تم نسخ النصتم نسخ العنوان
قال المصنف :" ومن مات في حد فالحق قتله ولا ي... - ابن عثيمينالشيخ : قال " ومن مات في حد فالحق قتله " من شرطية وجواب الشرط الجملة من قوله " فالحق قتله ".هذه العبارة عبارة أثريّة بمعنى أنها قيلت من زمان سابق واتبع ...
العالم
طريقة البحث
قال المصنف :" ومن مات في حد فالحق قتله ولا يحفر للمرجوم في الزنا "
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : قال " ومن مات في حد فالحق قتله " من شرطية وجواب الشرط الجملة من قوله " فالحق قتله ".
هذه العبارة عبارة أثريّة بمعنى أنها قيلت من زمان سابق واتبع الناس فيها الأول، والمعنى الحق قتله يعني أنه قتل بحق، ومن قتل بحق فليس بمضمون، وقد سبق لنا في الجنايات قاعدة مفيدة في هذا الباب وهي ما ترتب على المأذون فليس بمضمون، ولكن انتبه قال " ومن مات في حد " في للظرفية، فلا بدّ أن يكون ذلك في نفس الحد، فلو زاد الإنسان على الحدّ كمّية أو كيفية فإنه يكون ضامنا، فلو جلد بسوط قويّ صلب جديد لكن لم يتجاوز العدد ومات المجلود، يضمن؟ نعم، لأنه ليس في إطار الحد، بل تجاوز وكذلك لو جلده مائة جلدة وجلدة ..

السائل : ضامن.

الشيخ : يضمن لأنه زاد، وكذلك لو تجاوز في شدة الضّرب حتّى مات فإنّه يضمن لأنه تجاوز المأذون، وما ترتّب على غير المأذون فهو مضمون، طيب إذا قال قائل لو جلده مائة وواحدة هو ما مات من الواحدة هو مات من الجميع لا شك، فهل نوزع الدية على عدد الضربات أو نقول يضمنه كاملا؟ نقول يضمنه كاملا لأنه تعدى وجائز أنّه لولا هذه الواحدة لم يمت ممكن، وعليه فنقول إنه يضمن إذا زاد في العدد، في الكمية أو في الكيفية، طيب لو ضربه في مقتل يضمن؟ يضمن لأنه ليس في الحد، بل زاد عليه، وكذلك لو ضربه في الوجه أو في الرأس أو في الفرج من المواضع التي لا يجوز الضرب فيها.

السائل : قوة الضرب تختلف ما هي محددة؟

الشيخ : إيه، ما يمكن ضبطها في الواقع، ضبطها ما يمكن، لكن في القدر الذي يتحمّله المجلود، ولهذا لو فرض أنه لا يتحمل لضعف بدنه أو مرضه الذي لا يرجى برؤه فإنّه يضرب بسوط مناسب حتّى إنه ربما نقول اضربه بعثقون النخل يعني تجمع شماريخ على عدد الجلدات وتضربه بها، فالجلد إذن بحسب تحمل المجلود ولا يمكن ضبطه لأن هذا شيء في الصفة، والصفة صعب ضبطها لأنها لا ترى.
ثم قال " ولا يحفر للمرجوم في الزنا " يعني لا يحفر لمن رُجم في الزنى، أين نائب الفاعل؟ الجار والمجرور، لأنه ما عندنا مفعول ينوب عن الفاعل، ولهذا قال ابن مالك
" وقابل من ظرف أو من مصدر *** أو حرف جر بنيابة حري
ولا ينوب بعض هذي إن وجد *** في اللفظ مفعول به وقد يرد "
.
قوله " ولا يحفر للمرجوم في الزنى " هذا هو المشهور من مذهب الحنابلة أنه لا يسن الحفر له، وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم على حسب اختلاف الروايات فيها، فالروايات الواردة عن النبي عليه الصلاة والسلام مختلفة، فمنها ما يدلّ دلالة صريحة على أنّه لا يحفر للمرجوم حيث ذكر نفي الحفر، ومنها ما يدل عى أنه يحفر له، ومنها ما هو محتمل لم يذكر فيه هذا ولا هذا، ومن ثمّ اختلف العلماء، فالذين قالوا لا يحفر قالوا لأن النبيّ صلّى الله عليه وسلم لم يحفر للمرأة التي زنى بها أجير زوجها بل قال لأنيس اغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها ولم يأمره بالحفر لها، وعدم الأمر في وقت الحاجة يدلّ على عدم الوجوب، لأنّ الحاجة داعية إلى ذكره لو كان واجبا، لم يقل اغد إليها فإن اعترفت فاحفر لها وارجمها، ولأنّه صلّى الله عليه وسلم لم يحفر لليهوديين اللّذين زنيا، وقد مرّت الإشارة إليهما، حيث زنى رجل يهودي بامرأة يهودية ثم ارتفعوا إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلم ليحكم بينهما، وكان الحد الرجم في التوراة لكن لما كثر الزّنى في أشرافهم قالوا لا يمكن أن نعدم أشرافنا، إذن ماذا نصنع؟ نسود وجوههما ونطوف بهما على القبائل أو ما أشبه ذلك مما يؤدّي إلى الخزي والعار، فلما قدم النّبي صلّى الله عليه وسلم المدينة ووقع الزنى من رجل منهم وامرأة قالوا اذهبوا إلى هذا الرجل يعني النّبيّ صلّى الله عليه وسلم لعلكم تجدون عنده شيئا فأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمهما وقال إنّ هذا حكم التوراة قالوا لا نجد ذلك في التوراة، قال فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين، فأتوا بها فإذا هي واضحة موجودة الرجم، فأمر بهما فرجما قال " فرأيت الرجل يقيها الحجارة منكبا عليها "، وهذا دليل على أنه لم يحفر لهما، أما حديث ماعز فاختلفت الروايات فيه في مسلم نفسه، ففي بعضها أنه لم يحفر له نصا صريحا، وفي بعضها أنه حفر له، جمع بعض العلماء بينهما بأن نفي الحفرة يعني لم يحفر له حفرة عميقة، وإثباته أنه حفر له حفرة يتمكن من أن يهرب منها، لأنه هرب ولكن بعض ألفاظ الصحيح تدل بصراحة على أنه ما حفر له إطلاقا، فيأتي الآن الترجيح بين المثبت والنافي، فإذا تساوى الحديثان في الصحة فإن المقدّم المثبت لأن معه زيادة علم، فالعلماء مختلفون في هذا والأحاديث في هذا مختلفة، والظاهر لي أن هذا يرجع إلى رأي الإمام إن رأى أن المصلحة تقتضي أن يحفر حفر وإلا ترك.
أما أقوال أهل العلم فإليكموها: لا يحفر مطلقا وهذا هو المذهب، يحفر مطلقا وهذا قول آخر مقابل له، يحفر للمرأة ولا يحفر للرجل، يحفر له إن ثبت ببينة ولا يحفر له إن ثبت بإقرار لأجل أن يمكّن من الهرب إذا كان بإقرار بخلاف البيّنة فإنّه لا يمكن، ولكن الذي يظهر لي أن الأمر راجع إلى اجتهاد الحاكم فإن رأى من المصلحة الحفر حفر وإلا فلا، ثمّ على القول بالحفر لا تظنّوا أنّا إذا حفرنا له دفنا الجزء الذي في الحفرة، ولكن نحفر له ولا ندفنه لأن لو دفناه قد لا يموت لكنه ما يتحرك أبدا ويتعب، فهو ربما إذا بقي يلتفت إلى جهة ويتحرك بعض الشيء ليهون عليه الأمر.
هذا الباب الذي هو كتاب الحدود ذكر المؤلف فيه الخطوط العريضة لشروط الحد وإقامته وكيفيته ثم سيأتينا إن شاء الله في الأبواب القادمة بيان شروط كل حد بخصوصه، فالشروط العامة هي ما عرفتموها أولا: البلوغ والعقل والالتزام والعلم بالتحريم، هذه شرط في كل حد، هناك شروط أخرى تذكر في كل باب على حدة.

Webiste