تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تنازل والد الطفل لمن يتبناه لا يجيز التبني - اللجنة الدائمة الفتوى رقم (  3149  )   الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الاستفتاء المقدم...
العالم
طريقة البحث
تنازل والد الطفل لمن يتبناه لا يجيز التبني
اللجنة الدائمة
الفتوى رقم ( 3149 )
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الاستفتاء المقدم لسماحة الرئيس العام من مدير جوازات الرياض المساعد، المحال من سماحته برقم 1616 \ 1د في 21 \ 6 \ 1400 هـ، ونصه: تجدون طيه كامل الأوراق الخاصة بالطفلة شما التي تقدم والدها (أ. ع. م) الباكستاني الجنسية، بطلبه المرفق مفيدا فيه: أنه رزق بالطفلة المذكورة، وأنه قد أهداها إلى عم زوجته (ن.إ. ش. م) الباكستاني الجنسية، الذي قام هو الآخر بإضافتها في جواز سفر زوجته المرفق، وذلك من قبل السفارة الباكستانية بجدة، وقد أخذ منهما الإقرارين المرفقين بالموافقة على ذلك، وتبين أن الطفلة من مواليد المملكة في 14 \ 11 \ 1399 هـ، وأن والد الطفلة والمتبني
يقيمان بالمملكة إقامة نظامية. لذا نحيل لكم كامل الأوراق للنظر فيها من الناحية الشرعية وإفادتنا عن ذلك.

وأجابت بما يلي: لا يجوز لأحد من الناس أن يتنازل عن أحد من ذريته لأحد، تنازلا يفصل نسبه عنه، ويلحقه بالمتنازل له، كما لا يجوز لأحد من الناس أن يلحق بنسبه من ليس منه مطلقا، بالنص وإجماع المسلمين، وسبق أن سئلت اللجنة فأجابت عنه بالفتوى رقم (53) في 21 \ 3 \ 1392 هـ، الآتي نصها: 1 - كان التبني معروفا أيام الجاهلية قبل رسالة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وكان من تبنى غير ولده ينسب إليه ويرثه ويخلو بزوجته وبناته، ويحرم على المتبني زوجة متبناه، وبالجملة: كان شأن الولد المتبنى شأن الولد الحقيقي في جميع الأمور، وقد تبنى النبي -صلى الله عليه وسلم- زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي قبل الرسالة، فكان يدعى زيد بن محمد، واستمر العمل بالتبني على ما كان عليه زمن الجاهلية إلى السنة الثالثة أو الخامسة من الهجرة.
2 - ثم أمر الله بنسبة الأولاد المتبنين إلى آبائهم الذين تولدوا من أصلابهم إن كانوا معروفين، فإن لم يعرف آباؤهم الذين هم من أصلابهم، فهم أخوة في الدين وموالٍ لمن تبناهم ولغيرهم، وحرم سبحانه أن ينسب الولد إلى من تبناه نسبة حقيقية، بل حرم على الولد نفسه أن ينتسب إلى غير أبيه الحقيقي إلا إذا سبق هذا إلى اللسان خطأ فلا حرج فيه، وبين سبحانه أن هذا الحكم هو محض العدالة؛ لما فيه من الصدق في القول، وحفظ الأنساب والأعراض، وحفظ الحقوق المالية لمن هو أولى بها. قال تعالى: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا وقال -صلى الله عليه وسلم-: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه . وقال -صلى الله عليه وسلم-: من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله المتتابعة
رواه أبو داود. 3 - وبقضائه سبحانه على التبني -أي: البنوة الادعائية التي لا حقيقة لها- قضى على ما كان له من أحكام زمن الجاهلية واستمرت في صدر الإسلام: أ- فقضى على التوارث بين المتبني ومتبناه بهذه البنوة التي لا حقيقة لها، وجعل لكل منهما أن يبر الآخر في حياته بالمعروف، وأن يبره بوصية يستحقها بعد وفاة الموصي على ألا تتجاوز ثلث مال الموصي، وبينت الشريعة أحكام المواريث ومستحقيها تفصيلا، وليس المتبني ولا متبناه من بين المستحقين للإرث في هذه التفاصيل، وبين تعالى إجمالا أيضا المواريث، والبر والمعروف، فقال تعالى: وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا ب- وأباح الله للمتبني أن يتزوج زوجة متبناه بعد فراقه إياها، وقد كان محرما في زمن الجاهلية، وبدأ في ذلك برسوله -صلى الله عليه وسلم- ليكون أقوى في الحل، وأشد في القضاء على عادة أهل
الجاهلية في تحريم ذلك، قال تعالى: فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا فتزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- زينب بنت جحش بأمر الله بعد أن طلقها زوجها زيد بن حارثة . 4 - تبين مما تقدم أن القضاء على التبني ليس معناه القضاء على المعاني الإنسانية والحقوق الإسلامية من الإخاء والوداد والصلات والإحسان، وكل ما يتصل بمعاني الأمور ويوحي بفعل المعروف: أ- فللإنسان أن ينادي من هو أصغر منه سنا بقوله: يا بني، على سبيل التلطف معه، والعطف عليه وإشعاره بالحنان؛ ليأنس به ويسمع نصيحته أو يقضي له حاجته، وله أن يدعو من هو أكبر منه سنا بقوله: يا أبي؛ تكريما له واستعطافا، لينال بره ونصحه، وليكون عونا له، وليسود الأدب في المجتمع، وتقوى الروابط بين أفراده، وليحس الجميع بالأخوة الصادقة في الإنسانية والدين.
ب- لقد حثت الشريعة على التعاون على البر والتقوى، وندبت الناس جميعا إلى الوداد والإحسان، قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وقال -صلى الله عليه وسلم-: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر رواه أحمد ومسلم . وقال: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي . ومن ذلك: تولي اليتامى والمساكين والعجزة عن الكسب ومن لا يعرف لهم آباء بالقيام عليهم وتربيتهم والإحسان إليهم حتى لا يكون في المجتمع بائس ولا مهمل خشية أن تصاب الأمة بغائلة سوء تربيته أو تمرده لما أحس به من قسوة المجتمع عليه وإهماله، وعلى الحكومات الإسلامية إنشاء دور للعجزة واليتامى واللقطاء ومن لا عائل له ومن في حكمهم، فإن لم يفِ بيت المال بحاجة أولئك استعانت بالموسرين من الأمة، قال -صلى الله عليه وسلم-: أيما مؤمن ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا، ومن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه
رواه البخاري . وعلى هذا حصل التوقيع. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

Webiste