تم نسخ النصتم نسخ العنوان
جمع الصلوات - الفوزانسؤال: أقوم بالصلاة حسب أصولها، ولكن دوامي المدرسي يتعارض مع وقت صلاتي، ولا يسمح لي إلا أن أصلي صلاة الفجر والمغرب والعشاء، أما الظهر والعصر، فليس لدي ال...
العالم
طريقة البحث
جمع الصلوات
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
سؤال: أقوم بالصلاة حسب أصولها، ولكن دوامي المدرسي يتعارض مع وقت صلاتي، ولا يسمح لي إلا أن أصلي صلاة الفجر والمغرب والعشاء، أما الظهر والعصر، فليس لدي الوقت الكافي للصلاة إلا بعد عودتي من المدرسة، هل أستطيع جمعها مع صلاة المغرب، وهل علي إثم
لعدم صلاة الظهر والعصر، أفيدونا بارك الله فيكم.

الجواب: أما ما ذكرت من محافظتك على الصلاة، فهذا شيء تشكر عليه، ونرجو الله عز وجل أن يزيدك منه، والمحافظة على الصلاة من أهم الواجبات؛ لأن الصلاة هي عمود الإسلام، والله جل وعلا يقول: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨] ، ويقول جل وعلا: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: ٩-١١] ، ويقول جل وعلا: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} [المعارج: ٣٤، ٣٥] ، والمحافظة على الصلاة علامة الإيمان، ومن حفظ صلاته، حفظ دينه، وأول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة صلاته، فإن وفى فيها فإنه يكون في بقية أمور دينه موفيًا ومحافظًا.

المحافظة على الصلاة معناها: المحافظة على أدائها في أوقاتها التي شرعها الله تعالى، قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣] ، فمن أهم المحافظة على الصلاة أن تؤدى في مواقيتها، ومن أحب الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى الصلاة لوقتها، والمسلم لا يقدم على صلاته شيئًا من أعمال الدنيا؛ لأن الصلاة لها الصدارة في عمل المسلم، ووقتها محجوز، لا يجوز أن يشغل بغيره، قال تعالى في مدح المؤمنين: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ} [النور: ٣٧] ، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩، ١٠] ، وحتى في أشد الحالات على
المسلمين وهي حالة الخوف، ومواجهة العدو، يجب عليهم أن يصلوا الصلاة في وقتها، حتى ولو كانوا في حالة مواجهة مع العدو، وهذا مذكور في القرآن الكريم: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: ١٠٢] ، هذا في حالة الخوف، وقال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٨، ٢٣٩] ، يعني صلوا وأنتم تمشون أو وأنتم راكبون إذا كنتم في حالة خوف، وأنت مطلوبون من عدوكم، وتخافون منه، وهاربون منه إذا حانت الصلاة.
فالمسلم يصلي على حسب حاله، ولا يؤخر الصلاة عن وقتها، فالواجب على الجميع أن يصلوا الصلوات في مواقيتها، وأن لا تشغلهم الأعمال الدنيوية ولا الوظائف ولا الدراسة ولا أي عمل عن أداء الصلاة في وقتها.
وأداء الصلاة في وقتها لا يستغرق كثيرًا من وقت الإنسان، ولا يشغله عن طلب الرزق، بل هو يعينه على ذلك.
فالواجب عليكم أن تصلوا الظهر في وقتها، والعصر في وقتها في مكان العمل، بأن تهيئوا مكانًا تصلون فيه صلاة الظهر في وقتها وصلاة العصر في وقتها، وأنتم في الدراسة أو وأنتم في العمل، ثم الواجب على ولاة الأمور من المسلمين وعلى القائمين على التعليم، وعلى غيره من أعمال المسلمين أن يحسبوا للصلاة حسابها ويسمحوا للطلاب أو لمنسوبيهم بأداء الصلاة في مواقيتها من غير أن يشغلوهم عنها، هذا هو الواجب على المسلمين عمومًا، وعلى ولاة أمورهم ومسؤوليهم خصوصًا؛ لأنه بدون هذا فإن الدين لن يتم
ولن يصح وبالتالي لن يكون للمسلمين عزة ولا مكانة لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا بالمحافظة على هذا الدين، لا سيما الصلاة التي هي عمود الإسلام، فلا نجد لكم عذرًا في أداء الصلاة في غير وقتها.
أما ما ذكرتَ من هل يجوز جمع صلاة الظهر والعصر مع المغرب؟ فإن هذا لا يجوز بإجماع المسلمين، لا يجوز أن تجمع الظهر والعصر مع المغرب.
المغرب إنما يُجمع إليها صلاة العشاء الآخر في حالة العذر الشرعي، أما الظهر والعصر فلا يجمعان مع المغرب بحال من الأحوال، وأنتم لستم من أهل الأعذار الذين يباح لهم الجمع؛ لأن عذر الدراسة، أو عذر العمل، هذا ليس بعذر مبيح للجمع.

Webiste