كلمة توجيهية لفضيلة الشيخ عن كيفية استغلال وقت الإجازة .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين .
أمّا بعد:
فهذا هو اللّقاء الأخير في شهر رجب عام أربعة عشر وأربعمائة وألف، وهو اللّقاء الأسبوعيّ الذي يكون كلّ خميس، وسيكون هذا أيضًا آخر لقاء قبل الإجازة، وتستأنف اللّقاءات -إن شاء الله- بعد استئناف الدراسة في آخر شعبان.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنّ علينا وعليكم بالعلم النّافع والعمل الصالح.
كنّا بصدد أن ننهي التفسير، أعني: تفسير سورة الأعلى، لأنّنا في أثنائها، ولكن لعلّ المناسب في هذه الجلسة أن يكون توجيه الناس لما سيفعلونه في هذه الإجازة، فنقول وبالله تعالى نقول:
لا شكّ أنّ ساعات العمر أغلى من الدّنانير والدّراهم، لأنّ ساعات العمر تفوت ولا يمكن استرجاعها أبداً، وكل يومٍ يمضي فإنه يبعدنا من الدنيا ويقربنا إلى الآخرة، فتسير الأيّام وتنقضي السّاعات وتمضي السّنوات، وإذا بالإنسان ينتهي إلى الأجل المحتوم الذي قال الله تعالى عنه: إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ، وإذا كان هذا منـزلة العُمُر وساعات العمر، فإنّ الواجب على العاقل فضلاً عن المؤمن أن يستغلّ هذه السّاعات فيما خُلق له، والذي خُلقنا له جميعًا هو عبادة الله عزّ وجلّ، قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ .
والعبادة: " اسم لكلّ ما يقرّب إلى الله تعالى من قول أو عمل " : سواء كان عمل الجوارح الظاهرة أو عمل القلب، وسواء كان قول اللسان الذي هو النّطق أو قول القلب الذي هو الاعتقاد، كلّ ما يقرّب إلى الله فهو عبادة.
ونحن لا نريد، والله تعالى أيضًا لا يريد منّا أن نبقى دائمًا في صلاة، أو نبقى دائمًا محبوسين في المساجد للذّكر والقراءة، بل إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى عن العمل الدّائم الدّائب، حيث بلغه أنّ قومًا من أصحابه قال أحدهم: أنا أصوم ولا أفطر، وقال الثاني: وأنا أقوم ولا أنام، وقال الثّالث: أنا لا أتزوّج النّساء، فخطب النّاس وقال: أما إنّي أصوم وأفطر، وأصلّي وأنام، وأتزوّج النساء، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي ، وقال: إنّ لربك عليك حقّا، ولنفسك عليك حقّا، ولأهلك عليك حقّا، ولِزَورك -أي: لزائرك- عليك حقّا، فأعط كل ذي حقّ حقّه ، وعلى هذا فنقول:
إنّه لا حرج على الإنسان أن يمتّع نفسه بما أحلّ الله له حتّى يذهب عنه السّأم والملالة والتّعب، لكن بشرط أن يكون فيما أحلّ الله له، وهذه الإجازة التي قرّرت للدّارسين والمدرّسين في أثناء العام ما هي إلاّ لهذا الغرض: لدفع الملل والسّآمة والتّعب، ولإعطاء النّفس حظّها ممّا أباح الله لها.
وينقسم النّاس في هذه الإجازة إلى أقسام:
منهم من يستغلّها بالسّفر إلى بيت الله الحرام، وإلى المدينة النّبويّة على ساكنها أفضل السّلام والتّحيّة.
ومنهم من يستغلّها بالسّفر لزيارة الأقارب والأرحام.
ومنهم من يستغلّها للتّجوّل في الدّعوة إلى الله عزّ وجلّ، وإرشاد النّاس وتوجيههم.
ومنهم من يستغلّها للتّفرّغ في استعادة ما مضى من طلب العلم، واستذكار ما نَسي.
ومنهم من يستغلّها في مساعدة أبيه في بيع أو شراء أو حرث أو غير ذلك.
ومنهم من يستغلّها في الخروج إلى البرّ والتّنـزّه على وجهٍ يكون مباحاً.
ومنهم من يستغلّها في الخروج إلى البرّ والتّنـزّه لكن على وجه محرّم، يمضون أوقاتهم إمّا في مشاهدة ما يُعرض في التّلفزيونات الّتي ترد إلينا من الخارج، إمّا بكونهم قد صوّروا في أشرطة الفيديو ما التقطوه منها، أو يستصحبون معهم الدّشّ حتى يتفرّجوا هناك على ما يريدون، ولا شكّ أنّ هؤلاء خسروا الدّنيا والآخرة، خسروا الدّنيا لأنّهم لم يعملوا في هذه المدّة بما يرضي الله عزّ وجلّ، اللهمّ إلاّ في الفرائض التي لابد منها كالصّلاة والطّهارة.
وخسروا الآخرة لأنّ هذه المعاصي تكون سبباً لتعذيبهم وعقوبتهم في الآخرة، وربّما تتراكم المعاصي على القلب حتّى يُختم عليه والعياذ بالله، كما قال الله تبارك وتعالى: إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ يعني: إذا تلي عليه القرآن قال: هذه سواليف، أساطير الأوّلين، فقال الله تعالى: كَلاَّ يعني: ليس أساطير الأوّلين، بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ : حتى لم يذوقوا طعم القرآن -نسأل الله العافية-.
" فالمعاصي بريد الكفر " كما قال العلماء -رحمهم الله-.
ومنهم من يستغلّها بأخبث من هذا، بالسّفر إلى الخارج المارج، الفاسد، فيفعل هناك ما شاء الله من أنواع المعاصي، وربّما يدع الصّلاة، فيحصل على خسارة فادحة والعياذ بالله فيرجع خاسر الدّنيا والآخرة، مظلم الوجه مسودّ القلب، فالمهمّ أنّ النّاس لهم نزعات، فالواجب على الإنسان العاقل أن يستغلّ وقته بما يكون سبباً لرضا ربّه عزّ وجلّ، حتّى إذا أتاه اليقين أتاه وهو على أحسن ما يكون، لأنّ من ابتلي بالمعاصي في حال صحّته وعنفوان شبابه ربّما يستمرّ على هذه المعاصي، فإذا جاء وقت الحاجة إلى الطاّعة إذا هو مفلس صفر اليدين، لا يتمكّن من الشّهادة عند الموت نسأل الله العافية، فالإنسان العاقل يا إخواني يحتسب أيّامه ولياليه بماذا أمضاها، هل بطاعة الله؟ هل هو بمعصية الله؟
إن كان في طاعة الله فليحمد الله على ذلك، وليستمرّ عليه، وليسأله الثّبات إلى الموت، وإن كان على خلاف ذلك فليستعتب فهو الآن بالإمكان، لكن حين يأتي الموت قد لا ينفع، فأدعوكم ونفسي لاستغلال هذه الإجازة فيما يرضي الله عزّ وجلّ، وقد عرفتم ما يسَّر الله لنا ذكره من الأشياء التي ينقسم أو يتوزع الناس فيها في هذه الإجازة، فأحثّ نفسي وإيّاكم على استغلالها فيما يرضي الله، بعبادة الله، بنفع الخلق، وإعطاء النفس شيئا من المتعة على وجه مباح وهكذا، نسأل الله أن يجعلنا وإيّاكم ممّن عمروا أوقاتهم بطاعة ربّهم، وأن يثبّتنا على ذلك إلى الممات، وأن يتولاّنا في الدّنيا والآخرة، إنّه على كل شيء قدير، ونأتي الآن إلى الأسئلة، ونبدأ باليمين كالعادة، ولكلّ واحد سؤال لا يتفرّع منه شيء، نعم.
أمّا بعد:
فهذا هو اللّقاء الأخير في شهر رجب عام أربعة عشر وأربعمائة وألف، وهو اللّقاء الأسبوعيّ الذي يكون كلّ خميس، وسيكون هذا أيضًا آخر لقاء قبل الإجازة، وتستأنف اللّقاءات -إن شاء الله- بعد استئناف الدراسة في آخر شعبان.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنّ علينا وعليكم بالعلم النّافع والعمل الصالح.
كنّا بصدد أن ننهي التفسير، أعني: تفسير سورة الأعلى، لأنّنا في أثنائها، ولكن لعلّ المناسب في هذه الجلسة أن يكون توجيه الناس لما سيفعلونه في هذه الإجازة، فنقول وبالله تعالى نقول:
لا شكّ أنّ ساعات العمر أغلى من الدّنانير والدّراهم، لأنّ ساعات العمر تفوت ولا يمكن استرجاعها أبداً، وكل يومٍ يمضي فإنه يبعدنا من الدنيا ويقربنا إلى الآخرة، فتسير الأيّام وتنقضي السّاعات وتمضي السّنوات، وإذا بالإنسان ينتهي إلى الأجل المحتوم الذي قال الله تعالى عنه: إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ، وإذا كان هذا منـزلة العُمُر وساعات العمر، فإنّ الواجب على العاقل فضلاً عن المؤمن أن يستغلّ هذه السّاعات فيما خُلق له، والذي خُلقنا له جميعًا هو عبادة الله عزّ وجلّ، قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ .
والعبادة: " اسم لكلّ ما يقرّب إلى الله تعالى من قول أو عمل " : سواء كان عمل الجوارح الظاهرة أو عمل القلب، وسواء كان قول اللسان الذي هو النّطق أو قول القلب الذي هو الاعتقاد، كلّ ما يقرّب إلى الله فهو عبادة.
ونحن لا نريد، والله تعالى أيضًا لا يريد منّا أن نبقى دائمًا في صلاة، أو نبقى دائمًا محبوسين في المساجد للذّكر والقراءة، بل إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى عن العمل الدّائم الدّائب، حيث بلغه أنّ قومًا من أصحابه قال أحدهم: أنا أصوم ولا أفطر، وقال الثاني: وأنا أقوم ولا أنام، وقال الثّالث: أنا لا أتزوّج النّساء، فخطب النّاس وقال: أما إنّي أصوم وأفطر، وأصلّي وأنام، وأتزوّج النساء، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي ، وقال: إنّ لربك عليك حقّا، ولنفسك عليك حقّا، ولأهلك عليك حقّا، ولِزَورك -أي: لزائرك- عليك حقّا، فأعط كل ذي حقّ حقّه ، وعلى هذا فنقول:
إنّه لا حرج على الإنسان أن يمتّع نفسه بما أحلّ الله له حتّى يذهب عنه السّأم والملالة والتّعب، لكن بشرط أن يكون فيما أحلّ الله له، وهذه الإجازة التي قرّرت للدّارسين والمدرّسين في أثناء العام ما هي إلاّ لهذا الغرض: لدفع الملل والسّآمة والتّعب، ولإعطاء النّفس حظّها ممّا أباح الله لها.
وينقسم النّاس في هذه الإجازة إلى أقسام:
منهم من يستغلّها بالسّفر إلى بيت الله الحرام، وإلى المدينة النّبويّة على ساكنها أفضل السّلام والتّحيّة.
ومنهم من يستغلّها بالسّفر لزيارة الأقارب والأرحام.
ومنهم من يستغلّها للتّجوّل في الدّعوة إلى الله عزّ وجلّ، وإرشاد النّاس وتوجيههم.
ومنهم من يستغلّها للتّفرّغ في استعادة ما مضى من طلب العلم، واستذكار ما نَسي.
ومنهم من يستغلّها في مساعدة أبيه في بيع أو شراء أو حرث أو غير ذلك.
ومنهم من يستغلّها في الخروج إلى البرّ والتّنـزّه على وجهٍ يكون مباحاً.
ومنهم من يستغلّها في الخروج إلى البرّ والتّنـزّه لكن على وجه محرّم، يمضون أوقاتهم إمّا في مشاهدة ما يُعرض في التّلفزيونات الّتي ترد إلينا من الخارج، إمّا بكونهم قد صوّروا في أشرطة الفيديو ما التقطوه منها، أو يستصحبون معهم الدّشّ حتى يتفرّجوا هناك على ما يريدون، ولا شكّ أنّ هؤلاء خسروا الدّنيا والآخرة، خسروا الدّنيا لأنّهم لم يعملوا في هذه المدّة بما يرضي الله عزّ وجلّ، اللهمّ إلاّ في الفرائض التي لابد منها كالصّلاة والطّهارة.
وخسروا الآخرة لأنّ هذه المعاصي تكون سبباً لتعذيبهم وعقوبتهم في الآخرة، وربّما تتراكم المعاصي على القلب حتّى يُختم عليه والعياذ بالله، كما قال الله تبارك وتعالى: إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ يعني: إذا تلي عليه القرآن قال: هذه سواليف، أساطير الأوّلين، فقال الله تعالى: كَلاَّ يعني: ليس أساطير الأوّلين، بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ : حتى لم يذوقوا طعم القرآن -نسأل الله العافية-.
" فالمعاصي بريد الكفر " كما قال العلماء -رحمهم الله-.
ومنهم من يستغلّها بأخبث من هذا، بالسّفر إلى الخارج المارج، الفاسد، فيفعل هناك ما شاء الله من أنواع المعاصي، وربّما يدع الصّلاة، فيحصل على خسارة فادحة والعياذ بالله فيرجع خاسر الدّنيا والآخرة، مظلم الوجه مسودّ القلب، فالمهمّ أنّ النّاس لهم نزعات، فالواجب على الإنسان العاقل أن يستغلّ وقته بما يكون سبباً لرضا ربّه عزّ وجلّ، حتّى إذا أتاه اليقين أتاه وهو على أحسن ما يكون، لأنّ من ابتلي بالمعاصي في حال صحّته وعنفوان شبابه ربّما يستمرّ على هذه المعاصي، فإذا جاء وقت الحاجة إلى الطاّعة إذا هو مفلس صفر اليدين، لا يتمكّن من الشّهادة عند الموت نسأل الله العافية، فالإنسان العاقل يا إخواني يحتسب أيّامه ولياليه بماذا أمضاها، هل بطاعة الله؟ هل هو بمعصية الله؟
إن كان في طاعة الله فليحمد الله على ذلك، وليستمرّ عليه، وليسأله الثّبات إلى الموت، وإن كان على خلاف ذلك فليستعتب فهو الآن بالإمكان، لكن حين يأتي الموت قد لا ينفع، فأدعوكم ونفسي لاستغلال هذه الإجازة فيما يرضي الله عزّ وجلّ، وقد عرفتم ما يسَّر الله لنا ذكره من الأشياء التي ينقسم أو يتوزع الناس فيها في هذه الإجازة، فأحثّ نفسي وإيّاكم على استغلالها فيما يرضي الله، بعبادة الله، بنفع الخلق، وإعطاء النفس شيئا من المتعة على وجه مباح وهكذا، نسأل الله أن يجعلنا وإيّاكم ممّن عمروا أوقاتهم بطاعة ربّهم، وأن يثبّتنا على ذلك إلى الممات، وأن يتولاّنا في الدّنيا والآخرة، إنّه على كل شيء قدير، ونأتي الآن إلى الأسئلة، ونبدأ باليمين كالعادة، ولكلّ واحد سؤال لا يتفرّع منه شيء، نعم.
الفتاوى المشابهة
- استغلال الإجازة في الدعوة إلى الله. - ابن عثيمين
- استغلال الإجازة بأداء ا لعمرة. - ابن عثيمين
- استغلال فرصة الإجازة للدعوة إلى الله - ابن عثيمين
- استغلال الإجازة في طلب العلم والدعوة إلى الله - ابن عثيمين
- الكلام عن استغلال الإجازة الصيفية وأقسام الن... - ابن عثيمين
- نصيحة وتوجيه لاستغلال الإجازة - ابن عثيمين
- كيفية استغلال الإجازة - ابن عثيمين
- استغلال الإجازة في طلب العلم. - ابن عثيمين
- الإجازة وكيفية استغلالها. - ابن عثيمين
- نصيحة لاستغلال الإجازة - ابن عثيمين
- كلمة توجيهية لفضيلة الشيخ عن كيفية استغلال و... - ابن عثيمين