الشيخ : أما الآية الثالثة فهي قوله تعالى: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ وفي الآية الثانية: لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والمعنى: تذلل لهم ولِنْ لهم في المقال والفعال، لأن الؤمن مع أخيه رحيم به شفيق به، كما قال الله تعالى في وصف النبي صلي الله عليه وآله وسلم ومن معه قال: أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ وفي قوله: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ دليل على أن الإنسان مأمور بالتواضع لإخوانه وإن كان رفيع المنزلة، كما يرتفع الطير بجناحه فإنه وإن كان رفيع المنزلة فليخفض جناحه وليتذلل وليتطامن لإخوانه، وليعلم أن من تواضع لله رفعه الله عز وجل، فالإنسان ربما يقول لو تواضعت للفقير وكلمت الفقير أو تواضعت للصغير أو كلمته أو ما أشبه ذلك فربما يكون في هذا وضع لي وتنزيل من رتبتي، ولكن هذا من وساوس الشيطان، الشيطان يدخل على الإنسان في كل شيء كما قال تعالى عنه أنه قال: قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ فالشيطان يأتي الإنسان يقول له: كيف تتواضع لهذا الفقير؟ كيف تتواضع لهذا الصغير؟ كيف تكلم فلانًا؟ كيف تكلم فلانا؟ ولكن من تواضع لله رفعه الله عز وجل حتى وإن كان عالمًا ما دام مؤمنًا، أما إذا كان كافرًا فإن الإنسان لا يجوز له أن يخفض جناحه له، لكن يجب عليه أن يخضع للحق بدعوته إلى الدين.