هل هذه العبارة صحيحة وهي : " أن نتعاون فيما اتَّفقنا عليه ، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه " ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : ... سؤالي المُقدَّم ؟
الشيخ : نعم ، آ ، نعم هذه عبارة يردِّدها بعض الدعاة الإسلاميين الذين نرى نحن إنهم دعاة إسلاميون عامة - إسلامًا عامًّا - ، أما الدعاة إلى إسلام مرجعه الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح فنحن لا نعلم جماعة تقوم بهذه الدعوة الحق إلا الذين يُعلنون عن أنفسهم إنهم من أهل الحديث ، أو إنهم من أنصار السنة ، أو إنهم أتباع السلف الصالح ، أما الجماعات الأخرى فلا يُعلنونها ، وإن كانوا يكتفون بقولهم : نحن معكم على الكتاب والسنة ، ولكنها كلمة يقولونها لا يستطيعون تطبيقها بحذافيرها ؛ لأنهم لم يُعنوا بدارسة الشريعة على ضوء الكتاب والسنة إلا بقدرٍ يسيرٍ ؛ فهم يقولون : " نتعاون على ما اتَّفقنا عليه ، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه " ، هذا الكلام - كما يقال - له محل من الإعراب إذا وُضع له قيد ؛ وهو أما الفقرة الأولى فلا إشكال فيها : " نتعاون على ما اتفقنا عليه " ، إنما النظر في الفقرة الثانية : " ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه " ، هذه الجملة الثانية معقولة فيما إذا وضعنا لها قيدًا ؛ ألا وهو ويعذر بعضنا بعضًا بعد القيام بواجب التناصح ؛ الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة . قالوا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمَّة المسلمين ، ولعامَّتهم ، فإذا رأينا أنفسنا مختلفين حتى في أصل التوحيد ألا وهو شهادة أن لا إله إلا الله ؛ فلا ينبغي أن ندع الاختلاف كما هو بدعوى " يعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه " ، وإنما علينا أن نتحاكم إلى كتاب الله ، وإلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وأن نتقارب ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا ، ولا يمكن إقرار الاختلاف وبخاصة فيما يتعلق بالعقيدة ، فالعقيدة لا تقبل الاختلاف ؛ بخلاف المسائل التي يسمُّونها بالمسائل الفرعية ، فالمسائل الفرعية ممكن أن يقع فيها اختلاف ، ومع ذلك فيجب التناصح ، فإذا تناصحوا ثمَّ بقي كل من المتناصحين على رأيه السابق فهنا نقول : " يعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه " .
أما أن نبقي الخلاف والاختلاف على ما هو عليه بدعوى أنُّو لازم يعذر بعضنا بعضًا ثم لا نسعى لإماتة هذا الاختلاف بقدر ما نستطيع ؛ فهذا يُنافي الآيات والأحاديث التي تأمر بتوحيد الصَّفِّ ، ومن أعظم ما يؤكِّد وحدة الكلمة ووحدة الصف هو الرجوع كما قال - تعالى - : فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلًا .
نحن نعلم أن الذين يقولون هذه الكلمة يجعلون الخلاف شريعةً مقرَّرة ، وأنه أمرٌ لا بد منه ، ونحن نخالفهم في هذا أشدَّ الاختلاف ، ونقول : علينا التحاكم دائمًا وأبدًا إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فإن بقي شيء من الاختلاف فلا ينبغي أن يفرِّقنا وأن يتدابر المسلمون بعضُهم عن بعض ، ولنا في هذه النقطة بخاصَّة أسوة بأصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فإنهم كانوا يصدعون بالحقِّ ، ولا يقولون إذا وجدوا الخليفة نفسه خالف في حكمٍ لا يسكتون عنه ، بل يُنكرونه ، ولكن إذا أصرَّ على رأيه ما يخرجون عليه ولا يعادونه ، وإنما يردُّون سائرين معه يأمرهم بالجهاد يقاتلون في سبيل الله جميعًا ، مع أنهم لا يزالون على شيء من الاختلاف .
من الأمثلة المعروفة في ذلك - ويكاد الوقت ينتهي - أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان قد نهى الناس عن العمرة في الحج ، وله في ذلك رأيٌ معروف يسوِّغ له أن يفعل ذلك ، ولكن الصحابة الآخرين خالفوه في ذلك ، وإن كان رأيه قد انتقل بعده إلى الخليفة الذي جاء على أثره وهو عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ، ومع ذلك فنجد عليًّا - كما في " صحيح مسلم " - يأتي عثمان بن عفان فيقول له : ما لك تنهى الناس عن التمتع بالعمرة إلى الحج ؟ قال : " دعني عنك " - لم يجد له حجَّة - فقال : دعني منك أو عنك " . فقال : " لن أدعك ؛ لبيك اللهم بعمرة وحج " ، فجابَهَه بالسنة التي عرفها من الرسول - عليه السلام - ؛ لأن عليًّا لما حجَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع كان في اليمن ، فطبعًا وَصَلَتْه الأخبار بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعدُّ للحج إلى بيت الله الحرام ، فخرج عليٌّ من اليمن حاجًّا ، ولما التقى مع الرسول - عليه السلام - في مكة قال له : بِمَ أهلَلْتَ ؟ . قال : " بما أهلَّ به النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - " ؛ أي : كان حجه مطلقًا ؛ لم يقل : لبيك اللهم بحجة ، أو لبيك اللهم بحج وعمرة ، أو لبيك اللهم بعمرة ؛ أي : بالتمتع ، وإنما قال : لبيك اللهم بحجَّة كحجَّة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : فإني قد قرنتُ ، فعليٌّ - رضي الله عنه - يعرف من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه كان قارنًا ، فحينما ينهى خليفة راشد كعثمان عن قرن العمرة بالحجِّ يُجابهه ويُخالفه ويقول : " لبيك اللهم بعمرة وحج " ، ومع ذلك فلا يوجد بينهم شيء من التنافر والتباغض ، بل تظلُّ صفوفهم متراصَّة .
هكذا يجب أن يعيد المسلمون ذلك العصر الذهبي .
" وكلُّ خيرٍ في اتباع مَن سَلَفْ *** وكلُّ شرٍّ في ابتداع مَن خَلَفْ "
الشيخ : نعم ، آ ، نعم هذه عبارة يردِّدها بعض الدعاة الإسلاميين الذين نرى نحن إنهم دعاة إسلاميون عامة - إسلامًا عامًّا - ، أما الدعاة إلى إسلام مرجعه الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح فنحن لا نعلم جماعة تقوم بهذه الدعوة الحق إلا الذين يُعلنون عن أنفسهم إنهم من أهل الحديث ، أو إنهم من أنصار السنة ، أو إنهم أتباع السلف الصالح ، أما الجماعات الأخرى فلا يُعلنونها ، وإن كانوا يكتفون بقولهم : نحن معكم على الكتاب والسنة ، ولكنها كلمة يقولونها لا يستطيعون تطبيقها بحذافيرها ؛ لأنهم لم يُعنوا بدارسة الشريعة على ضوء الكتاب والسنة إلا بقدرٍ يسيرٍ ؛ فهم يقولون : " نتعاون على ما اتَّفقنا عليه ، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه " ، هذا الكلام - كما يقال - له محل من الإعراب إذا وُضع له قيد ؛ وهو أما الفقرة الأولى فلا إشكال فيها : " نتعاون على ما اتفقنا عليه " ، إنما النظر في الفقرة الثانية : " ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه " ، هذه الجملة الثانية معقولة فيما إذا وضعنا لها قيدًا ؛ ألا وهو ويعذر بعضنا بعضًا بعد القيام بواجب التناصح ؛ الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة . قالوا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمَّة المسلمين ، ولعامَّتهم ، فإذا رأينا أنفسنا مختلفين حتى في أصل التوحيد ألا وهو شهادة أن لا إله إلا الله ؛ فلا ينبغي أن ندع الاختلاف كما هو بدعوى " يعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه " ، وإنما علينا أن نتحاكم إلى كتاب الله ، وإلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وأن نتقارب ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا ، ولا يمكن إقرار الاختلاف وبخاصة فيما يتعلق بالعقيدة ، فالعقيدة لا تقبل الاختلاف ؛ بخلاف المسائل التي يسمُّونها بالمسائل الفرعية ، فالمسائل الفرعية ممكن أن يقع فيها اختلاف ، ومع ذلك فيجب التناصح ، فإذا تناصحوا ثمَّ بقي كل من المتناصحين على رأيه السابق فهنا نقول : " يعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه " .
أما أن نبقي الخلاف والاختلاف على ما هو عليه بدعوى أنُّو لازم يعذر بعضنا بعضًا ثم لا نسعى لإماتة هذا الاختلاف بقدر ما نستطيع ؛ فهذا يُنافي الآيات والأحاديث التي تأمر بتوحيد الصَّفِّ ، ومن أعظم ما يؤكِّد وحدة الكلمة ووحدة الصف هو الرجوع كما قال - تعالى - : فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلًا .
نحن نعلم أن الذين يقولون هذه الكلمة يجعلون الخلاف شريعةً مقرَّرة ، وأنه أمرٌ لا بد منه ، ونحن نخالفهم في هذا أشدَّ الاختلاف ، ونقول : علينا التحاكم دائمًا وأبدًا إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فإن بقي شيء من الاختلاف فلا ينبغي أن يفرِّقنا وأن يتدابر المسلمون بعضُهم عن بعض ، ولنا في هذه النقطة بخاصَّة أسوة بأصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فإنهم كانوا يصدعون بالحقِّ ، ولا يقولون إذا وجدوا الخليفة نفسه خالف في حكمٍ لا يسكتون عنه ، بل يُنكرونه ، ولكن إذا أصرَّ على رأيه ما يخرجون عليه ولا يعادونه ، وإنما يردُّون سائرين معه يأمرهم بالجهاد يقاتلون في سبيل الله جميعًا ، مع أنهم لا يزالون على شيء من الاختلاف .
من الأمثلة المعروفة في ذلك - ويكاد الوقت ينتهي - أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان قد نهى الناس عن العمرة في الحج ، وله في ذلك رأيٌ معروف يسوِّغ له أن يفعل ذلك ، ولكن الصحابة الآخرين خالفوه في ذلك ، وإن كان رأيه قد انتقل بعده إلى الخليفة الذي جاء على أثره وهو عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ، ومع ذلك فنجد عليًّا - كما في " صحيح مسلم " - يأتي عثمان بن عفان فيقول له : ما لك تنهى الناس عن التمتع بالعمرة إلى الحج ؟ قال : " دعني عنك " - لم يجد له حجَّة - فقال : دعني منك أو عنك " . فقال : " لن أدعك ؛ لبيك اللهم بعمرة وحج " ، فجابَهَه بالسنة التي عرفها من الرسول - عليه السلام - ؛ لأن عليًّا لما حجَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع كان في اليمن ، فطبعًا وَصَلَتْه الأخبار بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعدُّ للحج إلى بيت الله الحرام ، فخرج عليٌّ من اليمن حاجًّا ، ولما التقى مع الرسول - عليه السلام - في مكة قال له : بِمَ أهلَلْتَ ؟ . قال : " بما أهلَّ به النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - " ؛ أي : كان حجه مطلقًا ؛ لم يقل : لبيك اللهم بحجة ، أو لبيك اللهم بحج وعمرة ، أو لبيك اللهم بعمرة ؛ أي : بالتمتع ، وإنما قال : لبيك اللهم بحجَّة كحجَّة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : فإني قد قرنتُ ، فعليٌّ - رضي الله عنه - يعرف من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه كان قارنًا ، فحينما ينهى خليفة راشد كعثمان عن قرن العمرة بالحجِّ يُجابهه ويُخالفه ويقول : " لبيك اللهم بعمرة وحج " ، ومع ذلك فلا يوجد بينهم شيء من التنافر والتباغض ، بل تظلُّ صفوفهم متراصَّة .
هكذا يجب أن يعيد المسلمون ذلك العصر الذهبي .
" وكلُّ خيرٍ في اتباع مَن سَلَفْ *** وكلُّ شرٍّ في ابتداع مَن خَلَفْ "
الفتاوى المشابهة
- كلام نفيس للشيخ في أن أهل السنة يعذر بعضهم ب... - ابن عثيمين
- ما الحكم والتوجيه فيما يقع من اختلاف الدعاة؟ - ابن باز
- قاعدة (نتفق فيما اتفقنا عليه) - الفوزان
- هل نتعاون مع الرافضة فيما اتفقنا فيه ونعذرهم... - ابن عثيمين
- ما رأيك في القاعدة الذهبية "نتعاون فيما اتفق... - ابن عثيمين
- هل ما يقوله بعض الناس اليوم من أن المراد والغا... - الالباني
- بيان قاعدة: (نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر ب... - ابن عثيمين
- هل هذه العبارة صحيحة وهي : أن نتعاون فيما تفقن... - الالباني
- ما رأيكم في مقولة: نتعاون فيما اتفقنا عليه ويع... - الالباني
- هل هذه العبارة صحيحة وهي : " أن نتعاون فيما ات... - الالباني
- هل هذه العبارة صحيحة وهي : " أن نتعاون فيما ات... - الالباني