تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تقول ما معنى قوله تعالى (( وترى الجبال تحسبه... - ابن عثيمينالسائل : تقول ما معنى قوله تعالى  وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء  وهل يستدل بهذه الأية على صحة القول بدوران الأرض؟...
العالم
طريقة البحث
تقول ما معنى قوله تعالى (( وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء )) وهل يستدل بهذه الآية على صحة القول بدوران الأرض ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : تقول ما معنى قوله تعالى وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء وهل يستدل بهذه الأية على صحة القول بدوران الأرض؟

الشيخ : قبل الإجابة على هذا السؤال أعلق على الجواب السابق.

السائل : نعم.

الشيخ : وهو أنه إذا لم يثبت ما ذكِر ببيّنة أي ما ذكره السائل من أن هذه المرأة وكّلته على الحصول على أرض توقفها إذا لم يثبت هذا ببيّنة فإنه لا بد من تصديق الورثة لدعوى هذا الوكيل فإن لم يصدّقوه لم يثبت شيء.

السائل : نعم.

الشيخ : أما بالنسبة لسؤال المرأة عن قوله تعالى: وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ فهذه الأية في يوم القيامة لأن الله ذكرها بعد ذكر النفخ في الصور فقال: وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ * وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ * مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ ءامِنُونَ فالأية هذه في يوم القيامة بدليل ما قبلها وما بعدها وليست في الدنيا وقوله: تَحْسَبُهَا جَامِدَةً أي ساكنة لا تتحرّك ولكنها تمر مر السحاب لأنها تكون هباءً منثورا يتطاير.

السائل : نعم.

الشيخ : وأما الاستدلال بها على صحة دوران الأرض فليس كذلك، هذا الاستدلال غير صحيح لما ذكرنا من أنها تكون يوم القيامة.
ومسألة دوران الأرض وعدم دورانها الخوض فيها في الواقع من فضول العلم لأنها ليست مسألة يتعيّن على العباد العلم بها ويتوقف صحة إيمانهم على ذلك، ولو كانت هكذا لكان بيانها في القرأن والسنّة بيانا ظاهرا لا خفاء فيه وحيث إن الأمر هكذا فإنه لا ينبغي أن يُتعب الإنسان نفسه في الخوض بذلك ولكن الشأن كل الشأن فيما يُذكر من أن الأرض تدور وأن الشمس ثابتة وأن اختلاف الليل والنهار يكون بسبب دوران الأرض حول الشمس فإن هذا القول باطل يُبطله ظاهر القرأن فإن ظاهر القرأن والسنّة يدل على أن الذي يدور حول الأرض أو يدور على الأرض هي الشمس فإن الله يقول في القرأن الكريم: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ .

السائل : نعم.

الشيخ : فقال: تَجْرِي فأضاف الجريان إليها، وقال تعالى وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فهنا أربعة أفعال كلها أضافها الله إلى الشمس إذا طلعت تزاور إذا غربت تقرضهم هذه الأفعال الأربعة المضافة إلى الشمس ما الذي يقتضي صرفها عن ظاهرها وأن نقول: إذا طلعت في رأي العين وتزاور في رأي العين وإذا غربت في رأي العين وتقرضهم في رأي العين، ما الذي يوجب لنا أن نحرّف الأية عن ظاهرها إلى هذا المعنى سوى نظريات أو تقديرات قد لا تبلغ أن تكون نظرية لمجرّد أوهام والله تعالى يقول: مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ والإنسان ما أوتي من العلم إلا قليلاً، وإذا كان يجهل حقيقة روحه التي بين جنبيه كما قال الله تعالى وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا فكيف يُحاول أن يعرف هذا الكون الذي هو أعظم من خلقه كما قال الله تعالى: لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ .
فنحن نقول: إن نظرية كون اختلاف الليل والنهار من أجل دوران الأرض على الشمس هذه النظرية باطلة لمخالفتها لظاهر القرأن الذي تكلّم به الخالق سبحانه وتعالى وهو أعلم بخلقه وأعلم بما خلق فكيف نحرّف كلام ربنا عن ظاهره من أجل مجرّد نظريات اختلف فيها أيضا أهل النظر فإنه لم يزل القول بأن الأرض ساكنة وأن الشمس تدور عليها لم يزل سائدا إلى هذه العصور المتأخرة.
ثم إننا نقول: إن الله تعالى ذكر أنه يكوّر الليل على النهار ويكوّر النهار على الليل والتكوير بمعنى التدوير وإذا كان كذلك فمن أين يأتي الليل والنهار إلا من الشمس وإذا كان لا يأتي الليل والنهار إلا من الشمس دل هذا على أن الذي يلتف حول الأرض هو الشمس لأنه يكون كذلك بالتكوير ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال لأبي ذر رضي الله عنه وقد غربت الشمس: أتدري أين تذهب؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: فإنها تذهب فتسجد تحت العرش إلى ءاخر الحديث وهذا دليل على أنها هي التي تتحرّك نحو الأرض لقوله: أتدري أين تذهب وفي الحديث المذكور قال: فإن أذِن لها، وإلا قيل: ارجعي من حيث جئتِ، فتخرج من مغربها وهذا دليل على أنها هي التي تدور على الأرض وهذا أمر هو الواجب على المؤمن اعتقاده عملا بظاهر كلام ربه العليم بكل شيء دون النظر إلى هذه النظريات التالفة والتي سيدور الزمن عليها ويقبرها كما قبر نظريات أخرى بالية.
هذا ما نعتقده في هذه المسألة، أما مسألة دوران الأرض فإننا كما قلنا أولا ينبغي أن يُعرض عنها لأنها من فضول العلم ولو كانت من الأمور التي يجب على المؤمن أن يعتقدها إثباتا أو نفيا لكان الله تعالى يبيّنها بيانا ظاهرا لكن الخطر كله أن نقول: إن الأرض تدور وأن الشمس هي الساكنة وأن اختلاف الليل والنهار يكون باختلاف دوران الأرض، هذا هو الخطر العظيم لأنه مخالف لظاهر القرأن والسنّة ونحن مؤمنون بالله ورسوله نعلم أن الله تعالى يتكلم عن علم وأنه لا يُمكن أن يكون ظاهر كلامه خلاف الحق ونعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم كذلك عن علم ونعلم أنه أنصح الخلق وأفصح الخلق ولا يمكن أن يكون يأتي لأمته بكلام ظاهره خلاف ما يريده صلى الله عليه وسلم فعلينا في هذه الأمور العظيمة علينا أن نؤمن بظاهر كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم اللهم إلا أن يأتي من الأمور اليقينيات الحسيات المعلومة علما يقينيا بما يُخالف ظاهر القرأن فإننا في هذه الحالة يكون فهمنا بأن هذا ظاهر القرأن غير صحيح ويمكن أن نقول: إن القرأن يُريد كذا وكذا مما يوافق الواقع المعيّن المحسوس الذي لا يمتري فيه أحد وذلك لأن الدلالة القطعية لا يُمكن أن تتعارض أي أنه لا يمكن أن يتعارض دليلان قطعيان أبدا إذ أنه لو تعارضا لأمكن رفع أحدهما بالأخر وإذا أمكن رفع أحدهما بالأخر لم يكونا قطعيين.
والمهم أنه يجب علينا في هذه المسألة أن نؤمن بأن الشمس تدور على الأرض وأن اختلاف الليل والنهار ليس بسبب دوران الأرض ولكنه بسبب دوران الشمس حول الأرض.

السائل : أحسن الله إليكم وأثابكم.

Webiste