تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير قول الله تعالى : (( وإذ أخذنا من النبي... - ابن عثيمينقال :  وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ [الأحزاب :7]قال المؤلف " واذكر إذ " وعلى هذا فتكون  إذ  مفعولاً لفعل محذوف...
العالم
طريقة البحث
تفسير قول الله تعالى : (( وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ))
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
قال : وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ [الأحزاب :7]قال المؤلف " واذكر إذ " وعلى هذا فتكون إذ مفعولاً لفعل محذوف تقديره اذكر وهذا كثير في القرآن تأتي إذ مفعولاً لفعل محذوف يقدر باذكر أذكر لمن ؟ للناس أذكر للناس إذ أخذنا أو أذكر لنفسك مذكراً إياها َإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وقوله : مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ قال المؤلف " ميثاقهم حين أخرجوا من صلب آدم كالذر جمع ذرة وهي أصغر النمل " لأن الله تعالى استخرج ذريته أمثال الذر وأخذ عليهم العهد والميثاق أن يؤمنوا به جاءت في ذلك أحاديث بعضها صحيح وبعضها حسن لكن كونه استخرجهم وقال هؤلاء إلى النار ولا أبالي وهؤلاء إلى الجنة ولا أبالي هذا صحيح إنما أخذ الميثاق والإشهاد عليهم هذا هو الذي اختلف العلماء في صحته وعلى كل حال فهذا موضع بحثه في سورة الأعراف عند قوله تعالى : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ [الأعراف :172]وقد بسط البحث فيه شارح الطحاوية فمن أراد أن يرجع إليه فليرجع أما في هذه الآية فلا يتعين أن يكون الميثاق ما أخذه الله تعالى على بني آدم حين استخرجه من صلبه بل إن الميثاق عهد بين الإنسان وبين ربه في كل نعمة أنعم الله بها عليه أن يؤدي هذه النعمة على ما أمره الله به ربه كل نعمة لأن هذا من شكرها فإذا أنعم الله عليك بنعمة العلم صار الواجب عليك عهد بينك وبين الله أن تبينه وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران :187]وإذا أنعم الله على الإنسان بنبوة والنبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم متعذرة لكن إذا أنعم الله على عبد بنبوة وجب عليه أن يبلغ ميثاق غليظ نعم وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا وفي أهل العلم وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ ولم يقل ميثاقاً غليظاً لأن الميثاق على الأنبياء أعظم وأغلظ قوله : وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ مِنْكَ عطفاً على النبيين لإعادة الجار ومِنْكَ وإنما أعيد الجار إما لأن الضمير متصل ولابد فيه أن يظهر الجار أي يظهر العامل لأن الضمير المتصل لابد له أن يكون عامله ظاهرا ًيا ولد ولا يأتي منفصلاً عن العامل إلا شذوذاً بعد إلا ويقال من حيث المعنى أعيد حرف جر للتأكيد بالنسبة إلى هؤلاء الخمسة قال : ومِنْكَ وتخصيصهم بالذكر بعد العموم يدل على فضلهم ولاشك فيهم وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وبين محمد صلى الله عليه وسلم ونوح أنبياء آخرون من أولي العزم ولكنه سبحانه وتعالى بدأ بآخر واحد منهم وأول واحد فبدأ بالطرفين ثم جاء بالوسط وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ ونوح هو أول رسول أرسله الله تعالى إلى أهل الأرض أو أول نبي، أول رسول لأن الصحيح أن آدم نبي لكنه ليس برسول فأول الرسل نوح عليه الصلاة والسلام كما قال الله تعالى : كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ [البقرة :213]وقال تعالى : إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ [النساء :163]وفي حديث الشفاعة الطويل أن الناس يأتون إلى نوح فيقولون أنت أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض وليس نوح أفضل من إبراهيم ولا من موسى ولكن كما قلت قدمه ليتلاقى الطرفان الآخر والأول وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ إبراهيم ولم يذكر أباه وموسى ولم يذكر أباه وعيسى وذكر أمه لبيان الآية والمعجزة في عيسى عليه الصلاة والسلام أنه خلق من أم بلا أب وخلقت حواء من أب بلا أم وخلق آدم من غير أم ولا أب وخلق الناس من أب وأم نعم كل هذا يستدل به على أن الطبيعة لا شأن لها في التكوين والخلق وإلا لكانت على وتيرة واحدة قال : وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [الأحزاب :7]شديداً بالوفاء بما حملوه وهو اليمين بالله تعالى الميثاق العهد لكن المؤلف يقول "وهو اليمين بالله " كأنه يشير إلى قوله تعالى : وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ [آل عمران :81]ولكن هذا فيه نظر والصواب أن العهد الذي أخذ على الرسل هو أن يبلغوا الرسالة ويقوموا أيضاً بالإيمان بما يجب الإيمان به من باب أولى لأنهم إذا أرسلوا إلى غيرهم فلأنفسهم أولى فيكون قوله : لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ فرداً من أفراد هذا العهد والميثاق نعم

Webiste