تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة شرح حديث أم كلثوم ابنة عقبة بن أبي معيط ر... - الالبانيالشيخ : كان آخر حديث قرأناه في الدرس الماضي حديث :  لَيس الكَذَّابُ الَّذِي يُصلِحُ بَينَ النَّاس  وبقيت علينا جملة لم نتكلم عليها ولذلك فلا بد من إعادة...
العالم
طريقة البحث
تتمة شرح حديث أم كلثوم ابنة عقبة بن أبي معيط رضي الله عنهم : ( ... فَيَقُولُ خَيْرًا، أَوْ يَنْمِي خَيْرًا ).
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : كان آخر حديث قرأناه في الدرس الماضي حديث : لَيس الكَذَّابُ الَّذِي يُصلِحُ بَينَ النَّاس وبقيت علينا جملة لم نتكلم عليها ولذلك فلا بد من إعادة قراءة نص الحديث ثم الوقوف عند الجملة المشار إليها : هذا الحديث رواه المصنف - رحمه الله - كما كنا ذكرنا من طريق أم كلثوم ابنة عقبة ابن أبي مُعيط أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : لَيسَ الكَذَّابُ الَّذِي يُصلِحُ بَينَ النَّاسِ ، فَيَقُولُ خَيرًا ، أَو يَنمِي خَيرًا .فتكلمنا عن الكذب في سبيل الإصلاح بين اثنين بما تيسر يومئذ ، ففي هذا الكذب يقول هنا في الحديث : يقول خيرًا أو يَنمي خيرًا والواقع أن الشاهد في هذا الحديث في جواز الكذب للإصلاح بين الناس إنما هو في قوله : أو يَنمي خيرًا ليس في قوله : فيقول خيرًا لأن قول الإنسان الخير أمر مشروع وفيه كل خير فلا غرابة فيه أن يقول الإنسان خيرًا أي : مطابقًا للواقع في سبيل الإصلاح بين اثنين ، وإنما الذي قد يُستغرب بادئ الرأي هو ما جاء في هذا الحديث بعد قوله : فيقول خيرًا أو يَنمي خيرًا أي يزيد في كلامه أي : كما قلنا في الدرس الماضي : ما يخالف الواقع ، كأن يقول : إن فلان يحبُّك ليش أنت نافرٌ منه ، وما يشبه هذا الكلام ، والواقع أنه ما في هذه المحبة ولكن هو يزيد في الكلام في سبيل تقريب القلوب النافرة بعضها من بعض ، والجملة التي لا بد من الكلام عليها بعض الشيء هو تمام قولها راوية الحديث أم كلثوم : قَالَتْ : وَلَم أَسمَعْهُ يعني هي لم تسمع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يُرَخِّصُ فِي شَيءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ مِنَ الكذب إلا في ثلاث : الإِصلَاحِ بَينَ النَّاسِ ، وَحَدِيثِ الرَّجُلِ امرأته ، وحديثِ المَرأَةِ زوجَها بهذا ينتهي الحديث .فقولها : ولم أسمعه يرخص فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ مِنَ الكذب : فيه إشارة إلى أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يحرِّم الكذب تحريمًا عامًا ، وأنه لا يستثني منه شيئًا يُرخص فيه إلا في هذه الأمور الثلاثة وهي : أوَّلًا : الإصلاح بين الناس كما سبق في الجملة الأولى .
وثانيًا : حديث الرجل امرأته وحديث المراة زوجها ، هنا شيء لا بد من توضيحه لأن الناس يريدون أن يتعلقوا ولو بأضعف وسيلة ليستحلوا ما حرم الله عزوجل من الكذب بأدنى حيلة فهذا الحديث يقول : إن حديث الرجل امرأته هو من الكذب الجائز ، وحديث المرأة زوجها - أيضًا - من الحديث من الكذب الجائز ، وهذا الاستثناء المذكور في هذا الحديث هو بلا شك أمر متفق عليه بين العلماء لثبوت الحديث في ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - . لكنهم اختلفوا في تحديد هذا الحديث الذي يتحدث به الرجل مع زوجته والزوجة مع زوجها يتحدث حديثًا كاذبًا أو فيه كذب ، ما هي الحدود التي يجوز للرجل أن يكذب في حديثه على امراته والمرأة التي يجوز لها أن تكذب في حديثها مع زوجها . لاشك أن الأمر فيه دقة ، وأنا أقول كلمة فاصلة : يجب على كل من الزوجين أن يلتزما في حديثه مع الآخر الصدق في كل شيء وأن لا يترخص بهذه الرخصة على الرغم من مجيء الحديث بها لأن الأمر فيه ريبة ، أي : الريبة تأتي من جهة أنه ليس من السهل أن يتمكن كل زوج فضلًا عن كل زوجة أن تحدد الكذب الذي رخص الشارع الحكيم له أو لها به ، فقد قلنا آنفًا : لقد اتفقوا على جواز هذا النوع من الكذب بين الزوجين لكن اختلفوا في التحديد ، لذلك فالعزم والحزم أن يبتعد كل من الزوجين عن هذا الترخص لدقة الأمر ومن باب قوله - عليه الصلاة والسلام - : إنَّ الحلال بيِّن ، والحرام بيِّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهنَّ كثير من الناس ، فَمَن اتَّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، فالرجل والمرأة كل من الزوجين إذا اعتادا دائمًا وأبدًا أن يأخذ في حديثه بالصدق فقد أخذ بالحيطة لدينه ، وابتعد عن الشبهات فيه ، ويؤكد ذلك - أيضًا - قوله - عليه السلام - : دَعْ ما يريبك إلى ما لا يريبك .

Webiste