تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ماهو معتقد الجبرية وكيفية الرد عليهم بشبهةِ أن... - الالبانيالسائل : قال : نرجو من فضيلتكم إيضاح معتقد الجبرية وكيفية الرد عليهم بشبهةِ أنَّ الله قدّر المقادير قبل خلق السماوات والأرض بزمن بعيد فكيف يقال بأن الإن...
العالم
طريقة البحث
ماهو معتقد الجبرية وكيفية الرد عليهم بشبهةِ أنَّ الله قدّر المقادير قبل خلق السماوات والأرض بزمن بعيد فكيف يقال بأن الإنسان مخير في أعماله كالطاعة والعصيان ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : قال : نرجو من فضيلتكم إيضاح معتقد الجبرية وكيفية الرد عليهم بشبهةِ أنَّ الله قدّر المقادير قبل خلق السماوات والأرض بزمن بعيد فكيف يقال بأن الإنسان مخير في أعماله كالطاعة والعصيان ؟

الشيخ : المسألة في الحقيقة سهلة عند مَن أَحاط معرفةً بتقادير الله عز وجل السابقة للحوادث ، فإذا نحن درسنا أيَّ حادثة مِن الحوادث وقعت فلا نشك أنَّ هذا الواقع هو الذي سبق في اللوح المحفوظ وسُجّل قبل أن يقع، لنضرب على ذلك بعض الأمثلة:
القاتل العمد والقاتل الخطأ والمجتهد المصيب والمجتهد المخطئ ، فلان قتل عامدًا تُرى في اللوح المحفوظ ما الذي كتب؟! أنه سيقتل عامدًا ، الآخر قتل خطأً تُرى ما الذي كان مكتوباً في اللوح المحفوظ ؟ يَقتل عامدًا أم يقتل خطأً ، لا شك أن القدر الإلهي سابق للحوادث وهو بعلمه تبارك وتعالى الأزلي السابق يكتشف هذه الحوادث وسجلها في اللوح المحفوظ قبل وقوعها ، فهي كما وقعت سُجّلت وحينئذٍ نقول : القاتل العمد قتل باختياره أم باضطراره ، وعلى العكس القاتل الخطأ قتل أيضاً باختياره أم رغم أنفه ؟!
سيأتي الجواب : القاتل الأول قتل باختياره ، والقاتل الثاني قتل رغم أنفه ليس باختياره ، فهل نحن لأنه أخبرنا ربُنا تبارك وتعالى بالقدر الذي سَبق أن سجل المخلوقات كلَّها ، لأننا علمنا هذه الحقيقة هل معرفتنا بهذه الحقيقة ستضطرنا نحن أن نغير علمنا بهذا الواقع ؟ قلنا : أن أحد القاتلين قتل باختياره ، فهل نقول : إنه قتل رغم أنفه لأننا اعتقدنا أنه سبق في كتاب الله عز وجل أنه سيقتُل ؟ كان جوابنا سبق في كتاب الله أنه سيقتل باختياره ، فإذاً الاختيار ثابت في القدر كالاضطرار تماماً ، ولذلك كان كنتيجة بدهية جدًّا أنَّ الله عز وجل يعذب القاتل العمد ولا يعذب القاتل الخطأ ، لأن القاتل العمد قتل باختياره ، فالاختيار لا يمكن إنكاره لمجرد اعتقاد أنَّ هذا القتل سُجل في اللوح المحفوظ ، لكن ينبغي أن نتذكر أنَّ الذي سُجل في اللوح المحفوظ سيقع بكل دقة ، وقد قلنا أن الذي وقع وقع باختياره ، فهل هذا مطابق للقدر الإلهي ولا مخالف ؟ هو مطابق للقدر الإلهي .
ولهذا فالذين يقولون بالجبر هم يخالفون القدر الإلهي ، ويريدون أن يسووا بين ما كان مكتوباً في اللوح المحفوظ وفي القدر الإلهي بالاختيار أو بالاضطرار ، من أجل هذا فرّق الشرع والقانون والعقل بين مَن كان مختاراً في شيء وبين من كان غير مختار ، فمناط التكليف إنما هو بوجود الاختيار ، فإذا انتفى الاختيار انتفى التكليف ، فالقول بالجبر ينفي القدر بينما هم يريدون من إثبات الجبر لأنه ثبت في القدر ، القَدَر قسمان :
مسجل بالاختيار أنه سيفعل كذا ، ومسجل بالاضطرار أنه سيفعل كذا .
فإذاً يعود قولهم بالجبر مستندين إلى القضاء والقدر تعود الحجة عليهم على خلاف ما يزعمون .
وهناك نكتة لبعض الظرفاء :
إذا قال لك الجبريُّ : كل شيء يفعله الإنسان فإنما هو مضطر لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ وأنه لابد أن يقع ، قل له : فهل المضطر مؤاخذ ومكلف سيقول لك : لا ، فما عليك دعه يقول هذه الضلالة إلا أن تصفعه صفعةً في خده مثلًا ، هو سيقول أخ ليش ضربتني ، بتقول له : مضطر ، مضطر كلام من أسخف ما يكون ، والإنسان خلقه الله عز وجل في أحسن تقويم .
فأنا أقول مثلًا : أين الاضطرار ، أنا الآن أتكلم معكم يا ترى مختاراً ولا مجبوراً إذا قلتُ مجبوراً هاه ، هاه مجبور على السكوت هاه بتكلم معكم ، أين الاضطرار المزعوم ؟!
فالله عز وجل أحكم الحاكمين خلق الإنسان ومكَّنه من عمل الخير كما مكَّنه من عمل الشر ولذلك قال : فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر : فالمشيئة البشرية تشمل الخير والشر .
وفي اللوح المحفوظ مكتوب على التفصيل الدقيق ما سيأتيه كل مكلَّف في هذه الحياة الدنيا ، إن فعل شيئاً من الشر باختياره حوسب ، وإن فعل شيئاً من الشر مضطراً إليه لم يحاسب ولم يعذب بالتالي ، وليس هناك شرٌّ من الكفر بالإيمان ، ومع ذلك فربنا عز وجل قد فرّق بين من كفر اختياراً وبين من كفر اضطراراً .

Webiste