تفسير سورة البروج من قوله تعالى:" إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق ".
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
فهذا هو اللقاء الثالث، في شهر جمادى الثاني، عام أربعة عشر وأربعمائة وألف ، الذي يكون كل خميس.
نسأل الله تعالى أن ينفعنا جميعا به وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وأن يتوفانا على الإيمان.
اخترنا في أول لقاءاتنا أن نتكلم على التفسير من سورة النبأ ، لأن هذا الجزء الأخير من الكتاب العزيز تكثر قراءته ، فاخترنا أن يكون الناس فيه على علم ، لأن الفائدة من القرآن هو التدبر والاتّعاظ ، كما قال الله تعالى : كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ .
وانتهينا إلى قوله تعالى في سورة البروج: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ : فتنوهم يعني : أحرقوهم على قول بعض أهل العلم ، لأن هؤلاء المجرمين خَدُّوا أخاديد أي : شقوا سراديب في الأرض ، وأوقدوا فيها النيران ، وأحرقوا فيها المؤمنين ، فيكون معنى فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ يعني : أحرقوا المؤمنين .
وقيل : فتنوهم أي : صدوهم عن دينهم ، والصحيح أن الآية شاملة للمعنيين جميعًا ، لأنه ينبغي أن نعلم أن القرآن معانيه أوسع من أفهامنا ، معاني القرآن أوسع من أفهامنا ، وأنه مهما بلغنا من الذكاء والفطنة فلن نحيط به علمًا ، إنما نعلم منه ما تيسر .
والقاعدة في علم التفسير: " أنه إذا كانت الآية تحتمل معنيين لا يتضادان فإنها تحمل عليهما جميعًا " ، فنقول: هم فتنوا المؤمنين بصدهم عن سبيل الله وفتنوهم بالإحراق أيضًا.
ولكن مع هذا يقول الله عز وجل: ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ : فدلت الآية الكريمة على أنهم لو تابوا لغفر الله لهم حتى وإن فعلوا بأوليائه ما فعلوا فإن الله يتوب عليهم ، لأن الله يقول: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ .
فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ أي : عذاب النار يعذبون بها .
وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ يحرقون في نار جهنم نسأل الله العافية .
وفي الآية إشارة إلى أنَّ التوبة تهدم ما قبلها، ولكن يا إخواني لا بد أن نعلم أن التوبة لا تكون توبة نصوحًا مقبولة عند الله إلا إذا اشتملت على شروط خمسة:
الأول : الإخلاص لله عز وجل، بأن يكون الحامل للإنسان على التوبة خوف الله عز وجل، ورجاء ثوابه، لأن الإنسان قد يتوب من الذنب من أجل أن يمدحه الناس، أو من أجل دفع مذمة الناس له، أو من أجل مرتبة يصل إليها، أو من أجل مال يحصل عليه، كل هؤلاء لا تقبل توبتهم، لماذا ؟
لأن التوبة يجب أن تكون خالصة ، خالصة لله عز وجل .
وأما من أراد بعمله الدنيا فإن الله تعالى يقول في كتابه: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ .
الثاني من شروط كون التوبة نصوحًا: الندم على ما حصل من الذنب، بمعنى: ألا يكون الإنسان كأنه لم يذنب ما يتحسر ولا يحزن، لا بد أن يندم، إذا ذكر عظمة الله ندم، كيف أعصي ربي وهو الذي خلقني ورزقني وهداني فيندم، كما لو عصى الإنسان أباه فإنه يندم.
الثالث: أن يقلع عن الذنب، فلا تصح التوبة مع الإصرار على الذنب، لأن التائب هو الراجع، فإذا كان الإنسان يقول: أستغفر الله وأتوب إليه من أكل الربا ولكنه لا يزال يرابي هل تصح توبته ؟
لا، لا تصح .
لو قال: أستغفر الله من الغيبة ، والغيبة ذكرك أخاك بما يكره ، ولكنه في كل مجلس يغتاب الناس هل تصح توبته ؟
لا، كيف تصح وهو مصر على المعصية، فلا بد أن يقلع .
إذا تاب من أكل أموال الناس وقد سرق من هذا ، وأخذ مال هذا بخداع وغش فهل تصح توبته ؟
لا، حتى يردها حتى يرد ما أخذ من أموال الناس إلى الناس.
لو فرضنا أن شخصًا أدخل مراسيمه في ملك جاره واقتطع جزءًا من أرضه، وقال: إني تائب ماذا نقول له، ماذا نقول له ؟
رد المراسيم إلى حدودها الأولى وإلا فإن توبتك لا تقبل، لأنه لا بد من الإقلاع عن الذنب الذي تاب منه.
والشرط الرابع: أن يعزم عزمًا تامًا على ألا يعود إلى الذنب، فإن تاب وهو ينوي في نفسه أنه لو حصلت له الفرصة لعاد إلى الذنب فإن توبته لا تقبل لا بد أن يعزم عزما أكيدًا على ألا يعود.
والشرط الخامس: أن تكون التوبة في وقت تقبل فيه التوبة، لأنه يأتي أوقات ما تقبل فيها التوبة، انتبهوا إلى هذا الشرط الأخير: يأتي في أوقات لا تقبل توبة الإنسان، وذلك في حالين :
الحالة الأولى : إذا حضره الموت فإن توبته لا تقبل ، لقول الله تبارك وتعالى : وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ : بعد ما عاين الموت وشاهد العذاب يقول : تبت ما ينفع، هذا ومثال واقع لهذه المسألة: وهو أن فرعون لما أدركه الغرق ماذا قال؟
قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ يعني: بالله، ولم يقل: آمنت بالله إذلالاً لنفسه حيث كان يحارب بني إسرائيل على الإيمان بالله والآن يقول : آمنت بالذي آمنوا به فكأنه جعل نفسه تابعا لمن ؟
لبني إسرائيل، إلى هذا الحد بلغ به الذل، ومع ذلك قيل له: آلْآنَ ؟
يعني آلآن تتوب ؟ آلآن تؤمن بالذي آمنت به بنو إسرائيل ، وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ .
إذًا إذا حضر الموت فإن التوبة لا تقبل، وأنا أسأل كل واحد منكم: هل يعلم متى يحضره الموت ؟
لا، إذًا لا بد من المبادرة بالتوبة، لأنك لا تدري بأي وقت يحضرك الموت، ألم تعلموا بأن من الناس من نام على فراشه في صحة وعافية، ثم حمل من فراشه إلى سرير تغسيله؟
نعلم هذا ووقع، أم تعلموا أن بعض الناس جلس على كرسي العمل يعمل ثم حمل من كرسي العمل إلى سرير الغسل، التغسيل، كل هذا واقع، فإذًا يجب أن نبادر بالتوبة، أن نبادر بها نسأل الله أن يعينني وإياكم على ذلك، بادروا بالتوبة قبل أن تغلق الأبواب بادروا.
يقول جل وعلا ثم لم يتوبوا قلنا : إنها لا تقبل التوبة في حالين:
الحال الأولى : إذا حضره الموت.
والحال الثانية : إذا طلعت الشمس من مغربها، فإن الشمس إذا طلعت من مغربها ورآها الناس آمنوا لكن الله يقول: لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً .
فشروط قبول التوبة خمسة نسأل الله أن يعيننا وإياكم على تحقيقها.
ثم قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ : لما ذكر عقاب المجرمين ذكر ثواب المؤمنين، وهذه هي الطريقة المتبعة فيما يراد به الترغيب والترهيب، والقرآن الكريم قال الله تعالى إنه مثاني تذكر فيه المعاني المتقابلة، فيذكر فيه عذاب أهل النار، ونعيم أهل الجنة، صفات المؤمنين وصفات الكافرين، من أجل أن يكون الإنسان سائرا إلى الله تعالى بين الخوف والرجاء، ويعرف نعمة الله عليه بالإسلام، ويعرف حكمة الله تعالى في وجود هؤلاء الكافرين المجرمين.
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ، ونقتصر على هذا الجزء، ونؤجل الكلام على هذه الآية إن شاء الله إلى الأسبوع القادم من أجل أن نحصل على أجوبة كثيرة للأسئلة، ونسأل الله التوفيق، نبدأ باليمين، عندك سؤال ؟
السائل : شيخ بس أنا جيت زيارة .
الشيخ : طيب عندكم سؤال؟ نعم .
أما بعد:
فهذا هو اللقاء الثالث، في شهر جمادى الثاني، عام أربعة عشر وأربعمائة وألف ، الذي يكون كل خميس.
نسأل الله تعالى أن ينفعنا جميعا به وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وأن يتوفانا على الإيمان.
اخترنا في أول لقاءاتنا أن نتكلم على التفسير من سورة النبأ ، لأن هذا الجزء الأخير من الكتاب العزيز تكثر قراءته ، فاخترنا أن يكون الناس فيه على علم ، لأن الفائدة من القرآن هو التدبر والاتّعاظ ، كما قال الله تعالى : كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ .
وانتهينا إلى قوله تعالى في سورة البروج: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ : فتنوهم يعني : أحرقوهم على قول بعض أهل العلم ، لأن هؤلاء المجرمين خَدُّوا أخاديد أي : شقوا سراديب في الأرض ، وأوقدوا فيها النيران ، وأحرقوا فيها المؤمنين ، فيكون معنى فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ يعني : أحرقوا المؤمنين .
وقيل : فتنوهم أي : صدوهم عن دينهم ، والصحيح أن الآية شاملة للمعنيين جميعًا ، لأنه ينبغي أن نعلم أن القرآن معانيه أوسع من أفهامنا ، معاني القرآن أوسع من أفهامنا ، وأنه مهما بلغنا من الذكاء والفطنة فلن نحيط به علمًا ، إنما نعلم منه ما تيسر .
والقاعدة في علم التفسير: " أنه إذا كانت الآية تحتمل معنيين لا يتضادان فإنها تحمل عليهما جميعًا " ، فنقول: هم فتنوا المؤمنين بصدهم عن سبيل الله وفتنوهم بالإحراق أيضًا.
ولكن مع هذا يقول الله عز وجل: ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ : فدلت الآية الكريمة على أنهم لو تابوا لغفر الله لهم حتى وإن فعلوا بأوليائه ما فعلوا فإن الله يتوب عليهم ، لأن الله يقول: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ .
فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ أي : عذاب النار يعذبون بها .
وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ يحرقون في نار جهنم نسأل الله العافية .
وفي الآية إشارة إلى أنَّ التوبة تهدم ما قبلها، ولكن يا إخواني لا بد أن نعلم أن التوبة لا تكون توبة نصوحًا مقبولة عند الله إلا إذا اشتملت على شروط خمسة:
الأول : الإخلاص لله عز وجل، بأن يكون الحامل للإنسان على التوبة خوف الله عز وجل، ورجاء ثوابه، لأن الإنسان قد يتوب من الذنب من أجل أن يمدحه الناس، أو من أجل دفع مذمة الناس له، أو من أجل مرتبة يصل إليها، أو من أجل مال يحصل عليه، كل هؤلاء لا تقبل توبتهم، لماذا ؟
لأن التوبة يجب أن تكون خالصة ، خالصة لله عز وجل .
وأما من أراد بعمله الدنيا فإن الله تعالى يقول في كتابه: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ .
الثاني من شروط كون التوبة نصوحًا: الندم على ما حصل من الذنب، بمعنى: ألا يكون الإنسان كأنه لم يذنب ما يتحسر ولا يحزن، لا بد أن يندم، إذا ذكر عظمة الله ندم، كيف أعصي ربي وهو الذي خلقني ورزقني وهداني فيندم، كما لو عصى الإنسان أباه فإنه يندم.
الثالث: أن يقلع عن الذنب، فلا تصح التوبة مع الإصرار على الذنب، لأن التائب هو الراجع، فإذا كان الإنسان يقول: أستغفر الله وأتوب إليه من أكل الربا ولكنه لا يزال يرابي هل تصح توبته ؟
لا، لا تصح .
لو قال: أستغفر الله من الغيبة ، والغيبة ذكرك أخاك بما يكره ، ولكنه في كل مجلس يغتاب الناس هل تصح توبته ؟
لا، كيف تصح وهو مصر على المعصية، فلا بد أن يقلع .
إذا تاب من أكل أموال الناس وقد سرق من هذا ، وأخذ مال هذا بخداع وغش فهل تصح توبته ؟
لا، حتى يردها حتى يرد ما أخذ من أموال الناس إلى الناس.
لو فرضنا أن شخصًا أدخل مراسيمه في ملك جاره واقتطع جزءًا من أرضه، وقال: إني تائب ماذا نقول له، ماذا نقول له ؟
رد المراسيم إلى حدودها الأولى وإلا فإن توبتك لا تقبل، لأنه لا بد من الإقلاع عن الذنب الذي تاب منه.
والشرط الرابع: أن يعزم عزمًا تامًا على ألا يعود إلى الذنب، فإن تاب وهو ينوي في نفسه أنه لو حصلت له الفرصة لعاد إلى الذنب فإن توبته لا تقبل لا بد أن يعزم عزما أكيدًا على ألا يعود.
والشرط الخامس: أن تكون التوبة في وقت تقبل فيه التوبة، لأنه يأتي أوقات ما تقبل فيها التوبة، انتبهوا إلى هذا الشرط الأخير: يأتي في أوقات لا تقبل توبة الإنسان، وذلك في حالين :
الحالة الأولى : إذا حضره الموت فإن توبته لا تقبل ، لقول الله تبارك وتعالى : وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ : بعد ما عاين الموت وشاهد العذاب يقول : تبت ما ينفع، هذا ومثال واقع لهذه المسألة: وهو أن فرعون لما أدركه الغرق ماذا قال؟
قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ يعني: بالله، ولم يقل: آمنت بالله إذلالاً لنفسه حيث كان يحارب بني إسرائيل على الإيمان بالله والآن يقول : آمنت بالذي آمنوا به فكأنه جعل نفسه تابعا لمن ؟
لبني إسرائيل، إلى هذا الحد بلغ به الذل، ومع ذلك قيل له: آلْآنَ ؟
يعني آلآن تتوب ؟ آلآن تؤمن بالذي آمنت به بنو إسرائيل ، وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ .
إذًا إذا حضر الموت فإن التوبة لا تقبل، وأنا أسأل كل واحد منكم: هل يعلم متى يحضره الموت ؟
لا، إذًا لا بد من المبادرة بالتوبة، لأنك لا تدري بأي وقت يحضرك الموت، ألم تعلموا بأن من الناس من نام على فراشه في صحة وعافية، ثم حمل من فراشه إلى سرير تغسيله؟
نعلم هذا ووقع، أم تعلموا أن بعض الناس جلس على كرسي العمل يعمل ثم حمل من كرسي العمل إلى سرير الغسل، التغسيل، كل هذا واقع، فإذًا يجب أن نبادر بالتوبة، أن نبادر بها نسأل الله أن يعينني وإياكم على ذلك، بادروا بالتوبة قبل أن تغلق الأبواب بادروا.
يقول جل وعلا ثم لم يتوبوا قلنا : إنها لا تقبل التوبة في حالين:
الحال الأولى : إذا حضره الموت.
والحال الثانية : إذا طلعت الشمس من مغربها، فإن الشمس إذا طلعت من مغربها ورآها الناس آمنوا لكن الله يقول: لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً .
فشروط قبول التوبة خمسة نسأل الله أن يعيننا وإياكم على تحقيقها.
ثم قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ : لما ذكر عقاب المجرمين ذكر ثواب المؤمنين، وهذه هي الطريقة المتبعة فيما يراد به الترغيب والترهيب، والقرآن الكريم قال الله تعالى إنه مثاني تذكر فيه المعاني المتقابلة، فيذكر فيه عذاب أهل النار، ونعيم أهل الجنة، صفات المؤمنين وصفات الكافرين، من أجل أن يكون الإنسان سائرا إلى الله تعالى بين الخوف والرجاء، ويعرف نعمة الله عليه بالإسلام، ويعرف حكمة الله تعالى في وجود هؤلاء الكافرين المجرمين.
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ، ونقتصر على هذا الجزء، ونؤجل الكلام على هذه الآية إن شاء الله إلى الأسبوع القادم من أجل أن نحصل على أجوبة كثيرة للأسئلة، ونسأل الله التوفيق، نبدأ باليمين، عندك سؤال ؟
السائل : شيخ بس أنا جيت زيارة .
الشيخ : طيب عندكم سؤال؟ نعم .
الفتاوى المشابهة
- تابع تفسير سورة الحجرات الآية (12) والكلام ح... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (ومن لم يتب فأولئك هم الظا... - ابن عثيمين
- تفسير قول الله عز وجل:(( إِلاَّ مَنْ تَابَ )... - ابن عثيمين
- شروط التوبة. - ابن عثيمين
- ذكرتم في تفسير "إن الذين فتنوا المؤمنين والم... - ابن عثيمين
- قال تعالى ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنا... - ابن عثيمين
- تفسير قول الله تعالى في سورة البروج من قوله:... - ابن عثيمين
- تفسيرقوله تعالى :" وما نقموا منهم ألا أن يؤم... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى : ( إن الذين فتنوا المؤمنين... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (إن الذين فتنوا المؤمنين. - ابن عثيمين
- تفسير سورة البروج من قوله تعالى:" إن الذين ف... - ابن عثيمين