كلمة بين يدي الدرس في أهمية العناية بالقرآن حفظا وتدبرا وتفسيرا مع ذكر بعض قواعد التفسير .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، بسم الله نبتدئُ هذه الفترة مِن هذا العام عام سبعة عشر وأربعمِئَة وألف في الإجازَة بين آخِرِ الفصول الدراسية وأوَّلِها، والحمدُ لله الذي بنعمته تَتِمُّ الصالحات ومن نعمتِه تعالى أن كان أوَّلَ درسٍ نبتدئُه في هذه الإجازة تفسيرَ كلام الله عز وجل، ولا ريب أنَّ القرآن الكريم نزَل ليَتَعَبَّدَ الناسُ بِتِلَاوتِه ولِيَتَدَبَّرُوا آياتِه ولِيتذكر أولوا الألباب قال الله تبارك وتعالى: كتابٌ أنزلناه إليك مبارَك ليدَّبَّروا آياته وليتذكر أولوا الألباب وإذا كان الإنسان لو قرَأَ متنًا ألَّفَه إنسانٌ من البشر فلا بد أن يتفَهَّم معانِيَه { انتبه يا أيوب وإلا قُمْ عن مكانِك } فلا بد أن يَتدَبَّر معانِيَه ويتفهَّمها فكذلك كلامُ الله عز وجل مِن باب أولى أن يتَدَبَّر الإنسان معانيَه ويتفهَّمَها، لأنَّ قراءةً بلا معنى ليست قراءة فالقارئُ الذي لا يفهَم المعنى بمنزلَة الأُمِّيِّ الذي لا يقرأ ودليل ذلك قوله تعالى: ومِنهم أمِّيُّون لا يعلَمُون الكتاب إلا أمانِيّ يعني إلا قراءَة فوَصَفَهم الله بأنهم أُمِّيُّون، لأنهم لا يعلمون الكتاب إلا قراءةً فقط وقد ذكر العلماء رحمهم الله في تفسير كلام الله عز وجل قواعدَ مهمة نذْكُرُ منها ما يلي: أولًا: أوَّل وأَوْلَى ما يُفَسَّرُ به القرآن أن يُفَسَّرَ القرآنُ بالقرآن لأنَّ الذي فسَّرَه هو الذي أنزله وهو أعلَم بمراده فنُفَسِّرُ القرآن بالقرآن ما وجَدْنا إلى ذلك سبيلًا ولهذا أمثلَة كثيرة مثلُ قولِه تبارك وتعالى: وما أدراك ما يوم الدين * ثم ما أدراك ما يوم الدين فسَّر الله ذلك اليوم بقوله: يومَ لا تملِكُ نفسٌ لِنفسٍ شيئًا والأَمْرُ يومَئِذٍ لله فلو سأَلَنَا سَائِل: ما هو يوم الدين؟ نقول: يوم لا تملك نفسٌ لنفسٍ شيئًا والأمر يومئذ لله، وقال تعالى: القارعة * ما القارعة * وما أدراك ما القارعة * يوم يكون الناس كالفراش المبثوث * وتكون الجبال كالعهن المنفوش ولهذا أمثلة كثيرة، ثم نفَسِّرُ القرآن بتفسير أعْلَمِ الناس به وهو رسول الله صلى الله عليه وعلى آلِه وسلم ولهذا أمثلة منها قوله تعالى: للذين أحْسَنوا الحسنى وزيادة الزيادة لم يُبَيِّنْها الله عز وجل ولكن بيَّنَها الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله: هي النَّظَر إلى وَجْهِ الله وكذلك مثالٌ آخر قول الله تعالى: وأعِدُّوا لهم ما استطعتم مِن قوة فسَّرَها النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: ألَا إنَّ القوة الرَّمي وكرَّرها، وكما يكون تفسير النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للقرآن بلفظِه يكون كذلك بفعلِه فقوله تعالى: وأقيموا الصلاة لم يُبَيِّن الله تعالى كيفية هذه الإقامة التي أمَر بها لكن فسَّرَها النبي صلى الله عليه وسلم بفعلِه فقام وركع وسجد وقعد وقال: صلُّوا كما رأيتمُوني أُصَلِّي ، إذًا أول ما نفسر القرآن بماذا؟ بالقرآن، عَلِّل؟ لأنَّ الذي فسَّرَه هو الذي تكَلَّم به وهو أعلَمُ بمراده، ثم بايش؟ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية، عَلِّل؟ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أعلَمُ الناس بكلامِ الله، لأنه رسوله، ثم بعد ذلك بتفسير الصحابة رضي الله عنهم تفسيرُ الصحابة لا شكَّ أنَّه أولى مِن غيرِه، لأنَّ الصحابة رضي الله عنهم أعلَمُ الناس بلغة القرآن بلا مُنازِع، ولأن القرآن نزَلَ في عصرِهم وفي الأحوال التي يعرفُونَها ولا ريب أنَّ المعنى يُعرَف في الزمن والحال التي نزَلَ بها ولهذا ينقلُون إلينا أسباب النزول في الآيات التي نزَلَتْ على سبَب، لأنهم كانوا يعلَمُون ذلك، فيُرْجَع في تفسير القرآن إذا لم يُوجَد في كتاب الله أو سنة رسولِه يرجع إلى مَن؟ إلى أقوال الصحابة، والصحابة رضي الله عنهم يختلِفُون في فهم القرآن اختلافًا ظاهِرًا كما يختلِفُون في مراتِبِهم في الفضائل كذلك يختلفون في العِلْم وفي تفسير القرآن، ومِن أعلمِهم بالتفسير ابنُ عباس رضي الله عنهما، لأنَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم دعا له فقال: اللهم فَقِّهْهُ في الدين وعَلِّمْهُ التَّأْوِيل يعني التفسير، وبعد هذا المرتبة الرابعة: الرجوع إلى كلام التَّابعين الذين أخذوا عن الصحابة رضي الله عنهم ليس كُلَّ التابعين بل الذين اشتهَر عنهم الأخذُ عن الصحابة وعلى رأسِهم مجاهِد بن جَبْر رحمه الله الذي أخذَ تفسير القرآن عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فكان يقرَأُ القرآن على ابن عباس ويقِفُ عند كلِّ آية يسألُه عن تفسيرِها، ثم بعد ذلك يُؤْخَذ بالأَمْثَل فالأَمْثَل من أقوال أئمَّةِ هذه الأمة وعلمائِها، ثم اعلَمْ أنَّ تفسيرَ القرآن لا يقتصِر على تفسير الصحابة والتابعين ولأنَّه قد يخْرُج للآيات معاني لم تكن تطْرَأ على البال
فيما سبق، كما يشيرُ بعضُ الآيات إلى المختَرَعات الحديثة التي وقعت في زمانِنا هذا، وكما تشير بعض الآيات إلى ما عُلِمَ في عِلْمِ الأحياء والكائنات وذلك لأنَّ القرآن كتابٌ عالَمِيٌّ لا يزال الناس يستخْرِجُون كنوزَه وفوائدَه إلى يوم القيامة، وبناءً على ذلك ينبغي لنا بل يجِبُ علينا أن نعْتَنِيَ بكلام الله عز وجل وأن نتَدَبَّرَه ونتفَهَّمَه حتى نلْحَقَ بالركب.
فيما سبق، كما يشيرُ بعضُ الآيات إلى المختَرَعات الحديثة التي وقعت في زمانِنا هذا، وكما تشير بعض الآيات إلى ما عُلِمَ في عِلْمِ الأحياء والكائنات وذلك لأنَّ القرآن كتابٌ عالَمِيٌّ لا يزال الناس يستخْرِجُون كنوزَه وفوائدَه إلى يوم القيامة، وبناءً على ذلك ينبغي لنا بل يجِبُ علينا أن نعْتَنِيَ بكلام الله عز وجل وأن نتَدَبَّرَه ونتفَهَّمَه حتى نلْحَقَ بالركب.
الفتاوى المشابهة
- مقدمة عن أهمية معرفة تفسير القرآن . - ابن عثيمين
- ما هي خير الطرق في تفسير القرآن الكريم ؟ - الالباني
- معنى قول الناظم: (بيان مراتب تفسير القرآن ال... - ابن عثيمين
- مناقشة الشيخ للطلاب حول تدبر كتاب الله وذكر... - ابن عثيمين
- تفسير القرآن ومعانيه و أحكامه و آدابه . ما هي... - الالباني
- ذكر بعض قواعد وأصول علم التفسير . - الالباني
- بيان بعض القواعد في التفسير . - ابن عثيمين
- مقدمة عن تدبر القرآن الكريم وتفسيره . - ابن عثيمين
- قاعدة تفسيرية: المرجع في التفسير أولا تفسير... - ابن عثيمين
- مقدمة بين يدي الدرس في أهمية علم التفسير وأح... - ابن عثيمين
- كلمة بين يدي الدرس في أهمية العناية بالقرآن... - ابن عثيمين