تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة ... وصاحب جريج وكان جريج رجلا عابدا فاتخذ صومعة فكان فيها فأتته أمه وهو يصلي فقالت يا جريج فقال يا رب أمي وصلاتي فأقبل على صلاته فانصرفت فلما كان من الغد أتته وهو يصلي فقالت يا جريج فقال أي رب أمي وصلاتي فأقبل على صلاته فلما كان من الغد أتته وهو يصلي فقالت يا جريج فقال أي رب أمي وصلاتي فأقبل على صلاته فقالت اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات فتذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها فقالت إن شئتم لأفتننه فتعرضت له فلم يلتفت إليها فأتت راعيا كان يأوى إلى صومعته فأمكنته من نفسها فوقع عليها فحملت فلما ولدت قالت هو من جريج فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه فقال ما شأنكم قالوا زنيت بهذه البغي فولدت منك قال أين الصبي فجاءوا به فقال دعوني حتى أصلي فصلى فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه وقال يا غلام من أبوك قال فلان الراعي فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به وقالوا نبني لك صومعتك من ذهب قال لا أعيدوها من طين كما كانت ففعلوا ... ) . متفق عليه ... " .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : سبق الكلام على أول حديث أبي هريرة في قصة الذين تكلموا في المهد، ومنهم عيسى ابين مريم عليه الصلاة والسلام، وجريج وكان عابداً قد بنى له صومعة يتعبد لله فيها، فتكلم فيه بنو إسرائيل فقالت امرأة منهم، إني أنا أكفيكم، لأَن أمه مرَّت عليه ثلاث مرات وهو يصلي فتدعوه وهو يستمر في صلاته فدعت عليه كما مر.
وفي قصته من الفوائد غير ما سبق : أن الإنسان إذا تعرف إلى الله تعالى في الرخاء عرفه في الشدة، فإن هذا الرجل كان عابداً يتعبد لله عز وجل، فلما وقع في الشدة العظيمة، أنجاه الله منها.
لما جاء إليه هؤلاء الذين كادوا له هذا الكيد العظيم، ذهبت هذه المرأة إلى جريج لتفتنه ولكنه لم يلتفت إليها، فإذا راعي غنم يرعاها ثم يأوي إلى صومعة هذا الرجل، فذهبت إلى الراعي فزنى بها والعياذ بالله، فحملت منه.
ثم قالوا: إن هذا الولد ولد زنى من جريج ، رموه بهذه الفاحشة العظيمة، فأقبلوا عليه يضربونه وأخرجوه من صومعته وهدموها، فطلب منهم أن يأتوا بالغلام الذي مِن الراعي، فلما أتوا به، ضرب في بطنه، وقال: من أبوك؟ وهو في المهد ، فقال: أبي فلان، يعني ذلك الراعي.
فأقبلوا إلى جريج يقبلونه ويتمسحون به، وقالوا له: هل تريد أن نبني لك صومعتك من ذهب؟ لأنهم هدموها ظلماً، قال: لا، ردوها على ما كانت عليه من الطين، فبنوها له.
ففي هذه القصة أن هذا الصبي تكلم وهو في المهد، وقال: إن أباه فلان الراعي .
واستدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن ولد الزنى يلحق الزاني، لأن جريجاً قال: مَن أبوك؟ قال: أبي فلان الراعي، وقد قصها النبي صلى الله عليه وسلم علينا للعبرة، فإذا لم ينازَع الزاني في الولد واستلحق الولد فإنه يلحقه، وإلى هذا ذهب طائفة يسيرة من أهل العلم.
وأكثر العلماء على أن ولد الزنى لا يلحق الزاني، لقوله النبي صلى الله عليه وسلم : الولد للفراش وللعاهر الحجر ، لكن الذين قالوا بلحوقه قالوا هذا إذا كان له منازع كصاحب الفراش، فإن الولد لصاحب الفراش، وأما إذا لم يكن له منازع واستلحقه فإنه يلحقه، لأنه ولده قدراً، فإن هذا الولد لا شك أنه خلق من ماء الزاني فهو ولده قدَراً، ولم يكن له أب شرعي ينازعه، وعلى هذا فيُلحق به.
قالوا: وهذا أولى من ضياع نسب هذا الولد، أولى من ضياع نسبه، لأنه إذا لم يكن له أب ضاع نسبه، وصار ينسب إلى أمه.
وفي هذا الحديث دليل على صبر هذا الرجل جريج حيث إنه لم ينتقم لنفسه، ولم يكلفهم شططاً فيبنون له صومعته من ذهب، وإنما رضي بما كان رضي به أولاً من القناعة وأن تُبني من الطين.
وفي قصته من الفوائد غير ما سبق : أن الإنسان إذا تعرف إلى الله تعالى في الرخاء عرفه في الشدة، فإن هذا الرجل كان عابداً يتعبد لله عز وجل، فلما وقع في الشدة العظيمة، أنجاه الله منها.
لما جاء إليه هؤلاء الذين كادوا له هذا الكيد العظيم، ذهبت هذه المرأة إلى جريج لتفتنه ولكنه لم يلتفت إليها، فإذا راعي غنم يرعاها ثم يأوي إلى صومعة هذا الرجل، فذهبت إلى الراعي فزنى بها والعياذ بالله، فحملت منه.
ثم قالوا: إن هذا الولد ولد زنى من جريج ، رموه بهذه الفاحشة العظيمة، فأقبلوا عليه يضربونه وأخرجوه من صومعته وهدموها، فطلب منهم أن يأتوا بالغلام الذي مِن الراعي، فلما أتوا به، ضرب في بطنه، وقال: من أبوك؟ وهو في المهد ، فقال: أبي فلان، يعني ذلك الراعي.
فأقبلوا إلى جريج يقبلونه ويتمسحون به، وقالوا له: هل تريد أن نبني لك صومعتك من ذهب؟ لأنهم هدموها ظلماً، قال: لا، ردوها على ما كانت عليه من الطين، فبنوها له.
ففي هذه القصة أن هذا الصبي تكلم وهو في المهد، وقال: إن أباه فلان الراعي .
واستدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن ولد الزنى يلحق الزاني، لأن جريجاً قال: مَن أبوك؟ قال: أبي فلان الراعي، وقد قصها النبي صلى الله عليه وسلم علينا للعبرة، فإذا لم ينازَع الزاني في الولد واستلحق الولد فإنه يلحقه، وإلى هذا ذهب طائفة يسيرة من أهل العلم.
وأكثر العلماء على أن ولد الزنى لا يلحق الزاني، لقوله النبي صلى الله عليه وسلم : الولد للفراش وللعاهر الحجر ، لكن الذين قالوا بلحوقه قالوا هذا إذا كان له منازع كصاحب الفراش، فإن الولد لصاحب الفراش، وأما إذا لم يكن له منازع واستلحقه فإنه يلحقه، لأنه ولده قدراً، فإن هذا الولد لا شك أنه خلق من ماء الزاني فهو ولده قدَراً، ولم يكن له أب شرعي ينازعه، وعلى هذا فيُلحق به.
قالوا: وهذا أولى من ضياع نسب هذا الولد، أولى من ضياع نسبه، لأنه إذا لم يكن له أب ضاع نسبه، وصار ينسب إلى أمه.
وفي هذا الحديث دليل على صبر هذا الرجل جريج حيث إنه لم ينتقم لنفسه، ولم يكلفهم شططاً فيبنون له صومعته من ذهب، وإنما رضي بما كان رضي به أولاً من القناعة وأن تُبني من الطين.
الفتاوى المشابهة
- حدثنا أبو عاصم قال : أخبرنا ابن جريج : أخبرن... - ابن عثيمين
- وحدثني هارون بن عبد الله قال : حدثنا حجاج بن... - ابن عثيمين
- ما وجه تضعيفكم لحديث الطلاق بعنعة ابن جريج وقد... - الالباني
- بيان الشيخ حرمة التدخين ونصيحته المسلمين بتقوى... - الالباني
- هل قول الحافظ في أن ابن جريج قليل التدليس عن ن... - الالباني
- روى ابن أبي خيثمة عن ابن جريج أنه قال - الالباني
- سبب إجابة دعوة أم جُرَيْج وفوائد من الحديث - ابن باز
- حكم إجابة الوالدين أثناء أداء صلاة النافلة - ابن باز
- قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما... - ابن عثيمين
- تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى ف... - ابن عثيمين
- تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى ف... - ابن عثيمين