الشيخ : وقوله : سبحان ربك أضاف الربوبية إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنها ربوبية خاصة فإن الله تعالى ربه رباه على أكمل الأخلاق فلذلك نقول الربوبية تنقسم إلى عامة وخاصة فالعامة هي الشاملة لجميع الخلق مثل قوله تعالى : الحمد لله رب العالين ومثل قوله : رب السماوات والأرض وما بينهما هذه عامة والخاصة هي التي تختص بمن تعبد لله عز وجل وتستلزم النصر والتأييد والتربية الخاصة وأخص هذا النوع أعني الربوبية الخاصة ما أضيفت إلى الرسل عليهم الصلاة والسلام لأن ربوبية الله لهم هي أخص ربوبية وقوله : رب العزة هذه معناها معنى رب هنا صاحب صاحب العزة والعزة وليس معناها خالق فرب في ربك غير رب في رب العزة لأن رب العزة يتعين أن تكون بمعنى صاحب ولا يجوز أن نجعلها بمعنى خالق وذلك لأن العزة صفة من صفات الله وصفات الله تعالى غير مخلوقة فيتعين أن نحمل قوله تعالى : رب العزة على صاحب العزة أي ذي العزة وإنما أضاف هنا نفسه عز وجل إلى العزة لأن المقام يقتضيه فإن هؤلاء يصفون الله بما هو مبرأ منه كما قال : رب العزة عما يصفون فيظنون أنهم بذلك غالبون ولكنهم مغلوبون في الحقيقة لأن صاحب العزة على الكمال هو الله عز وجل فهم وإن أمهلوا فإنهم لا يهملون : سبحان ربك رب العزة عما يصفون الشاهد من هذا قوله : العزة فإنها تطابق العزيز لأن العزيز مأخوذ من العزة كما سبق وقال أيضا ولله العزة ولرسوله هذا في جواب من؟ في جواب المنافقين لما قالوا : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل قال الله عز وجل : ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين إذن فليس هم أعز من رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بل هم أذل فكأن في الآية تسليما لما قالوا أي أنه يخرج الأعز الأذل لكن من الأعز ؟ الله ورسوله والمؤمنون ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين وفي تقديم الخبر لله العزة دليل على أن العزة المطلقة لا تكون إلا لله وحده أما العزة التي قد تشاب بذل فهذه تكون للمخلوق حتى للمؤمنين تكون ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة جمع ذليل لكن في النهاية تكون العزة لمن للمؤمنين ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين والمنافقون يتوعدون بهذا الوعد لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل كقول بعضهم : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا وحتى هنا ليست للغاية وإنما هي للتعليل لأن المعنى : لا تنفقوا لأجل أن ينفضوا وليس المعنى لا تنفقوا حتى ينفضوا فإذا انفضوا فأنفقوا لا المعنى لأجل أن ينفضوا قال الله عز وجل : ولله خزائن السماوات والأرض .