تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير قوله تعالى : " قد أفلح من تزكى وذكر اس... - ابن عثيمينالشيخ : الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.أما بعد:فهذا هو اللقاء الثالث والخمسون من ...
العالم
طريقة البحث
تفسير قوله تعالى : " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى " من سورة الأعلى .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا هو اللقاء الثالث والخمسون من اللقاء المسمى بلقاء الباب المفتوح، وهو اللقاء الرابع باعتبار شهر شوال عام أربعة عشر وأربعمائة وألف، ونتكلم يسيراً على ما تبقى من سورة الأعلى وهو قوله تبارك وتعالى : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى
أفلح مأخوذ من الفلاح. والفلاح: كلمة جامعة، وهو: الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب، هذا هو معنى الفلاح فهي كلمة جامعة لكل خير، دافعة لكل شر.
وقوله: مَنْ تَزَكَّى مأخوذ من التزكية وهو التطهير، ومنه سميت الزكاة زكاة، لأنها تطهر الإنسان من أخلاق الرذيلة، أخلاق البخل، كما قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ .
إذن تَزَكَّى يعني: تطهر، ومن أي شيء تزكى؟ يتزكى أولاً: من الشرك بالنسبة لمعاملة الله، فيعبد الله مخلصاً له الدين، لا يرائي، ولا يسمِّع، ولا يطلب جاهاً ولا رئاسة فيما يتعبد به لله عز وجل، وإنما يريد بهذا وجه الله والدار الآخرة، تزكى في اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام بحيث لا يبتدع في شريعته، لا بقليل ولا بكثير لا في الاعتقاد ولا في الأقوال ولا في الأفعال، وهذا -أعني: التزكي- بالنسبة للرسول عليه الصلاة والسلام وهو اتباعه من غير ابتداع، لا ينطبق تماماً إلا على الطريقة السلفية طريقة أهل السنة والجماعة، الذين يؤمنون بكل ما وصف الله به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الطريقة السلفية، الذين لا يبتدعون في العبادات القولية ولا في العبادات الفعلية شيئاً في دين الله.
تجدهم يتبعون ما جاء به الشرع خلافاً لما يصنعه بعض المبتدعة في الأذكار المبتدعة، إما في نوعها، وإما في كيفيتها وصفتها، وإما في أدائها، كما يفعله بعض أصحاب الطرق من الصوفية وغيرهم.
كذلك يتزكى بالنسبة لمعاملة الخلق، بحيث يطهر قلبه من الغل والحقد على إخوانه المسلمين، فتجده دائماً طاهر القلب يحب لإخوانه ما يحب لنفسه، لا يرضى لأحدٍ أن يمسه سوءاً، بل يود أن جميع الناس سالمون من كل شر، موفقون لكل خير، فصارت التزكية لها ثلاثة متعلقات الأول؟ منكم الجواب في حق الله، والثاني: في حق الرسول، والثالث: في حق عامة الناس.
في حق الله يتزكى من الشرك فيعبد الله مخلصاً له الدين.
في حق الرسول يتزكى من الابتداع فيعبد الله على مقتضى شريعة النبي صلى الله عليه وسلم في العقيدة والقول والعمل.
في معاملة الناس يتزكى من الغل والحقد والعداوة والبغضاء وكل ما يجلب ذلك ، كل ما يجلب العداوة والبغضاء بين المسلمين يتجنبه ويفعل كل ما فيه المودة والمحبة، ومن ذلك من ذلك: إفشاء السلام الذي قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام : والله لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم فالسلام من أقوى الأسباب التي تجلب المحبة والمودة بين المسلمين، وهذا شيء مشاهد، لو مرَّ بك رجل ولم يسلم عليك صار في نفسك شيء، وإذا لم تسلم عليه أنت صار في نفسه شيء، لكن لو سلمت عليه، أو سلم عليك صار هذا كالرباط بينكما يوجب المودة والمحبة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في السلام: وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف وأكثر الناس اليوم إذا سلم يسلم على من يعرف، وأما من لا يعرفه فلا يسلم عليه، وهذا غلط، لأنك إذا سلمت على من تعرف لم يكن السلام خالصاً لله، سلم على من عرفت ومن لم تعرف من المسلمين حتى تنال بذلك محبة المسلمين بعضهم من بعض، وتمام الإيمان ، والنهاية دخول الجنة، جعلنا الله وإياكم من أهلها.
وقوله: وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى يعني: ذكر اسم الله تعالى بالتعبد له فصلى، ويدخل في ذكر اسم الله: الوضوء مثلاً، فالوضوء من ذكر اسم الله: أولاً: لأن الإنسان لا يتوضأ إلا امتثالاً لأمر الله.
وثانياً: أنه إذا ابتدأ وضوءه قال: باسم الله، وإذا انتهى قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين .
ومن ذكر الله عز وجل: خطبة الجمعة، فإن خطبة الجمعة من ذكر الله، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ وعلى هذا فقوله: وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّه يعني الخطيب يوم الجمعة ، فصلى أي: صلاة الجمعة ، فهذه الآية تشمل كل الصلوات التي يسبقها ذكر، وما من صلاة إلا ويسبقها ذكر في الغالب، نعم قد يصلي الإنسان صلاة قد توضأ فيها من قبل، لكن الغالب أن الإنسان يتوضأ قبيل الصلاة فيذكر اسم الله ثم يصلي.
ثم نبقى على هذا القدر من هذه السورة حتى نستوعب عدداً أكبر بالنسبة لإجابة الأسئلة، والعادة عندنا أننا لا نسمح إلا بسؤال واحد لكل واحد، ولا نسمح بالتعليق، فنبدأ أولاً مع اليمين.

Webiste