تم نسخ النصتم نسخ العنوان
وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله... - ابن عثيمينالشيخ : يقول :  من شفع لأخيه شفاعة  : الشفع مأخوذة من لفظها وهي : جعل الواحد اثنين ، قال الله تعالى :  والشفع والوتر  فالشفع ضد الوتر ، يعني جعل الشيء ا...
العالم
طريقة البحث
وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من شفع لأخيه شفاعة , فأهدى له هدية فقبلها , فقد أتى بابا عظيماً من أبواب الربا ) . رواه أحمد , وأبو داود , وفي إسناده مقال .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : يقول : من شفع لأخيه شفاعة :
الشفع مأخوذة من لفظها وهي : جعل الواحد اثنين ، قال الله تعالى : والشفع والوتر فالشفع ضد الوتر ، يعني جعل الشيء اثنين ، وهي : " أن يتوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة " ، هذه الشفاعة أن يتوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة .
مثال الأول : لو شفعت لشخص بأن يوضع في مرتبة عالية فهذا جلب منفعة .
ومثال الثاني : أن تشفع لشخص يريد أحد أن يظلمه فتدفع عنه المظلمة ، هذه دفع ضرر .
إذًا فالشفاعة هي : " التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة " ، وهي أي : الشفاعة على حسب المشفوع فيه ، إن كانت في خير فهي خير ، وإن كانت في شر فهي شر ، فمن شفع لأخيه ليتوصل إلى باطل فهي شر ، ولهذا حُرمت الرِّشوة ، ومن شفع لأخيه للتوصل إلى حق فهي خير ، قال الله تعالى : من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها * ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كِفل منها : فالشفاعة قد تكون سيئة وقد تكون حسنة .
فقوله صلى الله عليه وسلم : من شفع لأخيه شفاعة : المراد بها الشفاعة في الخير ، الشفاعة في الخير قد تكون واجبة كما لو شفع الإنسان لشخص في دفع ظلم عنه ، فإن الشفاعة هنا واجبة ، لأن الواجب على المسلم أن يدفع الظلم عن أخيه بقدر ما يستطيع حتى وإن لم تطلب منه الشفاعة إلا إذا عَلِم رضا المظلوم ، فإنه لا يلزمه أن يشفع .
لكن إذا علم أنه لا يرضى -كما هو الغالب- وهو يستطيع أن يشفع فالواجب عليه أن يشفع .
أما إذا كانت الشفاعة في أمر ليس فيه ظلم ، لكن فيه حصول مطلوب فالشفاعة هنا ليست بواجبة ، لكنها خير ، يؤجر الإنسان عليها كما لو طلب شخص منك أن تشفع له في حصول أمر يرغب فيه وهو لا يضره شرعًا : فهنا نقول : الشفاعة سنة وفيها خير لكن ليست بواجبة ، بخلاف الشفاعة في دفع الظلم فإنها واجبة ما لم تعلم رضا المظلوم .
أما الشفاعة السيئة فهي حرام ، وهي من باب التعاون على الإثم والعدوان ، ولا يجوز لأحد أن يشفع لأحد فيها ، لأنه يكون معينا له على باطل ، مثال ذلك : رأيتَ أنَّ شخصًا قد هيئ لشغل منصب ، منصب من المناصب ، فجاءك رجل وقال : يا أخي أريد أن تشفع لي في حصول هذا المنصب ، فهنا لا يجوز لك أن تشفع له ، لماذا ؟
لأنك بهذا تعتدي على حق السابق ، والسابق أحق ، اللهم إلا إذا علمت أن السابق ليس بأهل ، وأنه ربما يُولى هذه المرتبة وهو ليس لها بأهل ، فحينئذ لا بأس أن تشفع لهذا الرجل إن كان أهلا ، لأنك في هذه الحال مصلح تريد أن تحول بين هذا الرجل الذي ليس بأهل ، وبين المرتبة التي يريد أن يشغلها . الحاصل : أن الشفاعة في الحقيقة تكون بحسب المشفوع فيه ، إن خيراً فخير وإن شراً فشر ، يقول عليه الصلاة والسلام : من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية : يعني أعطاه شيئا في مقابل شفاعته ، فقد أتى بابا عظيما من أبواب الربا : المراد أتى بابا عظيما من أبواب الربا : الربا اللغوي وهو الزيادة ، دون الربا الشرعي وهو الزيادة في أشياء مخصوصة ، لأن الربا الشرعي الذي هو الزيادة في أشياء مخصوصة لا ينطبق على هذا ، لكن الربا اللغوي ينطبق عليه ، كيف الربا اللغوي ؟ لأن هذا حصل الأجر والسمعة الحسنة بالشفاعة لأخيه ، فإذا قبل الهدية فذلك زيادة على ما حصله بالشفاعة ، ثم إن الهدية في الغالب لا يعلم الناس بها ، فيظنون أن هذا الشافع محسن إحسانا محضًا ، فيكسب سمعة حسنة ليس لها بأهل ، ويكسب المال الذي أهدي له وهذا زيادة ، زيادة وربا ، هذا هو ما ينزل عليه الحديث إن صح الحديث .
أما إذا لم يصح كما قال المؤلف : " في إسناده مقال " ، فقد كفينا إياه ، لكن إذا صح فهذا هو المراد ثم يقال أيضا : إن كانت الشفاعة واجبة حرم عليه أخذ الهدية لأنه قد قام بواجب ولا يجوز للإنسان أن يأخذ عوضا ماليا عن قيامه بواجب لأنه ملزم به من قبل الشرع فكيف يأخذ شيئا على أمر هو ملزم به وهذا وجه آخر لكون هذه الهدية ربا ، أي : زيادة على ما كان يستحقه الشافع .
وقوله عليه الصلاة والسلام : من شفع لأخيه هل المراد : أخوة النسب أو أخوة الدين ؟
الطالب : الثاني .

الشيخ : الثاني وهو أيضا مبني على الغالب فإن الإنسان قد يشفع لغير المسلم ، لأن ذا الذمة له حق وحماية ، فإذا رأيت أحدا يريد أن يظلمه وشفعت له لدفع الظلم عنه كنت مأجورًا بذلك ، لأنك تفعل هذا وفاء بالعهد والذمة الذي بينك ، أو الذي بين المسلمين و بين هذا الرجل الذمي ، فيكون تقييدها بالأخوة لأخيه من باب التغليب وليس من باب القيد .

Webiste