تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة الكلام على أهمية العلم الشرعي وأنه سلاح... - ابن عثيمينوإذا كان هذا مقصود طالب العلم فإنه سوف يختار الجهة التي يكون غزو أعداء المسلمين من ناحيتها، وعلى هذا يجب أن يكون على علم بما يجري في الساحة من الأفكار ا...
العالم
طريقة البحث
تتمة الكلام على أهمية العلم الشرعي وأنه سلاح عظيم يواجه به العدو .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
وإذا كان هذا مقصود طالب العلم فإنه سوف يختار الجهة التي يكون غزو أعداء المسلمين من ناحيتها، وعلى هذا يجب أن يكون على علم بما يجري في الساحة من الأفكار الرديئة أو العقائد الفاسدة، ونضرب مثلا بوقت من الأوقات، مر على الناس وهم لا يعرفون مذاهب أهل التعطيل، ولا يعرفون الأفكار المنحرفة الهدامة لأنهم لم يخرجوا من بلادهم، ولم يفد عليهم أحد من غيرهم، فهم ملتفون على علمائهم ولا يعرفون إلا الحق، هؤلاء لا يهمهم أن يشتغلوا بأمور أخرى من وسائل العلم أو الدفاع عن الشريعة لأنهم آمنون، لكن إذا جاء العدو فلابد أن نستعد له، وأن يكون استعدادنا بسلاح مناسب لسلاحهم، فمن المعلوم مثلا أن من هاجمك بالمدافع والصواريخ لا يصح ولا يستقيم أن تدافعه بما يسمى بالسلاح الأبيض بالخناجر والسيوف وما أشبهها، لأن الواجب أن تستعد لكل عدو بما يناسب سلاحه.
فالآن صار في الساحة أفكار رديئة خبيثة إن لم تكن ملحدة فهي إلى الإلحاد أقرب من الاعتدال، ولا حاجة إلى التخصيص لأنه معلوم عند كثير منكم، نحتاج أن نعرف هذه الأفكار وكيف نبطلها، وإني أقول لكم إن جميع الأفكار المنحرفة إبطالها سهل جدا، حتى وإن هولوا الأمر وضخموه، فهم كالإسفنج أعصره بيدك يخرج كل ما فيه، ولا تتهيبوا لأنهم ليس عندهم علم مسموع، ولا عقل مصنوع، فلابد أن الإنسان إذا كان قد نوى بطلب العلم حماية الشريعة والذب عنها لابد أن يعرف ما يكون في الساحة، حتى يستطيع أن يدافع، ولكل مقام مقال، ولكل مكان ما يناسبه.
وإني أقول لكم إن حماية الشريعة والدفاع عنها لا يكون إلا برجالها، لو أنك كنت في مكتبة ومعك جماعة، ودخل رجل ملحد يقرر الإلحاد، وأنتم لا علم عندكم، لكن المكتبة مملوءة من الكتب التي ترد على الملحدين وتبين زيف ما هم عليه، هل يمكن أن يقفز كتاب منها من أجل أن يرد على هذا الملحد ؟ لا يمكن، فالكتب وإن كثرت لا تفيد، لابد من علماء، وإذا كان في هذا المكان الذي ذكرت، إذا كان فيه عالم فسوف يتكلم بما يرد قول هذا الملحد، حتى ينكص على عقبيه. هذه أمور ثلاثة كلها تترتب على إخلاص النية.
الأمر الرابع: ما أشار إليه الإمام أحمد رحمه الله تعالى: " أن ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره " ومتى كان ينوي ذلك فلا بد أن يجد في الطلب، لأن من أراد الغنى لابد أن يكتسب، ولابد أن يتجر، ولا بد أن يخوض جميع ميادين التجارة، فإذا كان يريد رفع الجهل عن نفسه فليس من الممكن ولا من المعقول أن يجلس من غير تعلم، لابد أن يجد في الطلب، وإذا كان يريد رفع الجهل عن غيره فلا بد أن يحرص غاية الحرص على نشر علمه بالوسائل المناسبة. الوسائل القوية في كل مجال.
يمكن أن ينشر العلم عن طريق الحديث في المجالس العادية، جلس مجلسا في وليمة في أي مكان يمكن أن ينشر علمه، ولكن كيف ذلك ؟ بالطريقة اللبقة المحببة للنفوس، والتي لا توجب الملل والاستثقال، يمكن أن يورد مسألة من المسائل في هذا الجمع الذي عنده، يورد مسألة يقول: ما تقولون في رجل فعل كذا وكذا أو قال كذا وكذا، أو يأتي بمسألة ألغاز حتى يفتح الأذهان، وحينئذ يدخل في تعليم الناس، لست أقول افرض نفسك في المجلس الذي أنت فيه، لأن هذا صعب على النفوس، لكن اجلبهم إلى العلم بالطرق المحببة المناسبة حتى يشتغل المجلس بالعلم، مناقشة أو إلقاء أو ما أشبه ذلك.
كذلك أيضا ينشر علمه عن طريق الأشرطة، والأشرطة ولله الحمد نفع الله بها نفعا كبيرا، خصوصا وأن الناس كثيرا منهم وخاصة من الشباب يتلقون هذه الأشرطة بشغف ولهف، لا تكاد تخرج إلا والناس يتلقونها وينتفعون بها، فهذه الأشرطة ولله الحمد فيها مصلحة كبيرة ونشر للعلم، وليس في مكانك أو بلدك أو منطقتك بل إنه يتعدى إلى خارج البلاد، كما سمعنا أن أشرطة الدعاة والعلماء تذهب إلى أماكن بعيدة، هذه من وسائل نشر العلم.
ثالثا يمكن أن تنشر العلم عن طريق الكتابة، كتابة الرسائل، تأليف كتب، نشرة ورقية وما أشبه ذلك بقدر المستطاع حتى تنشر علمك وتنفع وتنتفع.
وهناك نشر للعلم بطريق خفي يخفى على طالب العلم أو على كثير من طلبة العلم ألا وهو نشر العلم عن طريق العمل به، كثيرا ما يرقب الناس هذا العالم ويرون ماذا يصنع فيقتدون به، قال بعض الناس إنه كان يصلي فقال بعض الذين شاهدوه: إنك تفعل كذا وكذا في صلاتك، فانظر كيف كان الناس يراقبون أفعال طالب العلم من أجل أن يقتدوا به، وهذا من طريق نشر العلم، بل قد يكون هذا من أبلغ الطرق التي يتأثر بها الناس، لأن تأثر الناس بالفعل قد يكون أشد وأقوى من تأثرهم بالقول، ولهذا نكرر ما أسلفناه من أن طالب العلم لا يكون فقيها إلا إذا عمل بعلمه، وإلا فهو قارئ وليس بفقيه.

Webiste