد الأسماء والصفات لأنها من المتشابه ولكن إذا حصل إشكال لهم في أي شيء منها أي من الصفات بيّنّا لهم ذلك فما رأي فضيلتكم بارك الله فيكم وفي علمكم؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أقول إن الناس في هذا الباب أي في باب أسماء الله وصفاته وهل يلزم أن نبيّنها للناس أو لا يلزم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام، طرفان ووسط فطرف يقول مثل ما قال هذا السائل عن شخص ءاخر أنه يقول لا تبيّنوا للناس أسماء الله وصفاته لأنها من المتشابه ولكن إذا سألوا فأجيبوهم.
وقسم ءاخر طرف ءاخر يقول بيّنوا للناس أسماء الله وصفاته ثم ما يتفرّع على هذه الأسماء والصفات من الإشكالات أوردوه عليهم أو تعمّقوا في جانب الإثبات واذكروا كل شيء حتى إن بعضهم يقول مثلا كم أصابع الله كيف استوى على العرش هل لله أذن وما أشبه ذلك من الأمور التي يجب الإعراض عنها لأنها لم تُذكر في الكتاب ولا في السنّة ولو كان ذكرها مما تتوقف عليه العقيدة الصحيحة لكان الله تعالى يبيّنها لعباده إما في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم.
والقسم الثالث وسط يقول علّموا الناس ما يحتاجون إليه في هذا الباب دون أن تتعمّقوا وتكلّفوا ما لستم مكلّفين به وهذا القول هو الصحيح هو الراجح أن نعلّم الناس ما يحتاجون إليه إلى معرفته في هذا الباب وألا نتكلّف علم ما ليس لنا به علم بل نُعرض عنه.
فمثلا إذا شاع في الناس مذهب يُخالف مذهب السلف فلابد أن نبيّن للناس مذهب السلف في هذا الباب، لو شاع في الناس مثلا أن اليدين اللتين أثبتهما الله لنفسه هما النعم يجب علينا أن نبيّن إن هذا خطأ وأن اليدين صفتان لله عز وجل أثبتهما الله لنفسه وبيّن جل وعلا أن يديه مبسوطتان يُنفق كيف يشاء.
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.
وأخبر أن يد الله ملأى سحّاء الليل والنهار وقال أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم ... ما في يمينه .
وأجمع سلف الأمة على أنهما يدان حقيقيتان ثابتتان لله على وجه يليق به لكن لا تُماثلان أيدي المخلوقين حتى يزول عن الناس الاعتقاد الذي ليس بصحيح وهو أنهما النعمتان هذا لابد منه.
لكن إذا كنا في قوم لم يطرأ على بالهم هذا الشيء ولو دخلنا معهم في مسائل تفصيلية لحصل لهم ارتباك أو لدخلوا في أمور يتنطّعون فيها فهنا نأخذ بما جاء عن السلف وخاصة عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال " إنك لن تحدّث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة " وقال علي رضي الله عنه " حدّثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يُكذّب الله ورسوله " .
أما التعمّق في الصفات وطلب ما لا يُمكن العلم به فإن هذا من التكلّف والبدعة ولهذا لما قال رجل للإمام مالك يا أبا عبد الله الرحمان على العرش استوى كيف استوى وكان هذا سؤالا عظيما وقع موقعه في الإمام مالك رحمه الله فأطرق برأسه وجعل يتصبّب عرقا ثم رفع رأسه وقال " يا هذا الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة " يُريد بذلك رحمه الله أن الاستواء غير مجهول معروف استوى على كذا يعني علا عليه قال الله تعالى فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك يعني علوت عليه وركبت فيه وقال تعالى وَجَعَلَ لَكُم مِنَ الفُلكِ وَالأَنعامِ ما تَركَبونَ * لِتَستَووا عَلى ظُهورِهِ ثُمَّ تَذكُروا نِعمَةَ رَبِّكُم إِذَا استَوَيتُم عَلَيهِ يعني إذا علوتم عليه راكبين فاستوى على العرش يعني علا عليه علوا يليق بجلالته وعظمته هذا معنى قوله " الاستواء غير مجهول " .
" الكيف غير معقول " لم يقل رحمه الله الكيف غير موجود بل قال الكيف غير معقول يعني هناك كيفية استوي الله تعالى عليها لكن لا ندري عقولنا لا تُدرك ذلك وشرعنا لم يأتي بها، الكتاب والسنّة ليس فيهما بيان كيفية استواء الله على العرش وعقولنا لا تُدرك هذا فانتفى عنها الدليلان العقلي والسمعي فوجب السكوت فإذا سئلنا كيف استوى قلنا الله أعلم.
" الإيمان به واجب " أي بالاستواء واجب على ما أراده الله عز وجل.
" والسؤال عنه بدعة " هذا محل الشاهد من كلامنا هذا، السؤال عن الكيفية بدعة لماذا؟ لأن الصحابة وهم أحرص منا على معرفة الله وأحرص منا على العلم وإذا سألوا سألوا من هو أعلم منا بالإجابة لم يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، لم يقولوا يا رسول الله كيف استوى مع أنهم يسألون عن أشياء أدق من هذا لكنهم رضي الله عنهم يعرفون أن مثل هذه الأمور لا يُمكن العلم بها لذلك لم يسألوا وإلا فهم يسألون عما هو أدق كما سنبيّنه إن شاء الله.
أيضا " السؤال عنه بدعة " من سمات أهل البدع لأن أهل البدع هم الذين يُحرجون أهل السنّة في ذكر الكيفية، يقولون كيف استوى كيف ينزل إلى السماء الدنيا، يُحرجونهم ليقولوا استوى على الكيفية الفلانية أو يُنكروا الاستواء أو يقولوا نزل على الكيفية الفلانية أو يُنكروا النزول فهو من سمات أهل البدع، السؤال عن كيفية الصفات من سمات أهل البدع.
ثم إن السؤال عن الكيفية كيفية الصفات من التنطّع في دين الله وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون ما لك وللكيفية، أومن بما جاءت به النصوص من أمور الغيب ولا تسأل عما وراء ما ذكِر لك لأنك لن تصل إلى شيء وإذا سألت عما لم يُذكر لك من أمور الغيب فربما تكون من الذين يسألون عن أشياء لا حاجة لهم بها بل أنت منهم وربما تقع في متاهات تعجز عن التخلّص منها.
وقولنا إن الصحابة رضي الله عنهم يسألون عما دون ذلك أستدل له بأن النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم ذكر أن الدجال يخرج ويمكث في الأرض أربعين يوما، اليوم الأول كسنة كاملة يعني اثني عشر شهرا واليوم الثاني كشهر واليوم الثالث كأسبوع وبقية أيامه كأيامنا فالصحابة رضي الله عنهم لما قال يوم كسنّة قالوا يا رسول الله هذا اليوم الذي كسنة تكفينا فيه صلاة واحدة قال لا اقدروا له قدره فتجد أنهم سألوا عن هذا لأنهم مكلّفون بالصلوات الخمس في أوقاتها المعلومة وهذا اليوم سيكون طويلا سيكون اثني عشر شهرا هل تكفي فيه خمس صلوات لذلك سألوا فإذا كانوا لم يسألوا الرسول عليه الصلاة والسلام فيما يتعلق بصفات الله فإنهم خير سلف لنا نقتدي بهم ولا نسأل عن كيفية صفات الله ولا نسأل أيضا عمّن لم يبلغنا علمه من هذه الصفات ولا من غيرها أيضا من أمور الغيب، كل أمور الغيب الأدب فيها أن يقتصر الإنسان فيها على ما بلغه ويسكت عما لم يبلغه لأنه لو كان في بيانه خير لبيّنه الله ورسوله.
وأما قول السائل لا تخبروا العوام بها لأنها من المتشابه فنقول له يا أخي ماذا تريد بالمتشابه، إذا كانت صفات الله عز وجل وكانت النصوص الواردة فيها من المتشابه فماذا يبقى بيّنا! ءايات الصفات من أبين الأيات، أحاديث الصفات من أبين الأحاديث وليس فيها ولله الحمد متشابه، كلها معناها معلوم، كلها معناها مفهوم بمقتضى اللسان العربي المبين الذي نزل به القرءان وكيف يُنزل الله علينا شيئا يتعلق بأسمائه وصفاته ونحن نجهله ولا يمكننا الوصول إليه! هذا مستحيل.
فنقول إن ءايات الصفات وأحاديثها من المعلوم وليست من المتشابه فهل يشتبه على أحد قول الله تبارك وتعالى الله الذي خلق السماوات والأرض فلا يدري ما معنى خلق! هل يشتبه على أحد قول الله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير أن معناها نفي المماثلة وإثبات السمع والبصر! ءايات الصفات وأحاديثها ليست من المتشابه.
نعم إن أراد القائل بقوله من المتشابه يعني من الذي يشتبه علينا إدراك كيفيته وحقيقته فهذا صحيح، نحن لا نعلم كيفية ما وصف الله به نفسه وكنهه لكن معناه واضح ولولا أن معناه واضح ما استطعنا أن ندعو الله بأسمائه وقد قال تعالى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها .
فالمهم أن هذه الكلمة التي أطلقها بعض العلماء على ءايات الصفات وأحاديثها وقال إنها من المتشابه نقول له إن أردت أنها من المتشابه معنًى فلا وإن أردت أنها من المتشابه حقيقة وكنها وأننا لا نُدرك كيفيتها ولا حقيقة كنهها فهذا حق.
وليس بغريب أن نعلم معنى الشيء ولا ندرك حقيقته وكيفيته، نحن نعلم معنى الروح التي بين جنبينا والتي إذا انسلت من الجسد مات الإنسان نعلم معناها لكن هل ندرك حقيقتها وكيفيتها؟ أبدا، نحن نعلم ما ذكر الله عن الجنة بأن فيها من كل فاكهة زوجان ونخلا ورمانا وما أشبه ذلك ولكن هل نحن ندرك حقيقة ذلك وكنهه؟ لا لأن الله يقول فَلا تَعلَمُ نَفسٌ ما أُخفِيَ لَهُم مِن قُرَّةِ أَعيُنٍ جَزاءً بِما كانوا يَعمَلونَ ويقول عز وجل في الحديث القدسي أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
والمهم التنبيه على هذه العبارة المتداولة في كلمة المتشابه بالنسبة لأسماء الله وصفاته حيث يتوصّل بها أهل التعطيل إلى أن نسلك مسلكا سيّئا في ذلك بحيث نفوّض العلم بمعنى أسماء الله وصفاته كما زعم بعض المتأخّرين أن مذهب السلف هو التفويض أي تفويض القول بأسماء الله وصفاته إلى الله وألا نتكلّم بشيء من معناها وهذا القول أعني القول بالتفويض على هذا الوجه قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إنه من شر أقوال أهل البدع والإلحاد، أما تفويض الحقيقة والكنه فهذا شيء لابد منه ولا يضرّنا إذا كنا نعلم المعنى ولكنا لا نعلم الكنه والحقيقة الذي عليه هذا المسمى أو الموصوف. نعم.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أقول إن الناس في هذا الباب أي في باب أسماء الله وصفاته وهل يلزم أن نبيّنها للناس أو لا يلزم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام، طرفان ووسط فطرف يقول مثل ما قال هذا السائل عن شخص ءاخر أنه يقول لا تبيّنوا للناس أسماء الله وصفاته لأنها من المتشابه ولكن إذا سألوا فأجيبوهم.
وقسم ءاخر طرف ءاخر يقول بيّنوا للناس أسماء الله وصفاته ثم ما يتفرّع على هذه الأسماء والصفات من الإشكالات أوردوه عليهم أو تعمّقوا في جانب الإثبات واذكروا كل شيء حتى إن بعضهم يقول مثلا كم أصابع الله كيف استوى على العرش هل لله أذن وما أشبه ذلك من الأمور التي يجب الإعراض عنها لأنها لم تُذكر في الكتاب ولا في السنّة ولو كان ذكرها مما تتوقف عليه العقيدة الصحيحة لكان الله تعالى يبيّنها لعباده إما في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم.
والقسم الثالث وسط يقول علّموا الناس ما يحتاجون إليه في هذا الباب دون أن تتعمّقوا وتكلّفوا ما لستم مكلّفين به وهذا القول هو الصحيح هو الراجح أن نعلّم الناس ما يحتاجون إليه إلى معرفته في هذا الباب وألا نتكلّف علم ما ليس لنا به علم بل نُعرض عنه.
فمثلا إذا شاع في الناس مذهب يُخالف مذهب السلف فلابد أن نبيّن للناس مذهب السلف في هذا الباب، لو شاع في الناس مثلا أن اليدين اللتين أثبتهما الله لنفسه هما النعم يجب علينا أن نبيّن إن هذا خطأ وأن اليدين صفتان لله عز وجل أثبتهما الله لنفسه وبيّن جل وعلا أن يديه مبسوطتان يُنفق كيف يشاء.
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.
وأخبر أن يد الله ملأى سحّاء الليل والنهار وقال أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم ... ما في يمينه .
وأجمع سلف الأمة على أنهما يدان حقيقيتان ثابتتان لله على وجه يليق به لكن لا تُماثلان أيدي المخلوقين حتى يزول عن الناس الاعتقاد الذي ليس بصحيح وهو أنهما النعمتان هذا لابد منه.
لكن إذا كنا في قوم لم يطرأ على بالهم هذا الشيء ولو دخلنا معهم في مسائل تفصيلية لحصل لهم ارتباك أو لدخلوا في أمور يتنطّعون فيها فهنا نأخذ بما جاء عن السلف وخاصة عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال " إنك لن تحدّث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة " وقال علي رضي الله عنه " حدّثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يُكذّب الله ورسوله " .
أما التعمّق في الصفات وطلب ما لا يُمكن العلم به فإن هذا من التكلّف والبدعة ولهذا لما قال رجل للإمام مالك يا أبا عبد الله الرحمان على العرش استوى كيف استوى وكان هذا سؤالا عظيما وقع موقعه في الإمام مالك رحمه الله فأطرق برأسه وجعل يتصبّب عرقا ثم رفع رأسه وقال " يا هذا الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة " يُريد بذلك رحمه الله أن الاستواء غير مجهول معروف استوى على كذا يعني علا عليه قال الله تعالى فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك يعني علوت عليه وركبت فيه وقال تعالى وَجَعَلَ لَكُم مِنَ الفُلكِ وَالأَنعامِ ما تَركَبونَ * لِتَستَووا عَلى ظُهورِهِ ثُمَّ تَذكُروا نِعمَةَ رَبِّكُم إِذَا استَوَيتُم عَلَيهِ يعني إذا علوتم عليه راكبين فاستوى على العرش يعني علا عليه علوا يليق بجلالته وعظمته هذا معنى قوله " الاستواء غير مجهول " .
" الكيف غير معقول " لم يقل رحمه الله الكيف غير موجود بل قال الكيف غير معقول يعني هناك كيفية استوي الله تعالى عليها لكن لا ندري عقولنا لا تُدرك ذلك وشرعنا لم يأتي بها، الكتاب والسنّة ليس فيهما بيان كيفية استواء الله على العرش وعقولنا لا تُدرك هذا فانتفى عنها الدليلان العقلي والسمعي فوجب السكوت فإذا سئلنا كيف استوى قلنا الله أعلم.
" الإيمان به واجب " أي بالاستواء واجب على ما أراده الله عز وجل.
" والسؤال عنه بدعة " هذا محل الشاهد من كلامنا هذا، السؤال عن الكيفية بدعة لماذا؟ لأن الصحابة وهم أحرص منا على معرفة الله وأحرص منا على العلم وإذا سألوا سألوا من هو أعلم منا بالإجابة لم يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، لم يقولوا يا رسول الله كيف استوى مع أنهم يسألون عن أشياء أدق من هذا لكنهم رضي الله عنهم يعرفون أن مثل هذه الأمور لا يُمكن العلم بها لذلك لم يسألوا وإلا فهم يسألون عما هو أدق كما سنبيّنه إن شاء الله.
أيضا " السؤال عنه بدعة " من سمات أهل البدع لأن أهل البدع هم الذين يُحرجون أهل السنّة في ذكر الكيفية، يقولون كيف استوى كيف ينزل إلى السماء الدنيا، يُحرجونهم ليقولوا استوى على الكيفية الفلانية أو يُنكروا الاستواء أو يقولوا نزل على الكيفية الفلانية أو يُنكروا النزول فهو من سمات أهل البدع، السؤال عن كيفية الصفات من سمات أهل البدع.
ثم إن السؤال عن الكيفية كيفية الصفات من التنطّع في دين الله وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون ما لك وللكيفية، أومن بما جاءت به النصوص من أمور الغيب ولا تسأل عما وراء ما ذكِر لك لأنك لن تصل إلى شيء وإذا سألت عما لم يُذكر لك من أمور الغيب فربما تكون من الذين يسألون عن أشياء لا حاجة لهم بها بل أنت منهم وربما تقع في متاهات تعجز عن التخلّص منها.
وقولنا إن الصحابة رضي الله عنهم يسألون عما دون ذلك أستدل له بأن النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم ذكر أن الدجال يخرج ويمكث في الأرض أربعين يوما، اليوم الأول كسنة كاملة يعني اثني عشر شهرا واليوم الثاني كشهر واليوم الثالث كأسبوع وبقية أيامه كأيامنا فالصحابة رضي الله عنهم لما قال يوم كسنّة قالوا يا رسول الله هذا اليوم الذي كسنة تكفينا فيه صلاة واحدة قال لا اقدروا له قدره فتجد أنهم سألوا عن هذا لأنهم مكلّفون بالصلوات الخمس في أوقاتها المعلومة وهذا اليوم سيكون طويلا سيكون اثني عشر شهرا هل تكفي فيه خمس صلوات لذلك سألوا فإذا كانوا لم يسألوا الرسول عليه الصلاة والسلام فيما يتعلق بصفات الله فإنهم خير سلف لنا نقتدي بهم ولا نسأل عن كيفية صفات الله ولا نسأل أيضا عمّن لم يبلغنا علمه من هذه الصفات ولا من غيرها أيضا من أمور الغيب، كل أمور الغيب الأدب فيها أن يقتصر الإنسان فيها على ما بلغه ويسكت عما لم يبلغه لأنه لو كان في بيانه خير لبيّنه الله ورسوله.
وأما قول السائل لا تخبروا العوام بها لأنها من المتشابه فنقول له يا أخي ماذا تريد بالمتشابه، إذا كانت صفات الله عز وجل وكانت النصوص الواردة فيها من المتشابه فماذا يبقى بيّنا! ءايات الصفات من أبين الأيات، أحاديث الصفات من أبين الأحاديث وليس فيها ولله الحمد متشابه، كلها معناها معلوم، كلها معناها مفهوم بمقتضى اللسان العربي المبين الذي نزل به القرءان وكيف يُنزل الله علينا شيئا يتعلق بأسمائه وصفاته ونحن نجهله ولا يمكننا الوصول إليه! هذا مستحيل.
فنقول إن ءايات الصفات وأحاديثها من المعلوم وليست من المتشابه فهل يشتبه على أحد قول الله تبارك وتعالى الله الذي خلق السماوات والأرض فلا يدري ما معنى خلق! هل يشتبه على أحد قول الله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير أن معناها نفي المماثلة وإثبات السمع والبصر! ءايات الصفات وأحاديثها ليست من المتشابه.
نعم إن أراد القائل بقوله من المتشابه يعني من الذي يشتبه علينا إدراك كيفيته وحقيقته فهذا صحيح، نحن لا نعلم كيفية ما وصف الله به نفسه وكنهه لكن معناه واضح ولولا أن معناه واضح ما استطعنا أن ندعو الله بأسمائه وقد قال تعالى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها .
فالمهم أن هذه الكلمة التي أطلقها بعض العلماء على ءايات الصفات وأحاديثها وقال إنها من المتشابه نقول له إن أردت أنها من المتشابه معنًى فلا وإن أردت أنها من المتشابه حقيقة وكنها وأننا لا نُدرك كيفيتها ولا حقيقة كنهها فهذا حق.
وليس بغريب أن نعلم معنى الشيء ولا ندرك حقيقته وكيفيته، نحن نعلم معنى الروح التي بين جنبينا والتي إذا انسلت من الجسد مات الإنسان نعلم معناها لكن هل ندرك حقيقتها وكيفيتها؟ أبدا، نحن نعلم ما ذكر الله عن الجنة بأن فيها من كل فاكهة زوجان ونخلا ورمانا وما أشبه ذلك ولكن هل نحن ندرك حقيقة ذلك وكنهه؟ لا لأن الله يقول فَلا تَعلَمُ نَفسٌ ما أُخفِيَ لَهُم مِن قُرَّةِ أَعيُنٍ جَزاءً بِما كانوا يَعمَلونَ ويقول عز وجل في الحديث القدسي أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
والمهم التنبيه على هذه العبارة المتداولة في كلمة المتشابه بالنسبة لأسماء الله وصفاته حيث يتوصّل بها أهل التعطيل إلى أن نسلك مسلكا سيّئا في ذلك بحيث نفوّض العلم بمعنى أسماء الله وصفاته كما زعم بعض المتأخّرين أن مذهب السلف هو التفويض أي تفويض القول بأسماء الله وصفاته إلى الله وألا نتكلّم بشيء من معناها وهذا القول أعني القول بالتفويض على هذا الوجه قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إنه من شر أقوال أهل البدع والإلحاد، أما تفويض الحقيقة والكنه فهذا شيء لابد منه ولا يضرّنا إذا كنا نعلم المعنى ولكنا لا نعلم الكنه والحقيقة الذي عليه هذا المسمى أو الموصوف. نعم.
الفتاوى المشابهة
- صفات الله عز وجل بين المتشابه والمحكم - الفوزان
- ما المقصود بالمتشابه في قوله تعالى : (( هُوَ ا... - الالباني
- ما حكم المُتشابه في صفات الله عز وجل؟ - ابن باز
- الكلام على توحيد الأسماء والصفات. - ابن عثيمين
- ما حكم مَن أقَرَّ وأخذ التوحيدين الألوهية والر... - الالباني
- هل أسماء الله وصفاته من المُحْكَم أم المتشابه؟ - ابن باز
- معنى قوله :" كتابا متشابها " والجمع بين وصفه... - ابن عثيمين
- الرد على من قال أن آيات الصفات من المتشابه ف... - ابن عثيمين
- الكلام على تفسير أهل الأهواء المتشابه بآيات... - ابن عثيمين
- تتمة الإجابة على السؤال السابق ." سائل يقول... - ابن عثيمين
- البعض من الدعاة يقولون : لا ينبغي أن نعلم ال... - ابن عثيمين