وعن ابن عمر رضي الله عنهما : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي في سبع مواطن : المزبلة ، والمجزرة ، والمقبرة ، وقارعة الطريق ، والحمام ، ومعاطن الإبل ، وفوق ظهر بيت الله تعالى ) . رواه الترمذي وضعفه .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : قال : " وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن يصلي في سبع مواطن : المزبلة ، والمجزرة ، والمقبرة ، وقارعة الطريق ، والحمام ، ومعاطن الإبل ، وفوق ظهر بيت الله تعالى رواه الترمذي وضعفه " وهو جدير بالتضعيف لكن ابن حجر رحمه الله يذكر الأحاديث الضعيفة في هذا الكتاب لأنها مشهورة بين الفقهاء فيحب أن يبين مرتبتها من حيث الصحة والحسن والضعف نأخذ هذا الحديث يقول : نهى أن يصلى في سبع مواطن المواطن جمع موطن والمراد به هنا مكان المكان هنا المراد بالموطن هنا المكان وإن لم يستوطنه الإنسان المزبلة يعني ملقى الزبالة والزبالة هي الكناسة لأنها لا تخلو غالبا من أشياء قذرة وقد تكون من أشياء طاهرة لكن لا يليق أن تقف بين يدي الله عز وجل في هذا المكان لأنه إذا كان نهي أن يتنخم الرجل في المسجد لأنه مكان الصلاة فالمزبلة من باب أولى أن ينفر الإنسان منها ورأى النبي صلى الله عليه وسلم نخامة في المسجد في قبليه فعزل الإمام لأن هذا غير لائق الثاني : المجزرة محل الجزارة أي : محل ذبح البهائم لا تصح الصلاة فيها لأنها لا تخلو غالبا من أنتان وأقذار ودماء والثالثة : المقبرة وسبق الكلام عليها والرابعة : قارعة الطريق ليست الطريق قارعة الطريق أي : الطريق المقروعة فقارعة هنا اسم فاعل بمعنى مفعول كقوله تعالى : في عيشة راضية أي : مرضية المعنى قارعة الطريق من باب إضافة الصفة إلى موصوفها والمراد الطريق المقروعة أي : التي تقرعها الأقدام فأما الطريق المهجورة فلا تدخل في الحديث وكذلك لو كان الطريق واسعا وجوانبه لا تطرق فإنه لا يدخل في الحديث وإنما نهي عن ذلك لأن قارعة الطريق إذا صلى الإنسان فيها فلا يخلو من أمرين بل من أحد أمرين : إما أن يشغله الناس عن صلاته لأن الناس يستطرقونه وإما أن يضيق على الناس طريقهم والطريق حق لمن ؟ حق للسالك وهذا سيصلي في قارعة الطريق فيضيق على الناس أو يحصل له تشويش بمنعه من كمال الصلاة والرابع الرابع الخامس : الحمام سبق الكلام عليه والسادس : معاطن الإبل معاطن الإبل فسرها أصحابنا رحمهم الله بأنها ما تقيم فيه وتأوي إليه ما تقيم فيه وتأوي إليه يعني الحوش تعرفون الحوش الحوش الذي تأتي الإبل إليه وتنام فيه وتخرج وتسرح ثم ترجع إليه هذا معطن الإبل وليس مبرك الإبل المعطن هو الذي تتخذه عطنا أي : محل إقامته وزاد بعض أهل العلم : " وما تقف فيه بعد الشرب " لأن الإبل من عادتها إذا شربت فإنها تتقدم قليلا عن الحوض ثم تقف وتبقى تبول وتبعر هذه عادتها فيكون هذا من معاطن الإبل وهو في اللغة : معطن لا شك حتى في العرف الآن يقال : العطن يعني : المعطن فهو إذًا يدخل في ذلك إذًا على هذا القول يكون معاطن الإبل شيئين : الأول : ما تقيم فيه وتأوي إليه والثاني : ما تعطن فيه بعد الشرب وإن لم تبت فيه فإنه لا يحل فإنه ينهى عن الصلاة فيه لماذا ؟ إذا كانت الإبل موجودة فإننا نقول في التعليل كما قلنا في إيش ؟ قارعة الطريق لأنها تشوش عليك وهو على خطر منها وإن كانت غير موجودة فلأن هذا مأوى الشياطين مأوى الشياطين لأن الإبل خلقت من الشياطين وعلى ذروة كل واحد منها شيطان كما جاء ذلك في أحاديث وإن كانت ضعافا لكن تعليلها وجيه وخلقت من الشياطين أي : أن من طبيعتها الشيطنة والتمرد وليس المعنى أن الشياطين هم أصلها وهو كقوله تعالى : خلق الإنسان من عجل يعني أن طبيعته العجلة هذه أيضا طبيعتها الشيطنة فلا يجوز أن يصلي في معاطن الإبل السابع : فوق ظهر بيت الله ولم يقل : في بطن بيت الله قال : فوق ظهر بيت الله وذلك لأن الكعبة المعظمة زادها الله شرفا وتعظيما ليس لها جدار في سقفها فيما سبق ليس لها جدار في سقفها فيما سبق وإذا صلى لم يكن بين يديه شاخص منها يعني ما فيه شيء قائم حتى يتجه إليه فلا يكون موليا وجهه شطر المسجد الحرام لأن المسجد الحرام منفصل عن الجهة التي هو فيها أي : أعلاها وسطحها هذه هي العلة أما داخل البيت فلا نهي فيه لا في الفريضة ولا في النافلة وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في جوف الكعبة وما ثبت في النفل ثبت في الفرض على أن القول بأن النهي يشمل ما في بطن الكعبة والحديث فوق ظهر بيت الله قول بلا دليل على كل حال هذا الحديث سندا ضعيف لا يصح لكن متنا ينظر إذا كان للأحكام التي في هذا المتن شواهد من الأحاديث الصحيحة أخذنا بها لأن الأحاديث تشهد لها فلننظر أولا : المزبلة ليس في الأحاديث فيما أعلم ما يدل على منع الصلاة فيها لكن التعليل الذي ذكرنا يؤخذ منه إيش ؟ منع الصلاة فيها وهي أنها لا تليق بالمصلي الذي يقف بين يدي الله أن يقف في المزبلة الثانية : المجزرة نفس الشيء غالبا تكون منتنة فيها الدماء وفيها الأوساخ وفيها الأقذار نعم فلا تليق الصلاة فيها طيب بناء على هذا إذا كانت المزبلة واسعة وجوانبها كلها نظيفة هل يصلي فيها أو لا ؟ يصلى فيها وكذلك يقال في المجزرة إن كانت المجزرة فيها غرف أو حجرات نظيفة ما فيها شيء لكنها داخل المجزرة فإن الصلاة فيها صحيحة طيب الثالثة : المقبرة عرفنا أنه لا تجوز الصلاة فيها مطلقا حتى في جوانبها البعيدة عن القبور ما دام داخلا في اسم المقبرة فإنه لا تصح الصلاة فيها فإنه يمنع من الصلاة فيها لماذا ؟ نعم لئلا نعم سدا لذريعة الشرك قارعة الطريق قارعة الطريق إن كانت الطريق نجسة فالأمر فيها ظاهر إن كانت طاهرة كطرقنا اليوم طرقنا اليوم طرق سيارات ما فيها شيء نجس لكن نقول : التعليل يؤيد هذا لأن قارعة الطريق إن منع الناس الصلاة فيها نعم إن منع الناس المرور فيها فقد اعتدى عليهم والعدوان محرم وإن لم يمنع شوشوا عليه كثيرا ولم يدرك أن يصلي الصلاة المطلوبة الحمام سبق الكلام فيه معاطن الإبل أيضا التعليل فيها إن كانت الإبل موجودة فيخشى عليه منها ولم يستقر له قرار وهي تحوم حوله نعم وإن كانت غير موجودة فلأن معاطنها مأوى الشياطين والرابع أستغفر الله السابع : فوق ظهر بيت الله وعرفتم السبب عرفتم أنه إنما لا تصح لأنه ليس في سطحها شيء شاخص يصلي إليه ولهذا لما هدم عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما الكعبة ليبنيها على قواعد إبراهيم أمر أن يبنى خشب يتجه الناس إليه في صلاتهم ويطوفون عليه ويطوفون به في نسكهم طيب إذا قال قائل : إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في هذا لكن لو صلى أتصح صلاته ؟ يجب أن نعلم قاعدة : أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا نهى عن شيء لزمانه أو مكانه فإنه لا يصح لأن تصحيحه مضادة لأمر الله ورسوله فمثلا لو صام في العيد النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم العيدين لكن لو صام يصح أو لا يصح ؟ لا يصح لأننا لو صححناه لكان في هذا مضادة لله عز وجل ورسوله كذلك ما نهى عن إقامة العبادة فيه من الأمكنة فإنه نظير ما ينهى عنه من الأزمنة فإذا لم نصحح العبادة التي وقعت في زمن منهي عنها فيه فكذلك إذا وقعت العبادة في مكان منهي عن إيقاعها فيه فلا تصح طيب لو قال قائل : أرأيتم لو حبس في هذا أتصح صلاته ؟ فالجواب : نعم تصح لعموم قول الله تعالى : لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها أليس كذلك يا فهد وين رحت ؟ آه ها من ... نقول إن العبادة المنهي عنها في المكان كالعبادة المنهي عنها في زمان فإذا حبس فيها ولم يتمكن من الخروج فإنه معذور لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها لكن لو قال قائل : مروه أن يصلي ويقضي ؟ قلنا : لا يمكن هذا باطل لأن الله لم يفرض الصلاة إلا إلا مرة واحدة وكل من قال من الفقهاء في هذا الباب أو في باب الحيض في مسألة الدم المشكوك فيه إنه يلزم فعل العبادة ثم قضاؤها فهو قول لا معول عليه ولا صحة له وكيف نقول : افعل العبادة ثم نقول : اقضها لأننا إذا قلنا : اقضها صارت العبادة الأولى باطلة والباطل لا يجوز أن يؤمر به وإن قلنا : إن العبادة الأولى مأمور بها وصحيحة قلنا : إذًا لا نلزمه بأن بأن يقضي فالصواب أن كل من أمرناه بفعل عبادة ثم فعلها فإنه لا يؤمر بقضائها على أي حال قوله : ظهر بيت الله بيت الله البيت بناء معروف أضافه الله إلى نفسه ومن المعلوم بالاتفاق أنه ليس المعنى أن الله جل وعلا يسكنه حاشا وكلا لأن الله تعالى فوق العرش لكن لماذا أضافه الله إلى نفسه ؟ تكريما وتعظيما تكريما لهذا البيت وتعظيما له واعلم أن المضاف إلى الله عز وجل إما أن يكون وصفا أو عينا قائمة بنفسها أو شيئا يتعلق بهذه العين الأقسام نعم ثلاثة فإن كان وصفا فهو صفة لله وهو غير مخلوق ككلام الله مثلا كلام الله مضاف إلى الله عز وجل قال الله تعالى : وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله إذًا كلام الله ماذا نعتبره ؟ صفة ولا بد لأن الكلام وصف ولم يذكر شيء قائم بهذا الوصف فيكون صفة لله غير مخلوق طيب وإذا أضاف الله عينا قائمة بنفسها إليه فإنه ليس من صفات الله بل من مخلوقات الله لكن أضافه الله عز وجل لنفسه تعظيما وتكريما وتشريفا مثل قوله تعالى : وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع نعم مثل قوله تعالى أتينا بهذا مثل قوله تعالى : ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه فالمساجد عين قائمة بنفسها أضافها الله إلى نفسه تشريفا وتعظيما ولذلك اكتسبت من هذه الإضافة أنه يجب أن تطهر من القذر ولا يحل فيها شيء من أمور الدنيا كالبيع والشراء وما أشبه ذلك ومثل قوله تعالى : طهرًا بيتي للطائفين هذا مثل مساجد الله فيكون مخلوقا ومثل قول صالح : ناقة الله وسقياها ناقة الله عين قائمة بنفسها فتكون مخلوقة كذلك إذا كان الشيء متعلقا بعين قائمة بنفسها يعني متعلقا بمخلوق فإنه يكون مخلوقا مثل قوله تعالى في آدم : فإذا سويته ونفخت فيه من روحي والمراد الروح المخلوقة أو الروح التي فيها وصف الله ؟ المخلوقة ولم يحضرنا إلى الآن أن لله روحا لكن وصف الله نفسه بالنفس فقال : ويحذركم الله نفسه وهي أيضا ليست صفة بل هي عين الله عز وجل فيحذركم الله نفسه مثل ويحذركم الله ذاته طيب إذًا فقوله تعالى : فإذا سويته ونفخت فيه من روحي الروح المضافة إلى الله هنا مخلوقة لأنها متعلقة بمخلوق ومثله قوله تعالى : والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا المراد إيش ؟ المراد الروح المخلوقة لأن عيسى مخلوق والروح التي نفخ فيه مخلوقة هذا إن قلنا هذا إذا لم نقل : إن المراد بالروح هنا جبريل فإننا نقول : هي روح عيسى وهي مخلوقة هنا وفوق ظهر بيت الله من أي الأقسام الثلاثة ؟ من الثاني الذي هو عين قائمة بنفسها نعم .
الفتاوى المشابهة
- شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال... - ابن عثيمين
- فوائد حديث : ( الأرض كلها مسجد إلا المقبرة و... - ابن عثيمين
- تفسير سورة القارعة . - ابن عثيمين
- باب استحباب جعل النوافل في البيت سواء الراتب... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (القارعة ما القارعة وما أد... - ابن عثيمين
- هل يجوز الصلاة في قارعة الطريق وهناك فسحة في ا... - الالباني
- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صل... - ابن عثيمين
- ما حكم الصلاة في مواطن الإبل؟ - ابن باز
- حكم الصلاة إلى القبور وفي قارعة الطريق - ابن باز
- ما حكمة منع الصلاة في قارعة الطريق؟ - ابن باز
- وعن ابن عمر رضي الله عنهما : ( أن النبي صلى... - ابن عثيمين