فوائد قوله تعالى : << فتبسم ضاحكا من قولها و قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي و أن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين >>
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
قال: فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ [النمل:19].
في هذا جواز التبسم عند وجود سببه، وجواز الضحك أيضاً، لقوله: فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا [النمل:19] وهذا من فعل نبينا، وفعل الأنبياء حجة، فعل الأنبياء حجة، حتى وإن كان غير نبينا صلى الله عليه وسلم إلا ما ورد شرعنا من ..... فهذا لا ..... الدليل على أن فعل الأنبياء حجة قوله تعالى: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ [الأنعام:90]. وقوله: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ [يوسف:111]. طيب.
وفيه دليل على ما كان عليه سليمان عليه الصلاة والسلام من التواضع لله سبحانه وتعالى، حيث لم يأخذه الغرور بهذا الملك العظيم حتى قال: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ [النمل:19].
وفيه دليل على الاعتراف بالنعمة بنعمة الله، وأنه ليس من الافتخار، لأن سليمان ذكر نعمة الله عليه، لكنه لا يقصد بذلك الافتخار والعلو على غيره، وقد قال الله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضحى:11] لكن لا على سبيل الافتخار والعلو، لأنه حينئذٍ تنقلب إلى نقمة.
وفيه دليل على أن نعمة الله على الوالدين نعمة على الولد، لقوله: أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ [النمل:19] ولا سيما نعمة الإسلام، فإنها من أكبر النعم على الولد، لو مات طفل وأبواه كافران لكان هذا الطفل في الدنيا في حكم الكافرين، وفي الآخرة الله أعلم بحاله، ولو مات طفل بين أبوين مسلمين لكان هذا الطفل؟
الطالب: في الجنة.
الشيخ : مسلماً في الدنيا والآخرة، وعلى هذا! فنعمة الله على الوالدين ولا سيما في الدين نعمة على الولد، وهذا هو وجه قوله: أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ [النمل:19].
وفي هذا دليل على إضافة.. على أن من العقل والعدل والشرع إضافة المنة إلى المان بها، لقوله: أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ [النمل:19] وهذا اعتراف وأبلغ من أن يقول الإنسان: أوزعني أن أشكر النعمة وبس، لأن قوله: نِعْمَتَكَ [النمل:19] واضح جداً في خضوع هذا الإنسان لهذه النعمة العظيمة التي أنعم الله بها عليه، فهذه فيها دليل أنه من العقل والعدل والشرع إضافة المنة.. نعم.
الطالب: إلى المان بها.
الشيخ : إلى المان بها حتى لو هو آدمي حتى ولو كان آدمي. ومن الأسرار المعروفة عندهم: إنما يعرف الفضل من الناس ذووه. ويش معنى ذووه؟ أصحاب الفضل، ما يعرف الفضل إلا أصحاب الفضل، أما من ليس بأهل فضل فإنهم ينكرون الفضل، بل إنك لو تفضلت عليهم لرأوا أن هذا حق لا يشكرون عليه ولا .... نعم. وأعظم شيء في هذا من يمن على الله سبحانه وتعالى بما أنعم الله به عليه، كما في قصة الأعراب: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ [الحجرات:17] نعم.
الطالب: .....
الشيخ : اصبر، ما بعد انتهينا. طيب.
وفيه دليل على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كغيرهم مفتقرون إلى توفيق الله، وأنهم بدون توفيق الله سبحانه وتعالى ما .... خيراً يرضي الله، لقوله: وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ [النمل:19].
وفيه دليل على أن العمل غير الصالح ليس فيه فائدة، بل وبين أمرين، العمل غير الصالح هو دائر بين أمرين: إما الإثم، وإما السلامة فقط، فإن صدر عن علم فهو إثم، وإن صدر عن جهل فالإنسان سالم ولكن لا فائدة له فيه، كما لو صلى الإنسان مثلاً صلاة باطلة في حدث، صلاة بحدث، فإنه إن تعمد ذلك كان آثماً، وإن كان جاهلاً لم تفده، لم تفده في إبراء الذمة، ويطالب بإعادتها. أما الأجر فقد يُؤجر عليها من أجل النية والعمل الذي حصل المشقة، ولكن الكلام على فائدة ما يستفيد منها في إبراء ذمته، ولا تسقط عنه.
وفيه دليل على أن الغاية التي ..... إليها الأنبياء ومن تبعهم هو رضا الله، لقوله: وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ [النمل:19] لأن المقصود من عمل الإنسان الوصول إلى رضا الله سبحانه وتعالى، بل إن رضا الله غاية فوق كل شيء، قال الله تعالى في صفات المؤمنين: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71] * وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ [التوبة:72] يعني: أكبر من كل شيء، نعم. أكبر من كل شيء، وإذا حل عليهم ..... الله فهذا غاية ما يريد. نعم. طيب.
وفي الآية دليل أيضاً على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يتوسلون إلى الله، يعني: يسألون الله تعالى بالوسيلة، لقوله: وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ [النمل:19]، قال الله تعالى: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ [الإسراء:57] يعني: أولئك الذي يدعوهم هؤلاء المشركون، أولئك يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ [الإسراء:57] فكل الناس كل الخلق يسألون الله تعالى ويتوسلون إليه بما هو جائز.
وفيه دليل على جواز التوسل بصفات الله..
الطالب: .....
الشيخ : نفس الآية؟
الطالب: إي نعم، برحمته.
الشيخ : برحمته، برحمته.
وفيه دليل أيضاً بل فيه اشكال فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ [النمل:19] إذا قال قائل: مقام النبوة أعلى من مقام الصلاح، فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ [النساء:69] نعم. فكيف دعا الله أن يدخله في عباده الصالحين مع أنه نبي، أعلى مرتبة من مرتبة الصلاح؟
الطالب: .....
الشيخ : نعم.
الطالب: ..... دخل فيه ..... الأنبياء والشهداء.
الشيخ : إيه.
الطالب: إذا كان .....
الشيخ : وعند التفصيل تأتي المراتب
الطالب: نعم.
الشيخ : هذا هو الأقرب، الأقرب أن المراد بالصلاح هنا: الصلاح المطلق، والصلاح المطلق هذا أعلى مرتبة، وقد قال يوسف عليه الصلاة والسلام: تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [يوسف:101]، نعم. وقال الله تعالى عن إبراهيم: وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنِ الصَّالِحِينَ [العنكبوت:27]، فالمراد هنا الصلاح المطلق لا الصلاح الذي يُذكر مع المراتب، فإن مقام الصلاح مع المراتب دون مقام النبوة، وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ [النمل:19].
وفي هذا دليل أيضاً على أن العبادة مرتبة شريفة عظيمة يسألها حتى الأنبياء، لقوله: فِي عِبَادِكَ [النمل:19] ولهذا يذكر الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بوصف العبودية في أعلى مقاماته عند إنزال القرآن وعند الدفاع عنه، وما أشبه ذلك. وقد قال الشاعر يخاطب:
" لا تدعني إلا بيا عبدها فإنه أشرف أسمائها "
نعم. هذا أعوذ بالله! عاصي، لنفرض أنه مثلاً بكر، يقول: لا تقول لي يا بكر، قل: يا عبد ليلى، نعم. يا عبد ليلى، فإنه أشرف أسمائي، فالعبودية لله سبحانه وتعالى لا شك أنها أشرف أوصاف الإنسان أن يكون عبداً لله، والإنسان لا بد أن يكون عبداً، ولا بد أن يتخذ إلهاً، حتى الشيوعيين والملحدين لا بد أن يكونوا عبيداً ولهم آلهة، وإلا لا؟
الطالب: .....
الشيخ : صحيح، هل توافقوني على ذا؟
الطالب: .....
الشيخ : إي نعم، لا بد. لو لم يكن لهم آلهة إلا أهواؤهم، أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ [الجاثية:23]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم} وهؤلاء بلا شك يعبدون الدينار والدرهم، بل إنهم لا يسعون إلا لذلك، هؤلاء الملحدون ما يسعون إلا لذلك.
إذاً: لا بد لكل إنسان أن يكون عبداً، فإن كان عبداً لله فقد تحرر من العبودية حقيقة، لأن عبد الله حر، ما يرى شيئاً في الدنيا أو في المخلوقات أنه عبد له، لكن يرى خالقه وسيده وإلهه وأنه عبد لهذا الخالق. نعم. وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ [النمل:19] انتهى ما عندي. في شيء عندكم؟ أو كفاية؟
الطالب: .....
الشيخ : نعم.
الطالب: .....
الشيخ : يمكن يُؤخذ منه، ولا شك أن شكر النعم من النعم، وقد قال الشاعر:
" إذا كان شكري نعمة الله نعمة عليَّ له في مثلها يجب الشكر
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله وإن طالت الأيام واتصل العمر "
وهذا صحيح، إذا وفقك الله للشكر فهو نعمة، يجب عليك أنك تشكر الله على هذه النعمة، فإذا شكرته صارت نعمة ثانية تستوجب الشكر، لأن الله يقول: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13]، وإذا رأيت من كفرت وانت شكرت نعمة هذه نعم.
الطالب: .....
الشيخ : في؟
الطالب: .....
الشيخ : طيب، أحسنت. صحيح. فيه رد على القدرية، لأن القدرية يرون أن الإنسان مستقل بعمله، ما يحتاج إلى معونة من الله ولا شيء، نعم. ولا شك أن هذا قول باطل، لكن نعم، هذه الآية ترد عليهم.
وفيه أيضاً رد على الجبرية، لأنه أضاف العمل إليه، فقال: وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ [النمل:19]، وقوله: وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا معناه: يمكن أعمل غير صالح، فهو مختار. ففيه رد على الطائفتين جميعاً: القدرية والجبرية. ويش الفرق بينهم يا عادل؟
الطالب: القدرية ..... الإنسان يعني ..... والجبرية أن الإنسان مجبور على الأعمال.
الشيخ : ما له اختيار ولا شيء.
الطالب: .....
الشيخ : نعم، طيب.
الطالب: .....
الشيخ : كيف ذلك؟
الطالب: .....
الشيخ : قلنا هذه قلنا: الاستدلال به على هذا، الاستدلال ما هو قوي، لأن لله على الكافر نعمة، وإلا لا؟ الله له نعمة على الكافر، لكن النعمة المطلقة ما تكون إلا بالإسلام، من هذه الناحية نقول..
الطالب: .....
الشيخ : على كل حال! هي قريبة، قريبة من أنها مسلمة، ولكن لو حصل أصح من هذا يكون طيب.
ثم قال الله تعالى: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ [النمل:20]. نعم
في هذا جواز التبسم عند وجود سببه، وجواز الضحك أيضاً، لقوله: فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا [النمل:19] وهذا من فعل نبينا، وفعل الأنبياء حجة، فعل الأنبياء حجة، حتى وإن كان غير نبينا صلى الله عليه وسلم إلا ما ورد شرعنا من ..... فهذا لا ..... الدليل على أن فعل الأنبياء حجة قوله تعالى: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ [الأنعام:90]. وقوله: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ [يوسف:111]. طيب.
وفيه دليل على ما كان عليه سليمان عليه الصلاة والسلام من التواضع لله سبحانه وتعالى، حيث لم يأخذه الغرور بهذا الملك العظيم حتى قال: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ [النمل:19].
وفيه دليل على الاعتراف بالنعمة بنعمة الله، وأنه ليس من الافتخار، لأن سليمان ذكر نعمة الله عليه، لكنه لا يقصد بذلك الافتخار والعلو على غيره، وقد قال الله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضحى:11] لكن لا على سبيل الافتخار والعلو، لأنه حينئذٍ تنقلب إلى نقمة.
وفيه دليل على أن نعمة الله على الوالدين نعمة على الولد، لقوله: أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ [النمل:19] ولا سيما نعمة الإسلام، فإنها من أكبر النعم على الولد، لو مات طفل وأبواه كافران لكان هذا الطفل في الدنيا في حكم الكافرين، وفي الآخرة الله أعلم بحاله، ولو مات طفل بين أبوين مسلمين لكان هذا الطفل؟
الطالب: في الجنة.
الشيخ : مسلماً في الدنيا والآخرة، وعلى هذا! فنعمة الله على الوالدين ولا سيما في الدين نعمة على الولد، وهذا هو وجه قوله: أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ [النمل:19].
وفي هذا دليل على إضافة.. على أن من العقل والعدل والشرع إضافة المنة إلى المان بها، لقوله: أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ [النمل:19] وهذا اعتراف وأبلغ من أن يقول الإنسان: أوزعني أن أشكر النعمة وبس، لأن قوله: نِعْمَتَكَ [النمل:19] واضح جداً في خضوع هذا الإنسان لهذه النعمة العظيمة التي أنعم الله بها عليه، فهذه فيها دليل أنه من العقل والعدل والشرع إضافة المنة.. نعم.
الطالب: إلى المان بها.
الشيخ : إلى المان بها حتى لو هو آدمي حتى ولو كان آدمي. ومن الأسرار المعروفة عندهم: إنما يعرف الفضل من الناس ذووه. ويش معنى ذووه؟ أصحاب الفضل، ما يعرف الفضل إلا أصحاب الفضل، أما من ليس بأهل فضل فإنهم ينكرون الفضل، بل إنك لو تفضلت عليهم لرأوا أن هذا حق لا يشكرون عليه ولا .... نعم. وأعظم شيء في هذا من يمن على الله سبحانه وتعالى بما أنعم الله به عليه، كما في قصة الأعراب: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ [الحجرات:17] نعم.
الطالب: .....
الشيخ : اصبر، ما بعد انتهينا. طيب.
وفيه دليل على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كغيرهم مفتقرون إلى توفيق الله، وأنهم بدون توفيق الله سبحانه وتعالى ما .... خيراً يرضي الله، لقوله: وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ [النمل:19].
وفيه دليل على أن العمل غير الصالح ليس فيه فائدة، بل وبين أمرين، العمل غير الصالح هو دائر بين أمرين: إما الإثم، وإما السلامة فقط، فإن صدر عن علم فهو إثم، وإن صدر عن جهل فالإنسان سالم ولكن لا فائدة له فيه، كما لو صلى الإنسان مثلاً صلاة باطلة في حدث، صلاة بحدث، فإنه إن تعمد ذلك كان آثماً، وإن كان جاهلاً لم تفده، لم تفده في إبراء الذمة، ويطالب بإعادتها. أما الأجر فقد يُؤجر عليها من أجل النية والعمل الذي حصل المشقة، ولكن الكلام على فائدة ما يستفيد منها في إبراء ذمته، ولا تسقط عنه.
وفيه دليل على أن الغاية التي ..... إليها الأنبياء ومن تبعهم هو رضا الله، لقوله: وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ [النمل:19] لأن المقصود من عمل الإنسان الوصول إلى رضا الله سبحانه وتعالى، بل إن رضا الله غاية فوق كل شيء، قال الله تعالى في صفات المؤمنين: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71] * وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ [التوبة:72] يعني: أكبر من كل شيء، نعم. أكبر من كل شيء، وإذا حل عليهم ..... الله فهذا غاية ما يريد. نعم. طيب.
وفي الآية دليل أيضاً على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يتوسلون إلى الله، يعني: يسألون الله تعالى بالوسيلة، لقوله: وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ [النمل:19]، قال الله تعالى: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ [الإسراء:57] يعني: أولئك الذي يدعوهم هؤلاء المشركون، أولئك يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ [الإسراء:57] فكل الناس كل الخلق يسألون الله تعالى ويتوسلون إليه بما هو جائز.
وفيه دليل على جواز التوسل بصفات الله..
الطالب: .....
الشيخ : نفس الآية؟
الطالب: إي نعم، برحمته.
الشيخ : برحمته، برحمته.
وفيه دليل أيضاً بل فيه اشكال فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ [النمل:19] إذا قال قائل: مقام النبوة أعلى من مقام الصلاح، فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ [النساء:69] نعم. فكيف دعا الله أن يدخله في عباده الصالحين مع أنه نبي، أعلى مرتبة من مرتبة الصلاح؟
الطالب: .....
الشيخ : نعم.
الطالب: ..... دخل فيه ..... الأنبياء والشهداء.
الشيخ : إيه.
الطالب: إذا كان .....
الشيخ : وعند التفصيل تأتي المراتب
الطالب: نعم.
الشيخ : هذا هو الأقرب، الأقرب أن المراد بالصلاح هنا: الصلاح المطلق، والصلاح المطلق هذا أعلى مرتبة، وقد قال يوسف عليه الصلاة والسلام: تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [يوسف:101]، نعم. وقال الله تعالى عن إبراهيم: وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنِ الصَّالِحِينَ [العنكبوت:27]، فالمراد هنا الصلاح المطلق لا الصلاح الذي يُذكر مع المراتب، فإن مقام الصلاح مع المراتب دون مقام النبوة، وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ [النمل:19].
وفي هذا دليل أيضاً على أن العبادة مرتبة شريفة عظيمة يسألها حتى الأنبياء، لقوله: فِي عِبَادِكَ [النمل:19] ولهذا يذكر الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بوصف العبودية في أعلى مقاماته عند إنزال القرآن وعند الدفاع عنه، وما أشبه ذلك. وقد قال الشاعر يخاطب:
" لا تدعني إلا بيا عبدها فإنه أشرف أسمائها "
نعم. هذا أعوذ بالله! عاصي، لنفرض أنه مثلاً بكر، يقول: لا تقول لي يا بكر، قل: يا عبد ليلى، نعم. يا عبد ليلى، فإنه أشرف أسمائي، فالعبودية لله سبحانه وتعالى لا شك أنها أشرف أوصاف الإنسان أن يكون عبداً لله، والإنسان لا بد أن يكون عبداً، ولا بد أن يتخذ إلهاً، حتى الشيوعيين والملحدين لا بد أن يكونوا عبيداً ولهم آلهة، وإلا لا؟
الطالب: .....
الشيخ : صحيح، هل توافقوني على ذا؟
الطالب: .....
الشيخ : إي نعم، لا بد. لو لم يكن لهم آلهة إلا أهواؤهم، أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ [الجاثية:23]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم} وهؤلاء بلا شك يعبدون الدينار والدرهم، بل إنهم لا يسعون إلا لذلك، هؤلاء الملحدون ما يسعون إلا لذلك.
إذاً: لا بد لكل إنسان أن يكون عبداً، فإن كان عبداً لله فقد تحرر من العبودية حقيقة، لأن عبد الله حر، ما يرى شيئاً في الدنيا أو في المخلوقات أنه عبد له، لكن يرى خالقه وسيده وإلهه وأنه عبد لهذا الخالق. نعم. وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ [النمل:19] انتهى ما عندي. في شيء عندكم؟ أو كفاية؟
الطالب: .....
الشيخ : نعم.
الطالب: .....
الشيخ : يمكن يُؤخذ منه، ولا شك أن شكر النعم من النعم، وقد قال الشاعر:
" إذا كان شكري نعمة الله نعمة عليَّ له في مثلها يجب الشكر
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله وإن طالت الأيام واتصل العمر "
وهذا صحيح، إذا وفقك الله للشكر فهو نعمة، يجب عليك أنك تشكر الله على هذه النعمة، فإذا شكرته صارت نعمة ثانية تستوجب الشكر، لأن الله يقول: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13]، وإذا رأيت من كفرت وانت شكرت نعمة هذه نعم.
الطالب: .....
الشيخ : في؟
الطالب: .....
الشيخ : طيب، أحسنت. صحيح. فيه رد على القدرية، لأن القدرية يرون أن الإنسان مستقل بعمله، ما يحتاج إلى معونة من الله ولا شيء، نعم. ولا شك أن هذا قول باطل، لكن نعم، هذه الآية ترد عليهم.
وفيه أيضاً رد على الجبرية، لأنه أضاف العمل إليه، فقال: وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ [النمل:19]، وقوله: وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا معناه: يمكن أعمل غير صالح، فهو مختار. ففيه رد على الطائفتين جميعاً: القدرية والجبرية. ويش الفرق بينهم يا عادل؟
الطالب: القدرية ..... الإنسان يعني ..... والجبرية أن الإنسان مجبور على الأعمال.
الشيخ : ما له اختيار ولا شيء.
الطالب: .....
الشيخ : نعم، طيب.
الطالب: .....
الشيخ : كيف ذلك؟
الطالب: .....
الشيخ : قلنا هذه قلنا: الاستدلال به على هذا، الاستدلال ما هو قوي، لأن لله على الكافر نعمة، وإلا لا؟ الله له نعمة على الكافر، لكن النعمة المطلقة ما تكون إلا بالإسلام، من هذه الناحية نقول..
الطالب: .....
الشيخ : على كل حال! هي قريبة، قريبة من أنها مسلمة، ولكن لو حصل أصح من هذا يكون طيب.
ثم قال الله تعالى: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ [النمل:20]. نعم
الفتاوى المشابهة
- القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابل... - ابن عثيمين
- شكر النعم - الفوزان
- تتمة فوائد قوله تعالى :<< قال الذي عنده علم... - ابن عثيمين
- فوائد قوله تعالى : << والذين ءامنوا وعملوا ا... - ابن عثيمين
- بيان أن العمل الصالح سبب لدخول الجنة مع يبان... - ابن عثيمين
- تتمة الفوائد السابقة . - ابن عثيمين
- قال الله تعالى : << والذين ءامنوا وعملوا الص... - ابن عثيمين
- معنى: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين - ابن عثيمين
- بيان نعم الله - تعالى - على العباد وكيفيَّة شك... - الالباني
- قال الله تعالى : << فتبسم ضاحكا من قولها و ق... - ابن عثيمين
- فوائد قوله تعالى : << فتبسم ضاحكا من قولها و... - ابن عثيمين