انتشار عقيدة الإرجاء والدعوة إليها
اللجنة الدائمة
الفتوى رقم ( 21436 )
س: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، على ما ورد إلى سماحة المفتي العام، من عدد من المستفتين المقيدة استفتاءاتهم بالأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، برقم ( 5411 ) وتاريخ 7\ 11\ 1420 هـ، ورقم ( 1026 ) وتاريخ 7\ 2 \ 1421 هـ، ورقم ( 1016 ) وتاريخ 7\ 2\ 1421 هـ، ورقم ( 1395 ) وتاريخ 8\ 3\ 1421 هـ، ورقم ( 1650 ) وتاريخ 17\ 3\ 1421 هـ، ورقم ( 1893 ) وتاريخ 25\ 3\ 1421 هـ ورقم ( 2106 ) وتاريخ 7\ 4\ 1421 هـ. وقد سأل المستفتون أسئلة كثيرة مضمونها: ظهرت في الآونة الأخيرة فكرة الإرجاء بشكل مخيف، وانبرى لترويجها عدد كثير من الكتَّاب، يعتمدون على نقولات مبتورة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ، مما سبَّب ارتباكًا عند كثير من الناس في مسمى الإيمان، حيث يحاول هؤلاء الذين ينشرون هذه الفكرة أن يخرجوا العمل عن مسمى الإيمان، ويرون نجاة من ترك جميع الأعمال، وذلك
مما يسهل على الناس الوقوع في المنكرات وأمور الشرك وأمور الردة إذا علموا أن الإيمان متحقق لهم، ولو لم يؤدوا الواجبات ويتجنبوا المحرمات، ولو لم يعملوا بشرائع الدين بناءً على هذا المذهب، ولا شك أن هذا المذهب له خطورته على المجتمعات الإسلامية وأمور العقيدة والعبادة، فالرجاء من سماحتكم بيان حقيقة هذا المذهب وآثاره السيئة وبيان الحق المبني على الكتاب والسنة، وتحقيق النقل عن شيخ الإسلام، حتى يكون المسلم على بصيرة من دينه.
ج: وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بما يلي: هذه المقالة المذكورة هي مقالة المرجئة الذين يخرجون الأعمال عن مسمى الإيمان ، ويقولون: الإيمان هو التصديق بالقلب، أو التصديق بالقلب والنطق باللسان فقط، وأما الأعمال فإنها عندهم شرط كمال فيه فقط وليست منه، فمن صدق بقلبه ونطق بلسانه فهو مؤمن كامل الإيمان عندهم، ولو فعل ما فعل من ترك الواجبات وفعل المحرمات، ويستحق دخول الجنة ولو لم يعمل خيرًا قط، ولزم على ذلك الضلال لوازم باطلة، منها حصر الكفر بكفر التكذيب والاستحلال القلبي، ولا شك أن هذا قول باطل وضلال مبين مخالف للكتاب والسنة وما عليه أهل السنة والجماعة سلفًا وخلفًا، وأن هذا يفتح بابًا لأهل الشر والفساد للانحلال من الدين وعدم التقيد بالأوامر والنواهي والخوف والخشية من الله سبحانه، ويعطل جانب الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
ويسوي بين الصالح والطالح والمطيع والعاصي والمستقيم على دين الله، والفاسق المتحلل من أوامر الدين ونواهيه، ما دام أن أعمالهم هذه لا تخل بالإيمان كما يقولون، ولذلك اهتم أئمة الإسلام قديمًا وحديثًا ببيان بطلان هذا المذهب والرد على أصحابه، وجعلوا لهذه المسألة بابًا خاصًّا في كتب العقائد، بل ألَّفوا فيها مؤلفات مستقلة كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره، قال شيخ الإسلام رحمه الله في ( العقيدة الواسطية ): ( ومن أصول أهل السنة والجماعة: أن الدين والإيمان قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، وأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ). وقال في كتاب ( الإيمان ): ( ومن هذا الباب أقوال السلف وأئمة السنة في تفسير الإيمان، فتارة يقولون: هو قول وعمل، وتارة يقولون: هو قول وعمل ونية، وتارة يقولون: قول وعمل ونية واتباع السنة، وتارة يقولون: قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح. وكل هذا صحيح ). وقال رحمه الله: ( والسلف اشتد نكيرهم على المرجئة لما أخرجوا العمل من الإيمان، ولا ريب أن قولهم بتساوي إيمان الناس من أفحش الخطأ، بل لا يتساوى الناس في التصديق ولا في الحب ولا في الخشية ولا في العلم، بل يتفاضلون من وجوه كثيرة ). وقال رحمه الله: ( وقد عدلت المرجئة في هذا الأصل عن بيان الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان، واعتمدوا على رأيهم وعلى ما تأولوه بفهمهم للغة، وهذه طريقة أهل البدع ) انتهى.
ومن الأدلة على أن الأعمال داخلة في حقيقة الإيمان وعلى زيادته ونقصانه بها ، قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ، وقوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان . قال شيخ الإسلام رحمه الله في
( كتاب الإيمان ) أيضًا: ( وأصل الإيمان في القلب وهو قول القلب وعمله، وهو إقرار بالتصديق والحب والانقياد، وما كان في القلب فلا بد أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح، وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دل على عدمه أو ضعفه؛ ولهذا كانت الأعمال الظاهرة من موجب إيمان القلب ومقتضاه، وهي تصديق لما في القلب ودليل عليه وشاهد له، وهي شعبة من الإيمان المطلق وبعض له ). وقال أيضًا: ( بل كل من تأمل ما تقوله الخوارج والمرجئة في معنى الإيمان علم بالاضطرار أنه مخالف للرسول، ويعلم بالاضطرار أن طاعة الله ورسوله من تمام الإيمان، وأنه لم يكن يجعل كل من أذنب ذنبًا كافرًا، ويعلم أنه لو قدر أن قومًا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: نحن نؤمن بما جئتنا به بقلوبنا من غير شك ونقر بألسنتنا بالشهادتين، إلا أنا لا نطيعك في شيء مما أمرت به ونهيت عنه، فلا نصلي ولا نصوم ولا نحج ولا نصدق بالحديث ولا نؤدي الأمانة ولا نفي بالعهد ولا نصل الرحم ولا نفعل شيئًا من الخير الذي أمرت به، ونشرب الخمر وننكح ذوات المحارم بالزنا الظاهر ونقتل من قدرنا
عليه من أصحابك وأمتك ونأخذ أموالهم، بل نقتلك أيضًا ونقاتلك مع أعدائك. هل كان يتوهم عاقل أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لهم: أنتم مؤمنون كاملو الإيمان، وأنتم أهل شفاعتي يوم القيامة ويرجى لكم أن لا يدخل أحد منكم النار، بل كل مسلم يعلم بالاضطرار أنه يقول لهم: أنتم أكفر الناس بما جئت به ويضرب رقابهم إن لم يتوبوا من ذلك ) انتهى. وقال أيضًا: ( فلفظ الإيمان إذا أطلق في القرآن والسنة يراد به ما يراد بلفظ البر وبلفظ التقوى وبلفظ الدين كما تقدم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن أن الإيمان بضع وسبعون شعبة، أفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، فكان كل ما يحبه الله يدخل في اسم الإيمان، وكذلك لفظ البر يدخل فيه جميع ذلك إذا أطلق وكذلك لفظ التقوى، وكذلك الدين أو دين الإسلام، وكذلك روي أنهم سألوا عن الإيمان فأنزل الله هذه الآية: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ الآية. إلى أن قال: ( والمقصود هنا: أنه لم يثبت المدح إلا على إيمان معه العمل، لا على إيمان خال عن عمل ). فهذا كلام شيخ الإسلام في الإيمان، ومن نقل عنه غير
ذلك فهو كاذب عليه. وأما ما جاء في الحديث أن قومًا يدخلون الجنة لم يعملوا خيرًا قط، فليس هو عامًّا لكل من ترك العمل وهو يقدر عليه، وإنما هو خاص بأولئك لعذر منعهم من العمل، أو لغير ذلك من المعاني التي تتفق مع مقاصد الشريعة. هذا واللجنة الدائمة إذ تبين ذلك، فإنها تنهى وتحذر من الجدال في أصول العقيدة؛ لما يترتب على ذلك من المحاذير العظيمة، وتوصي بالرجوع في ذلك إلى كتب السلف الصالح وأئمة الدين المبنية على الكتاب والسنة وأقوال السلف، وتحذر من الرجوع إلى الكتب المخالفة لذلك، وإلى الكتب الحديثة الصادرة عن أناس متعالمين لم يأخذوا العلم عن أهله ومصادره الأصيلة، وقد اقتحموا القول في هذا الأصل العظيم من أصول الاعتقاد، وتبنوا مذهب المرجئة ونسبوه ظلمًا إلى أهل السنة والجماعة، ولبسوا بذلك على الناس، وعززوه عدوانًا بالنقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- وغيره من أئمة السلف بالنقول المبتورة، وبمتشابه القول وعدم رده إلى المحكم من كلامهم، وإنا ننصحهم أن يتقوا الله في أنفسهم، وأن يثوبوا إلى رشدهم، ولا يصدعوا الصف بهذا المذهب الضال، واللجنة أيضًا تحذر المسلمين من الاغترار والوقوع في شراك
المخالفين لما عليه جماعة المسلمين أهل السنة والجماعة. وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح والفقه في الدين. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
س: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، على ما ورد إلى سماحة المفتي العام، من عدد من المستفتين المقيدة استفتاءاتهم بالأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، برقم ( 5411 ) وتاريخ 7\ 11\ 1420 هـ، ورقم ( 1026 ) وتاريخ 7\ 2 \ 1421 هـ، ورقم ( 1016 ) وتاريخ 7\ 2\ 1421 هـ، ورقم ( 1395 ) وتاريخ 8\ 3\ 1421 هـ، ورقم ( 1650 ) وتاريخ 17\ 3\ 1421 هـ، ورقم ( 1893 ) وتاريخ 25\ 3\ 1421 هـ ورقم ( 2106 ) وتاريخ 7\ 4\ 1421 هـ. وقد سأل المستفتون أسئلة كثيرة مضمونها: ظهرت في الآونة الأخيرة فكرة الإرجاء بشكل مخيف، وانبرى لترويجها عدد كثير من الكتَّاب، يعتمدون على نقولات مبتورة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ، مما سبَّب ارتباكًا عند كثير من الناس في مسمى الإيمان، حيث يحاول هؤلاء الذين ينشرون هذه الفكرة أن يخرجوا العمل عن مسمى الإيمان، ويرون نجاة من ترك جميع الأعمال، وذلك
مما يسهل على الناس الوقوع في المنكرات وأمور الشرك وأمور الردة إذا علموا أن الإيمان متحقق لهم، ولو لم يؤدوا الواجبات ويتجنبوا المحرمات، ولو لم يعملوا بشرائع الدين بناءً على هذا المذهب، ولا شك أن هذا المذهب له خطورته على المجتمعات الإسلامية وأمور العقيدة والعبادة، فالرجاء من سماحتكم بيان حقيقة هذا المذهب وآثاره السيئة وبيان الحق المبني على الكتاب والسنة، وتحقيق النقل عن شيخ الإسلام، حتى يكون المسلم على بصيرة من دينه.
ج: وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بما يلي: هذه المقالة المذكورة هي مقالة المرجئة الذين يخرجون الأعمال عن مسمى الإيمان ، ويقولون: الإيمان هو التصديق بالقلب، أو التصديق بالقلب والنطق باللسان فقط، وأما الأعمال فإنها عندهم شرط كمال فيه فقط وليست منه، فمن صدق بقلبه ونطق بلسانه فهو مؤمن كامل الإيمان عندهم، ولو فعل ما فعل من ترك الواجبات وفعل المحرمات، ويستحق دخول الجنة ولو لم يعمل خيرًا قط، ولزم على ذلك الضلال لوازم باطلة، منها حصر الكفر بكفر التكذيب والاستحلال القلبي، ولا شك أن هذا قول باطل وضلال مبين مخالف للكتاب والسنة وما عليه أهل السنة والجماعة سلفًا وخلفًا، وأن هذا يفتح بابًا لأهل الشر والفساد للانحلال من الدين وعدم التقيد بالأوامر والنواهي والخوف والخشية من الله سبحانه، ويعطل جانب الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
ويسوي بين الصالح والطالح والمطيع والعاصي والمستقيم على دين الله، والفاسق المتحلل من أوامر الدين ونواهيه، ما دام أن أعمالهم هذه لا تخل بالإيمان كما يقولون، ولذلك اهتم أئمة الإسلام قديمًا وحديثًا ببيان بطلان هذا المذهب والرد على أصحابه، وجعلوا لهذه المسألة بابًا خاصًّا في كتب العقائد، بل ألَّفوا فيها مؤلفات مستقلة كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره، قال شيخ الإسلام رحمه الله في ( العقيدة الواسطية ): ( ومن أصول أهل السنة والجماعة: أن الدين والإيمان قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، وأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ). وقال في كتاب ( الإيمان ): ( ومن هذا الباب أقوال السلف وأئمة السنة في تفسير الإيمان، فتارة يقولون: هو قول وعمل، وتارة يقولون: هو قول وعمل ونية، وتارة يقولون: قول وعمل ونية واتباع السنة، وتارة يقولون: قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح. وكل هذا صحيح ). وقال رحمه الله: ( والسلف اشتد نكيرهم على المرجئة لما أخرجوا العمل من الإيمان، ولا ريب أن قولهم بتساوي إيمان الناس من أفحش الخطأ، بل لا يتساوى الناس في التصديق ولا في الحب ولا في الخشية ولا في العلم، بل يتفاضلون من وجوه كثيرة ). وقال رحمه الله: ( وقد عدلت المرجئة في هذا الأصل عن بيان الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان، واعتمدوا على رأيهم وعلى ما تأولوه بفهمهم للغة، وهذه طريقة أهل البدع ) انتهى.
ومن الأدلة على أن الأعمال داخلة في حقيقة الإيمان وعلى زيادته ونقصانه بها ، قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ، وقوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان . قال شيخ الإسلام رحمه الله في
( كتاب الإيمان ) أيضًا: ( وأصل الإيمان في القلب وهو قول القلب وعمله، وهو إقرار بالتصديق والحب والانقياد، وما كان في القلب فلا بد أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح، وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دل على عدمه أو ضعفه؛ ولهذا كانت الأعمال الظاهرة من موجب إيمان القلب ومقتضاه، وهي تصديق لما في القلب ودليل عليه وشاهد له، وهي شعبة من الإيمان المطلق وبعض له ). وقال أيضًا: ( بل كل من تأمل ما تقوله الخوارج والمرجئة في معنى الإيمان علم بالاضطرار أنه مخالف للرسول، ويعلم بالاضطرار أن طاعة الله ورسوله من تمام الإيمان، وأنه لم يكن يجعل كل من أذنب ذنبًا كافرًا، ويعلم أنه لو قدر أن قومًا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: نحن نؤمن بما جئتنا به بقلوبنا من غير شك ونقر بألسنتنا بالشهادتين، إلا أنا لا نطيعك في شيء مما أمرت به ونهيت عنه، فلا نصلي ولا نصوم ولا نحج ولا نصدق بالحديث ولا نؤدي الأمانة ولا نفي بالعهد ولا نصل الرحم ولا نفعل شيئًا من الخير الذي أمرت به، ونشرب الخمر وننكح ذوات المحارم بالزنا الظاهر ونقتل من قدرنا
عليه من أصحابك وأمتك ونأخذ أموالهم، بل نقتلك أيضًا ونقاتلك مع أعدائك. هل كان يتوهم عاقل أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لهم: أنتم مؤمنون كاملو الإيمان، وأنتم أهل شفاعتي يوم القيامة ويرجى لكم أن لا يدخل أحد منكم النار، بل كل مسلم يعلم بالاضطرار أنه يقول لهم: أنتم أكفر الناس بما جئت به ويضرب رقابهم إن لم يتوبوا من ذلك ) انتهى. وقال أيضًا: ( فلفظ الإيمان إذا أطلق في القرآن والسنة يراد به ما يراد بلفظ البر وبلفظ التقوى وبلفظ الدين كما تقدم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن أن الإيمان بضع وسبعون شعبة، أفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، فكان كل ما يحبه الله يدخل في اسم الإيمان، وكذلك لفظ البر يدخل فيه جميع ذلك إذا أطلق وكذلك لفظ التقوى، وكذلك الدين أو دين الإسلام، وكذلك روي أنهم سألوا عن الإيمان فأنزل الله هذه الآية: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ الآية. إلى أن قال: ( والمقصود هنا: أنه لم يثبت المدح إلا على إيمان معه العمل، لا على إيمان خال عن عمل ). فهذا كلام شيخ الإسلام في الإيمان، ومن نقل عنه غير
ذلك فهو كاذب عليه. وأما ما جاء في الحديث أن قومًا يدخلون الجنة لم يعملوا خيرًا قط، فليس هو عامًّا لكل من ترك العمل وهو يقدر عليه، وإنما هو خاص بأولئك لعذر منعهم من العمل، أو لغير ذلك من المعاني التي تتفق مع مقاصد الشريعة. هذا واللجنة الدائمة إذ تبين ذلك، فإنها تنهى وتحذر من الجدال في أصول العقيدة؛ لما يترتب على ذلك من المحاذير العظيمة، وتوصي بالرجوع في ذلك إلى كتب السلف الصالح وأئمة الدين المبنية على الكتاب والسنة وأقوال السلف، وتحذر من الرجوع إلى الكتب المخالفة لذلك، وإلى الكتب الحديثة الصادرة عن أناس متعالمين لم يأخذوا العلم عن أهله ومصادره الأصيلة، وقد اقتحموا القول في هذا الأصل العظيم من أصول الاعتقاد، وتبنوا مذهب المرجئة ونسبوه ظلمًا إلى أهل السنة والجماعة، ولبسوا بذلك على الناس، وعززوه عدوانًا بالنقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- وغيره من أئمة السلف بالنقول المبتورة، وبمتشابه القول وعدم رده إلى المحكم من كلامهم، وإنا ننصحهم أن يتقوا الله في أنفسهم، وأن يثوبوا إلى رشدهم، ولا يصدعوا الصف بهذا المذهب الضال، واللجنة أيضًا تحذر المسلمين من الاغترار والوقوع في شراك
المخالفين لما عليه جماعة المسلمين أهل السنة والجماعة. وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح والفقه في الدين. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الفتاوى المشابهة
- ما رأيكم في كتاب ظاهرة الإرجاء لسفر الحوالي .؟ - الالباني
- أهمية العقيدة والدعوة إليها - ابن باز
- ما عقيدة المُرجئة؟ وما حكمها؟ - ابن باز
- أقسام المرجئة ومذاهبهم ، ونقل كلام أهل العلم ح... - الالباني
- باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ( بني الإسل... - ابن عثيمين
- ما الفرق بين العقيدة والإيمان - الفوزان
- بيان الفرق بين الإيمان والعقيدة - الفوزان
- الفرق بين الإيمان والعقيدة. - الفوزان
- ما هو الفرق بين الإرجاء البدعي والرجاء فيه حيث... - الالباني
- ما حقيقة الإرجاء في الإيمان؟ - ابن باز
- انتشار عقيدة الإرجاء والدعوة إليها - اللجنة الدائمة