ما الحكم في إرضاع الكبير ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : شيخنا بارك الله فيك ، نسمع ونقرأ في كتب الفقه حول إرضاع الكبير ، لكن قد يختلط علينا من كتاب أو من رأي فقيه لآخر ، فنريد الثابت والصواب بارك الله فيكم ؟
الشيخ : إرضاع الكبير بلا شك الأصل فيه أنه لا يحرِّم .
السائل : لا يُحرَّم .
الشيخ : لا يحرِّم .
السائل : لا يحرَّم .
الشيخ : لا يحرِّم ، الأصل ، أقول : الأصل فيه أنه لا يحرِّم ؛ لأنه جاءت نصوص صريحة بأن الإرضاع الذي يحرِّم هو والذي قال فيه الرسول - عليه السلام - : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب هو الرضاع في السنتين من سنِّ الطفل ، وهو له حدوده في السنة معروفة ، ما أنبت اللحم وأنشز العظم ، وفي برهة السنتين ، ونحو ذلك من القيود ، وهذا أمر متفق عليه بين علماء المسلمين .
أما إرضاع الكبير فهناك حديث وهو متفق على صحته ، لكن مختلف في استمرار حكمه ؛ فجماهير العلماء ذهبوا إلى أن ما جاء في ذاك الحديث هو حكم خاص لذلك البيت الذي هو يدور حول زوجين حذيفة وزوجه أو زوجته ومولى حذيفة ، سالم مولى حذيفة ، كان هذا عبدًا ومولًى لهذا الصحابي الجليل ، وعاش معهم كما لو كان مِن أهل بيته قبل نزول الحجاب ، ثم لما نزل الحجاب صار هذا لا يستطيع أن يدخل على مولاته زوجة مولاه كما كان يدخل من قبل ، لكن علاقات كانت وطيدة جدًّا ؛ فكان لا يزال يدخل ما بين آونة وأخرى .
الطالب : الحمد لله .
الشيخ : يرحمكم الله .
الطالب : يهديكم الله ويصلح بالكم .
الشيخ : وحذيفة هذا يتضايق نفسيًّا من دخوله على زوجته ، وهي تشعر شعور المرأة الصالحة بما يُزعج زوجها وبما يسرُّه ويفرحه ؛ ولذلك ما كان منها إلا أن جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وذكرت له بأنها ترى في عيني زوجها شيئًا من دخول سالم هذا المولى عليها ؛ فقال لها : أرضعيه تحرمي عليه . قالت : " إنه رجل " ، فالرسول - عليه الصلاة والسلام - بلطفه وتواضعه قال لها : إني لأعلم أنه رجل ، أرضعيه تحرمي عليه ، فأرضَعَتْه ، ثم رجعت لتقول للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : لم أعُدْ يا رسول الله أرى بعيني حذيفة ما كنت أرى من قبل . تعني أن هذا الإرضاع مع أنه إرضاع رجل كبير قد أثَّرَ في نفسية هذا الإنسان وكأنه صار ابنًا لها وهو كبير .
هذه القصة صحيحة اختلف نساء الرسول - عليه السلام - فضلًا عن الآخرين في هذه القصة ؛ هل هي قصة خاصَّة في هذه العائلة لا تتعدَّى إلى غيرها أم هي تشمل مَن كان على منوالها وعلى وتيرتها ؟ نساء الرسول بعامة كنَّ يريْنَ أنها قضية خاصَّة لا يُؤخذ منها حكم ، أما السيدة عائشة فكانت ترى أن هذا الحكم يتعدَّى من أهل البيت إلى مَن يماثلهم ، ولهذا كانت هي - رضي الله تعالى عنها - إذا شعرت بضرورة دخول أحد الأقارب من غير المحارم عليها تأمر أختها بأن تُرضِعَه وهو كبير ، إي نعم ، فتصبح هي خالته ، فكان يدخل عليها بدون يعني ما تتحجَّب كما هو المفروض . وهذا الحكم استمرَّ إلى هذا العصر ؛ أي : الجمهور على مذهب نساء الرسول ، القليل على مذهب السيدة عائشة - رضي الله تعالى عنها - ، ومن هذا القليل شيخ الإسلام " ابن تيمية " و " ابن قيم الجوزية " ، وأنا اطمأنَنْتُ إلى هذا الرأي في الحقيقة ، وضابط ذلك الضرورة أو الحاجة الملحَّة ؛ بمعنى لا تُحَلُّ المشكلة إلا بهذه الطريقة .
علماء الأحناف الذين مِن عادتهم أن يحاولوا الإجابة عن بعض مشاكل الحياة التي تعرض لبعض الناس بآراء قد يصيبون في بعضها ويخطئون في بعض آخر ؛ من ذلك - مثلًا - يقول بعضهم : إذا أراد أحدهم أن يدخل على امرأة وله حاجة بالدخول عليها ، وهو وهي يتضايقان من هذا الدخول لأنه ما في تحريم ، فيكفي أن يعقد على بنت لتلك المرأة ولو كانت لا تزال بيقولوا عندنا في سورية ... يعني تحفض صغيرة جدًّا ، ولو بنت شهور يعني ؛ فضلًا عن أن تكون بنت سنتين ثلاثة أربعة خمسة إلى آخره ، فهو يعقد على هذه البنت الصغيرة تصبح أمُّها حماته ؛ أي : محرَّمة عليه ، فيدخل عليها ، هذا محض الرأي ، هذا محض الرأي ، لكن أنا أرى مثل هذه القصة الصحيحة الثابتة في " صحيح البخاري " والتي تبنَّى حكمَها أمُّ المؤمنين وهي بلا شك أفقه ليس أفقه نساء الرسول - عليه السلام - فقط ؛ بل هي أفقه مِن كثير من أصحاب الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، فممكن بها حل مشكلة قد تقع في عائلة لظروف خاصَّة مثلًا ، أنا أتصوَّر مثل هذا الحكم عائلة - مثلًا - غير مسلمة أسلمت ، وعاش الزوج وزوجته ومعه سلفها ؛ أخو الزوج يعني ، عادة النصارى طبعًا ، وهذا السِّلف يعني أخو الزوج غير متزوج ، ومن الصعب عليه الآن فصله من العائلة هذه ، ممكن استثمار هذا الحديث وهذا الحكم العائشي إذا صحَّ التعبير لتجويز بقاء هذا السِّلف مع أخيه ومع زوجة أخيه إلى أن يخلق الله - عز وجل - له مخرجًا وفرجًا ، هذا هو جواب السؤال .
السائل : بارك الله فيك يا شيخ . طيب شيخنا ، كيفية الرضاع بتكون ؟
الشيخ : بالمصَّاصة .
السائل : بالمصَّاصة ، بالرَّضَّاعة يعني .
الطالب : شيخنا العثيمين يقول بما تقول يا شيخنا ، الشَّيخ ابن عثيمين .
الشيخ : نعم .
الطالب : فيقول بالجمع بين الأحاديث التي تحرِّم الرضاعة في الصغر وبين قصة سالم .
الشيخ : نعم .
الطالب : فيقول بالجمع أنها تبقى إلى يوم القيامة في نفس الظروف التي كان بها .
الشيخ : تمام .
الطالب : إي الحمد لله .
الشيخ : إرضاع الكبير بلا شك الأصل فيه أنه لا يحرِّم .
السائل : لا يُحرَّم .
الشيخ : لا يحرِّم .
السائل : لا يحرَّم .
الشيخ : لا يحرِّم ، الأصل ، أقول : الأصل فيه أنه لا يحرِّم ؛ لأنه جاءت نصوص صريحة بأن الإرضاع الذي يحرِّم هو والذي قال فيه الرسول - عليه السلام - : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب هو الرضاع في السنتين من سنِّ الطفل ، وهو له حدوده في السنة معروفة ، ما أنبت اللحم وأنشز العظم ، وفي برهة السنتين ، ونحو ذلك من القيود ، وهذا أمر متفق عليه بين علماء المسلمين .
أما إرضاع الكبير فهناك حديث وهو متفق على صحته ، لكن مختلف في استمرار حكمه ؛ فجماهير العلماء ذهبوا إلى أن ما جاء في ذاك الحديث هو حكم خاص لذلك البيت الذي هو يدور حول زوجين حذيفة وزوجه أو زوجته ومولى حذيفة ، سالم مولى حذيفة ، كان هذا عبدًا ومولًى لهذا الصحابي الجليل ، وعاش معهم كما لو كان مِن أهل بيته قبل نزول الحجاب ، ثم لما نزل الحجاب صار هذا لا يستطيع أن يدخل على مولاته زوجة مولاه كما كان يدخل من قبل ، لكن علاقات كانت وطيدة جدًّا ؛ فكان لا يزال يدخل ما بين آونة وأخرى .
الطالب : الحمد لله .
الشيخ : يرحمكم الله .
الطالب : يهديكم الله ويصلح بالكم .
الشيخ : وحذيفة هذا يتضايق نفسيًّا من دخوله على زوجته ، وهي تشعر شعور المرأة الصالحة بما يُزعج زوجها وبما يسرُّه ويفرحه ؛ ولذلك ما كان منها إلا أن جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وذكرت له بأنها ترى في عيني زوجها شيئًا من دخول سالم هذا المولى عليها ؛ فقال لها : أرضعيه تحرمي عليه . قالت : " إنه رجل " ، فالرسول - عليه الصلاة والسلام - بلطفه وتواضعه قال لها : إني لأعلم أنه رجل ، أرضعيه تحرمي عليه ، فأرضَعَتْه ، ثم رجعت لتقول للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : لم أعُدْ يا رسول الله أرى بعيني حذيفة ما كنت أرى من قبل . تعني أن هذا الإرضاع مع أنه إرضاع رجل كبير قد أثَّرَ في نفسية هذا الإنسان وكأنه صار ابنًا لها وهو كبير .
هذه القصة صحيحة اختلف نساء الرسول - عليه السلام - فضلًا عن الآخرين في هذه القصة ؛ هل هي قصة خاصَّة في هذه العائلة لا تتعدَّى إلى غيرها أم هي تشمل مَن كان على منوالها وعلى وتيرتها ؟ نساء الرسول بعامة كنَّ يريْنَ أنها قضية خاصَّة لا يُؤخذ منها حكم ، أما السيدة عائشة فكانت ترى أن هذا الحكم يتعدَّى من أهل البيت إلى مَن يماثلهم ، ولهذا كانت هي - رضي الله تعالى عنها - إذا شعرت بضرورة دخول أحد الأقارب من غير المحارم عليها تأمر أختها بأن تُرضِعَه وهو كبير ، إي نعم ، فتصبح هي خالته ، فكان يدخل عليها بدون يعني ما تتحجَّب كما هو المفروض . وهذا الحكم استمرَّ إلى هذا العصر ؛ أي : الجمهور على مذهب نساء الرسول ، القليل على مذهب السيدة عائشة - رضي الله تعالى عنها - ، ومن هذا القليل شيخ الإسلام " ابن تيمية " و " ابن قيم الجوزية " ، وأنا اطمأنَنْتُ إلى هذا الرأي في الحقيقة ، وضابط ذلك الضرورة أو الحاجة الملحَّة ؛ بمعنى لا تُحَلُّ المشكلة إلا بهذه الطريقة .
علماء الأحناف الذين مِن عادتهم أن يحاولوا الإجابة عن بعض مشاكل الحياة التي تعرض لبعض الناس بآراء قد يصيبون في بعضها ويخطئون في بعض آخر ؛ من ذلك - مثلًا - يقول بعضهم : إذا أراد أحدهم أن يدخل على امرأة وله حاجة بالدخول عليها ، وهو وهي يتضايقان من هذا الدخول لأنه ما في تحريم ، فيكفي أن يعقد على بنت لتلك المرأة ولو كانت لا تزال بيقولوا عندنا في سورية ... يعني تحفض صغيرة جدًّا ، ولو بنت شهور يعني ؛ فضلًا عن أن تكون بنت سنتين ثلاثة أربعة خمسة إلى آخره ، فهو يعقد على هذه البنت الصغيرة تصبح أمُّها حماته ؛ أي : محرَّمة عليه ، فيدخل عليها ، هذا محض الرأي ، هذا محض الرأي ، لكن أنا أرى مثل هذه القصة الصحيحة الثابتة في " صحيح البخاري " والتي تبنَّى حكمَها أمُّ المؤمنين وهي بلا شك أفقه ليس أفقه نساء الرسول - عليه السلام - فقط ؛ بل هي أفقه مِن كثير من أصحاب الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، فممكن بها حل مشكلة قد تقع في عائلة لظروف خاصَّة مثلًا ، أنا أتصوَّر مثل هذا الحكم عائلة - مثلًا - غير مسلمة أسلمت ، وعاش الزوج وزوجته ومعه سلفها ؛ أخو الزوج يعني ، عادة النصارى طبعًا ، وهذا السِّلف يعني أخو الزوج غير متزوج ، ومن الصعب عليه الآن فصله من العائلة هذه ، ممكن استثمار هذا الحديث وهذا الحكم العائشي إذا صحَّ التعبير لتجويز بقاء هذا السِّلف مع أخيه ومع زوجة أخيه إلى أن يخلق الله - عز وجل - له مخرجًا وفرجًا ، هذا هو جواب السؤال .
السائل : بارك الله فيك يا شيخ . طيب شيخنا ، كيفية الرضاع بتكون ؟
الشيخ : بالمصَّاصة .
السائل : بالمصَّاصة ، بالرَّضَّاعة يعني .
الطالب : شيخنا العثيمين يقول بما تقول يا شيخنا ، الشَّيخ ابن عثيمين .
الشيخ : نعم .
الطالب : فيقول بالجمع بين الأحاديث التي تحرِّم الرضاعة في الصغر وبين قصة سالم .
الشيخ : نعم .
الطالب : فيقول بالجمع أنها تبقى إلى يوم القيامة في نفس الظروف التي كان بها .
الشيخ : تمام .
الطالب : إي الحمد لله .
الفتاوى المشابهة
- حكم رضاع الكبير. - الالباني
- ما هو الصواب في تحديد السن في مسألة الرضاع ؟ و... - الالباني
- مسألة إرضاع سالم مولى عائشة رضي الله عنهما . - الالباني
- ما حكم إرضاع الولد أكثر من حولين؟ - ابن باز
- هل للرضاعة سن معينة، وكيف الجواب عن حديث إرض... - ابن عثيمين
- هل يجوز إرضاع الكبير إذا دعت الحاجة؟ - ابن باز
- حكم إرضاع الكبير - ابن باز
- حكم إرضاع الرجل الكبير للضرورة - ابن باز
- مسألة في حكم إرضاع الكبير - ابن باز
- هل يؤثر إرضاع الكبير؟ - ابن عثيمين
- ما الحكم في إرضاع الكبير ؟ - الالباني