فوائد قوله تعالى : << قال عفريت من الجن أنا ءاتيك به قبل أن تقوم من مقامك و إني عليه لقوي أمين >>
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ [النمل:39].
أولاً: في هذه الآية دليل على تسخير الجن لسليمان، لقوله: قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ [النمل:39] هو أول من تكلم.
ثانياً: دليلٌ على قوة الجن، لأنه سوف يأتي بهذا العرش العظيم، يحمله من سبأ -من اليمن- إلى الشام.
ثالثاً: دليل على سرعتهم وهو من أوصاف القوة، لقوله: قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ [النمل:39] وهذه سرعة فائقة.. سرعة عظيمة، ومعلومٌ أنهم عندهم سرعة عظيمة بدليل أنهم يسترقون السمع من السماء، ولا يصل إلى السماء إلا من عنده سرعة هائلة عظيمة.
وفيه دليل على أنه يجوز للإنسان أن يصف نفسه بما اتصف به من صفات الكمال ترغيباً أو ترهيباً، من أين يؤخذ؟ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ [النمل:39] هذا ترغيباً، فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا [النمل:37] فيجوز هذا وهذا، لكن شرط أن يكون متصفاً به حقيقة، أما دعوى فلا، فهذا مثلما قال في الحديث: المتشبِّع بما لم يُعْطَ كلابس ثَوْبَي زور .
فالإنسان الذي يمدح نفسه بما ليس فيها هذا لا شك أنه مزوِّر بالخبر، ومزوّر بالصفة إذا أخبر عن نفسه بما ليس فيها، فالخبر كذب وثبوت الوصف هذا للنفس مثلاً كذب، فلذلك قال: كلابس ثَوْبَي زور .
الطالب: ....؟
الشيخ : نعم مثله، .... العلماء أيضاً يتكلمون في مثل هذا، مثل قول ابن مسعود: " لو أعلم أحداً تبلغه المَطِي أعلم مني بكتاب الله لرحلت إليه "أو كما قال.
وفيه دليل على أن مدار العمل على هذين الوصفين وهما: القوة والأمانة، لقوله: لَقَوِيٌّ أَمِينٌ [النمل:39] لأن من ليس بقويٍ لا يتقن العمل لماذا؟ لضعفه، ومن ليس بأمين لا يتقن العمل أيضاً لايش ؟لخيانته.
فقد يكون الإنسان قوياً ويستطيع أن يعمل هذا العمل بكل سهولة، لكنه ليس بأمين فلا يثق الإنسان به، ثم إن العمل لو أنه أتقنه يبقى الإنسان شاباً يقول: يمكن أقدر على أحسن من هذا، لكن ما فعل لأنه خائن.
وكذلك أيضاً: لو كان الإنسان أميناً لكنه عاجز فإنه لن يتقن العمل لعجزه، أيهما أشد لوماً؟
الطالب: الخائن أشد، لأن .....
الشيخ : الخائن أشد، وهذا أيضاً عنده نوع خيانة لأن كونه يدخل في العمل وهو ليس بقوي عليه، هذه لا شك أنه خطأ وخيانة، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لأبي ذر: إنك رجل ضعيف، فلا تأمّرن على اثنين ولا تولين مال يتيم .
فالإنسان الضعيف ما يجوز أنه يتدخل في شيء أنه ما يستطيع إتقانه، لا سيما إذا كان يوجد في الناس من يحسنه، فهذه تعتبر خيانة لنفسه ولغيره، خيانة لنفسه لأنه في الحقيقة جثمها صعباً، يريد أن يظهر ضعفه أمام الناس.
وخيانة لغيره حيث تقبّل أعمالهم وهو لا يحسنها إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [القصص:26].
إذا قال قائل: إذا اجتمع عندنا أربعة أشخاص: أحدهم قوي أمين، والثاني قوي غير أمين، والثالث أمين غير قوي، والرابع ضعيف خائن.
القوي الأمين مقدّم ما فيه إشكال، والخائن الضعيف مؤخر بلا شك. هذان طرفان معلومان.
بقينا: قويٌ خائن، وضعيف أمين.
الطالب: الضعيف الأمين أولى أن يقدّم.
الطالب: يقدّم القوي، لأن هذا قصد الخيانة.
الطالب: الضعيف الأمين يقدّم، لأنه سيؤدي عملاً ........ على حسب المهنة، إذا كانت من شأنها تتطلب القوة فإنه يقدّم القوي، وإذا كانت .... تحتاج إلى ..... فيقدم الخائن.
الشيخ : هذا هو الصحيح: يعني يجب أن ينظر أيهما أولى مراعاة:
إذا كان في عملٍ القوة فيه أظهر، فهنا يقدم القوي لأن القوي وإن كان عنده خيانة ربما تحمله قوته على إتقان العمل لأجل أن يشتهر بهذه القوة، مثلاً ما وجد إلا هو.
أما إذا كان المسألة ما تحتاج إلى عمل وقوة لكنها تتطلب الأمانة، فهنا يقدّم الأمين.
طيب. هذا واضح إذا كان في عملين أحدهما يظهر فيه قصد الأمانة، والثاني يظهر فيه قصد القوة.
كالأمير مثلاً. الأمير يظهر فيه قصد القوة يعني: قوة الأمير وإن كان غير أمين أنفع للمجتمع من أمير ضعيف أمين، والقاضي بالعكس.. القاضي الأمانة في حقه أظهر، لأنه إذا كان أميناً وإن كان ضعيفاً الذي ينفذ ليس هو، مثلما عندنا في عصرنا الآن التنفيذ لمن؟ لجهة الأمارة. القاضي يحكم، فإذا كان أميناً فهنا قصد الأمانة في القضاء أظهر من قصد القوة. وعلى هذا فقس.
ولكن إذا كان العمل يتعارض فيه القوة والأمانة، فهذا محل نظر، ولا يمكن أن نحكم بحكمٍ عام، بل إننا ننظر في القضية المعينة فننظر. يعني: إذا تشاحا اثنان في عمل يتطلب القوة والأمانة معاً، ولا يظهر فيه فضل أحدهما على الآخر، حينئذ ما أستطيع أن أحكم هنا حكماً عاماً، بل إنما يُنظر في كل مسألة بخصوصها، ويُنظر للقرائن ويُنظر أيضاً للأشخاص ومن تظهر فيه القوة أكثر من ظهور الأمانة في الثاني، أو الأمانة في هذا أكثر من ظهور القوة في الثاني.
على كل حال هذه المسألة ما نحكم فيها بحكمٍ عام، لن نحكم فيها بالقضية المعينة ونقول: يقدّم هذا على هذا، عندما تحصل القضية المعيّنة.
فالحاصل إذاً: أقسام الناس باعتبار القيام بالعمل أربعة ماهي ؟
الطالب: قوي أمين، وقوي خائن، وضعيف أمين، وضعيف خائن.
الشيخ : ...قوي أمين، وقوي خائن، وضعيف أمين، وضعيف خائن. هذه أربعة أقسام
ومعلوم أن الأول يقدّم على كل حال، والثاني يؤخر على كل حال يؤخر على كل حال ، والثالث والرابع بينهما تزاحم، فيُنظر إلى ما كان يستدعي القوة أكثر فيقدّم فيه القوي، وما كان يستدعي الأمانة أكثر يقدّم فيه الأمين، وما احتمل الأمرين يُنظر فيه إلى القضية المعينة حتى نستطيع أن نقدم هذا على هذا.
قلنا وفيد دليل أنه يجوز أن يصف الإنسان نفسه بما يتصف به...، لكن بشرط أن يكون ذلك حقيقة.
الطالب: .....
وقوله: نحن نقول: مباح، وتعرف أن المباح تعتريه الأحكام الخمسة، قد يكون واجباً أحياناً، وقد يكون محرماً، إنما هو على سبيل الإباحة ولا يمكن أن نقول إنه مطلوب في كل حال، لأنه قد يكون لغرض سيئ، ولا أنه منهي بكل حال لأنه قد يكون لغرض حسن. فهو على سبيل الجواز... انتهت الاية هذه
أولاً: في هذه الآية دليل على تسخير الجن لسليمان، لقوله: قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ [النمل:39] هو أول من تكلم.
ثانياً: دليلٌ على قوة الجن، لأنه سوف يأتي بهذا العرش العظيم، يحمله من سبأ -من اليمن- إلى الشام.
ثالثاً: دليل على سرعتهم وهو من أوصاف القوة، لقوله: قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ [النمل:39] وهذه سرعة فائقة.. سرعة عظيمة، ومعلومٌ أنهم عندهم سرعة عظيمة بدليل أنهم يسترقون السمع من السماء، ولا يصل إلى السماء إلا من عنده سرعة هائلة عظيمة.
وفيه دليل على أنه يجوز للإنسان أن يصف نفسه بما اتصف به من صفات الكمال ترغيباً أو ترهيباً، من أين يؤخذ؟ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ [النمل:39] هذا ترغيباً، فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا [النمل:37] فيجوز هذا وهذا، لكن شرط أن يكون متصفاً به حقيقة، أما دعوى فلا، فهذا مثلما قال في الحديث: المتشبِّع بما لم يُعْطَ كلابس ثَوْبَي زور .
فالإنسان الذي يمدح نفسه بما ليس فيها هذا لا شك أنه مزوِّر بالخبر، ومزوّر بالصفة إذا أخبر عن نفسه بما ليس فيها، فالخبر كذب وثبوت الوصف هذا للنفس مثلاً كذب، فلذلك قال: كلابس ثَوْبَي زور .
الطالب: ....؟
الشيخ : نعم مثله، .... العلماء أيضاً يتكلمون في مثل هذا، مثل قول ابن مسعود: " لو أعلم أحداً تبلغه المَطِي أعلم مني بكتاب الله لرحلت إليه "أو كما قال.
وفيه دليل على أن مدار العمل على هذين الوصفين وهما: القوة والأمانة، لقوله: لَقَوِيٌّ أَمِينٌ [النمل:39] لأن من ليس بقويٍ لا يتقن العمل لماذا؟ لضعفه، ومن ليس بأمين لا يتقن العمل أيضاً لايش ؟لخيانته.
فقد يكون الإنسان قوياً ويستطيع أن يعمل هذا العمل بكل سهولة، لكنه ليس بأمين فلا يثق الإنسان به، ثم إن العمل لو أنه أتقنه يبقى الإنسان شاباً يقول: يمكن أقدر على أحسن من هذا، لكن ما فعل لأنه خائن.
وكذلك أيضاً: لو كان الإنسان أميناً لكنه عاجز فإنه لن يتقن العمل لعجزه، أيهما أشد لوماً؟
الطالب: الخائن أشد، لأن .....
الشيخ : الخائن أشد، وهذا أيضاً عنده نوع خيانة لأن كونه يدخل في العمل وهو ليس بقوي عليه، هذه لا شك أنه خطأ وخيانة، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لأبي ذر: إنك رجل ضعيف، فلا تأمّرن على اثنين ولا تولين مال يتيم .
فالإنسان الضعيف ما يجوز أنه يتدخل في شيء أنه ما يستطيع إتقانه، لا سيما إذا كان يوجد في الناس من يحسنه، فهذه تعتبر خيانة لنفسه ولغيره، خيانة لنفسه لأنه في الحقيقة جثمها صعباً، يريد أن يظهر ضعفه أمام الناس.
وخيانة لغيره حيث تقبّل أعمالهم وهو لا يحسنها إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [القصص:26].
إذا قال قائل: إذا اجتمع عندنا أربعة أشخاص: أحدهم قوي أمين، والثاني قوي غير أمين، والثالث أمين غير قوي، والرابع ضعيف خائن.
القوي الأمين مقدّم ما فيه إشكال، والخائن الضعيف مؤخر بلا شك. هذان طرفان معلومان.
بقينا: قويٌ خائن، وضعيف أمين.
الطالب: الضعيف الأمين أولى أن يقدّم.
الطالب: يقدّم القوي، لأن هذا قصد الخيانة.
الطالب: الضعيف الأمين يقدّم، لأنه سيؤدي عملاً ........ على حسب المهنة، إذا كانت من شأنها تتطلب القوة فإنه يقدّم القوي، وإذا كانت .... تحتاج إلى ..... فيقدم الخائن.
الشيخ : هذا هو الصحيح: يعني يجب أن ينظر أيهما أولى مراعاة:
إذا كان في عملٍ القوة فيه أظهر، فهنا يقدم القوي لأن القوي وإن كان عنده خيانة ربما تحمله قوته على إتقان العمل لأجل أن يشتهر بهذه القوة، مثلاً ما وجد إلا هو.
أما إذا كان المسألة ما تحتاج إلى عمل وقوة لكنها تتطلب الأمانة، فهنا يقدّم الأمين.
طيب. هذا واضح إذا كان في عملين أحدهما يظهر فيه قصد الأمانة، والثاني يظهر فيه قصد القوة.
كالأمير مثلاً. الأمير يظهر فيه قصد القوة يعني: قوة الأمير وإن كان غير أمين أنفع للمجتمع من أمير ضعيف أمين، والقاضي بالعكس.. القاضي الأمانة في حقه أظهر، لأنه إذا كان أميناً وإن كان ضعيفاً الذي ينفذ ليس هو، مثلما عندنا في عصرنا الآن التنفيذ لمن؟ لجهة الأمارة. القاضي يحكم، فإذا كان أميناً فهنا قصد الأمانة في القضاء أظهر من قصد القوة. وعلى هذا فقس.
ولكن إذا كان العمل يتعارض فيه القوة والأمانة، فهذا محل نظر، ولا يمكن أن نحكم بحكمٍ عام، بل إننا ننظر في القضية المعينة فننظر. يعني: إذا تشاحا اثنان في عمل يتطلب القوة والأمانة معاً، ولا يظهر فيه فضل أحدهما على الآخر، حينئذ ما أستطيع أن أحكم هنا حكماً عاماً، بل إنما يُنظر في كل مسألة بخصوصها، ويُنظر للقرائن ويُنظر أيضاً للأشخاص ومن تظهر فيه القوة أكثر من ظهور الأمانة في الثاني، أو الأمانة في هذا أكثر من ظهور القوة في الثاني.
على كل حال هذه المسألة ما نحكم فيها بحكمٍ عام، لن نحكم فيها بالقضية المعينة ونقول: يقدّم هذا على هذا، عندما تحصل القضية المعيّنة.
فالحاصل إذاً: أقسام الناس باعتبار القيام بالعمل أربعة ماهي ؟
الطالب: قوي أمين، وقوي خائن، وضعيف أمين، وضعيف خائن.
الشيخ : ...قوي أمين، وقوي خائن، وضعيف أمين، وضعيف خائن. هذه أربعة أقسام
ومعلوم أن الأول يقدّم على كل حال، والثاني يؤخر على كل حال يؤخر على كل حال ، والثالث والرابع بينهما تزاحم، فيُنظر إلى ما كان يستدعي القوة أكثر فيقدّم فيه القوي، وما كان يستدعي الأمانة أكثر يقدّم فيه الأمين، وما احتمل الأمرين يُنظر فيه إلى القضية المعينة حتى نستطيع أن نقدم هذا على هذا.
قلنا وفيد دليل أنه يجوز أن يصف الإنسان نفسه بما يتصف به...، لكن بشرط أن يكون ذلك حقيقة.
الطالب: .....
وقوله: نحن نقول: مباح، وتعرف أن المباح تعتريه الأحكام الخمسة، قد يكون واجباً أحياناً، وقد يكون محرماً، إنما هو على سبيل الإباحة ولا يمكن أن نقول إنه مطلوب في كل حال، لأنه قد يكون لغرض سيئ، ولا أنه منهي بكل حال لأنه قد يكون لغرض حسن. فهو على سبيل الجواز... انتهت الاية هذه
الفتاوى المشابهة
- قال الله تعالى : << قالت إحداهما يآ أبت استأ... - ابن عثيمين
- تتمة شرح حديث عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قا... - ابن عثيمين
- وهو القوي له القوى جمعا تعا***لى رب ذي الأكو... - ابن عثيمين
- ما المقصود بحديث «المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى... - ابن باز
- شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمين
- ما القوة المحمودة في المؤمن؟ - ابن باز
- معنى أن المؤمن القوي خير من الضعيف - ابن باز
- معنى حديث المؤمن القوي - الفوزان
- تتمة شرح قول المصنف :وقوله (........ما شاء ا... - ابن عثيمين
- قال الله تعالى : << قال عفريت من الجن أنا ءا... - ابن عثيمين
- فوائد قوله تعالى : << قال عفريت من الجن أنا... - ابن عثيمين