تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة الفوائد السابقة . - ابن عثيمينوفيه دليلٌ على فضيلة داود وسليمان أيضاً من جهة اعترافهما بنعمة الله وشكرهما لها، لقوله ...الطالب: ....الشيخ : لا. ذكرناها من وجه، وهذا من وجهٍ آخر وهو ق...
العالم
طريقة البحث
تتمة الفوائد السابقة .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
وفيه دليلٌ على فضيلة داود وسليمان أيضاً من جهة اعترافهما بنعمة الله وشكرهما لها، لقوله ...
الطالب: ....

الشيخ : لا. ذكرناها من وجه، وهذا من وجهٍ آخر وهو قيامهما بشكر نعمة الله وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا [النمل:15] لم يقولا: إننا أوتينا هذا على علمٍ منا، أو لأننا أذكياء.. أو ما أشبه ذلك.
قالا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ [النمل:15].
وفي هذا دليل أيضاً على أن الشكر يكون بالقول كما هو أيضاً بالفعل، ويكون أيضاً بالعقيدة -بالاعتقاد- فالشكر له ثلاث محلات: القلب، واللسان، والجوارح.
قال الشاعر:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة
يدي ولساني والضمير المحجبَ

الدليل على هذا أن الشكر يكون في ثلاث مواضع هنا في اللسان، يقال للنبي عليه الصلاة والسلام وقد قيل له: كيف تفعل هذا؟ وكان يقوم حتى تتورم قدماه، وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخر، فقال: أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً فجعل الفعل شكراً لله سبحانه وتعالى، وقال تعالى: اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا [سبأ:13].
وأما الاعتراف بالنعم بالقلب فهو من الشكر، ايش الدليل ؟لقوله تعالى: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ ... [النحل:53].
هذا الخبر يريد الله منا أن نعتقده، ولهذا ذم الله تبارك وتعالى الذين نسبوا نعمته إلى أنفسهم وإلا لا ؟ ايش قال عن قارون ؟، وقال عن قارون: قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي [القصص:78].
فقال الله تعالى: أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا [القصص:78].
وهذه المسألة كل المواضع الثلاثة للشكر قل من يقوم بها، فبعض الناس مثلاً يعتمد على السبب في جلب النعمة إليه وينسب المسبب فهمتم؟
يعني عندما يعطيه الإنسان شيء حاجة من الحاجات تجد أنه يقوم في قلبه من شكر هذا المعطي أكثر مما يقوم بشكر الله، تجده يثني أيضاً على هذا أكثر مما يثني على الله، تجده يقوم بخدمة هذا أكثر مما يقوم بخدمة الله.
مع أن هذا الذي وصلت النعمة على يده ما هو إلا طريق ليوصلها إليك فقط، وإلا فالذي جعل في قلبه أن يوصل هذه النعمة إليك من هو الله سبحانه وتعالى، وهو الذي يسّر هذا.
فالحاصل: أن الناس الآن أكثرهم أو غالبهم يحلون في مقام الشكر إما بالقلب أو باللسان أو بالجوارح.
وفي هذا دليل على أن الإنسان يُشرع له إذا منّ الله عليه بنعمة أن يحمده عليها، وقد وردت النصوص بمثل ذلك.
فعندما تنتهي من الأكل والشرب تقول: الحمد لله، عندما تستيقظ تحمد الله، عندما تلبس ثوباً تحمد الله.. وهكذا.وهذا من الأمور المشروعة حمد الله سبحانه وتعالى على النعم.
وفي الآية دليل على تواضع داود وسليمان ومعرفتهما للحقيقة لقوله: فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ [النمل:15] ما ذكر التفضيل المطلق على جميع المؤمنين عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ [النمل:15].هل يستفاد من ذلك وصف الأنبياء بالإيمان؟
الطالب: ....

الشيخ : لا يعني: هل يشعر قوله: عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ [النمل:15] أنهما من المؤمنين؟
الطالب: نعم.

الشيخ : الظاهر أنه يُشعر بهذا، يعني: أننا شاركناهم في وصف الإيمان وفضّلنا الله على كثيرٍ منهم.
وفي الآية دليل أيضاً على أن الإنسان إذا رأى أنه أفضل من غيره بنعمة الله عليه فإن هذا لا ينافي التواضع، يعني: عندما تشعر أن الله أنعم عليك بالمال، فضّلك على هذا، هل معنى ذلك أنك ترفّعت وتكبّرت؟ لا، بل إنك لا يمكن أن تدرك نعمة الله عليك حتى تعرف ضدها في غيره، ما يمكن تعرف هذا إلا إذا عرفت ضده.
إذا رأيت مثلاً إنسان مبتلى في بدنه والله تعالى قد عافاك. عرفت فضل نعمة الله، فقل: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه به وفضّلني عليه.
عندما ترى جاهلاً وأنت منّ الله عليك بالعلم، كذلك أيضاً ترى فضل نعمة الله عليك بهذا، ولا يُعد هذا من باب الترفُّع والاستهانة بالغير، ولهذا قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ [النمل:15] وهذه قد يتراءى للإنسان أنه إذا رأى فضله على غيره بما أنعم الله عليه قد يتراءى له أن ذلك أمر مذموم، وأنه يتضمن الترفُّع والاستهانة بالغير وليس الأمر كذلك.
الطالب: ......

الشيخ : نعم. وفيها أيضاً هذه الفائدة وأن التحدث بها من الشكر.
يستفاد منها هذه الفائدة التي ذكرها يوسف: مشروعية التحدث بنعمة الله، لكن لا على سبيل الافتخار والعلو على الغير، ولهذا جاء في الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: أنا سيد ولد آدم ولا فخر .
فالإنسان إذا تحدث بنعمة الله غير مفتخرٍ بها فإنه لا بأس بذلك، بل قد يكون هذا مشروعاً لأنه ثناءٌ على الله سبحانه وتعالى بما أنعم به عليه.

Webiste