تم نسخ النصتم نسخ العنوان
التعليق على تفسير الجلالين : (( ألا لله الدي... - ابن عثيمينولهذا يقول  والذين اتخذوا من دونه أولياء  " وهم كفارُ مكة " وتخصيصُها هذا بكفار مكة فيه قُصُور ولا ينبغي أن نفَسِّر العامَّ بما هو أخصّ إلا على سبيل الت...
العالم
طريقة البحث
التعليق على تفسير الجلالين : (( ألا لله الدين الخالص )) لا يستحقه غيره (( والذين اتخذوا من دونه )) الأصنام (( أولياء )) وهم كفار مكة قالوا : (( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى )) قربى مصدر بمعنى تقريبا (( إن الله يحكم بينهم )) وبين المسلمين (( فى ما هم فيه يختلفون )) من أمر الدين فيدخل المؤمنين الجنة والكافرين النار .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ولهذا يقول والذين اتخذوا من دونه أولياء " وهم كفارُ مكة " وتخصيصُها هذا بكفار مكة فيه قُصُور ولا ينبغي أن نفَسِّر العامَّ بما هو أخصّ إلا على سبيل التمثيل، أما على سبيل تحديد المعنى بحيث يأتي اللفظ في القرآن عامًّا ثم نفَسِّرُه بمعنًى أخصّ فإنَّ هذا قصور في الحقيقة أليس كذلك؟ لكن: نعم، إن أراد الإنسان بهذا التفسير إن أراد التمثيل يعني: مثل كفار مكة فهذا لا بأس به لكنِ القارئ الذي يقرأ مثل هذه العبارة من كلام المؤلف لا يشُكُّ أنَّ المؤلف أراد بهذا التخصيص، وفي هذا نظرٌ ظاهر، فالواجب إبقاءُ دلالة عموم الآيات وكذلك الأحاديث على ما هي عليه حتى يقوم دليل عقلي أو قرينة لفظِيَّة على أنَّ المراد الخاص.
طيب يقول: " وهم كفار مكة قالوا: ما نعبدهم " قالوا هذه الجملة محذوفة، لأنها معلومةٌ من السياق، ويصح أن نقدِّر يقولون: ما نعبدهم ولعلها أنسَب مِن قول المؤلف: " قالوا " حكايةً للحال التي هُم عليها، وعلى كُلٍّ فالجملة المحذوفة هي خبر ايش؟ خبر المبتدأ وهو قوله: والذين اتَّخذوا ولا يجوز أن نجعل جملة ما نعبدهم هي الخبر، لفساد المعنى.
قال: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى هذا حصر لمرادهم بعبادة هذه الأصنام يعني ما نعبدهم إلا لهذا الغرض ليقربونا إلى الله زلفى وهذا إقرار منهم واعتراف بأنهم يعبدون الأصنام، لقولهم: ما نعبدهم وأنَّ هذه العبادة وسيلة لغاية أشرف منها وهي القُرْبى إلى الله عز وجل، وهذا مِن جهلِهم، لأنّه الآن إذا عبَدُوهم جعلوها غاية، لأنَّ المقصود هو الوصول إلى الله عز وجل، والوصول إلى الله لا يكون إلا بايش؟ إلا بعبادته فهم إذا عبدوهم جعلوها .. الغاية ولهذا سنبين إن شاء الله أنَّ هذا مِن سفَهِهم، إلا ليقربونا إلى الله زلفى قُرْبى مصدر بمعنى تقريبًا، إلا ليقربونا إلى الله زلفى زلفى يقول المؤلف إنها مصدر لكنَّها مصدرٌ معنوي، لموافقته العامل في المعنى دون اللفظ عرفْتم؟ لأنَّ المصدر قد يكون لفظيًّا وقد يكون معنوِيًّا فإن وافَق عاملَه في اللفظ فإنَّه لفظي مثل قمت قيامًا، وإن خالفَه في الفظ دون المعنى صار معنَوِيًّا كقولك: قمتُ وقوفًا، قعدت قعودًا؟
الطالب: لفظِي

الشيخ : قعدتُ جلوسًا؟
الطالب: معنوي

الشيخ : معنوي، طيب يقول: تقرَّبُوا إلى الله زلفى يقول إنه بمعنى قربى، وقربي أيضًا يراد بها التقريب وإنما قال المؤلف إنه يراد بها التقريب، من أجل أن يطابِق الفعل، الفعل قرَّبَ مضارِعُه: يُقَرِّب المصدر المطابق ايش؟ تقريبًا، تقريبًا لا قربى، ولكن من المعلوم أنه قد يوافق المصدر عاملَه في اللفظ ولكنه لا يُطابِقُه في الحروف ومثل هذا يسمَّى عندهم اسم مصدَر يسمى اسمَ مصدر كقوله تعالى: والله أنبتكم من الأرض نباتًا لو كان مصدرًا لقال: إنباتًا فلما قال: نباتا ونقصت حروفه عن حروف فعلِه سُمِّي اسمَ مصدر، المهم أنهم يقولون: نحن لا نعبد هذه الأصنام إلا من أجل أن تقرِّبَنا إلى الله تعالى قربى، يقول الله عز وجل: إنَّ الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون إنَّ الله يحكُم بينهم الجملة استئنافية لبيانِ مآلِ هؤلاء الذين اتَّخَذُوا الأصنام أولياء يعني فماذا تكون نهايتهم؟ يقول الله عز وجل: إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون طيب بينهم قال المؤلف:" وبين المسلمين " فأشار إلى أن الطرف الآخر من البينُونة -أو مِن البَيْنِيَّة على الأصح- محذوف وبين المسلمين -حطوا بالكم- وهذا التقدير ليس في السياق ما يدلُّ عليه ليس في السياق ما يدل عليه لو قال: بينكم لكان صحيحًا أنَّ المراد: بينكم وبينهم لكن هو قال: بينَهم أي بين هؤلاء الكفار، فيما هم فيه يختلفون وكأن المؤلف رحمه الله ظنَّ أنه لا اختلافَ بين الكفار وليس كذلك بل الخلاف بينهم حاصل في الدنيا وفي الآخرة، قال الله تعالى: قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ إلى آخر الآيات، محاورة منازعة مخاصمة فيحكُم الله بينهم وقد ذكر الله ذلك في عدة آيات، فالصواب أنَّ الضمير بينهم أي يعود على الكفار وأنَّ الخلاف أو الاختلاف حاصل بينهم أنفسهم، النصارى واليهود بينهم خلاف وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وهذا الخلاف ثابت بين الأمم الكافرة فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما هم فيه يختلفون مِن أمر الدين فيُدْخِلُ المؤمنين الجنة والكافرين النار هذا بناءً على ما ذهب إليه المؤلف، ولكن على القول الذي هو ظاهر الآية الكريمة يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون فيجعل كلَّ إنسان في منزلته وقد بيَّن الله عز وجل ذلك في قوله: وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون لَمَّا ذكَرَ المحاورة بين المستضعفين والمستكبِرِين.

Webiste