تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمينالشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .قال المؤلف رحمه الله تعالى وهو يسوق الآيات أو بعضا من آيات التقوى في فوائدها وحكمها تقدم لنا الكلام على آيتين من آيات ال...
العالم
طريقة البحث
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقال تعالى (( إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم )) والآيات في الباب كثيرة معلومة ... " .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف رحمه الله تعالى وهو يسوق الآيات أو بعضا من آيات التقوى في فوائدها وحكمها تقدم لنا الكلام على آيتين من آيات الله وهي قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته وقوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم ثم ساق المؤلف الآية الثالثة وهي قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم فأمر الله تعالى بأمرين بتقوى الله وأن يقول الإنسان قولا سديدا أي صوابا وقد سبق الكلام على التقوى وأنها فعل أوامر الله واجتناب نواهيه أما القول السديد فهو القول الصواب وهو يشمل كل قول فيه خير سواء كان من ذكر الله أو من طلب العلم أو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو من الكلام الحسن الذي يستجلب به الإنسان مودة الناس ومحبتهم أو غير ذلك يجمعه قول النبي صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت وضد ذلك القول غير السديد وهو القول الذي ليس بصواب بل خطأ إما في موضوعه وإما في محله إما في موضوعه بأن يكون كلاما فاحشا يشتمل على السب والشتم والغيبة والنميمة وما أشبه ذلك أو في محله يعني بأن يكون هذا القول في نفسه هو خير لكن كونه يقال في هذا المكان ليس بخير لأن لكل مقام مقال فإذا قلت كلاما هو في نفسه ليس بشر لكنه يسبب شرا إذا قلته في هذا المحل فلا تقله لأن هذا ليس بقول سديد بل هو قول خطأ وإن كان هو ليس حراما فمثلا لو فرض أن شخصا رأى إنسانا على منكر ونهاه عن المنكر لكن نهاه في حال لا ينبغي أن يقول له فيها شيئا أو أغلظ له في القول أو ما أشبه ذلك لعدّ هذا قولا غير سديد فإذا اتقى الإنسان ربه وقال قولا سديدا حصل على فائدتين يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم فبالتقوى صلاح الأعمال ومغفرة الذنوب وبالقول السديد صلاح الأعمال ومغفرة الذنوب وعلم من هذه الآية أن من لم يتق الله ويقل قولا سديدا فإنه حري بأن لا يصلح الله له أعماله ولا يغفر له ذنبه ففيه الحث على تقوى الله وبيان فوائدها
وقال تعالى وهي الآية الرابعة ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب من يتق الله يعني يفعل ما أمر به ويترك ما نهى عنه يجعل له مخرجا، مخرجا من أي شيء من كل ضيق كلما ضاق عليه الشيء وهو متقٍ لله عز وجل جعل له مخرجا سواء كان ذلك في معيشة أو في أموال أو في أولاد أو في مجتمع أو غير ذلك متى كنت متقيا لله فثق بأن الله سيجعل لك مخرجا من كل ضيق واعتمد ذلك لأنه قول من يقول للشيء كن فيكون من يتق الله يجعل له مخرجا وما أكثر الذين اتقوا الله فجعل لهم مخرجا من ذلك قصة الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار انطبق عليهم الغار نزلت صخرة على باب الغار فسدته فأرادوا أن يزيحوها فعجزوا فتوسل كل منهم بصالح أعماله إلى الله عز وجل ففرّج الله عنهم وزالت الصخرة جعل الله لهم مخرجا والأمثلة على هذا كثيرة
ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب هذا أيضا فائدة عظيمة أن الله يرزقك من حيث لا تحتسب فمثلا لو فرضنا أن رجلا يكتسب المال عن طريق محرّم كطريق الغش أو الربا وما أشبه ذلك ونصح في هذا وتركه لله فإن الله سيجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ولكن لا تتعجل لا تظن أن الأمر إذا تأخر فلن يكون قد يبتلي الله العبد فيؤخر عنه الثواب ليختبره هل يرجع إلى الذنب أو لا يرجع فمثلا إذا كنت تتعامل بالربا ووعظك من يعظك من الناس وتركت ذلك ولكنك بقيت شهرا أو شهرين ما وجدت ربحا لا تيأس لا تقل أين الرزق من حيث لا أحتسب انتظر ثق بوعد الله وصدّق بوعد الله وستجده لا تتعجل ولهذا جاء في الحديث يستجاب لأحدكم يعني إذا دعا ما لم يعجل قالوا كيف يعجل يا رسول الله قال يقول دعوت ثم دعوت ثم دعوت فلم يستجب لي اصبر اترك ما حرّم الله عليك وانتظر الفرج والرزق من حيث لا تحتسب والله الموفق
القارئ : قال رحمه الله تعالى " باب في التقوى وقال تعالى إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم والآيات في الباب كثيرة معلومة "

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
تقدم الكلام على آيات متعددة أربع آيات في التقوى وحكمها وبيان ما فيها وما لها من الثمرات
أما هذه الآية الخامسة فهي قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم هذه ثلاث فوائد عظيمة:
الفائدة الأولى يقول يجعل لكم فرقانا أي يجعل لكم ما تفرقون به بين الحق والباطل وبين الضار والنافع وهذا يدخل فيه العلم بحيث يفتح الله على الإنسان من العلوم ما لا يفتحها لغيره فإن التقوى يحصل بها زيادة الهدى وزيادة العلم وزيادة الحفظ ولهذا يذكر عن الشافعي رحمه الله أنه قال
" شكيت إلى وكيع سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم بأن العلم نور *** ونور الله لا يؤتاه عاصي "

ولا شك أن الإنسان كلما ازداد علما ازداد معرفة وازداد فرقانا بين الحق والباطل وبين الضار والنافع وكذلك يدخل فيه ما يفتحه الله على الإنسان من الفهم فإن التقوى سبب لقوة الفهم وقوة الفهم يحصل بها زيادة العلم فإنك ترى الرجلين يحفظان آية من كتاب الله يستطيع أحدهما أن يستخرج منها ثلاثة أحكام مثلا ويستطيع الآخر أن يستخرج أربعة خمسة عشرة أكثر بحسب ما آتاه الله من الفهم فالتقوى إذن سبب لزيادة الفهم ويدخل في ذلك أيضا الفراسة أن الله يعطي المتقي فراسة يميّز بها حتى بين الناس بمجرد ما يرى الإنسان يعرف أنه كاذب أو صادق أنه بر أو فاجر حتى إنه ربما يحكم على الشخص وهو لم يعاشره ولم يعرف عنه شيئا بسبب ما أعطاه الله من الفراسة ويدخل في ذلك أيضا ما يحصل للمتقين من الكرامات التي لا تحصل لغيرهم

Webiste