تم نسخ النصتم نسخ العنوان
أنواع الأحاديث التي وردت في الجمع في الحضر عن... - الالبانيالشيخ : وكما قلت آنفاً إنما هما قسمان:أحاديث تقول جمع رسول الله وليس بيان صورة هذا الجمع ، والأحاديث الأخرى تبين حقيقة هذا الجمع بعضها جمع تأخير كما سبق...
العالم
طريقة البحث
أنواع الأحاديث التي وردت في الجمع في الحضر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : وكما قلت آنفاً إنما هما قسمان:
أحاديث تقول جمع رسول الله وليس بيان صورة هذا الجمع ، والأحاديث الأخرى تبين حقيقة هذا الجمع بعضها جمع تأخير كما سبق ذكره في حيث أنس، وبعضها جمع تقديم كما في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه الذي أخرجه الإمام مالك في *موطّئه* وأبو داود في *سننه*: أن النبي صلى اله عليه وآله وسلم نزل في غزوة تبوك فلما حضرت صلاة الظهر أمر بالأذان فأذّن ، ثم خرج وصلى الظهر ثم صلى العصر مع الظهر فهذا جمع تقديم، قدّم صلاة العصر إلى وقت صلاة الظهر وجمع بينهما في وقت صلاة الظهر، هذا جمع حقيقي وجمع تقديم.
ثم كذلك فعل عليه الصلاة والسلام في صلاة المغرب وصلاة العشاء جمعهما أيضًا وهو نازل في سفره في رجوعه من تبوك، هذا أيضًا جمع تقديم.
فإذن: الجممع الثابت في السنة إما جمعاً مطلقاً وإما جمعاً مقيّداً، وهذا قسمان: جمع تأخير وجمع تقديم ، فكلما جاءنا حديث فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجب علينا أن نحمله على الجمع المعروف الثابت في الأذهان وعند أهل العلم بطبيعة الحال، وإذ لم يكن هناك إلا الجمع الحقيقي على الوجهين المذكورين آنفاً تقديما وتأخيراً فحينما يأتينا حديث فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جمع وليس فيه بيان نوعية هذا الجمع كحديث ابن عباس الذي ذكرته آنفًا، وجب حين ذاك على كل فقيه أن يفسر هذا الجمع بالتفسير المعروف في السنة وليس في التفسير القائم في بعض الأذهان والذي لا حقيقة له في الواقع الذي هو الجمع الصوري.
وكان قد انتهى حديثي حينما أذّن لصلاة المغرب أنني لما رويت حديث ابن عباس هذا قلت: إن هذا الحديث يصرح فيه راويه بالسبب الذي جمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة مقيماً غير مسافر، حيث سُئل ابن عباس كما سمعتم عن سبب الجمع لأن المعهود أن الجمع إنما هو في السفر، فما بال الرسول عليه السلام جمع وهو مقيم في المدينة كان جوابه يبطل الجمع الصوري إبطالاً لا جواب عليه، حيث قال: أراد ألا يُحرج أمته فقوله هذا فيه تصريح أن الجمع لم يكن جمعاً صورياً، لأن الحقيقة إذا أراد الإنسان أن يجمع بين الصلاتين صلاة الظهر أو صلاة المغرب، الظهر مع العصر المغرب مع العشاء، إذا تربّص وترقّب نهاية الوقت الأول وقت الظهر فيصلي الظهر وما يكاد ينتهي من هذه الصلاة إلا ويكون دخل العصر.
هذا ليس فيه رفع للحرج بل فيه تأكيد الحرج بينما المقصود من الجمع وبخاصة إذا كان في السفر وهو التيسير على الناس لأنهم يحتاجون كثيرًا إلى أن يضموا صلاة إلى أخرى، فلما كان الحديث هذا يصرح بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما جمع لرفع الحرج هذا التعليل إنما يؤكد أن الجمع كان جمعاً حقيقيًا بين الصلاتين في وقت إحداهما، فلا وجه لحمل هذا الحديث كما فعل بعض المتأخرين من العلماء المحققين أنه حمله على الجمع الصوري، هذا الجمع الصوري لا نجد له أصلًا في شيء من أحاديث الرسول عليه السلام، وإن كان ذلك ظن ذلك بعض الرواة كما جاء ذلك في *صحيح البخاري*: أنه قيل لأبي الشعثاء: أنا أرى أنه أخر الأولى إلى الأخرى فقال: وأنا أظن ذلك، هذا ظن لا يسمن ولا يغني من جوع، ولكننا إذا درسنا حديث ابن عباس الذي أخرجه مسلم كما سبق بهذه الدقة والملاحظة عرفنا حينذاك أن الجمع الذي جمعه الرسول عليه السلام أراد ألا يحرج أمته بهذا التسنين وبهذا الشرع الذي جاء به من رب العالمين ليرفع الحرج عن بعض الناس سواءً كانوا جماعةً في مسجد أو كانوا فرادى كل في عمله أو في داره أو ما شابه ذلك، إذا وجد حرجاً حينذاك وجود الحرج ينفي الفرضية التي نعهدها من المحافظة على الصلاة التي جاء الأمر بها في قوله تبارك وتعالى: إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتاً فكما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين بقوله وبفعله أن هذا التوقيت الذي أشار إليه رب العالمين هي خمس صلوات كل صلاة تصلى في وقتها كذلك أضاف إلى ذلك بيانًا ثانيًا، فأباح الجمع في السفر سواء كان جمع تقديم أو تأخير، ثم أخيراً بيّن للناس أنه يجوز للمقيم أن يجمع بين الصلاتين جمعاً حقيقيًا ليس ترخصًا وهذا هو الفرق بين الجمع في حالة الإقامة، وبين الجمع في حالة السفر، فلا يتوهمن أحد أنه يجوز للمقيم أن يجمع على هواه على كيفه وعلى رأيه، سواء كان هناك في المحافظة على التوقيت المشروع أصله حرج أو لم يكن في المحافظة حرج ليس الأمر كذلك، بل حديث ابن عباس يفيد فائدتين سبق ذكرهما آنفاً، وهي أن الجمع كان حقيقياً، والفائدة الأخرى وهذه التي أردت أن أختم الحديث الذي بدأته قبل صلاة المغرب للتنبيه عليها لأنني أعرف تجربتي الخاصة أن كثيرَا ممن يتبعون السنة ويتعصبون للحديث دون تعصب للأئمة، وهذا واجب على كل مسلم يعرف السنّة أعرف أن هؤلاء من يذهب إلى أن الجمع في حالة الإقامة حكمه كالجمع في حالة السفر، الجواب لا لأن الجمع في حالة السفر رخصة لا يُلاحظ فيها رفع الحرج.

Webiste