تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فوائد قوله تعالى : (( ما يجادل في آيات الله... - ابن عثيميننأخذ فوائد الآية قبل أن نتجاوزها، يقول الله عز وجل:  ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا  فمن فوائد هذه الآية: أن الكفار يجادلون في آيات الله، لكن لأي...
العالم
طريقة البحث
فوائد قوله تعالى : (( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
نأخذ فوائد الآية قبل أن نتجاوزها، يقول الله عز وجل: ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا
فمن فوائد هذه الآية: أن الكفار يجادلون في آيات الله، لكن لأي شيء ؟ وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق .
ومن فوائدها: حرص الكفار على إبطال الحق بالمجادلة والمجالدة، المجادلة كما في الآية، المجالدة إذا عجزوا عن إبطال الحق بالجدل أبطلوه بالجلد بالقتال كما في آيات أخرى.
ومن فوائد الآية الكريمة: الحذر من مجادلة الكفار إذا كان ليس عند الإنسان سلاح، أي لا تدخل مع الكفار في جدل إذا لم يكن لديك سلاح لأنك سوف تهزم وهزيمتك ليست هزيمة شخصية لكنها هزيمة للإسلام.
ومن فوائد الآية الكريمة: أنه ينبغي لنا أن نعرف معايب الكفار وأقوالهم حتى يمكننا أن نجادلهم، لأن الجدل كما قلنا فيما سبق المنازعة كل واحد ينازع الآخر ليفتل كلامه أمامه حتى يشتد عليه، فلابد أن تعرف ما هم عليه من الباطل من أجل أن تحاجهم فيه، يعني لا يكفي في مجادلة الكفار أن تعرف الحق الذي أنت عليه بل لابد أن تعرف الباطل الذي هم عليه، وأظن هذا واضحا، والله عز وجل يجادل الكفار بمثل هذا يقول: آلله أذن لكم أم على الله تفترون والآيات في هذا كثيرة، اعرف ما عند عدوك من الباطل من أجل أن تدحض حجته.
فإن قال قائل كيف نجمع بين هذه الآية الكريمة التي ذكر الله فيها أنه لا يجادل في الآيات إلا الكفار وبين قول الله تبارك وتعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل :125] فأمر بالجدال مع أنه في هذه الآية ذم الجدال وقال إنه لا يجادل إلا الكفار، الجواب على هذا سهل أن المجادلة التي أمرنا بها هي المجادلة لإبطال الباطل وإحقاق الحق، أما الكفار فإنهم يجادلون لإبطال الحق وإحقاق الباطل عكس ما أمرنا به.
ومن فوائد الآية الكريمة: أن الله تعالى يملي للكفار ويمهلهم ويمكنهم من التقلب في البلاد حيث شاءوا لقوله: تقلبهم في البلاد .
ومن فوائد الآية الكريمة: تحذير المؤمن أن يغتر بما أنعم الله به على هؤلاء الكفار من التقلب في الدنيا حيث شاءوا لقوله: فلا يغررك تقلبهم في البلاد .
ومن فوائد الآية الكريمة: بيان سفه أولئك الذين أغروا واغتروا بالكفار، بيان سفههم في العقول وضلالهم في الدين، فإن بعض المسلمين ضعفاء الإيمان انبهروا مما عليه الكفار، وظنوا أن ما هم عليه من تحلل الأخلاق وفساد العقائد والكفر هو الذي أوجب أن يكونوا على هذا المستوى من التقدم المادي فانبهروا بذلك وانفلتوا من الدين، وضيعوا مشيتهم ومشية الحمامة صاروا كالغراب، يقولون إن الغراب أعجبه مشية الحمامة ومعروف الفرق بين مشية الحمامة ومشية الغراب، الغراب ... والحمامة تشمي كأنما تمشي على عجل أي على كفرات كما تقولون، فأعجبته المشية فقال: سأمشي مثل مشية الحمامة فأراد أن يفعل ولم يدرك شيئا أراد أن يعود إلى مشيته الأولى فعجز أن يعرفها فضيع المشية الأولى والثانية، هؤلاء المساكين الذين انبهروا بما عليه الكفار من القوة المادية وما زخرف لهم من الدنيا ضيعوا دينهم ولم يصلوا إلى ما عليه هؤلاء من الدنيا، وقد قال الله تعالى لنبيه: ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى .
طيب ومن فوائد الآيات الكريمة: أنه مهما طال الأمد بهؤلاء الكفار فإن مآلهم الهلاك والبوار، وانظروا الآن كل الكفار السابقين أين ذهبوا ؟ ذهبوا إلى النار، لأننا نشهد بالله أن كل كافر في النار، فهؤلاء الذين ماتوا على الكفر انتقلوا من الدنيا التي جعلت لهم جنة إلى النار والعياذ بالله.
وأظن قد قصصت عليكم قصة لابن حجر العسقلاني نعم، وكان قاضي القضاة في مصر يعني كبير القضاة، وكان إذا مشى يمشي على عربة تجرها الخيول أو البغال في موكب، فمر ذات يوم بيهودي سمان يعني يصنع السمن أو زيات وتعرفون الزيات والسمان تكون ثيابه ملوثة بالزيت وأحواله سيئة، فأشار إلى الموكب فوقف فقال لابن حجر إن نبيكم يقول: إن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر وكيف يتفق هذا القول مع حالي وحالك، أنت الآن مسلم وفي هذه الرفاهية وفي هذا الموكب العظيم وهو يهودي وتعس، في زيت أو سمن يلوث ثيابه ويديه وكل شيء، فقال له ابن حجر رحمه الله تعالى: " نعم لكن ما أنت فيه من البؤس هو جنة بالنسبة لما ستؤول إليه إذا مت " إذا مت أين يكون ؟ النار أو هذا ؟ هذا جنة بالنسبة للنار " وأما أنا فنعيمي هذا بالنسبة للجنة يعتبر سجنا " لأن نعيم الجنة أعلى بكثير من هذا فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. سبحان الله تبين له الأمر بكلمة بسيطة، فأقول إن هؤلاء الكفار مهما زينت لهم الدنيا فإنهم والعياذ بالله سيؤولون إلى عذاب، وكما نعلم جميعا أن الإنسان إذا آل إلى عذاب بعد النعيم صار العذاب عليه أشد، لكن لو انتقل من عذاب إلى عذاب صار أهون، أما من نعيم إلى عذاب صعب جدا فلا يغررك تقبلهم في البلاد إذ هؤلاء الكفار الذين يذهبون ويجيئون كل هؤلاء لا يغرنكم لاسيما إذا كان ترددهم في البلاد استكبارا في الأرض ومكر السيئ وعلوا على الخلق وزعما منهم أنهم سيدبرون الناس وسيسنون نظاما عالميا كما يقولون، فإننا نعلم أن مآلهم الفشل إذا نحن صدقنا الله، إذا نحن صدقنا الله فإن كيدهم لا يضرنا: إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا يعني كيدا أعظم، ومعلوم أن الكيد الواقع من الله أشد من الكيد الواقع من البشر نعم .

Webiste