تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح الشيخ لحديث من سن في الإسلام سنة حسنة، وأن... - الالبانيالشيخ : لذلك فقوله صلى الله عليه وآله وسلم ولعلي أستطيع أن أنهي هذه الكلمة بالحديث التالي، حتى نوفر بعض الوقت للإجابة على بعض الأسئلة، لذلك أقول فقول ال...
العالم
طريقة البحث
شرح الشيخ لحديث من سن في الإسلام سنة حسنة، وأن الحديث لا يدل على الابتداع في الدين.
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : لذلك فقوله صلى الله عليه وآله وسلم ولعلي أستطيع أن أنهي هذه الكلمة بالحديث التالي، حتى نوفر بعض الوقت للإجابة على بعض الأسئلة، لذلك أقول فقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم في * صحيحه *، من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله تعالى عنه قال: كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فجاءه أعرابٌ مجتابي النمار، متقلدي السيوف، عامتهم من مضر بل كلهم من مضر، فلمَّا رآهم رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم تمعَّر وجهه -أي: تغيرت ملامح وجهه حُزنًا على حالة هؤلاء الأعراب مِن الفقر- فخطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الصحابة، وتلا قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم مِن قبل ما يأتي أحدكم الموت فيقولَ ربِّ لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصّدَّق وأكن من الصالحين ثم قال عليه الصلاة والسلام: تصدق رجل بدرهمه بديناره بصاع بره بصاع شعيره، فقام رجل من الصحابة وانطلق إلى داره ليعود حاملًا في طرف ثوبه ما تيسر له من الصدقة، ووضعها أمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما رأى سائر الصحابة ما فعل صاحبهم قام كل منهم إلى داره أيضًا ليعود بما تيسر له من الطعام والصدقة، قال جرير: فاجتمع أمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات كأكوام الجبال، فلما رأى ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم تنوَّر وجهه كأنه مذهبة -أي كأنه فضة مطلية بالذهب تلألأ نوراً، فرحا باستجابة أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لحضه لهم على الصدقة على أولئك القوم-، فقال صلى الله عليه وآله وسلم في هذه المناسبة: من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيئاً، ومن سنَّ في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أوزارهم شيئاً إلى هنا ينتهي الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في *صحيحه * والشاهد منه: أن مِن الخطأ الفاحش الآن وفي آخر الزمان أن يستدل بعض الناس بهذا الحديث ضربًا بتلك القاعدة العامة: كلُّ بدعة ضلالة وكلُّ ضلالة النار يستدلون بهذا الحديث على تخصيص تلك القاعدة، فيزعمون أن معنى الحديث: مَن سن في الإسلام سنة حسنة : يزعمون أن معناه أنَّ من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة، هذا منتهى العجمة ومنتهى اللكنة، حيث أن الحادثة كما سمعتم كلها تدور حول حض النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الصدقة آية وقولًا منه، ثم استجاب له أولَ من استجاب ذلك الصحابي الأول ثم اتبعه سائر الصحابة، فقال حاضًّا لمن يريد أن يكون له أجر عمله وأجر من يتبعه على عمله أن يسُن سنة حسنة، فقال بهذه المناسبة أي: بمناسبة الصدقة وقيام الرجل الأول الذي هو سَنَّ تلك السنة في ذلك المكان، فقال عليه الصلاة والسلام: منْ سنَّ في الإسلام سنة حسنة أي: من فتح طريقًا يؤدي هذا الطريق إلى سنة حسنة، من أين نعرف السنة الحسنة أمن عقولنا أم من شريعة ربنا ؟!
عرفتم الفرق بين أهل السنة وبين المعتزلة، المعتزلة يقولون: الحسن ما حسنه العقل، أما أهل الشرع فيقولون: الحسن ما حسنه الشرع، والدليل في نفس هذه القصة حيث أمر الله عباده بأن يتصدقوا قبل أن يأتيهم الموت، ثم أكد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك ببعض أحاديثه كقوله: تصدق رجل بدرهمه -أقل شيء- بديناره بصاع بره بصاع شعيره ، فلما قام هذا الرجل فتح باب الصدقة فقد سنَّ سنة حسنة، هذه السنة الحسنة ليست من عنده وإنما مما سمعه من الموعظة الحسنة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لذلك كان له أجر صدقته وأجر من اتبعه في تلك الموعظة.
كذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام في تمام الحديث: ومن سَنَّ في الإسلام سنة سيئة من أين نعرف السنة السيئة أمن عقولنا أم من شريعة ربنا؟! فالجواب هو هو من الشرع التحسين والتقبيح، كلاهما من الشرع ولا مدخل للعقل فيه.
إذ الأمر كذلك فختامًا أقول: ينبغي على كل المسلمين أن يقفوا عند حدود العبادات التي جاءت واضحةً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا يُدخلوا فيها زياداتٍ لم تأتِ لا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا عن الصحابة ولا عن السلف الصالح، فلا جرم أن أهل العلم يقولون:
" وكل خير في اتباع من سلف *** وكل شر في ابتداع من خلف ".

Webiste