تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمينالشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .هذه أحاديث ثلاثة في باب تحريم الظلم ووجوب رد المظالم إلى أهلها، الأول عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وس...
العالم
طريقة البحث
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أم سلمة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له بنحو ما أسمع فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار ) متفق عليه .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
هذه أحاديث ثلاثة في باب تحريم الظلم ووجوب رد المظالم إلى أهلها، الأول عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما أنا بشر مثلكم، وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فإنما أقتطع له قطعة من النار ففي هذا الحديث دليل على أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بشر مثلنا ليس ملكًا من الملائكة، بل هو بشر يعتريه ما يعتري البشر بمقتضى الطبيعة البشرية، فهو صلى الله عليه وآله وسلم يجوع ويعطش ويبرد ويحتر وينام ويستيقظ ويأكل ويشرب ويذكر وينسى ويعلم ويجهل بعض الشيء كالبشر تمامًا إنما أنا بشر مثلكم وهكذا أمره الله عز وجل أن يعلن للملأ فيقول: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فلست إلهًا يعبد ولا ربًّا ينفع ويضر، بل هو عليه الصلاة والسلام لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا، وبهذا تنقطع جميع شبه الذين يتعلقون بالرسول صلى الله عليه وسلم يدعونه أو يعبدونه أو يؤملونه لكشف الضر أو يؤملونه لجلب الخير فإنه عليه الصلاة والسلام لا يملك ذلك قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً لو أرادني الله أن يصيبني بسوء ما أجارني منه أحد إلا بلاغاً من الله ورسالاته وفي قوله: إنما أنا بشر مثلكم تمهيد لقوله: وإنكم تختصمون إلي يعني فإذا كنت بشرًا مثلكم فإني لا أعلم من المحق منكم ومن المبطل تختصمون إلي يعني: تحاكمون إلي في الخصومة فيكون بعضكم ألحن من البعض الآخر، ألحن من بعض في الحجة يعني أفصح وأقوى كلامًا، يقال: فلان حجيج وفلان ذو جدل يقوى على غيره في الحجة، كما قال الله تعالى: فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ أي غلبني في الخطاب والمخاصمة، فهكذا هنا ألحن يعني أبين وأفصح وأظهر، وهذا مشاهد تجد اثنين يتحاكمان إلى القاضي أحدهما يكون عنده لسان وعنده بيان وحجة وقوة جدل، والثاني دون ذلك وإن كان الحق معه فيحكم القاضي للأول، ولهذا قال: وإنما أقضي بنحو ما أسمع وفي قوله: أقضي بنحو ما أسمع فسحة كبيرة للقضاة أنهم لا يكلفون بشيء غاب عنهم، يقضون حسب البينات التي بين أيديهم فإن أخطؤوا فلهم أجر، وإن أصابوا فلهم أجران ولا يكلفون ما وراء ذلك، بل ولا يحل لهم أن يحكموا بخلاف الظاهر، لأنهم لو حكموا بخلاف الظاهر لأدى ذلك إلى الفوضى وأدى ذلك إلى الاشتباه وإلى التهمة، ولا قيل القاضي يحكم بخلاف الظاهر لسبب من الأسباب، لهذا كان الواجب على القاضي أن يحكم بالظاهر والباطن يتولاه الله عز وجل، فلو ادعى شخص على آخر بمئة ريال وأتى المدعي بشهود اثنين فعلى القاضي أن يحكم بثبوت المئة في ذمة المدعى عليه وإن كان يشتبه في الشهود، إلا أنه في حال الاشتباه يجب أن يتحرى، لكن إذا لم يوجد قدح ظاهر فإنه يجب عليه أن يحكم وإن غلب على ظنه أن الأمر بخلاف ذلك، لقوله: إنما أقضي بنحو مما أسمع ولكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم توعد من قضي له بغير حق فقال: فإن اقتطعت له شيئًا من حق أخيه فإنما أقتطع له جمرة من النار يعني أن حكم الحاكم لا يبيح الحرام حكم الحاكم لا يبيح الحرام، فلو أن الحكام حكم للمبطل بمقتضى ظاهر الدعوى فإن ذلك لا يحل له ما حكم له به، بل هو يزداد إثمًا لأنه توصل إلى الباطل بطريق باطلة، فيكون أعظم ممن أخذه بغير هذه الطريق، وفي هذا الحديث التحذير الشديد من حكم الحاكم بغير ما بين يديه من الوثائق مهما كان الأمر ولو كان أقرب قريب له، واختلف العلماء رحمهم الله هل يجوز للحاكم أن يحكم بعلمه أو لا؟ فقيل: لا يجوز، لأنه قال: إنما أقضي بنحو ما أسمع ولأنه لو قضى بعلمه لأدى ذلك إلى التهمة، لأن العلم ليس شيئًا ظاهرًا يعرفه الناس حتى يحكم له به، وقال بعض العلماء: بل يحكم بعلمه، وقال آخرون: بل يتوقف إذا وصلت البينة إلى ما يخالف علمه، والأصح أنه لا يحكم بعلمه إلا في مسائل خاصة، وهي إذا حكم بعلمه بمقتضى حجة المتخاصمين في مجلس الحكم يعني مثلًا: تحاكم إليه شخصان فأقر أحدهما بالحق ثم مع المداولة والأخذ والرد أنكر ما أقر به أولًا، فهنا للقاضي أن يحكم بعلمه لأنه علمه في مجلس الحكم، والثاني إذا كان الأمر مشتهرًا مثل أن يشتهر أن هذا الملك مثلًا وقف عام للمسلمين ومشتهر بين الناس أو مشتهر بأنه ملك فلان، فهنا له أن يحكم بعلمه لأن التهمة في هذه الحال منتفية ولا يتهم القاضي بشيء، ولا يمكن أن يتجرأ أحد بالحكم بعلمه وهو خاطئ بناء على أنه أمر مشهور، وهذا القول هو الصحيح التفصيل في هذا وإلا فإن الواجب أن يكون القضاء على حسب الظاهر، لا على حسب علم القاضي، ولكن إذا جاء الشيء على خلاف علمه فليحول المسألة إلى قاض آخر ويكون هو من الشهود، يكون شاهدًا، مثل: أن يدعي شخص على آخر بمئة ريال فينكر المدعى عليه والقاضي عنده علم بثبوت المئة على المدعى عليه، لا يحكم بعلمه هنا ولا يحكم بخلاف علمه، بل يقول: أحولها على قاض آخر وأنا لك أيها المدعي شاهد، تحول القضية إلى قاض آخر ثم يكون القاضي هذا شاهدًا فيحكم بيمين المدعي وشهادة الحاكم القاضي، والله الموفق.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى " عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً رواه البخاري.
وعن خولة بنت عامر الأنصارية وهي امرأة حمزة رضي الله عنهما قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة رواه البخاري "
.

Webiste