تم نسخ النصتم نسخ العنوان
الطعن في العلماء - اللجنة الدائمة الفتوى رقم (  16873  )   س: نسمع ونجد أناسًا يدعون أنهم من السلفية، وشغلهم  الشاغل هو الطعن في العلماء واتهامهم بالابتداع، وكأن ألسنتهم ما خُلقت إلا له...
العالم
طريقة البحث
الطعن في العلماء
اللجنة الدائمة
الفتوى رقم ( 16873 )
س: نسمع ونجد أناسًا يدعون أنهم من السلفية، وشغلهم
الشاغل هو الطعن في العلماء واتهامهم بالابتداع، وكأن ألسنتهم ما خُلقت إلا لهذا، ويقولون: نحن سلفية. والسؤال يحفظكم الله: ما هو مفهوم السلفية الصحيح، وما موقفها من الطوائف الإسلامية المعاصرة ؟ وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء إنه سميع الدعاء.

ج: إذا كان الحال كما ذُكر، فإن الطعن في العلماء ورميهم بالابتداع واتهامهم مسلك مُرْدٍ ليس من طريقة سلف هذه الأمة وخيارها، وإن جادة السلف الصالح هي الدعوة إلى الكتاب والسنة، وإلى ما كان عليه سلف هذه الأمة من الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين لهم بإحسان بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، مع جهاد النفس على العمل بما يدعو إليه العبد، والالتزام بما عُلم بالضرورة من دين الإسلام من الدعوة إلى الاجتماع والتعاون على الخير، وجمع كلمة المسلمين على الحق، والبعد عن الفرقة وأسبابها من التشاحن والتباغض والتحاسد، والكف عن الوقوع في أعراض المسلمين، ورميهم بالظنون الكاذبة، ونحو هذا من الأسباب الجالبة لافتراق المسلمين وجعلهم شيعًا وأحزابًا يلعن بعضهم بعضًا، ويضرب بعضهم رقاب بعض، قال تعالى:
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض ، والآيات والأحاديث في ذم التفرق وأسبابه كثيرة؛ ولهذا فإن حماية أعراض المسلمين وصيانتها من الضروريات التي عُلمت من دين الإسلام، فيحرم هتكها والوقوع فيها، وتشتد الحرمة حينما يكون الوقوع في العلماء، ومَن عظُم نفعه للمسلمين منهم؛ لما ورد من نصوص الوحيين الشريفين بعظيم منزلتهم، ومنها: أن الله سبحانه وتعالى ذكرهم شهداء على توحيده، فقال تعالى:
شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، والوقوع في العلماء بغير حق تبديعًا وتفسيقًا وتنقصًا وتزهيدًا فيهم - كل ذلك من أعظم الظلم والإثم، وهو من أسباب الفتن، وصد المسلمين عن تلقي علمهم النافع وما يحملونه من الخير والهدى، وهذا يعود بالضرر العظيم على انتشار الشرع المطهر؛ لأنه إذا جُرح حملته أثر على المحمول، وهذا فيه شبه من طريقة من يقع في الصحابة من أهل الأهواء، وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم شهود نبي هذه الأمة على ما بلغه من شريعة الله، فإذا جرح الشاهد جرح المشهود به. فالواجب على المسلم التزام أدب الإسلام وهديه وشرائعه، وأن يكف لسانه عن البذاء والوقوع في أعراض العلماء، والتوبة إلى الله تعالى من ذلك، والتخلص من مظالم العباد، ولكن إذا حصل خطأ من العالم فلا يقضي خطؤه على ما عنده من العلم، والواجب في معرفة الخطأ الرجوع إلى من يشار إليهم من أهل العلم في العلم والدين وصحة الاعتقاد، وأن لا يُسلم المرء نفسه لكل من هب ودب، فيقوده إلى المهالك من حيث لا يشعر.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

Webiste