هل تكفي إقامة الحجَّة على الكفار وأهل البدع أم لا بد من فهمها وما ضابط هذا الفهم ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : فضيلة الشيخ ، هل تكفي إقامة الحُجة على أهل الشرك وسائر أهل البدع أم لا بد من فهمها ؟ وما هو ضابط هذا الفهم والله - تعالى - يقول : إنا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً وذلك في الكفار إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي أذانِهِمْ وَقْرًا ؟
الشيخ : لا شك أن حجة الله - تبارك وتعالى - إذا قُدِّمت لبعض الناس من الأعاجم باللغة العربية التي لا يفهمونها فلم تَقُمْ الحجة عليهم ، ومن أجل ذلك قال الله - عز وجل - : وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ، فإذا أقام العالم حجَّة الله على عباده ، ولم يفهموها بسبب عُجمة طرأت على لسانهم العربي ، أو بسبب أنهم أعاجم ؛ فلا بدَّ لهذا العالم حينذاك أن يشرح لهم حجَّة الله - تبارك وتعالى - حتى تتبيَّن لهم ، فإذا تبيَّنت لهم الحجة ، ثم جحدوها بعد أن استيقنتها أنفسهم ؛ حينذاك يُحكم عليهم بأنهم كفار وبأنهم مخلَّدون في النار ، أما مُجرَّد تلاوة الحجة على ناس لا يفقهونها ؛ فذلك مما لا تقوم به الحجَّة باتفاق أهل العلم ، والله - عز وجل - حينما قال : وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا فإنما يعني رسولًا بلسان قومهم ليفهموا عليه ما يُخاطبهم به من الوحي الذي أُنزل عليه من ربِّه - تبارك وتعالى - ؛ ولذلك تأكيدًا لهذا المعنى جاء قوله - عليه الصلاة والسلام - كما رواه الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ما من رجلٍ من هذه الأمة من يهوديٍّ أو نصرانيٍّ يسمع بي ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار ، ففي هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في كلِّ كافر على وجه الأرض يبلغه خبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما كان هو - عليه السلام - في دعوته على حقيقتها ثم يكفر بها ؛ فهو في النار .
فقوله - عليه الصلاة والسلام - : يسمع بي إنما يعني دعوته الحق ، ولا يعني بطبيعة الحال لو سمع أحد الكفار الأوروبيين - مثلًا - أو الأمريكيين أو غيرهم بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بطريق القساوسة والرهبان والمستشرقين الذين يتحدثون عن نبيِّنا - صلى الله عليه وآله وسلم - بالأكاذيب ، ولا يحدِّثون أقوامهم بحقيقة ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من الأخلاق والشمائل فيما يتعلق بشخصه ، ثم هم لا يتحدَّثون بحقيقة دعوة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وأنها دعوة التوحيد ، وأنها دعوة الإصلاح في كل ميادين الحياة ؛ وإنما يُحدِّثون أقوامهم على خلاف ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في شخصه وفي دعوته ؛ فلا يكون - والحالة هذه - أولئك الناس قد سمعوا به - عليه الصلاة والسلام - حقًّا ، ولذلك فلا يشملهم الوعيد المذكور في آخر الحديث .
أُعيد ذكر هذا الحديث لأهميته في هذا الموضوع ؛ فإن كثيرًا من الناس يتوهَّمون أنه بمجرد بلوغ القرآن الكريم بسبب الإذاعات العربية إلى تلك الشعوب الكافرة قد قامت حُجَّة الله - تبارك وتعالى - عليهم ، ولذلك فليس على المسلمين أن يعملوا شيئًا من تبليغ الدعوة ، ليس الأمر كذلك ؛ فإن القرآن إنما نزل بلسان عربي مبين ، وأولئك الناس لا يفقهون منه شيئًا ، كيف وكثير من العرب أنفسهم من عامَّتهم هم عادُوا أشباه الأعاجم لا يفهمون كثيرًا مما يتلى عليهم من كتاب ربهم ؛ فكيف يُقال بأن حجَّة الله - تبارك وتعالى - قد قامت على أولئك الأوروبيين وأمثالهم من الأعاجم بمجرَّد أنهم يسمعون كل يوم صباحًا ومساء تلاوة القرآن من الإذاعات العربية ؛ فلا جرم أنه يجب على طائفة من المسلمين أن يبلِّغوا شريعة الإسلام بلغة أولئك الأقوام ، وعلى هؤلاء أن يكونوا من أهل العلم حقًّا يُحسنون ترجمة القرآن ترجمة معنوية وليس ترجمة لفظية .
هذا هو جواب ذاك السؤال الهام .
تفضل .
الشيخ : لا شك أن حجة الله - تبارك وتعالى - إذا قُدِّمت لبعض الناس من الأعاجم باللغة العربية التي لا يفهمونها فلم تَقُمْ الحجة عليهم ، ومن أجل ذلك قال الله - عز وجل - : وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ، فإذا أقام العالم حجَّة الله على عباده ، ولم يفهموها بسبب عُجمة طرأت على لسانهم العربي ، أو بسبب أنهم أعاجم ؛ فلا بدَّ لهذا العالم حينذاك أن يشرح لهم حجَّة الله - تبارك وتعالى - حتى تتبيَّن لهم ، فإذا تبيَّنت لهم الحجة ، ثم جحدوها بعد أن استيقنتها أنفسهم ؛ حينذاك يُحكم عليهم بأنهم كفار وبأنهم مخلَّدون في النار ، أما مُجرَّد تلاوة الحجة على ناس لا يفقهونها ؛ فذلك مما لا تقوم به الحجَّة باتفاق أهل العلم ، والله - عز وجل - حينما قال : وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا فإنما يعني رسولًا بلسان قومهم ليفهموا عليه ما يُخاطبهم به من الوحي الذي أُنزل عليه من ربِّه - تبارك وتعالى - ؛ ولذلك تأكيدًا لهذا المعنى جاء قوله - عليه الصلاة والسلام - كما رواه الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ما من رجلٍ من هذه الأمة من يهوديٍّ أو نصرانيٍّ يسمع بي ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار ، ففي هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في كلِّ كافر على وجه الأرض يبلغه خبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما كان هو - عليه السلام - في دعوته على حقيقتها ثم يكفر بها ؛ فهو في النار .
فقوله - عليه الصلاة والسلام - : يسمع بي إنما يعني دعوته الحق ، ولا يعني بطبيعة الحال لو سمع أحد الكفار الأوروبيين - مثلًا - أو الأمريكيين أو غيرهم بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بطريق القساوسة والرهبان والمستشرقين الذين يتحدثون عن نبيِّنا - صلى الله عليه وآله وسلم - بالأكاذيب ، ولا يحدِّثون أقوامهم بحقيقة ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من الأخلاق والشمائل فيما يتعلق بشخصه ، ثم هم لا يتحدَّثون بحقيقة دعوة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وأنها دعوة التوحيد ، وأنها دعوة الإصلاح في كل ميادين الحياة ؛ وإنما يُحدِّثون أقوامهم على خلاف ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في شخصه وفي دعوته ؛ فلا يكون - والحالة هذه - أولئك الناس قد سمعوا به - عليه الصلاة والسلام - حقًّا ، ولذلك فلا يشملهم الوعيد المذكور في آخر الحديث .
أُعيد ذكر هذا الحديث لأهميته في هذا الموضوع ؛ فإن كثيرًا من الناس يتوهَّمون أنه بمجرد بلوغ القرآن الكريم بسبب الإذاعات العربية إلى تلك الشعوب الكافرة قد قامت حُجَّة الله - تبارك وتعالى - عليهم ، ولذلك فليس على المسلمين أن يعملوا شيئًا من تبليغ الدعوة ، ليس الأمر كذلك ؛ فإن القرآن إنما نزل بلسان عربي مبين ، وأولئك الناس لا يفقهون منه شيئًا ، كيف وكثير من العرب أنفسهم من عامَّتهم هم عادُوا أشباه الأعاجم لا يفهمون كثيرًا مما يتلى عليهم من كتاب ربهم ؛ فكيف يُقال بأن حجَّة الله - تبارك وتعالى - قد قامت على أولئك الأوروبيين وأمثالهم من الأعاجم بمجرَّد أنهم يسمعون كل يوم صباحًا ومساء تلاوة القرآن من الإذاعات العربية ؛ فلا جرم أنه يجب على طائفة من المسلمين أن يبلِّغوا شريعة الإسلام بلغة أولئك الأقوام ، وعلى هؤلاء أن يكونوا من أهل العلم حقًّا يُحسنون ترجمة القرآن ترجمة معنوية وليس ترجمة لفظية .
هذا هو جواب ذاك السؤال الهام .
تفضل .
الفتاوى المشابهة
- بالنسبة لقضيَّة تكفير الحكام كيف تكون إقامة ال... - الالباني
- كيف تكون إقامة الحجة على الحاكم الذي يحكم بغير... - الالباني
- ما هي كيفية إقامة الحجة على من وقع في بدعة ليو... - الالباني
- هل يلزم في إيقاع الحكم على الواقع في الكفر إقا... - الالباني
- إقامة الحجة كيف تقام وهل لابد من فهمها.؟ - ابن عثيمين
- هل يشترط في إبلاغ الحجة فهمها أم لا .؟ - الالباني
- بيان كيفية إقامة الحجة في تبليغ دين الله - ابن عثيمين
- هل هناك فرق في الشريعة بين إقامة الحجة وفهمها ؟ - الالباني
- حكم إقامة الحجة وفهمها على أهل البدع - ابن عثيمين
- هل تكفي إقامة الحجة على الكفار وأهل البدع أم ل... - الالباني
- هل تكفي إقامة الحجَّة على الكفار وأهل البدع أم... - الالباني