أنواع زيارة القبور وأحكامها
الشيخ عبدالعزيز ابن باز
السؤال:
المستمع (ماهر . ع. ح) من محافظة المنيا بمصر بعث برسالة يقول فيها: بعض الناس عندنا يؤكدون أن زيارة قبور المشايخ حلال، وليس فيها شيء من البدعة، وأقصد بقبور المشايخ: الشيخ البدوي، والإمام الحسين، والعباس، والسيدة زينب، والشيخ عبدالقادر الجيلاني، وغيرهم، وليس هذا فحسب، بل إنهم يروجون بعض الحكايات عن الإمام الحسين بأنه يرد السلام بصوت جهوري، ويعتذر عندما لا يرد السلام، ويبين السبب الذي غالبًا ما يكون اجتماعه مع رسول الله ﷺ والناس عندنا يصدقون ذلك، وينساقون وراء زيارتهم، والتبرك بهم، ونريد إلى جانب الإجابة على سؤالنا وهو موقف الإسلام من زيارة قبور المشايخ والصالحين، كلمة توجيهية لمن يقومون بزيارة هذه القبور، ويتبركون بأصحابها، جزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الزيارة زيارتان: زيارة بدعية، وزيارة شرعية، أما زيارة القبور للدعاء للميت، والترحم عليه، وذكر الآخرة، فهذا شيء مشروع، يقول النبي ﷺ: زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة وكان النبي يزور البقيع، ويدعو لأهل البقيع -عليه الصلاة والسلام- ويزور الشهداء، ويدعو لهم، فزيارة المشايخ من العلماء والأخيار، أو عموم المسلمين زيارة القبور للدعاء لهم، والترحم عليهم، وذكر الآخرة أمر مشروع؛ لأن الإنسان إذا زار القبور؛ يتذكر الموت؛ يتذكر الآخرة، يحصل له بذلك إعداد للآخرة، ونشاطه في الخير، والعمل الصالح، ولا فرق في ذلك بين زيارة قبور العلماء، أو عامة الناس، فإذا زار قبر الحسين، أو قبر البدوي، أو قبر الست زينب، أو غير ذلك للذكرى، ذكر الآخرة، والدعاء لهم، والترحم عليهم، هذا من الزيارة الشرعية.
أما الزيارة الثانية البدعية: فهي التي تقع من أجل التبرك بالمزور، والتمسح بقبره، أو الطواف بقبره، أو الاستغاثة به، بأن يقول: يا سيدي المدد المدد، أو الشفاعة الشفاعة، أو الغوث الغوث، هذه زيارة بدعية منكرة، بل شركية إن صار فيها دعاء، أو استغاثة؛ صار شركًا أكبر، وهذا دين المشركين، دين أبي جهل وأشباهه، مع اللات والعزى ومناة يدعونهم ويستغيثون بهم هذا هو الشرك الأكبر، فالذي يزور الحسين ليدعوه مع الله، ليستغيث به، الذي ينذر له، الذي يطلبه المدد، أو البدوي، أو العباس، أو زينب، أو غير ذلك؛ فهذا كله شرك أكبر، والذي يسمع من الصوت ليس صوت الحسين، ولا صوت البدوي، ولا غيره، ولكنهم الشياطين يدعونهم إلى الغلو في هؤلاء، فيسمعون أصوات الشياطين الذين يدعون إلى الشر، من شياطين الجن التي تدعو إلى الشرك بالله، وعبادة غير الله.
فرد السلام من الميت ليس معناه أنه يسمع، وفي رده خلاف بين أهل العلم، منهم من أثبت رده، ولكنه شيء لا يسمع، ومنهم من لم يثبت ذلك، قد صح عنه ﷺ أنه قال: ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام والناس لا يسمعون رد السلام منه -عليه الصلاة والسلام- وفي الحديث الآخر: إن لله ملائكة يبلغوني عن أمتي السلام -عليه الصلاة والسلام- فهو يرد عليهم وإن لم يسمعوه.
وهكذا الميت جاء في بعض الروايات أن العبد إذا زار ميتًا كان يعرفه في الدنيا، وسلم عليه؛ فرد عليه السلام، لكن ليس معنى هذا أنه يسمع صوته، وإنما الروح ترد السلام، وأما الجسد قد فني، وأتى عليه البلى، أو أتى على بعضه البلى، وإنما هي الأرواح.
ورد السلام ليس يسمع من الميت، ورد السلام أيضًا لا يوجب دعاءه، والاستغاثة به، فإذا رد السلام، أو ما رد السلام هذا لا يتعلق به حكم شرعي، وإنما الحكم يتعلق بدعائك الميت والاستغاثة بالميت، هذا شرك أكبر، أو طلبه المدد، أو العون، أو الشفاعة هذا من الشرك الأكبر، حتى ولو رد السلام حتى لو قدرنا أنك سمعت رد السلام، لا يجوز لك أن تدعوه من دون الله، ولا أن تستغيث به، ولا أن تنذر له، ولا أن تطلبه المدد والعون، كل هذا عبادة لغير الله من الأموات، أو من الأصنام، أو الأشجار، أو الأحجار، كل هذا لا يجوز، وهذا هو عمل المشركين الأولين، فالواجب الحذر من ذلك.
وهكذا التبرك بالقبور بترابها، وأحجارها، وشبكها لا يجوز، وإن أراد بهذا طلب البركة منهم، وأنهم يعطونه بركة، ويمدونه بالبركة؛ صار هذا نوعًا من عبادتهم من دون الله، ونوعًا من طلب البركة بالفعل، فلا يجوز ذلك، وإنما الزيارة لذكر الآخرة، والترحم على الميت، كما قال النبي ﷺ: زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة.
فالمؤمن يزورها ليتذكر الآخرة، وليدعو لهم، هم في حاجة إلى الدعاء، يدعو لهم، يترحم عليهم، يسأل الله لهم المغفرة والرحمة والعفو، هكذا الزيارة الشرعية.
فيجب على كل من يدعي الإسلام أن يحذر ما ينقض إسلامه، ويفسد عليه إسلامه من الشرك بالله ويجب على الجاهل أن يسأل أهل العلم، ويبصروه، وكان النبي ﷺ يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: السلام عليكم أهل الديار، من المؤمنين والمسلمين، وإنا -إن شاء الله- بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكمم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ويقول عند زيارة أهل البقيع: اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد يدعو لهم، ويترحم عليهم، هذه الزيارة الشرعية.
فالواجب على كل مسلم أن يلتزم بهذه الزيارة الشرعية، وأن يحذر الزيارات البدعية، والشركية التي يفعلها الجهال مع كثير من القبور، والله المستعان، نعم.
المقدم: الله المستعان، جزاكم الله خيرًا.
المستمع (ماهر . ع. ح) من محافظة المنيا بمصر بعث برسالة يقول فيها: بعض الناس عندنا يؤكدون أن زيارة قبور المشايخ حلال، وليس فيها شيء من البدعة، وأقصد بقبور المشايخ: الشيخ البدوي، والإمام الحسين، والعباس، والسيدة زينب، والشيخ عبدالقادر الجيلاني، وغيرهم، وليس هذا فحسب، بل إنهم يروجون بعض الحكايات عن الإمام الحسين بأنه يرد السلام بصوت جهوري، ويعتذر عندما لا يرد السلام، ويبين السبب الذي غالبًا ما يكون اجتماعه مع رسول الله ﷺ والناس عندنا يصدقون ذلك، وينساقون وراء زيارتهم، والتبرك بهم، ونريد إلى جانب الإجابة على سؤالنا وهو موقف الإسلام من زيارة قبور المشايخ والصالحين، كلمة توجيهية لمن يقومون بزيارة هذه القبور، ويتبركون بأصحابها، جزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الزيارة زيارتان: زيارة بدعية، وزيارة شرعية، أما زيارة القبور للدعاء للميت، والترحم عليه، وذكر الآخرة، فهذا شيء مشروع، يقول النبي ﷺ: زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة وكان النبي يزور البقيع، ويدعو لأهل البقيع -عليه الصلاة والسلام- ويزور الشهداء، ويدعو لهم، فزيارة المشايخ من العلماء والأخيار، أو عموم المسلمين زيارة القبور للدعاء لهم، والترحم عليهم، وذكر الآخرة أمر مشروع؛ لأن الإنسان إذا زار القبور؛ يتذكر الموت؛ يتذكر الآخرة، يحصل له بذلك إعداد للآخرة، ونشاطه في الخير، والعمل الصالح، ولا فرق في ذلك بين زيارة قبور العلماء، أو عامة الناس، فإذا زار قبر الحسين، أو قبر البدوي، أو قبر الست زينب، أو غير ذلك للذكرى، ذكر الآخرة، والدعاء لهم، والترحم عليهم، هذا من الزيارة الشرعية.
أما الزيارة الثانية البدعية: فهي التي تقع من أجل التبرك بالمزور، والتمسح بقبره، أو الطواف بقبره، أو الاستغاثة به، بأن يقول: يا سيدي المدد المدد، أو الشفاعة الشفاعة، أو الغوث الغوث، هذه زيارة بدعية منكرة، بل شركية إن صار فيها دعاء، أو استغاثة؛ صار شركًا أكبر، وهذا دين المشركين، دين أبي جهل وأشباهه، مع اللات والعزى ومناة يدعونهم ويستغيثون بهم هذا هو الشرك الأكبر، فالذي يزور الحسين ليدعوه مع الله، ليستغيث به، الذي ينذر له، الذي يطلبه المدد، أو البدوي، أو العباس، أو زينب، أو غير ذلك؛ فهذا كله شرك أكبر، والذي يسمع من الصوت ليس صوت الحسين، ولا صوت البدوي، ولا غيره، ولكنهم الشياطين يدعونهم إلى الغلو في هؤلاء، فيسمعون أصوات الشياطين الذين يدعون إلى الشر، من شياطين الجن التي تدعو إلى الشرك بالله، وعبادة غير الله.
فرد السلام من الميت ليس معناه أنه يسمع، وفي رده خلاف بين أهل العلم، منهم من أثبت رده، ولكنه شيء لا يسمع، ومنهم من لم يثبت ذلك، قد صح عنه ﷺ أنه قال: ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام والناس لا يسمعون رد السلام منه -عليه الصلاة والسلام- وفي الحديث الآخر: إن لله ملائكة يبلغوني عن أمتي السلام -عليه الصلاة والسلام- فهو يرد عليهم وإن لم يسمعوه.
وهكذا الميت جاء في بعض الروايات أن العبد إذا زار ميتًا كان يعرفه في الدنيا، وسلم عليه؛ فرد عليه السلام، لكن ليس معنى هذا أنه يسمع صوته، وإنما الروح ترد السلام، وأما الجسد قد فني، وأتى عليه البلى، أو أتى على بعضه البلى، وإنما هي الأرواح.
ورد السلام ليس يسمع من الميت، ورد السلام أيضًا لا يوجب دعاءه، والاستغاثة به، فإذا رد السلام، أو ما رد السلام هذا لا يتعلق به حكم شرعي، وإنما الحكم يتعلق بدعائك الميت والاستغاثة بالميت، هذا شرك أكبر، أو طلبه المدد، أو العون، أو الشفاعة هذا من الشرك الأكبر، حتى ولو رد السلام حتى لو قدرنا أنك سمعت رد السلام، لا يجوز لك أن تدعوه من دون الله، ولا أن تستغيث به، ولا أن تنذر له، ولا أن تطلبه المدد والعون، كل هذا عبادة لغير الله من الأموات، أو من الأصنام، أو الأشجار، أو الأحجار، كل هذا لا يجوز، وهذا هو عمل المشركين الأولين، فالواجب الحذر من ذلك.
وهكذا التبرك بالقبور بترابها، وأحجارها، وشبكها لا يجوز، وإن أراد بهذا طلب البركة منهم، وأنهم يعطونه بركة، ويمدونه بالبركة؛ صار هذا نوعًا من عبادتهم من دون الله، ونوعًا من طلب البركة بالفعل، فلا يجوز ذلك، وإنما الزيارة لذكر الآخرة، والترحم على الميت، كما قال النبي ﷺ: زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة.
فالمؤمن يزورها ليتذكر الآخرة، وليدعو لهم، هم في حاجة إلى الدعاء، يدعو لهم، يترحم عليهم، يسأل الله لهم المغفرة والرحمة والعفو، هكذا الزيارة الشرعية.
فيجب على كل من يدعي الإسلام أن يحذر ما ينقض إسلامه، ويفسد عليه إسلامه من الشرك بالله ويجب على الجاهل أن يسأل أهل العلم، ويبصروه، وكان النبي ﷺ يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: السلام عليكم أهل الديار، من المؤمنين والمسلمين، وإنا -إن شاء الله- بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكمم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ويقول عند زيارة أهل البقيع: اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد يدعو لهم، ويترحم عليهم، هذه الزيارة الشرعية.
فالواجب على كل مسلم أن يلتزم بهذه الزيارة الشرعية، وأن يحذر الزيارات البدعية، والشركية التي يفعلها الجهال مع كثير من القبور، والله المستعان، نعم.
المقدم: الله المستعان، جزاكم الله خيرًا.
الفتاوى المشابهة
- ما المشروع في زيارة القبور والسلام عليها؟ - ابن باز
- صفة الزيارة الشرعية للقبور - ابن باز
- بعض الأحكام المتعلقة بزيارة القبور - ابن باز
- ما الحكمة من منع النساء زيارة القبور وما يقال ع... - ابن باز
- حكم زيارة القبور. - ابن عثيمين
- الرَّأي في زيارة القبور وما يُقال عند الزيارة . - الالباني
- الزيارة الشرعية للقبور - ابن باز
- هل تشرع زيارة القبور للنساء؟ - ابن باز
- آداب زيارة القبور ومشروعية زيارتها وبيان الزيار... - ابن باز
- الزيارة السنية والزيارة البدعية للقبور - اللجنة الدائمة
- أنواع زيارة القبور وأحكامها - ابن باز