وحدثنيه بشر بن خالد حدثنا محمد يعني بن جعفر عن شعبة قال سمعت سليمان بهذا الإسناد وقال ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : وحدثنيه بشر بن خالد، قال حدثنا محمد، يعني ابن جعفر ، عن شعبة، قال: سمعت سليمان بهذا الإسناد ، وقال: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم .
الشيخ : هذا حديث أبي ذر رواه بلفظين لكن المعنى واحد، اللفظ الأول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم هذا من أساليب القول النبوي، أن يأتي بالشيء مجملاً ، ثم يأتي به مفصلاً ، وذلك من أجل أن يشتاق السامع ويتشوف إلى هذا المجمل الذي أعطي إليه، وكذلك أيضاً بأتي بطريق الحصر ثلاثة، وقد يكون غيرهم مثلهم ، لكن يأتي بطريق الحصر ، لأن الحصر أضبط فالإنسان يتذكر دائما ثلاثة ، فيذكر اثنين ويغيب الثالث، لكن لو ذكر كلام مرسلاً هكذا ربما ينسى بعض الشيء ولا يدركه. ففيه فائدتان: التشوف إلى هذا المجمل ، والثاني : تمام الإدراك والضبط.
وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يكلمهم الله أي: تكليم رضا وإلا فإن الله تعالى يكلم أهل النار وهم في النار. قال اخسئوا فيها ولا تكلمون وهذا كلام لهم ، لكن المراد تكليم الرضا.
ولا ينظر إليهم لا ينظر إليهم نظراً خاصاً ، نظر رحمة ، أما النظر العام فإن الله ينظر كل شيء ، لا يغيب عن بصره شيء.
ولا يزكيهم أي : لا يطهرهم ويثني عليهم خيراً بل على العكس من ذلك.
العقوبة الرابعة: ولهم عذاب أليم أي : مؤلم موجع ، نسأل الله العافية..
قرأها ثلاث مرات ، لزيادة التشويق إليها ، وبيانها ، قال أبو ذر: خابوا وخسروا نعم ، يعني باءوا بالخيبة والخذلان والخسارة من هم يا رسول الله؟ قال : المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب
المسبل : يعني مسبل ثوبه ، من قميص أو إزار هذا واحد ، والحديث كما ترون مطلق ، لكنه يحمل على المقيد في حديث ابن عمر وغيره أنه أسبل خيلاء ، وإنما قلنا بذلك لأن العقوبة هنا والعقوبة فيمن أسبل خيلاء واحدة ، وإذا كان الحكم واحداً فإنه يحمل المطلق على المقيد. هذه القاعدة ، ولهذا نقول : إذا اتفق السبب والحكم فإنه يحمل المطلق على المقيد ، وإذا اتفق السبب واختلف الحكم فإنه لا يقيد به ، وكذلك لو اختلف السبب والحكم فإنه لا يقيد به.أعرفتم ؟
الطالب : أعد
الشيخ : في المطلق والمقيد نقول : إذا اتفق السبب والحكم وجب تقييد المطلق بالمقيد. وإن اتفق السبب واختلف الحكم لم يقيد به ، وإن اختلف السبب والحكم فكذلك لا يقيد به من باب أولى.
فمثلاً : في الأيدي قيدت بالمرافق في الوضوء ولم تقيد بها في التيمم، السبب واحد ، وهو الحدث، والحكم مختلف لأن الأعضاء التي تطهر في التيمم ليست هي الأعضاء التي تطهر في الوضوء ، ولأن التيمم تستوي فيه الطهارتان بخلاف الوضوء، ولهذا نقول: لا يقيد المطلق في قوله تعالى: فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه بالمقيد في قوله تعالى: وأيديكم إلى المرافق .
وإن اختلف السبب واتفق الحكم ، السبب مختلف والحكم مختلف فهنا لا يقيد أيضاً، كقوله تعالى: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما لا نقول إلى المرفقين ، لماذا؟ لأن السبب مختلف، هذا سببه السرقة وهذا سببه الحدث ، وش قلنا؟ إذا اختلف السبب والحكم .
الأول إذا اتفق السبب واختلف الحكم فلا يقيد أحدهما بالآخر ، والثاني إذا اتفق الحكم واختلف السبب فإنه يقيد أو لا يقيد؟
الطالب : لا يقيد
الشيخ : طيب لا يقيد، مثاله: قوله تعالى : والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا السبب مختلف والحكم أيديهم ، قطع الأيدي فلا يقيد ذلك بالمرافق لأن السبب مختلف. وكذلك الحكم في الواقع بالنسبة للسرقة حتى الحكم مختلف.
هنا اتفق السبب والحكم في الإسبال ، فهنا يقيد المطلق بالمقيد، لأن السبب هو الإسبال والحكم أن الله لا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولا يكلمهم. واحد. فهنا نقول: يجب أن يقيد المطلق بالمقيد فنقول : المسبل يعني خيلاء، لأن الحكم واحد والسبب واحد.
نقول: هنا المراد المسبل خيلاء ، لا بد أن يقيد.
الثاني : المنان الذي يدلي بما أعطى ويمن به ، وكل ما حصلت أي مناسبة قال: فعلت فيك، أو فعلت معك كذا وكذا. حتى بعض الناس يمن بالسلام. الله أكبر. هذا جزائي منك وأنا كل ما وجدتك أسلم عليك. هذا من الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.
والحديث هنا مطلق ، وعلى هذا فلا يحمل على المن بالصدقة ، لقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تنفقوا صدقاتكم بالمن والأذى بل يقال المن بكل عطاء يستحق فاعله هذا الوعيد.
الثالث : المنفق سلعته بالحلف الكاذب، المنفق يعني: الزائد، النفاق يعني: الزيادة ، ومنه قول الشاعر ولا نوافقه عليه: "فنافق فالنفاق له نفاق" يعني له قبوله ، فكل يريده .
فنقول : المنفق الذي يطلب الزيادة ، زيادة الثمن بالحلف، فيقول مثلا عند عرض السلعة: والله لقد اشتريتها بمائة ، وهو ما اشتراها إلا بتسعين، أو يقول: والله هذه من النوع الطيب، وهي ليست كذلك، المهم أنه يحلف من أجل أن تزداد سلعته، فهذا أيضا من الذين لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.
الشيخ : هذا حديث أبي ذر رواه بلفظين لكن المعنى واحد، اللفظ الأول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم هذا من أساليب القول النبوي، أن يأتي بالشيء مجملاً ، ثم يأتي به مفصلاً ، وذلك من أجل أن يشتاق السامع ويتشوف إلى هذا المجمل الذي أعطي إليه، وكذلك أيضاً بأتي بطريق الحصر ثلاثة، وقد يكون غيرهم مثلهم ، لكن يأتي بطريق الحصر ، لأن الحصر أضبط فالإنسان يتذكر دائما ثلاثة ، فيذكر اثنين ويغيب الثالث، لكن لو ذكر كلام مرسلاً هكذا ربما ينسى بعض الشيء ولا يدركه. ففيه فائدتان: التشوف إلى هذا المجمل ، والثاني : تمام الإدراك والضبط.
وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يكلمهم الله أي: تكليم رضا وإلا فإن الله تعالى يكلم أهل النار وهم في النار. قال اخسئوا فيها ولا تكلمون وهذا كلام لهم ، لكن المراد تكليم الرضا.
ولا ينظر إليهم لا ينظر إليهم نظراً خاصاً ، نظر رحمة ، أما النظر العام فإن الله ينظر كل شيء ، لا يغيب عن بصره شيء.
ولا يزكيهم أي : لا يطهرهم ويثني عليهم خيراً بل على العكس من ذلك.
العقوبة الرابعة: ولهم عذاب أليم أي : مؤلم موجع ، نسأل الله العافية..
قرأها ثلاث مرات ، لزيادة التشويق إليها ، وبيانها ، قال أبو ذر: خابوا وخسروا نعم ، يعني باءوا بالخيبة والخذلان والخسارة من هم يا رسول الله؟ قال : المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب
المسبل : يعني مسبل ثوبه ، من قميص أو إزار هذا واحد ، والحديث كما ترون مطلق ، لكنه يحمل على المقيد في حديث ابن عمر وغيره أنه أسبل خيلاء ، وإنما قلنا بذلك لأن العقوبة هنا والعقوبة فيمن أسبل خيلاء واحدة ، وإذا كان الحكم واحداً فإنه يحمل المطلق على المقيد. هذه القاعدة ، ولهذا نقول : إذا اتفق السبب والحكم فإنه يحمل المطلق على المقيد ، وإذا اتفق السبب واختلف الحكم فإنه لا يقيد به ، وكذلك لو اختلف السبب والحكم فإنه لا يقيد به.أعرفتم ؟
الطالب : أعد
الشيخ : في المطلق والمقيد نقول : إذا اتفق السبب والحكم وجب تقييد المطلق بالمقيد. وإن اتفق السبب واختلف الحكم لم يقيد به ، وإن اختلف السبب والحكم فكذلك لا يقيد به من باب أولى.
فمثلاً : في الأيدي قيدت بالمرافق في الوضوء ولم تقيد بها في التيمم، السبب واحد ، وهو الحدث، والحكم مختلف لأن الأعضاء التي تطهر في التيمم ليست هي الأعضاء التي تطهر في الوضوء ، ولأن التيمم تستوي فيه الطهارتان بخلاف الوضوء، ولهذا نقول: لا يقيد المطلق في قوله تعالى: فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه بالمقيد في قوله تعالى: وأيديكم إلى المرافق .
وإن اختلف السبب واتفق الحكم ، السبب مختلف والحكم مختلف فهنا لا يقيد أيضاً، كقوله تعالى: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما لا نقول إلى المرفقين ، لماذا؟ لأن السبب مختلف، هذا سببه السرقة وهذا سببه الحدث ، وش قلنا؟ إذا اختلف السبب والحكم .
الأول إذا اتفق السبب واختلف الحكم فلا يقيد أحدهما بالآخر ، والثاني إذا اتفق الحكم واختلف السبب فإنه يقيد أو لا يقيد؟
الطالب : لا يقيد
الشيخ : طيب لا يقيد، مثاله: قوله تعالى : والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا السبب مختلف والحكم أيديهم ، قطع الأيدي فلا يقيد ذلك بالمرافق لأن السبب مختلف. وكذلك الحكم في الواقع بالنسبة للسرقة حتى الحكم مختلف.
هنا اتفق السبب والحكم في الإسبال ، فهنا يقيد المطلق بالمقيد، لأن السبب هو الإسبال والحكم أن الله لا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولا يكلمهم. واحد. فهنا نقول: يجب أن يقيد المطلق بالمقيد فنقول : المسبل يعني خيلاء، لأن الحكم واحد والسبب واحد.
نقول: هنا المراد المسبل خيلاء ، لا بد أن يقيد.
الثاني : المنان الذي يدلي بما أعطى ويمن به ، وكل ما حصلت أي مناسبة قال: فعلت فيك، أو فعلت معك كذا وكذا. حتى بعض الناس يمن بالسلام. الله أكبر. هذا جزائي منك وأنا كل ما وجدتك أسلم عليك. هذا من الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.
والحديث هنا مطلق ، وعلى هذا فلا يحمل على المن بالصدقة ، لقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تنفقوا صدقاتكم بالمن والأذى بل يقال المن بكل عطاء يستحق فاعله هذا الوعيد.
الثالث : المنفق سلعته بالحلف الكاذب، المنفق يعني: الزائد، النفاق يعني: الزيادة ، ومنه قول الشاعر ولا نوافقه عليه: "فنافق فالنفاق له نفاق" يعني له قبوله ، فكل يريده .
فنقول : المنفق الذي يطلب الزيادة ، زيادة الثمن بالحلف، فيقول مثلا عند عرض السلعة: والله لقد اشتريتها بمائة ، وهو ما اشتراها إلا بتسعين، أو يقول: والله هذه من النوع الطيب، وهي ليست كذلك، المهم أنه يحلف من أجل أن تزداد سلعته، فهذا أيضا من الذين لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.
الفتاوى المشابهة
- ما صحة حديث «ثلاثة لا ينظر الله إليهم...» - ابن باز
- باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطي... - ابن عثيمين
- .شرح قول المصنف : وعن سلمان - رضي الله عنه -... - ابن عثيمين
- وحدثنيه يحيى بن حبيب قال : حدثنا خالد يعني ا... - ابن عثيمين
- وحدثنيه يحيى بن حبيب حدثنا خالد بن الحارث ح... - ابن عثيمين
- شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال... - ابن عثيمين
- شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسو... - ابن عثيمين
- الجمع بين حديث :" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر ا... - ابن عثيمين
- حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى وا... - ابن عثيمين
- باب النهي عن المن بالعطية ونحوها: قال الله ت... - ابن عثيمين
- وحدثنيه بشر بن خالد حدثنا محمد يعني بن جعفر... - ابن عثيمين