تم نسخ النصتم نسخ العنوان
إذا حكم الحاكم بغير ما أنزل الله فما الضابط... - ابن عثيمينالسائل : فضيلة الشيخ : يقول أكثر أهل العلم أن الحاكم بغير ما أنزل الله إذا كان لا يستحل الحكم بغير ما أنزل الله ويعلم أن حكم الله خيرًا من حكم غيره فهو ...
العالم
طريقة البحث
إذا حكم الحاكم بغير ما أنزل الله فما الضابط في تكفيره ؟ وما هوالدليل على أن الحاكم لا يكفر إلا إذا استحل ؟ وكيف يعرف الاستحلال وهو في القلب ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : فضيلة الشيخ : يقول أكثر أهل العلم أن الحاكم بغير ما أنزل الله إذا كان لا يستحل الحكم بغير ما أنزل الله ويعلم أن حكم الله خيرًا من حكم غيره فهو لا يكفر إلا بشرط الاستحلال فما هو الدليل على أنه لا يكفر إلا أن يكون مستحلًّا لذلك؟ وإذا كان الاستحلال لا يكون إلا في القلب باعتقاد الشيء حله من حرامه كيف لنا أن نعرف أن هذا مستحل أو غير ذلك وجزاكم الله خير؟

الشيخ : نعم، أولًا: بارك الله فيك لابد أن نعلم أن معنى تكفير الإنسان نقله من الإسلام إلى الكفر، ويترتب على هذا أحكام عظيمة من أهمها استباحة دمه وماله وهذا أمر عظيم لا يجوز لنا أن نتهاون به، يعني مثلًا لو قلنا هذا حلال وهذا حرام بغير علم أهون مما إذا قلنا هذا كافر وهذا مسلم بغير علم، ومن المعلوم أن التكفير والإسلام إنما هو إلى الله عز وجل، فإذا نظرنا إلى الأدلة وجدنا أن الله وصف الحاكمين بغير ما أنزل الله بثلاثة أوصاف فقال: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } وقال: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون } وقال: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون } ووصف الحكم بغير ما أنزل الله بالجهل فقال: { أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكمًا لقوم يوقنون } فلابد أن نرى مخرجًا من هذه الأوصاف التي ظاهرها التعارض ولا مخرج لنا في ذلك إلا أن تطبق على القواعد الشرعية، فمثلًا إذا جاءنا رجل ورفع الحكم الشرعي وأحل بدله قوانين تخالف ما أنزل الله على رسوله فهذا لا شك أنه مستحل، لأنه رفع الحكم نهائيًّا ووضع قانونًا من عنده من وضعه أو من وضع من هو أسوأ حالًا منه فهذا كافر، لأن رفعه للأحكام الشرعية ووضع القوانين بدلها يعني أنه استحل ذلك لكن يبقى عندي هل نكفر هذا الرجل بعينه أو ننظر حتى تقوم عليه الحجة، لأنه قد يشتبه عليه مسائل الأمور الدنيوية من مسائل الأمور العقدية أو التعبدية، ولهذا تجده يحترم العبادة ولم يغير فيها لا يقول مثلا إن صلاة الظهر تأتي والناس في عمل نؤجلها إلى العصر أو صلاة العشاء تأتي والناس محتاجون إلى النوم والعشاء نقدمها إلى المغرب مثلًا يحترم هذا، لكن في الأمور الدنيوية ربما يتجاسر ويضع قوانين مخالفة للشرع فهذا من حيث هو كفر لا شك فيه، لأن هذا رفع الحكم الشرعي واستبدل به غيره، ولكن لابد أن نقيم عليه الحجة وننظر لماذا فعلت ذلك؟ قد يلبّس عليه بعض العلماء الذين هم علماء دولة فيحرفون الكلم عن مواضعه من أجل إرضاء الحاكم، فيقولون مثلًا: إن مسائل الدنيا اقتصاديًّا وزراعيًّا وأخذًا وإعطاء موكول إلى البشر، لأن المصالح تختلف ثم يموهون عليه بقوله صلى الله عليه وسلم: "أنتم أعلم بأمور دنياكم" أو "بأمر دنياكم" وغالب الحكام الموجودين الآن غالبهم جهلة لا يعرفون شيئًا، فإذا جاء إنسان كبير العمامة طويل الأذيال واسع الأكمام وقال له هذا أمر يرجع إلى مصالح والمصالح تختلف بحسب الزمان والمكان والأحوال والنبي عليه الصلاة والسلام قال أنتم أعلم بأمر دنياكم ولا بأس أن ترفعوا القوانين التي كانت مقننة في عهد الصحابة وفي وقت مناسب إلى قوانين توافق ما عليه الناس في هذا الوقت فيحللون لهم ما حرم الله، ويقولون مثلًا: الربا نوعان ربا استثماري وربا استغلالي، فالأول جائز والثاني حرام مثلًا ثم يكتب اكتب هذه المادة فيكون جاهلًا، لكن إذا أقمنا عليه الحجة وقلنا هذا غلط وهذا خطأ وتحرييف من هذا العالم الذي غرك ثم أصرّ على ما هو عليه، حينئذ يحكم بكفره ولا نبالي، فالحاصل أن العلماء رحمهم الله قسموا هذا التقسيم من أجل موافقة هذه النصوص المطلقة للقواعد الشرعية المعلومة، نعم.

Webiste