متابعة الكلام على حكم تارك الصلاة والرد على من قال بعدم كفره .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : سبق لنا الكلام على حكم تارك الصلاة وأن الذي دل عليه كلام الله وكلام رسوله وكلام عامة الصحابة أن تارك الصلاة كافر كفرا مخرجا عن الملة وقد ذهب بعض العلماء إلى أنه لا يكفر كفرا مخرجا عن الملة واستدلوا ببعض النصوص ولكن هذه النصوص لا تخرج عن أمور عن أحوال خمس
إما أنه ليس فيها دلالة أصلا على هذا إما أنه ليس فيها دلالة أصلا على هذه المسألة مثل قول بعضهم إن هذا يعارضه قول الله تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن جملته تارك الصلاة فنقول إن تارك الصلاة في ظاهر حديث جابر الذي رواه مسلم مشرك وإن كان لا يسجد للصنم لكنه متبع لهواه وقد قال الله تعالى أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم
ثم على فرض أن مفهوم الآية أن ما دون الشرك تحت المشيئة فإن هذا المفهوم خصّ بالأحاديث الدالة على أن تارك الصلاة كافر وإذا كان المنطوق وهو أقوى دلالة من المفهوم يخصص عمومه بما دل على التخصيص فما بالك بالمفهوم
أو استدلوا بأحاديث مقيّدة بما لا يمكن لمن اتصف به أن يدع الصلاة مثل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله فإن قولهم يبتغي بذلك وجه الله تمنع منعا باتا أن يدع الإنسان الصلاة لأن من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله فلابد أن يعمل عملا لما يبتغيه وهو وجه الله وأعظم عملٍ يحصل به رضا الله عز وجل هو الصلاة فهذا الحديث ليس فيه دليل على أن تارك الصلاة لا يكفر لأنه مقيد بقيد يمتنع معه غاية الامتناع أن يدع الإنسان الصلاة
أو مقيد بحالٍ يعذر فيها من ترك الصلاة مثل حديث حذيفة الذي أخرجه السنن أصحاب السنن في قوم لا يعرفون من الإسلام إلا قول لا إله إلا الله قد انمحى الإسلام والعياذ بالله وصار لا يعلم عن شيء منه إلا قول لا إله إلا الله فإنها تنجيهم من النار لأنهم معذورون بعدم العلم بفرائض الإسلام ونحن نقول بهذا لو أن قوما في بادية بعيدين عن المدن وبعيدين عن العلم لا يفهمون من الإسلام إلا لا إله إلا الله وماتوا على ذلك فليسوا كفارا
الرابع استدلوا بأحاديث عامة أحاديث عامة هذه العامة من قواعد أصول الفقه أن العام يخصص بالخاص فالأحاديث العامة الدالة على أن من قال لا إله إلا الله فهو في الجنة وما أشبه ذلك نقول هذه مقيدة أو مخصوصة بأحاديث كفر تارك الصلاة
الخامس أحاديث ضعيفة أحاديث ضعيفة استدلوا بها لا تقاوم الأحاديث الصحيحة الدالة على كفر تارك الصلاة فضلا عن أن تعارضها فهي لا تعارض ولا تقاوم الأحاديث الدالة على كفر تارك الصلاة
ثم إن بعضهم لما لم يتيسر له إقامة الدليل على أن تارك الصلاة لا يكفر قال إنه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة على الكفر الأصغر والشرك الأصغر فيكون بمعنى قول ابن عباس رضي الله عنهما " كفر دون كفر " فيقال ما الذي يوجب لنا أن نحمل الحديث على ذلك لأن الكفر إذا أطلق ولم يوجد له معارض فهو الكفر الحقيقي الأكبر كيف وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام بين الرجل وبين الكفر والشرك فجعل هناك حدا فاصلا " بين " البينية تقتضي أن المتباينين منفصلان بعضهما عن بعض وأن المراد بالكفر الكفر الأكبر وحينئذ تكون أدلة القول بكفر تارك الصلاة موجبة لا معارض لها ولا مقاوم لها والواجب على العبد المؤمن إذا دل كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على حكم من الأحكام أن يقول به لأننا نحن لسنا مشرعين المشرع الله ما قاله الله وقاله رسوله فهو الشرع نأخذ به ونحكم بمقتضاه ونؤمن به سواء وافق أهواءنا أم خالف أهواءنا لابد أن نأخذ بما دل عليه الشرع
واعلم أن كل خلاف يقع بين الأمة إذا كان الحامل عليه حسن القصد مع بذل الجهد في التحري فإن صاحبه لا يلام عليه ولا يضلل لأنه مجتهد وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام إذا حكم الحاكم فاجتهد فأخطأ فله أجر وإن اجتهد فأصاب فله أجران وليس من حق الإنسان أن يقدح في أخيه إذا خالفه في الرأي بمقتضى الدليل عنده أما من عاند وأصرّ بعد قيام الحجة عليه فهذا هو الذي يلام
وذكرنا في الدرس الماضي ما يترتب على ترك الصلاة من الأحكام وأنها هي الأحكام المترتبة على الردة تماما لأن ترك الصلاة ردة فمن ذلك ما سبق أنه لا يصح تزويجه وأنه لو ترك الصلاة في أثناء زواجه انفسخ نكاحه
مثلا رجل تزوج امرأة وهي تصلي وهو يصلي وبعد ذلك ترك الصلاة فإننا نقول يجب التفريق بينه وبين المرأة وجوبا حتى يصلي فإذا فرّقنا بينهما واعتدت فإنه لا يمكن أن يرجع إليها لا يمكن أن يرجع أما قبل انتهاء العدة فإنه إذا أسلم ورجع إلى الإسلام وصلى فهي زوجته أما إذا انتهت العدة فقد انفصلت منه ولا تحل له إلا بعقد جديد على قول جمهور أهل العلم وبعضهم يقول إنها إذا انتهت العدة ملكت نفسها ولكن لو أسلم وأرادت أن ترجع إليه فلا بأس بدون عقد وهذا القول هو الراجح لدلالة السنة عليه لكن فائدة العدة هو أنها قبل العدة لا خيار لها إذا أسلم وأما بعد العدة فلها الخيار إذا أسلم إن شاءت رجعت إليه وإن شاءت لم ترجع
ومن ذلك أيضا أنه لا ولاية له على أحد ممن يتولاه لو كان مسلما لأن من شرط الولاية العدالة والكفر ليس فيه عدالة فلا يكون تارك الصلاة وليا على أحد من عباد الله المسلمين أبدا حتى لو كانت ابنته فإنه لا يزوجها لأنه ليس له ولاية عليها
ومن ذلك أيضا أنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين وإنما يخرج به إلى البر ويحفر له حفرة يرمس فيها رمسا لا قبرا لأنه ليس له حرمة ولا يحل لأحد يموت عنده شخص وهو يعرف أنه لا يصلي أن يغسله أو يكفنه أو يقدمه للمسلمين يصلون عليه لأنه يكون بذلك غاشا للمسلمين فإن الكافر قال الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام في حق المنافقين وهم كفار لكنهم يظهرون الإسلام قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله فدل هذا على أن الكفر مانع من الصلاة ومن القيام على القبر بعد الدفن وقال تعالى ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم
ويسأل بعض الناس عن الرجل عن رجل متهمٍ بترك الصلاة يموت فيقدّم للصلاة عليه وأنت شاك في أنه يصلي أو لا فنقول إذا كان هذا الشك مبنيا على أصل فإنك إذا أردت أن تدعو له تقول " اللهم إن كان مؤمنا فاغفر له وارحمه " تقيده وبهذا تسلم من شره
وبهذا التقرير نعرف أنه يجب الحذر التام من التهاون بالصلاة وأنه يجب على من رأى شخصا متهاونا فيها أن ينصحه بعزيمة وجد لعل الله أن يهديه على يده فينال بذلك خيرا كثيرا والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد
فما زلنا في شرح حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه
إما أنه ليس فيها دلالة أصلا على هذا إما أنه ليس فيها دلالة أصلا على هذه المسألة مثل قول بعضهم إن هذا يعارضه قول الله تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن جملته تارك الصلاة فنقول إن تارك الصلاة في ظاهر حديث جابر الذي رواه مسلم مشرك وإن كان لا يسجد للصنم لكنه متبع لهواه وقد قال الله تعالى أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم
ثم على فرض أن مفهوم الآية أن ما دون الشرك تحت المشيئة فإن هذا المفهوم خصّ بالأحاديث الدالة على أن تارك الصلاة كافر وإذا كان المنطوق وهو أقوى دلالة من المفهوم يخصص عمومه بما دل على التخصيص فما بالك بالمفهوم
أو استدلوا بأحاديث مقيّدة بما لا يمكن لمن اتصف به أن يدع الصلاة مثل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله فإن قولهم يبتغي بذلك وجه الله تمنع منعا باتا أن يدع الإنسان الصلاة لأن من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله فلابد أن يعمل عملا لما يبتغيه وهو وجه الله وأعظم عملٍ يحصل به رضا الله عز وجل هو الصلاة فهذا الحديث ليس فيه دليل على أن تارك الصلاة لا يكفر لأنه مقيد بقيد يمتنع معه غاية الامتناع أن يدع الإنسان الصلاة
أو مقيد بحالٍ يعذر فيها من ترك الصلاة مثل حديث حذيفة الذي أخرجه السنن أصحاب السنن في قوم لا يعرفون من الإسلام إلا قول لا إله إلا الله قد انمحى الإسلام والعياذ بالله وصار لا يعلم عن شيء منه إلا قول لا إله إلا الله فإنها تنجيهم من النار لأنهم معذورون بعدم العلم بفرائض الإسلام ونحن نقول بهذا لو أن قوما في بادية بعيدين عن المدن وبعيدين عن العلم لا يفهمون من الإسلام إلا لا إله إلا الله وماتوا على ذلك فليسوا كفارا
الرابع استدلوا بأحاديث عامة أحاديث عامة هذه العامة من قواعد أصول الفقه أن العام يخصص بالخاص فالأحاديث العامة الدالة على أن من قال لا إله إلا الله فهو في الجنة وما أشبه ذلك نقول هذه مقيدة أو مخصوصة بأحاديث كفر تارك الصلاة
الخامس أحاديث ضعيفة أحاديث ضعيفة استدلوا بها لا تقاوم الأحاديث الصحيحة الدالة على كفر تارك الصلاة فضلا عن أن تعارضها فهي لا تعارض ولا تقاوم الأحاديث الدالة على كفر تارك الصلاة
ثم إن بعضهم لما لم يتيسر له إقامة الدليل على أن تارك الصلاة لا يكفر قال إنه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة على الكفر الأصغر والشرك الأصغر فيكون بمعنى قول ابن عباس رضي الله عنهما " كفر دون كفر " فيقال ما الذي يوجب لنا أن نحمل الحديث على ذلك لأن الكفر إذا أطلق ولم يوجد له معارض فهو الكفر الحقيقي الأكبر كيف وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام بين الرجل وبين الكفر والشرك فجعل هناك حدا فاصلا " بين " البينية تقتضي أن المتباينين منفصلان بعضهما عن بعض وأن المراد بالكفر الكفر الأكبر وحينئذ تكون أدلة القول بكفر تارك الصلاة موجبة لا معارض لها ولا مقاوم لها والواجب على العبد المؤمن إذا دل كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على حكم من الأحكام أن يقول به لأننا نحن لسنا مشرعين المشرع الله ما قاله الله وقاله رسوله فهو الشرع نأخذ به ونحكم بمقتضاه ونؤمن به سواء وافق أهواءنا أم خالف أهواءنا لابد أن نأخذ بما دل عليه الشرع
واعلم أن كل خلاف يقع بين الأمة إذا كان الحامل عليه حسن القصد مع بذل الجهد في التحري فإن صاحبه لا يلام عليه ولا يضلل لأنه مجتهد وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام إذا حكم الحاكم فاجتهد فأخطأ فله أجر وإن اجتهد فأصاب فله أجران وليس من حق الإنسان أن يقدح في أخيه إذا خالفه في الرأي بمقتضى الدليل عنده أما من عاند وأصرّ بعد قيام الحجة عليه فهذا هو الذي يلام
وذكرنا في الدرس الماضي ما يترتب على ترك الصلاة من الأحكام وأنها هي الأحكام المترتبة على الردة تماما لأن ترك الصلاة ردة فمن ذلك ما سبق أنه لا يصح تزويجه وأنه لو ترك الصلاة في أثناء زواجه انفسخ نكاحه
مثلا رجل تزوج امرأة وهي تصلي وهو يصلي وبعد ذلك ترك الصلاة فإننا نقول يجب التفريق بينه وبين المرأة وجوبا حتى يصلي فإذا فرّقنا بينهما واعتدت فإنه لا يمكن أن يرجع إليها لا يمكن أن يرجع أما قبل انتهاء العدة فإنه إذا أسلم ورجع إلى الإسلام وصلى فهي زوجته أما إذا انتهت العدة فقد انفصلت منه ولا تحل له إلا بعقد جديد على قول جمهور أهل العلم وبعضهم يقول إنها إذا انتهت العدة ملكت نفسها ولكن لو أسلم وأرادت أن ترجع إليه فلا بأس بدون عقد وهذا القول هو الراجح لدلالة السنة عليه لكن فائدة العدة هو أنها قبل العدة لا خيار لها إذا أسلم وأما بعد العدة فلها الخيار إذا أسلم إن شاءت رجعت إليه وإن شاءت لم ترجع
ومن ذلك أيضا أنه لا ولاية له على أحد ممن يتولاه لو كان مسلما لأن من شرط الولاية العدالة والكفر ليس فيه عدالة فلا يكون تارك الصلاة وليا على أحد من عباد الله المسلمين أبدا حتى لو كانت ابنته فإنه لا يزوجها لأنه ليس له ولاية عليها
ومن ذلك أيضا أنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين وإنما يخرج به إلى البر ويحفر له حفرة يرمس فيها رمسا لا قبرا لأنه ليس له حرمة ولا يحل لأحد يموت عنده شخص وهو يعرف أنه لا يصلي أن يغسله أو يكفنه أو يقدمه للمسلمين يصلون عليه لأنه يكون بذلك غاشا للمسلمين فإن الكافر قال الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام في حق المنافقين وهم كفار لكنهم يظهرون الإسلام قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله فدل هذا على أن الكفر مانع من الصلاة ومن القيام على القبر بعد الدفن وقال تعالى ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم
ويسأل بعض الناس عن الرجل عن رجل متهمٍ بترك الصلاة يموت فيقدّم للصلاة عليه وأنت شاك في أنه يصلي أو لا فنقول إذا كان هذا الشك مبنيا على أصل فإنك إذا أردت أن تدعو له تقول " اللهم إن كان مؤمنا فاغفر له وارحمه " تقيده وبهذا تسلم من شره
وبهذا التقرير نعرف أنه يجب الحذر التام من التهاون بالصلاة وأنه يجب على من رأى شخصا متهاونا فيها أن ينصحه بعزيمة وجد لعل الله أن يهديه على يده فينال بذلك خيرا كثيرا والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد
فما زلنا في شرح حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه
الفتاوى المشابهة
- سؤال عن حكم تارك الصلاة ؟ - ابن عثيمين
- مناقشة أدلة القائلين بعدم كفر تارك الصلاة . - ابن عثيمين
- ما حكم تارك الصلاة؟ - ابن باز
- القول الراجح في حكم تارك الصلاة - ابن باز
- فائدة : قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (... - ابن عثيمين
- ذكر حكم تارك الصلاة . - ابن عثيمين
- كفر تارك الصلاة - الفوزان
- اطلعت على كتاب يرى مؤلفه عدم كفر تارك الصلاة... - ابن عثيمين
- ما حكم تارك الصلاة ؟ - الالباني
- حكم تارك الصلاة - ابن عثيمين
- متابعة الكلام على حكم تارك الصلاة والرد على... - ابن عثيمين