تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة شرح حديث :( ... فقيل : يا رسول الله ، أ... - ابن عثيمينالشيخ : نستمرّ الآن:  فقيل : يا رسول الله ، أرأيت شحوم الميتة ، فإنها تطلى بها السفن  أوّلا قولهم: " يا رسول الله " ... فقيل القائل مبهم ولا يعنينا أن ن...
العالم
طريقة البحث
تتمة شرح حديث :( ... فقيل : يا رسول الله ، أرأيت شحوم الميتة ، فإنها تطلى بها السفن ، وتدهن بها الجلود ، ويستصبح بها الناس ؟ فقال : ( لا هو حرام ) ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : ( قاتل الله اليهود ، إن الله تعالى لما حرم عليهم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه ) متفق عليه.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : نستمرّ الآن: فقيل : يا رسول الله ، أرأيت شحوم الميتة ، فإنها تطلى بها السفن
أوّلا قولهم: " يا رسول الله " ... فقيل القائل مبهم ولا يعنينا أن نعرف من القائل في مثل هذه الأمور لأنّ المهمّ هو القضيّة والحكم أمّا عين الشخص فالغالب أنّنا لا نحتاج إليه هذا الغالب، فلهذا دائما تأتي مثل هذه الصّيغة " فقيل يا رسول الله " لأنّه لا يهتم بالقائل أهم شيء هو معرفة القول والحكم
وقولهم: " يا رسول الله " هذا النّداء الذي أرشدهم الله إليه في قوله: لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا يعني لا تقولوا يا محمّد، فصفوه بما كلّفه الله به وبما يختصّ به من الوصف وهو يا رسول الله، ولهذا نهى النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام أن يتكنّى أحد بكنيته لئلاّ يشاركه أحد عند المناداة فيقال مثلا يا أبا القاسم فيظنّ أنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولهذا خصّ كثير من أهل العلم النّهي عن التّكني بكنيته بما كان في حياته فقط بأن لا يشاركه أحد فإذا نودي بين الناس يا أبا القاسم يظنّ من لا يعرفه أنّ هذا هو الرّسول صلى الله عليه وسلّم
طيّب إذن هذا من أدب الصّحابة أنّهم يقولون يا رسول ولا أحد يناديه باسمه إلاّ إذا كان جاهلا كأعرابيّ يأتي المدينة فيقول يا محمّد.
طيب ثانيا يقول: " أرأيت شحوم الميتة " هذا التّركيب يوجد كثيرا في القرآن أرأيت ومعناه على سبيل الإجمال أخبرني أخبرني لأنّ التّقدير أرأيت كذا وكذا فأرني ما رأيت أي أخبرني
أما من حيث الإعراب فنقول إن رأى هنا علميّة وشحومها مفعولها الأول، ومفعولها الثاني محذوف ويكون غالبا جملة استفهاميّة نعم فهنا نقول شحوم مفعول أوّل والمفعول الثاني محذوف أرأيت شحوم الميتة فإنها تطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود ، ويستصبح بها الناس، أيحلّ؟ أيحلّ ثمّ ماذا نقدّر الفاعل؟ قال بعض العلماء أيحلّ هذا فيها، يعني أن تطلى بها السّفن ويستصبح بها الناس نعم وتدهن بها الجلود أو أيحلّ بيعها أيحلّ بيعها، وقد اختلف العلماء رحمهم الله ماذا يقدّر الفاعل أهو البيع أو هذه المنافع؟ والصّحيح أنّه البيع لأنّ السّياق في البيع ولأنّ هذه الأشياء التي سألوها ما تحدّث عنها النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام حتى يقال أرأيت هذا هل يحلّ؟ وهو لم يتحدّث عن تحريم المنافع إطلاقا إنّما كان يتحدّث عن البيع لكن لما رأوا هذه المنافع ظنوا أنّ هذه المنافع تقتضي حلّ بيعها كما أنّ المنافع في الإذخر اقتضى حلّ حشّه في الحرم لما قال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: لا يحشّ حشيشها قال العبّاس: إلاّ الإذخر فإنّه لكذا وكذا، فقال: إلاّ الإذخر فظنّوا رضي الله عنهم نعم فظنّوا رضي الله عنهم أنّ هذه المنافع تقتضي حلّ البيع كما اقتضت المنافع في الإذخر حلّ حشّه، وكما نعلم الآن كلّ هذه الأحاديث ذكرها الرّسول لا تحريم مكّة، ولا هذا الحديث ذكره في أيام الفتح، فالصّحابة كأنّهم استذكروا ما رخّص فيه الرّسول عليه الصّلاة والسّلام من جواز حشيش الاذخر حشّ الإذخر من أجل منافعه فظنّوا أنّ هذه المنافع تقتضي إيش؟ حلّ البيع وأن يكون هذا مخصّصا لعموم تحريم الميتة، هذا هو الصّواب المتعيّن في الحديث أنّ المسؤول عنه ليست هذه المنافع وإنّما هو بيعها الذي تقتضي هذه المنافع حلّه أعرفتم؟ طيب يقول: " أرأيت شحوم الميتة " شحوم جمع شحم، قال بعضهم والشّحم هو اللّحم الأبيض، وقال بعضهم الشّحم معروف أيهم أصحّ؟
الطالب : ...

الشيخ : هاه؟
الطالب : الثاني.

الشيخ : الثاني أصحّ، لأنّك إذا قيل للشّحم الشّحم هو اللحم الأبيض راح يدوّر الواحد وين اللحم الأبيض؟ دوره في الشاة اللحم الأبيض، نعم قد لا يعرف اللّحم الأبيض ثمّ يمكن يجي اللحوم البيضاء مثل؟
الطالب : الدّجاج.

الشيخ : الأرانب والدّجاج والسّمك، أي نعم على كلّ حال يقال الشّحم معروف، أما الميتة فهي الميتة التي عناها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في قوله: إنّ الله حرّم بيع الميتة
ثم علّلوا فقال: إنّها أي الشّحوم تطلى بها السفن السفن المراكب البحريّة تطلى بالشّحم بأن تدهن، لماذا؟ من أجل أن لا يتشرّب الخشب الماء، لأنّ الخشب إذا تشرّب الماء ثقل وغرقت السّفينة، وإذا كان على جدران السّفينة هذا الطلاء من الشّحم منع تشرّب الخشب للماء فتبقى السّفينة محميّة بهذا الطّلاء من أن تتشّرب الماء، قال: وتدهن بها الجلود أيّ جلود؟
الطالب : ...

الشيخ : لا، الجلود التي تدبغ لأنّ الدّهن يليّنها لأنّ الدّهن يليّنها، طيب قال: ويستصبح بها الناس يستصبح يعني يجعلونها مصابيح يعني سرجا كيف ذلك؟ يضعونها في الشّحم إذا ذوّبوه يضعون فيه فتيلة خرقة ثم يصبّون في رأسه، ثمّ تأخذ بالإضاءة ما دام هذا الشّحم أو الدّهن باقيا، وهذا نسمع الناس يتحدّثون وإن كنّا ما أدركناه لكنّه إلى عهد قريب والناس يستعملونه نعم، حتى أنّه في بعض الوصايا عندنا، أوصى بأن يوقد سراج المسجد ولو وصل الصاع ريالا، صاع الودك، نعم ريالا الريال في ذلك الوقت عندهم ..
الطالب : بمائة ريال.

الشيخ : هاه؟
الطالب : مائة ريال.

الشيخ : أكثر من مائة ريال، كثير جدّا، على كلّ حال هذا الاستصباح يعني وضع الشّحم المذوّب في إناء ويوضع فيه فتيلا وتشب فيها النار في رأسها وتكون مصباحا، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: لا لا يعني لا يحلّ لأنّ السؤال عن الحلّ، وما الذي لا يحلّ؟
الطالب : البيع.

الشيخ : قلنا في هذا قولان لأهل العلم: قول لا يحلّ هذا العمل طلي السّفن والاستصباح ودهن الجلود، وقيل بل البيع وهو الصّواب بل إنّ السّياق يعيّنه، سياق الحديث ثم قال هو حرام أي البيع، لماذا يكون حراما بيع الميتة؟ لأنّ الميتة حرام، لأنّ الميتة حرام وجواز بيعها لهذه الأغراض يستلزم تداولها بين الناس والاستهانة بها لأنّه كما يقال إذا كثر الامساس قل الإحساس، طيّب ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند ذلك: قاتل الله اليهود قاتل بمعنى أهلك وقيل بمعنى لعن، واللّعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، وكون قاتل بمعنى اللعن هذا بعيد من الاشتقاق لأن قاتل مشتقّة منين؟
الطالب : ...

الشيخ : من قتل، وليس فيها شيء من حروف اللّعن إلاّ اللاّم وليس بينها اشتقاق لا أكبر ولا أصغر ولا أوسط، ولكن نقول إنّ معنى قاتل أهلك لأنّ من قاتل الله أو من قاتله الله فهو هالك قطعا فيكون الدّعاء بالمقاتلة أي قتال الله هؤلاء معناه الدّعاء بالهلاك وهذا هو المناسب للمادّة لمادّة هذه الكلمة وإن كان كثير من المفسّرين يفسّرون القتال أو القتل باللعن كقوله تعالى: قتل الخرّاصون أي لعنوا، نعم لكن الأظهر أنّ المراد بالمقاتلة الإهلاك لأنّ تفسير الشّيء بما يطابق مادّته أولى من تفسيره بأمر بعيد، طيب
ثمّ قال: قاتل الله اليهود اليهود هم الذين يدّعون أنّهم يتّبعون موسى عليه الصّلاة والسّلام وهم من بني إسرائيل ولكن لماذا وصفوا أو لقّبوا بهذا اللّقب؟ قيل إنّه نسبة إلى أبيهم جدّهم يهوذا أحد أبناء يعقوب وأنه مع التّعريب تحوّل إلى يهود بالدال، وقيل إنّه من هاد يهود لقولهم إنّا هدنا إليك أي رجعنا أي رجعنا وعلى كلّ حال سواء هذا أو هذا فإنّ اليهود معروفون بالمكر والخداع كما فعلوا في الحيتان حين حرّم عليه صيد السّمك في يوم السّبت فابتلاهم الله عزّ وجلّ، فصارت الحيتان تأتي يوم السّبت على ظهر الماء شرّعا وفي غير يوم السّبت لا تأتيهم فتحيّلوا ووضعوا شبكا في يوم الجمعة فيأتي الحيتان يوم السّبت ويدخل في الشّبك، ثم إذا كان يوم الأحد جاءوا وأخذوه وقالوا نحن ما صدنا يوم السّبت فعاقبهم الله تعالى عقوبة تناسب ذنبهم قلبهم الله قردة لأنّ القردة أقرب ما يكون إلى الإنسان كما أنّ عملهم هذا قريب من الصّحة يعني ظاهره أنه ليس فيه صيد هذا القرد قريب من الإنسان، صورته صورة إنسان لكن معناه هاه؟ حيوان طيب
إذن المهم اليهود لما حرّم الله عليهم شحومها وفي لفظ الشّحوم ، والشّحوم أعمّ الشّحوم أعمّ ، يعني يشمل شحوم الميتة وغير شحوم الميتة، ومن المعلوم أنّ الله عزّ وجلّ حرّم عليهم الشّحوم وعلى الذين هادوا حرّمنا كلّ ذي ظفر ومن البقر والغنم حرّمنا عليهم شحومهما من البقر والغنم، حرّم الله عليهم شحوم البقر والغنم إلاّ ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم فحرّمت عليهم الشّحوم إلاّ هذه الأشياء لكن ماذا فعلوا؟ يقول جملوه ثمّ باعوه وأكلوا ثمنه ، جملوه أي أذابوه وقالوا ما نأكل لكن ذوّبه وبعه واشتر بثمنه ما تأكله فهذه حيلة، حيلة على محارم الله عزّ وجلّ ودعا عليهم النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام بأنّ الله يقاتلهم تحذيرا من فعلهم وتنفيرا عنه، لأنّ من فعل كفعلهم استحقّ ما يستحقّون إذ أنّ البشر عند الله على حدّ سواء إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم فالعاصي من هذه الأمّة بما عصت به بنو إسرائيل يوشك أن يلحقه من العقوبة ما لحق بني إسرائيل.

Webiste