تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح قول المصنف : ثم كتب الله في اللوح المحفو... - ابن عثيمينالشيخ : يقول المؤلف رحمه الله : " ثم كتب "هذه هي الدرجة الثانية.إذن لا بد أن نؤمن بأن الله عالم بايش؟ بما نحن عاملون بعلم سابق أزلي أبدي لم يجهل ما علمن...
العالم
طريقة البحث
شرح قول المصنف : ثم كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير الخلق فأول ما خلق الله القلم ( قال له : اكتب . قال : ما أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة . فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه جفت الأقلام وطويت الصحف كما قال تعالى : ( ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير )
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : يقول المؤلف رحمه الله : " ثم كتب "
هذه هي الدرجة الثانية.
إذن لا بد أن نؤمن بأن الله عالم بايش؟ بما نحن عاملون بعلم سابق أزلي أبدي لم يجهل ما علمنا ولن ينسى ما علمنا. ولهذا يذكر الله عبده يوم القيامة إذا خلا به، يقول : عملت كذا وكذا في يوم كذا وكذا حتى يؤمن الإنسان بذلك.
طيب. - اصبر - جاء وقت الأسئلة؟
الطالب : خمس دقايق.

الشيخ : اه؟ أي لا رايح ما نبهتونا ايش؟
الطالب : قلت الدرجة الثانية.

الشيخ : لا. هذا الشيء الثاني من الدرجة الأولى. إذن الدرجة الأولى تشمل شيئين : علما وكتابة. كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء.
واللوح المحفوظ لسنا مطالبين بأن نعرف ماهيته، من أي شيء هذا اللوح، من خشب، من حديد، من ذهب، من فضة، من زمرد، ما لنا شيء في هذا. إنما نؤمن بأن هناك لوحاً كتب الله فيه ايش؟ مقادير كل شيء، وليس لنا الحق في أن نبحث وراء ذلك. لكن لو جاء في الكتاب والسنة ما يدلنا على هذا، فالواجب علينا أن نعتقده. طيب اللوح المحفوظ وصف بذلك لأنه محفوظ من أيدي الخلق، لا تصل إليه الأيدي فلا يمكن أن يُلحق أحد به شيئاً أو يغير فيه شيئا.
ثانياً : محفوظ من التغيير، فالله عز وجل لا يغير فيه شيئاً، لأنه كُتب عن علم منه، كما سيذكره المؤلف، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله : " إن المكتوب في اللوح المحفوظ لا يتغير أبدا "، وإنما يحصل التغير في الكتب التي بأيدي الملائكة. هذه ربما يحصل فيها التغير. أما اللوح المحفوظ فهو محفوظ على اسمه. طيب.
" كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء " اه؟ اه؟ " مقادير الخلق " يعني مقادير المخلوقات كلها.
وظاهر النصوص أنه شمل ما يفعله الإنسان، وما يفعله البهائم، وأنه عام شامل.
ولكن هل هذه الكتابة إجمالية أو تفصيلية؟ هذه
قد نقول، قد يقول الإنسان : إننا لا نجزم بأنها تفصيلية أو إجمالية.
مثلاً : القرآن الكريم : هل هو مكتوب في اللوح المحفوظ ، مكتوب في اللوح المحفوظ بهذه الآيات والحروف أو أنّ المكتوب في اللوح ذِكره وأنه سيكون سينزل على محمد صلى الله عليه وسلم وسيكون نوراً وهدىً للناس وما أشبه ذلك؟ اه؟
فيه احتمال : إن نظرنا إلى ظاهر النصوص، نقول : إن ظاهرها أن كل شيء يكتب جملة وتفصيلاً، وإن نظرنا إلى أن الله سبحانه وتعالى يتكلم بالقرآن حين نزوله. نقول : إن الذي كتب في اللوح المحفوظ ذكر القرآن، ولا يلزم من كونه في اللوح المحفوظ أن يكون قد كتب فيه، ولهذا قال الله تعالى عن القرآن : وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ، يعني : كتب الأولين.
فهل القرآن موجود بنصه في التوراة؟ اه؟ لا، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، لكن ذكره موجود، ممكن أن نقول مثلها قوله تعالى : بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ، أي : ذكره في هذا اللوح.
وعلى كل حال المهم أن نؤمن بأن مقادير الخلق مكتوبة في اللوح المحفوظ، وأن هذا اللوح لا يتغير ما كتب فيه، لأن الله أمره أن يكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، والله أعلم.
إن الإيمان بالقدر على درجتين : كل درجة تتضمن شيئين، وأن الذي أوجب للمؤلف رحمه الله أن يقسمه هذا التقسيم هو الخلاف في هذه المراتب.
انتهينا من الشيء الأول من الدرجة الأولى.
أما الشيء الثاني فقال : " ثم كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير الخلق " وسبق لنا الكلام على اللوح المحفوظ، وأننا لا نسأل عن ماهية هذا اللوح، ولا عن كيفيته وصفته، والذي يهمنا منه أنه لوح كتب الله فيه مقادير الخلق.
قال : " فأول ما خلق الله القلم قال له : اكتب " أمره أن يكتب، مع أن القلم جماد.
فكيف يوجه الخطاب إلى الجماد؟!
والجواب على ذلك بسيط : أن الجماد بالنسبة إلى الله عاقل، يصح أن يوجه إليه الخطاب، قال الله تعالى : ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ . فوجه الخطاب إليهما. وذكر جوابهما.
وقال الله تعالى : قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ . فكانت كذلك.
وقال الله تعالى : يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ فكانت الجبال والطير تؤوب مع داوود عليه الصلاة والسلام.
على أن خطاب الجماد قد يقع حتى من المخلوق، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد قبل الحجر الأسود : إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك لكن لا يلزم من خطاب عمر أن يعقله الحجر، لا يلزم أن يعقله الحجر.
طيب، ودخل أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته وهو مغطى فكشف عن وجهه وقبله، وقال : بأبي أنت وأمي ما أطيبك حيا وميتا فخاطبه وهو ميت.
فهذا على سبيل التجوز أحيانا أو على سبيل كون هذا الشيء المخاطب كأنه عاقل يفهم، يعني أنه ينزل منزلة العاقل.
ومن ذلك أن موسى عليه الصلاة والسلام ضرب الحجر حين هرب بثوبه، القصة أظنها معلومة. اه؟
كان بنو إسرائيل يقولون إن موسى آدر، آدر يعني كبير الخصيتين، وهو عيب، لأنه كان صلى الله عليه وسلم يغتسل مستترا وهم يغتسلون عراة، عراة، فقالوا هذا الكلام فيه فأراد الله عز وجل أن يريهم أن ما قالوه كذب وبهتان، فدخل يوما يغتسل ووضع ثوبه على حجر فهرب الحجر بالثوب وجعل موسى يتبعه ثوبي حجر ثوبي حجر، ولكنه قد هرب به حتى وصل إلى الملأ من بني إسرائيل فشاهدوا موسى عليه السلام أنه كان سليما، ثم وقف الحجر، فأخذ ثوبه، وجعل يضرب الحجر عليه الصلاة والسلام، نزله منزلة العاقل، لأنه فعل فعل العاقل. طيب، المهم أن الله أمر القلم أن يكتب، والخطاب للجماد من الله عز وجل خطاب صحيح صريح، لأن الجماد بالنسبة لله عاقل، القلم امتثل ولا لا؟ امتثل، لكنه أشكل عليه، لأن الكلام مجمل، اكتب، قال : ما أكتب؟ يعني : أي شيء أكتب؟ سمعا وطاعة لكن أي شيء أكتب؟
قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ، فكتب القلم بأمر الله ما هو كائن إلى يوم القيامة، شوف كيف سبحان الله العظيم! القلم كيف علم ماذا يكون إلى يوم القيامة، فكتبه، لأن أمر الله عز وجل لا يرد، لا مرد له. أمره أن يكتب فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة.
قال المؤلف : " فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ".
إذا آمنت بهذه الجملة، اطمأننت، ما أصاب الإنسان، لم يكن ليخطئه أبداً.
ومعنى " ما أصاب ". هل المراد ما قدر أن يصيبه، أو أن ما أصابه بالفعل؟ نعم؟ فيه قولان، أو فيه احتمالان: يحتمل أن المعنى : ما قدر أن يصيبه، فإنه لن يخطئه، ويحتمل أنّ ما أصابه بالفعل لا يمكن أن يخطئه حتى لو تمنى الإنسان قال : لو أني فعلت ، لو أني فعلت فإنه لا يمكن أن يخطئه، وإذا آمنت بذلك وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك اطمأننت على المصائب، ولم تقل : لو أو ليت. طيب .
" وما أخطاه لم يكن ليصيبه " . طيب ما أخطأه أي ما قدر أن يخطئه فإنه لم يكن ليصيبه. وليس المعنى : ما أخطاه بالفعل، لأن ما أخطأه بالفعل معروف أنه غير صائب. لكن.

Webiste