علاج الخوف من الوقوع تحت أثر السحر
الشيخ عبدالعزيز ابن باز
السؤال: شيخ عبد العزيز أمامي رسالتان:
الأولى: من الأخ أبو محمد من مدينة جدة، والثانية: من رجال ألمع وباعثها أخونا محمد أحمد .
هذان الأخوان بعثا برسالتين وكل منهما تتضمن الشكوى من حالة مرضية، الأخ أبو محمد يقول: إن زوجته أصيبت بمرض معين وأصبحت تخاف من كل شيء ولا تستطيع البقاء وحدها، أما أخونا من رجال ألمع فيشكو نفس الحالة لدرجة أنه لا يستطيع الذهاب إلى المسجد للصلاة مع الجماعة، ويسألون عن علاج يراه سماحتكم مناسباً حتى لا يلجئون إلى أولئك الذين يجسدون الأمور وربما يلجئون إلى كاهن أو مشغوذ؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فإن الله جل وعلا ما أنزل داءً إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله، وإن الله جعل فيما جاء به نبيه عليه الصلاة والسلام من الخير والهدى والعلاج لجميع ما يشكو منه الناس من أمراض حسية ومعنوية ما نفع الله به العباد وحصل به من الخير ما لا يحصيه إلا الله عز وجل، والإنسان قد تعرض له أمور لها أسباب فيحصل له من الخوف والذعر ما لا يعرف له سبباً بيناً.
فالله جل وعلا جعل فيما شرعه على لسان نبيه محمد ﷺ من الخير والأمن والشفاء ما لا يحصيه إلا هو سبحانه وتعالى، فنصيحتي لهذين: أن يستعملا ما شرعه الله جل وعلا من الأوراد الشرعية، ومن ذلك:
قراءة آية الكرسي خلف كل صلاة إذا سلم وأتى بالأذكار الشرعية يأتي بآية الكرسي يقرؤها بينه وبين نفسه اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255] هذه آية الكرسي وهي أعظم آية في كتاب الله وأفضل آية في كتاب الله عز وجل؛ لما اشتملت عليه من التوحيد العظيم والإخلاص لله وبيان عظمته سبحانه وتعالى وأنه الحي القيوم، وأنه المالك لكل شيء وأنه لا يعجزه شيء سبحانه وتعالى، فإذا قرأ هذه الآية خلف كل صلاة فهي من أسباب العافية والأمن من كل شر.
وهكذا قراءتها عند النوم إذا قرأها عند النوم فقد جاء في الحديث الصحيح: أنه لا يزال عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح فليقرأها عند النوم وليطمئن ولا يكون في قلبه شيء من الخوف أو الذعر بل يعلم أن ما قاله الرسول ﷺ هو الحق وأنه الصدق الذي لا ريب فيه.
ومما شرع الله أيضاً لهذا المعنى أن يقرأ (قل هو الله أحد) والمعوذتين خلف كل صلاة فهي أيضاً من أسباب العافية والأمن والشفاء من كل سوء، (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن، ويقرأ (قل أعوذ برب الفلق) معها، و(قل أعوذ برب الناس) معها، هذه السور الثلاث يقرؤها بعد الظهر مرة بعد العصر مرة بعد العشاء مرة، أما بعد المغرب وبعد الفجر فثلاث مرات، بعد المغرب في أول الليل، وبعد الفجر في أول النهار يقرأ هذه السور ثلاث مرات كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهي من أسباب العافية والأمن من كل سوء.
ومما يحصل به أيضاً الأمن والعافية والطمأنينة والسلامة من الشر كله أن يستعيذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات صباحاً ومساء «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق» فقد جاءت الأحاديث عن رسول الله ﷺ دالة على أنها من أسباب العافية من كل سوء أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات صباحاً وثلاث مرات مساءً.
وهكذا باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات صباحاً ومساء فهي أيضاً من أسباب العافية من كل سوء، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من قالها ثلاثاً لا تضره أي مصيبة وأي ضرر، باسم الله الذي لاا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات.
فهذه الأذكار من القرآن ومما جاءت به السنة كلها من أسباب الحفظ والسلامة والأمن، فينبغي للمؤمن أن يأتي بها وما تيسر منها وهو على طمأنينة وثقة بربه وأنه سبحانه وتعالى القائم على كل شيء ومصرف كل شيء وبيده التصرف والعطاء والمنع والضر والنفع، وهو القائم على كل شيء وهو المالك لكل شيء سبحانه وتعالى، وهو القادر على كل شيء جل وعلا.
ورسوله صلى الله عليه وسلم هو أصدق الناس، فهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، كما قال الله : وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى[النجم:1-2] صاحبكم يعني: محمد عليه الصلاة والسلام، يخاطب الأمة مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ [النجم:2] يعني: معشر أمة محمد وَمَا غَوَى [النجم:2].
فالضال: الجاهل، والغاوي: الذي يعمل على خلاف العلم، فهو ليس بجاهل وليس بمخالف لما يعلم، بل يعلم ويعمل عليه الصلاة والسلام، فهو مهتدٍ وليس بضال فهو على هدى من ربه، وهو مع ذلك عالم عامل، قد علمه الله من علمه ما شاء من الكتاب والسنة، وهو عامل بما يعلم ولهذا قال: مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى [النجم:2] بخلاف من أعرض عن علم فإنه ضال كـالنصارى وأشباههم من الجهلة فإنهم ضالون، وهم وأشباههم من الكفار في قوله: وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] هم النصارى وأشباههم من الجهلة المعرضين عن الحق، وبخلاف من علم ولم يعمل، هذا يقال له: غاوي، وهو المغضوب عليه وهم اليهود وأشباههم، عرفوا الحق ولكن عاندوا وكفروا ولم ينقادوا لما جاء به الرسول ﷺ ولم يصدقوه عناداً وبغياً وإيثاراً للدنيا على الآخرة والهوى على الهدى فلهذا غضب الله عليهم وصاروا من أرباب الغواية والضلالة والبعد عن الهدى فهم ضالون لما عندهم من الجهالة والإعراض عن الحق، وهم مغضوب عليهم غاوون لكونهم عرفوا الحق الذي بعث الله به محمد عليه الصلاة والسلام فحادوا عنه وعاندوا استكباراً وبغياً وحسداً وإيثاراً للدنيا على الآخرة.
ولهذا جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله ﷺ: «في تفسير قوله تعالى: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] قال في (المغضوب عليهم) هم اليهود وفي (الضالين) هم النصارى» يعني: وأشباههم مراده ﷺ أن هؤلاء رأس في الضلال والغواية والغضب، ومثلهم من سار في سبيلهم وتخلق بأخلاقهم، فمن أعرض عن الهدى من أيصنف من الناس فهو ضال، ومن خالف العلم وتابع الهوى فهو الغاوي المغضوب عليهم نسأل الله العافية. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً. هذا سلاح تصفونه سماحة الشيخ لكل مؤمن.
الشيخ: نعم.
المقدم: هل تشترطون شروط أخرى لمن يحمل السلاح؟
الشيخ: نعم، من أعظم الشروط الثقة بالله والتصديق برسوله ﷺ وأن الله جل وعلا هو الذي يقول الحق ورسوله يبلغ الحق وهو الصادق فيما يقول عليه الصلاة والسلام.
ومن الشروط: أن يأتي بذلك عن إيمان وعن رغبة فيما عند الله وعن ثقة بالله، وعن إيمان بأنه سبحانه مدبر الأمور ومصرف الأشياء، وأنه القادر على كل شيء سبحانه وتعالى، لا عن شك ولا عن سوء ظن بل عن حسن ظن بالله وعن ثقة به سبحانه وعن تصديق لرسوله عليه الصلاة والسلام، وأنه متى تخلف المطلوب فلعلة من العلل تخلف المطلوب، العبد عليه أن يأتي بالأسباب والله مسبب الأسباب سبحانه وتعالى.
وقد يحضر الدواء ويحصل الدواء ولكن لا يزول الداء لأسباب أخرى جهلها العبد ولله فيها الحكمة سبحانه وتعالى، وهذا يشمل الدواء الحسي والمعنوي، الحسي الذي يقوم به الأطباء من شراب وأكل وإجراء عمليات وغير ذلك، والمعنوي الذي يحصل بالدعاء والقراءة ونحو ذلك، كل هذا قد يتخلف المطلوب منه والمراد منه لأسباب كثيرة فالله جل وعلا هو العالم بها سبحانه وتعالى، وقد يعلم بعضها المخلوقون بسبب عدم يقينهم وعدم ثقتهم بما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام، أو بأسباب أخرى حالت بين أثر ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وبين مقتضاه حالت بين ما قاله الله ورسوله وبين المقتضى المطلوب من ذلك لأسباب فعلها العبد من معاصي وكفر بالله وسوء ظن بالله وغير هذا من الأسباب التي قد يأتي بها العبد تكون سبباً لحرمانه من الخير الذي جاء إلى الرسول ﷺ ولا حول ولا قوة إلا بالله. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً. هذا لمن أصيب أو لمن لم يصب بعد سماحة الشيخ؟
الشيخ: هذا سلاح يحصل به العلاج وتحصل به الوقاية، فهو علاج لما قد وقع وعلاج لما لم يقع، وهكذا الأدوية الشرعية والحسية بعضها علاج للواقع من الأمراض والأدواء وبعضها وقاية منها، وسبب للعافية منها، فإن هذه الأشياء التي ذكرها النبي ﷺ فيها الوقاية وبها العلاج جميعاً، والإنسان قد يتعاطى أدوية للوقاية وقد يتعاطى أدوية للعلاج، وهذه التي ذكرها النبي ﷺ فيها هذا وهذا، فيها الوقاية وفيها العلاج.
ومن هذا قوله ﷺ: من تصبح بسبع تمرات من تمر المدينة لم يضره سحر ولا سم هذا من باب الوقاية رواه مسلم في الصحيح بلفظ: من تصبح بسبع تمرات مما بين لابتيها - يعني: المدينة - لم يضره سحر ولا سم وفي لفظ: من تصبح بسبع تمرات من عجوة المدينة يعني: تمر المدينة.
فالمقصود أن هذا من باب الوقاية ويرجى في بقية التمر أن ينفع الله به أيضاً؛ لأن المادة متقاربة لكن تمر المدينة له خصوصية في هذا كما نص عليه النبي عليه الصلاة والسلام في الوقاية من السحر والسموم. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً.
الأولى: من الأخ أبو محمد من مدينة جدة، والثانية: من رجال ألمع وباعثها أخونا محمد أحمد .
هذان الأخوان بعثا برسالتين وكل منهما تتضمن الشكوى من حالة مرضية، الأخ أبو محمد يقول: إن زوجته أصيبت بمرض معين وأصبحت تخاف من كل شيء ولا تستطيع البقاء وحدها، أما أخونا من رجال ألمع فيشكو نفس الحالة لدرجة أنه لا يستطيع الذهاب إلى المسجد للصلاة مع الجماعة، ويسألون عن علاج يراه سماحتكم مناسباً حتى لا يلجئون إلى أولئك الذين يجسدون الأمور وربما يلجئون إلى كاهن أو مشغوذ؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فإن الله جل وعلا ما أنزل داءً إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله، وإن الله جعل فيما جاء به نبيه عليه الصلاة والسلام من الخير والهدى والعلاج لجميع ما يشكو منه الناس من أمراض حسية ومعنوية ما نفع الله به العباد وحصل به من الخير ما لا يحصيه إلا الله عز وجل، والإنسان قد تعرض له أمور لها أسباب فيحصل له من الخوف والذعر ما لا يعرف له سبباً بيناً.
فالله جل وعلا جعل فيما شرعه على لسان نبيه محمد ﷺ من الخير والأمن والشفاء ما لا يحصيه إلا هو سبحانه وتعالى، فنصيحتي لهذين: أن يستعملا ما شرعه الله جل وعلا من الأوراد الشرعية، ومن ذلك:
قراءة آية الكرسي خلف كل صلاة إذا سلم وأتى بالأذكار الشرعية يأتي بآية الكرسي يقرؤها بينه وبين نفسه اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255] هذه آية الكرسي وهي أعظم آية في كتاب الله وأفضل آية في كتاب الله عز وجل؛ لما اشتملت عليه من التوحيد العظيم والإخلاص لله وبيان عظمته سبحانه وتعالى وأنه الحي القيوم، وأنه المالك لكل شيء وأنه لا يعجزه شيء سبحانه وتعالى، فإذا قرأ هذه الآية خلف كل صلاة فهي من أسباب العافية والأمن من كل شر.
وهكذا قراءتها عند النوم إذا قرأها عند النوم فقد جاء في الحديث الصحيح: أنه لا يزال عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح فليقرأها عند النوم وليطمئن ولا يكون في قلبه شيء من الخوف أو الذعر بل يعلم أن ما قاله الرسول ﷺ هو الحق وأنه الصدق الذي لا ريب فيه.
ومما شرع الله أيضاً لهذا المعنى أن يقرأ (قل هو الله أحد) والمعوذتين خلف كل صلاة فهي أيضاً من أسباب العافية والأمن والشفاء من كل سوء، (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن، ويقرأ (قل أعوذ برب الفلق) معها، و(قل أعوذ برب الناس) معها، هذه السور الثلاث يقرؤها بعد الظهر مرة بعد العصر مرة بعد العشاء مرة، أما بعد المغرب وبعد الفجر فثلاث مرات، بعد المغرب في أول الليل، وبعد الفجر في أول النهار يقرأ هذه السور ثلاث مرات كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهي من أسباب العافية والأمن من كل سوء.
ومما يحصل به أيضاً الأمن والعافية والطمأنينة والسلامة من الشر كله أن يستعيذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات صباحاً ومساء «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق» فقد جاءت الأحاديث عن رسول الله ﷺ دالة على أنها من أسباب العافية من كل سوء أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات صباحاً وثلاث مرات مساءً.
وهكذا باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات صباحاً ومساء فهي أيضاً من أسباب العافية من كل سوء، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من قالها ثلاثاً لا تضره أي مصيبة وأي ضرر، باسم الله الذي لاا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات.
فهذه الأذكار من القرآن ومما جاءت به السنة كلها من أسباب الحفظ والسلامة والأمن، فينبغي للمؤمن أن يأتي بها وما تيسر منها وهو على طمأنينة وثقة بربه وأنه سبحانه وتعالى القائم على كل شيء ومصرف كل شيء وبيده التصرف والعطاء والمنع والضر والنفع، وهو القائم على كل شيء وهو المالك لكل شيء سبحانه وتعالى، وهو القادر على كل شيء جل وعلا.
ورسوله صلى الله عليه وسلم هو أصدق الناس، فهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، كما قال الله : وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى[النجم:1-2] صاحبكم يعني: محمد عليه الصلاة والسلام، يخاطب الأمة مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ [النجم:2] يعني: معشر أمة محمد وَمَا غَوَى [النجم:2].
فالضال: الجاهل، والغاوي: الذي يعمل على خلاف العلم، فهو ليس بجاهل وليس بمخالف لما يعلم، بل يعلم ويعمل عليه الصلاة والسلام، فهو مهتدٍ وليس بضال فهو على هدى من ربه، وهو مع ذلك عالم عامل، قد علمه الله من علمه ما شاء من الكتاب والسنة، وهو عامل بما يعلم ولهذا قال: مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى [النجم:2] بخلاف من أعرض عن علم فإنه ضال كـالنصارى وأشباههم من الجهلة فإنهم ضالون، وهم وأشباههم من الكفار في قوله: وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] هم النصارى وأشباههم من الجهلة المعرضين عن الحق، وبخلاف من علم ولم يعمل، هذا يقال له: غاوي، وهو المغضوب عليه وهم اليهود وأشباههم، عرفوا الحق ولكن عاندوا وكفروا ولم ينقادوا لما جاء به الرسول ﷺ ولم يصدقوه عناداً وبغياً وإيثاراً للدنيا على الآخرة والهوى على الهدى فلهذا غضب الله عليهم وصاروا من أرباب الغواية والضلالة والبعد عن الهدى فهم ضالون لما عندهم من الجهالة والإعراض عن الحق، وهم مغضوب عليهم غاوون لكونهم عرفوا الحق الذي بعث الله به محمد عليه الصلاة والسلام فحادوا عنه وعاندوا استكباراً وبغياً وحسداً وإيثاراً للدنيا على الآخرة.
ولهذا جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله ﷺ: «في تفسير قوله تعالى: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] قال في (المغضوب عليهم) هم اليهود وفي (الضالين) هم النصارى» يعني: وأشباههم مراده ﷺ أن هؤلاء رأس في الضلال والغواية والغضب، ومثلهم من سار في سبيلهم وتخلق بأخلاقهم، فمن أعرض عن الهدى من أيصنف من الناس فهو ضال، ومن خالف العلم وتابع الهوى فهو الغاوي المغضوب عليهم نسأل الله العافية. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً. هذا سلاح تصفونه سماحة الشيخ لكل مؤمن.
الشيخ: نعم.
المقدم: هل تشترطون شروط أخرى لمن يحمل السلاح؟
الشيخ: نعم، من أعظم الشروط الثقة بالله والتصديق برسوله ﷺ وأن الله جل وعلا هو الذي يقول الحق ورسوله يبلغ الحق وهو الصادق فيما يقول عليه الصلاة والسلام.
ومن الشروط: أن يأتي بذلك عن إيمان وعن رغبة فيما عند الله وعن ثقة بالله، وعن إيمان بأنه سبحانه مدبر الأمور ومصرف الأشياء، وأنه القادر على كل شيء سبحانه وتعالى، لا عن شك ولا عن سوء ظن بل عن حسن ظن بالله وعن ثقة به سبحانه وعن تصديق لرسوله عليه الصلاة والسلام، وأنه متى تخلف المطلوب فلعلة من العلل تخلف المطلوب، العبد عليه أن يأتي بالأسباب والله مسبب الأسباب سبحانه وتعالى.
وقد يحضر الدواء ويحصل الدواء ولكن لا يزول الداء لأسباب أخرى جهلها العبد ولله فيها الحكمة سبحانه وتعالى، وهذا يشمل الدواء الحسي والمعنوي، الحسي الذي يقوم به الأطباء من شراب وأكل وإجراء عمليات وغير ذلك، والمعنوي الذي يحصل بالدعاء والقراءة ونحو ذلك، كل هذا قد يتخلف المطلوب منه والمراد منه لأسباب كثيرة فالله جل وعلا هو العالم بها سبحانه وتعالى، وقد يعلم بعضها المخلوقون بسبب عدم يقينهم وعدم ثقتهم بما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام، أو بأسباب أخرى حالت بين أثر ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وبين مقتضاه حالت بين ما قاله الله ورسوله وبين المقتضى المطلوب من ذلك لأسباب فعلها العبد من معاصي وكفر بالله وسوء ظن بالله وغير هذا من الأسباب التي قد يأتي بها العبد تكون سبباً لحرمانه من الخير الذي جاء إلى الرسول ﷺ ولا حول ولا قوة إلا بالله. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً. هذا لمن أصيب أو لمن لم يصب بعد سماحة الشيخ؟
الشيخ: هذا سلاح يحصل به العلاج وتحصل به الوقاية، فهو علاج لما قد وقع وعلاج لما لم يقع، وهكذا الأدوية الشرعية والحسية بعضها علاج للواقع من الأمراض والأدواء وبعضها وقاية منها، وسبب للعافية منها، فإن هذه الأشياء التي ذكرها النبي ﷺ فيها الوقاية وبها العلاج جميعاً، والإنسان قد يتعاطى أدوية للوقاية وقد يتعاطى أدوية للعلاج، وهذه التي ذكرها النبي ﷺ فيها هذا وهذا، فيها الوقاية وفيها العلاج.
ومن هذا قوله ﷺ: من تصبح بسبع تمرات من تمر المدينة لم يضره سحر ولا سم هذا من باب الوقاية رواه مسلم في الصحيح بلفظ: من تصبح بسبع تمرات مما بين لابتيها - يعني: المدينة - لم يضره سحر ولا سم وفي لفظ: من تصبح بسبع تمرات من عجوة المدينة يعني: تمر المدينة.
فالمقصود أن هذا من باب الوقاية ويرجى في بقية التمر أن ينفع الله به أيضاً؛ لأن المادة متقاربة لكن تمر المدينة له خصوصية في هذا كما نص عليه النبي عليه الصلاة والسلام في الوقاية من السحر والسموم. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً.
الفتاوى المشابهة
- هل هناك علاج أوجده الإسلام للسحر وما هو هذا ال... - الالباني
- السحر ومدى تأثيره وكيفية علاجه - ابن باز
- كيفية العلاج من أمراض حسية ومعنوية - ابن باز
- علاج من أصيب بالسحر - ابن عثيمين
- أسباب الوقاية من السحر - ابن باز
- ما هو العلاج الشرعي للسحر ؟ - ابن عثيمين
- ما كيفية العلاج من السحر؟ - ابن باز
- علاج السحر بعد وقوعه - ابن باز
- العلاج الشرعي للسحر - ابن باز
- حقيقة وقوع السحر وكيفية علاجه - ابن باز
- علاج الخوف من الوقوع تحت أثر السحر - ابن باز