تم نسخ النصتم نسخ العنوان
انعقاد الإجماع في هذا العصر - اللجنة الدائمة الفتوى رقم (  13956  )    س: هل يمكن  انعقاد الإجماع في هذا العصر  على اتساع رقعة العالم الإسلامي، وهل ما يصدر عن مجمع الفقه الإسلامي من أحكام مجمع علي...
العالم
طريقة البحث
انعقاد الإجماع في هذا العصر
اللجنة الدائمة
الفتوى رقم ( 13956 )
س: هل يمكن انعقاد الإجماع في هذا العصر على اتساع رقعة العالم الإسلامي، وهل ما يصدر عن مجمع الفقه الإسلامي من أحكام مجمع عليها من جميع أعضائه يعتبر إجماعًا، وهل هناك إمكانية للإجماع من غير هذا المجمع في نظركم؟ أفيدونا مأجورين.
ج: أولاً: أثبت أكثر علماء الأصول إمكان معرفة أهل الحل والعقد من العلماء الإجماع منهم واطلاعهم على اتفاقهم على حكم واقعة من الوقائع، كحل جماع السيد لأمته
واستمتاعه بها بملك اليمين، وتحريم استمتاع العبد بسيدته بجماع أو مقدماته، واستدلوا على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة، ونفاه الأقلون بناء منهم على أن العلماء تفرقوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وأقام كل منهم ببلاد متباعدة، فمعرفة الحكم من كل منهم متعذر، وأجيب عن ذلك بأنه مردود بوقوع الإجماع ومعرفته كما في المثالين المذكورين وغيرهما مما ذُكر في كتاب ( مراتب الإجماع ). ومما استدل به المثبتون قوله تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا . وانظر بقية الأدلة في ( ص 176 - 192 من ج 19 )، و( ص 10، 11 من ج 20 ) من ( مجموع الفتاوى ) لابن تيمية ، وانظر أدلتهم أيضًا ووجه استدلالهم لها ومناقشتها والرد عليها في المسألة الثالثة من مسائل الإجماع، في الجزء الأول من كتاب ( الإحكام ) للآمدي . واستدل الأقلون وهم النفاة بأن علماء هذه الأمة تفرقوا بعد وفاة نبيهم صلى الله عليه وسلم في بلاد متباعدة، فمعرفة الحكم
والاطلاع على الإجماع متعذر، ولهذا نُقل عن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال: ( من ادعى وجود الإجماع فهو كاذب ) وأجيب عن ذلك بأنه مردود بوقوع الإجماع ومعرفته كما في المثالين المذكورين، وكما ذكر في كتاب ( مراتب الإجماع ) لابن حزم مع تعليق ابن تيمية عليه، وأجيب عن قول الإمام أحمد المتقدم بأنه قال ذلك عن طريق الورع والزجر عن الجرأة على دعوى الإجماع دون تحرٍّ وتتبع لأقوال العلماء، أو قال ذلك في حق من ليس له معرفة، أو أنه أنكر إجماع من بعد الصحابة، أو من بعد القرون الثلاثة المحمودة. انظر ص 315، 316 من ( مسودة آل تيمية ). وأخيرًا فالقول بثبوت الإجماع في عهد الصحابة قريب؛ لقلة العدد وتقارب البلاد نسبيًّا، والسعي الحثيث في طلب العلم، والحرص عليه مع انحصار الخلاف وضيق دائرته، وعلى تقدير الاطلاع على إجماع من بعدهم في أي عصر فهو حجة، وعلى هذا تحمل الرواية الأخرى عن الإمام أحمد رضي الله عنه في إمكان الإجماع والاطلاع على ثبوته. ثانيًا: ما يصدر من ( مجمع الفقه الإسلامي ) من أحكام مجمع عليها من جميع أعضائه - لا يعتبر إجماعًا شرعيًّا؛ لأن أعضاءه ليسوا جميع أهل الحل والعقد من هذه الأمة.
ثالثًا: يبعد عادة أن يطلع على إجماع أهل الحل والعقد في عصر من عصور هذه الأمة سوى عصر الصحابة رضي الله عنهم؛ لما تقدم من التعليل؛ ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ( العقيدة الواسطية ): ( والإجماع الذي ينضبط هو ما كان عليه السلف الصالح، إذ بعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة ). وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

:


Webiste