تم نسخ النصتم نسخ العنوان
هل من كلمة توجيهية لشباب الصحوة وما أسباب ال... - ابن عثيمينالسائل : يُلاحَظ ولله الحمد في الآونة الأخيرة ازدياد عدد الصحوة وانتشارها في هذا البلد ولله الحمد، ولكن نلاحظ أن كثيراً من الشباب الذي يلتزم يصل إلى حد ...
العالم
طريقة البحث
هل من كلمة توجيهية لشباب الصحوة وما أسباب الغثائية والفتور في الصحوة وعلاجها؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : يُلاحَظ ولله الحمد في الآونة الأخيرة ازدياد عدد الصحوة وانتشارها في هذا البلد ولله الحمد، ولكن نلاحظ أن كثيراً من الشباب الذي يلتزم يصل إلى حد معين من الالتزام ثم يثبت عليه، ويكون مقداراً ضعيفاً وهشاً من الالتزام، وانتشار هذه الظاهرة أصبح يعني هناك غثائية في الالتزام.

الشيخ : أصبحت ايش؟

السائل : غثائية في الالتزام، يعني كثرة أعداد بدون نتائج مطلوبة، فما رأيكم الأسباب يعني التي أدت إلى ذلك، والعلاج ...؟

الشيخ : الواقع أن الصحوة ولله الحمد انتشرت في هذه البلاد وفي غيرها، لكن تعرف أن الصحوة يصحبها اندفاع قوي توجبه العاطفة الدينية، ثم يندفع الإنسان إلى أن يصل إلى القمة ثم يرجع، والأمور تحتاج إلى تَمَهُّل، لأن الاندفاع الشديد كجر الحبل بقوة، يوشك أن ينبتر، لكن بالتأني والتروِّي يستقيم الإنسان.
فالصحوة هذه في الحقيقة تحتاج إلى قيادة رشيدة قيادة عندها علم بشريعة الله، وقيادة عندها حكمة في معالجة الأوضاع والتوجيه السليم.
وبالإمكان أن يرجع الشباب في كل بلد إلى من تتوفر فيه هذه الشروط: العلم بالشرع، والرشد في التصرف، والحكمة، فإذا حصل هذا كان طيباً.
ثم أيضاً لو أن رؤساء الشباب في كل بلد فيه الصحوة يكون لهم اجتماعٌ وتَدارُسٌ في الأمور، إما في مكة، عن طريق أخذ العمرة، وإما في المدينة، وإما في أي بلد شاءوا، لكن أسهل شيء وأحسن شيء في مكة والمدينة، لأجل أن يتدارسوا أحوال الشباب، ويوجهوهم التوجيه السليم، حتى لا يتفرقوا من هنا وهناك.
ثم إن أيضا هذا الفتور الذي يعتري الإنسان بعض الأحيان أمرٌ معهود حتى في عهد الصحابة ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يعظهم ويتكلم معهم حتى يكونوا كأنهم يرون الآخرة رأي العين، فإذا ذهبوا إلى أهليهم وعافسوا النساء والأولاد حصلت منهم الغفلة، فشكوا ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال لهم: ساعة وساعة ساعة وساعة .
فالإيمان في القلوب كأمواج البحر، أحياناً تهدأ وأحياناً تموج، والشيطان أيضاً عدوٌ مترصِّد، كما قال الله تعالى عنه أنه قال: فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ، وعجز أن يقول: ومِن فوقهم، لأن مِن فوقهم من؟ الله عزَّ وجلَّ، فهو يهاجم كلما وَجَدَ فرصةً للهجوم هجم.
والعجيب أنه يهجم على وَجْهٍ قد لا يشعر به الإنسان، إذا رأى في الإنسان تمسكاً بالدين هَجَم عليه من جهة الغُلُو، أو من جهة الوسواس، حتى يحصل به هذا المرض ولا يفعل العبادات، يعني بعض الناس من شدة ما يرى من الوسواس صار لا يصلي نسأل الله العافية ويعجز، يكاد أن يغمى عليه يموت إذا أراد الصلاة، وإذا رأى في الإنسان تهاوناً والحديث عن الشيطان، إذا رأى من الإنسان تهاوناً خَذَّله زيادةً حتى ينسلخ من الدين وهو لا يشعر.
وخلاصة القول: أني أرى في هذه الصحوة أن تكون مبنية على أساس من العلم بالشرع، ومن العلم بالتصرُّف، وكيف يتصرف الإنسان، لأن لكل مقامٍ مقال.
انظر هذا المثال: لو أن ابنك فعل معصية، وشيخك فعل معصية، هل تنكر على شيخك كما تنكر على ابنك؟ لا، ... تصيح به، وتوبِّخه، وتضربه، ولا تبالي، لكن هل شيخك مثلاً تصيح به أو توبخه؟ أبداً، بل تأتيه بلطف، وتقول: فعلتَ كذا وكذا، وكنتُ أحسب أنه حرام، هكذا تقول، ما تقول: فعلتَ كذا وكذا، وعصيتَ الله، اتقِ الله، وإن كان هذا حقاً، ولا مانع من أن يقول الإنسان لأتقى الناس: اتقِ الله، فها هو الرب عزَّ وجلَّ يقول للرسول صلى الله عليه وسلم: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ في أول سورة الأحزاب، وفي أثنائها يقول: وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ لكن لكل مقام مقال.
فإذا رأيت مثلاً من شيخك معصية فَعَلَها ابنُك الذي وبَّختَه وضربتَه ما يمكن أن تعامل شيخَك بمثل هذه المعاملة، تعامله باللطف واللين الذي يحصل به المقصود فلا بد من هذا.
كذلك مما أشرتُ إليه: أنه ينبغي أن يتخذ الشباب في كل بلد شخصاً يقتدون به، ويَسْتَقون مناهجهم منه، يكون هذا الشخص على جانب كبير من العلم ومن الرشد في التصرف.
ثالثا إن هؤلاء الذين اختيروا لقيادة الشباب يكون لديهم اجتماعات للبحث والنظر في أمر الشباب حتى يُصلحوا ما يعوج منهم، لأن بعض الشباب يكون عنده عاطفة قوية قوية جداً حتى لو كان أمامه باب لَكَسَره، وحتى أنه ربما يأتي إلى شخص يسأله عن مسألة، وإذا أفتاه بغير ما يشتهي قال: خلاص أنت مبتدع، أنت لا تعرف، ثم يهجره، ما هو بصحيح هذا، الواجب إنه الشاب يكون عنده أدب، وإذا أُفتي بغير ما يراه يُناقش والحمد لله.
والواجب على العلماء الذين يفتون الشباب الواجب عليهم أن يقدروا ظرف الشاب، وأن يخاطبوه بما يجذب محبته إليهم، وأن يبينوا له بالهدوء، والشاب الذي عنده صحوة دينية يكفيه أن تقول له: قال الله قال رسوله، والشاب الذي دون ذلك يحتاج مع قول الله ورسوله إلى دليل آخر من العقل، دليل من العقل، حتى بعض الناس الآن من الشباب لا يستدل بالقرآن والسنة، يستدل بالعقل، وإن كان هذا خطأ لا شك فيه، لكني أقول: لا بد أن تُطَعَّم الأدلة الشرعية مع ناقص الإيمان بايش؟ بدليل من العقل ليقتنع، ولهذا تجدون القرآن مملوءاً بالأدلة العقلية، لأنه يخاطب قوماً ليس عندهم من الدين ما يحملهم على قبول الحق من الكتاب والسنة، ولكن إذا كان عند الإنسان دين كفاه ما في الكتاب والسنة، قالت امرأة لـعائشة رضي الله عنها: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ الحائض لا تصوم ولا تصلي صح؟ ولكن يجب عليها أن تقضي الصوم ولا يجب أن تقضي الصلاة، فتقول: ما بالها؟ ليش؟ ايش الفرق؟ كلها فريضة، كلها من أركان الإسلام، ماذا قالت عائشة؟ قالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة استدلت لها بايش؟ بالشرع خلاص نؤمر بهذا ولا نؤمر بهذا، وما دمنا لم نؤمر به فالذمة بريئة انتبه.
لكن هل هذا يكفي من كان ناقص الإيمان؟ لا، تجيب له دليل عقلي،
العلماء قالوا في تعليل ذلك عقلياً: الصوم لا يتكرر، في السَّنَة مرة، والصلاة تتكرر، من حين ما تطهُر المرأة وهي شارعة في الصلاة، فهذا يعوِّض هذا، فلا تُقْضَى الصلاة، والصوم يُقضى، وهذا تعليل واضح. نعم

Webiste