نصيحة الشيخ بالانضمام إلى المجالس العلمية وعدم التفرق ، وبيان أثر ذلك على القلوب .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : ... الانضمام وعدم التفرق ، فمن شاء أن يستمع للعلم ؛ فلينضمَّ إلى الحلقة ، فقد جاء في السنة في " مسند الإمام أحمد " - رحمه الله - من حديث أبي ثعلبة الخشني - رضي الله عنه - قال : " كنَّا إذا سافرنا مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فنزلنا منزلًا تفرَّقنا في الوديان والشعاب ، فقال لنا ذات يوم : ألا إن تفرُّقَكم هذا في الوديان والشعاب من عمل الشيطان ، قال : فكنَّا إذا سافرنا بعد ذلك ونزلنا منزلًا اجتمعنا ، حتى لو جلسنا على بساط لوسعنا " .
جمع غفير ويمشون في الصحراء ، فإذا نزلوا منزلًا حضَّهم الرسول - عليه الصلاة والسلام - على أن لا يتفرَّقوا فيه ، وعلى أن يجتمعوا ، وأن يتضامُّوا ؛ لأن الاجتماع بالأبدان والأجساد له تأثير في تجميع القلوب وفي إصلاحها ، وذلك مما جاء التصريح به عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الذي أخرجه الشيخان في " صحيحيهما " من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن ، وبينهما أمور متشابهات لا يعلمهنَّ كثيرًا من الناس ، فمن اتَّقى الشبهات ؛ فقد استبرأَ لدينه وعرضه ، ألا وإن لكل ملك حمى ... يوشك أن يقع فيه ، ألا وإن في الجسد مضغة ؛ إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ؛ ألا وهي القلب .
والشاهد من هذا الحديث إنما هو الفقرة الأخيرة منه ؛ ألا وهو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ألا وإن في الجسد مضغة ؛ إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ؛ ألا وهي القلب ، ففي هذا الحديث تصريح بأن الظاهر مربوط بالباطن صلاحًا وطلاحًا ، إذا صلح القلب صلح الجسد ، وإذا فسد القلب فسد الجسد ، ومن هنا نأخذ مبدأً هامًّا جدًّا يغفل أو يتغافل عنه كثير من المسلمين المعاصرين اليوم ، الذين لم يتلقَّوا شيئًا من العلم الشرعي ، وإنما شرعهم عقولهم وأهواؤهم ، فإذا ما قلت لأحدهم لماذا لا تصلي - مثلًا - ؟ يقول : العبرة ليست بالصلاة ، وإنما العبرة بصلاح الباطن ، ويتجاهل هذه الحقيقة ؛ أنه لو كان باطنه - أي : قلبه - صالحًا لنضح صالحًا ، والعكس بالعكس . ولذلك فينبغي على كل مسلم أن يهتمَّ بإصلاح ظاهره ، وأن لا يغترَّ في أن الأمر بما وقرَ في قلبه ؛ لأن الظاهر عنوان الباطن ، الظاهر عنوان الباطن هذا ليس كلام علماء وفقهاء فقط ، بل ذلك ما يدل هذا الحديث الصحيح الذي أنا في صدد التعليق عليه أولًا ، ثم الحديث الأول حديث أبي ثعلبه الخشني ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أمرهم بأن يجتمعوا وأن لا يتفرَّقوا في المنزل ، ولو في الصحراء الواسعة الأطراف ، أمرَهم أن يجتمعوا ؛ لأن هذا الاجتماع بالأجساد يقرِّب القلوب بعضها إلى بعض .
ولعلكم ما نسيتم ما ذكَّرتكم به أثناء الاصطفاف لصلاة الظهر في هذا اليوم ، مما ذكرته ساعتئذٍ من قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : لتسوُّنَّ الصفوف ، أو ليخالفنَّ الله بين الوجوه ، فتسوية الصفوف أمر ظاهر ربط به - عليه السلام - فيما إذا أخلَّ به القائمون في الصف أن يضرب اللهُ قلوبَ بعضهم ببعض ؛ فإذًا لا يجوز للمسلم أن يستهينَ بإصلاح ظاهره بدعوى أن باطنه صالح ؛ لأنه يكون أولًا يُكذِّب على نفسه فضلًا على أنه يُكذِّب على غيره ، لهذا فليس من الأدب في الإسلام في شيء إذا ما اجتمع طلَّاب العلم أن يجلسوا هكذا كما يشاؤون متفرِّقين بعضهم عن بعض ، بل عليهم أن ينضمُّوا ، وأخيرًا جاء في " صحيح مسلم " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : " دخل ذات يوم المسجد ، فوجد الناس متفرِّقين فيه ، فقال لهم : مالي أراكم عزين ؟! مالي أراكم عزين ؟! " ، أي : متفرِّقين .
فإذًا علينا أن نتذكَّر هذا الأدب في تلقي العلم سواء كان التلقي بطريق جرى عليه العلماء اليوم - وهو تلقي الأسئلة والإجابة عليها - ، أو بالطريقة القديمة التي كانت ولا تزال طريقة مطروقةً لتعليم الناس ؛ ألا وهو أن يجلسَ الشيخ مع طلابه ويقرأ عليهم من الكتاب ، سواء كان من التفسير ، أو من الحديث ، أو الفقه المُستقى من الكتاب والسنة ، أو يقرأ عليه أحدهم ثمَّ هو يعلق على ما قرأ ويشرح لهم ما قد يكون غامضًا عليهم .
على هذا أردتُ التذكير بهذا الأدب لنتوجَّه أخيرًا إلى الاستماع إلى ما قد تجمَّع من بعض الأسئلة لننظر فيها ونجيب عليها بقدر ما يوفِّقنا الله - تبارك وتعالى - ، وييسِّر لنا من العلم فيها .
جمع غفير ويمشون في الصحراء ، فإذا نزلوا منزلًا حضَّهم الرسول - عليه الصلاة والسلام - على أن لا يتفرَّقوا فيه ، وعلى أن يجتمعوا ، وأن يتضامُّوا ؛ لأن الاجتماع بالأبدان والأجساد له تأثير في تجميع القلوب وفي إصلاحها ، وذلك مما جاء التصريح به عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الذي أخرجه الشيخان في " صحيحيهما " من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن ، وبينهما أمور متشابهات لا يعلمهنَّ كثيرًا من الناس ، فمن اتَّقى الشبهات ؛ فقد استبرأَ لدينه وعرضه ، ألا وإن لكل ملك حمى ... يوشك أن يقع فيه ، ألا وإن في الجسد مضغة ؛ إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ؛ ألا وهي القلب .
والشاهد من هذا الحديث إنما هو الفقرة الأخيرة منه ؛ ألا وهو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ألا وإن في الجسد مضغة ؛ إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ؛ ألا وهي القلب ، ففي هذا الحديث تصريح بأن الظاهر مربوط بالباطن صلاحًا وطلاحًا ، إذا صلح القلب صلح الجسد ، وإذا فسد القلب فسد الجسد ، ومن هنا نأخذ مبدأً هامًّا جدًّا يغفل أو يتغافل عنه كثير من المسلمين المعاصرين اليوم ، الذين لم يتلقَّوا شيئًا من العلم الشرعي ، وإنما شرعهم عقولهم وأهواؤهم ، فإذا ما قلت لأحدهم لماذا لا تصلي - مثلًا - ؟ يقول : العبرة ليست بالصلاة ، وإنما العبرة بصلاح الباطن ، ويتجاهل هذه الحقيقة ؛ أنه لو كان باطنه - أي : قلبه - صالحًا لنضح صالحًا ، والعكس بالعكس . ولذلك فينبغي على كل مسلم أن يهتمَّ بإصلاح ظاهره ، وأن لا يغترَّ في أن الأمر بما وقرَ في قلبه ؛ لأن الظاهر عنوان الباطن ، الظاهر عنوان الباطن هذا ليس كلام علماء وفقهاء فقط ، بل ذلك ما يدل هذا الحديث الصحيح الذي أنا في صدد التعليق عليه أولًا ، ثم الحديث الأول حديث أبي ثعلبه الخشني ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أمرهم بأن يجتمعوا وأن لا يتفرَّقوا في المنزل ، ولو في الصحراء الواسعة الأطراف ، أمرَهم أن يجتمعوا ؛ لأن هذا الاجتماع بالأجساد يقرِّب القلوب بعضها إلى بعض .
ولعلكم ما نسيتم ما ذكَّرتكم به أثناء الاصطفاف لصلاة الظهر في هذا اليوم ، مما ذكرته ساعتئذٍ من قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : لتسوُّنَّ الصفوف ، أو ليخالفنَّ الله بين الوجوه ، فتسوية الصفوف أمر ظاهر ربط به - عليه السلام - فيما إذا أخلَّ به القائمون في الصف أن يضرب اللهُ قلوبَ بعضهم ببعض ؛ فإذًا لا يجوز للمسلم أن يستهينَ بإصلاح ظاهره بدعوى أن باطنه صالح ؛ لأنه يكون أولًا يُكذِّب على نفسه فضلًا على أنه يُكذِّب على غيره ، لهذا فليس من الأدب في الإسلام في شيء إذا ما اجتمع طلَّاب العلم أن يجلسوا هكذا كما يشاؤون متفرِّقين بعضهم عن بعض ، بل عليهم أن ينضمُّوا ، وأخيرًا جاء في " صحيح مسلم " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : " دخل ذات يوم المسجد ، فوجد الناس متفرِّقين فيه ، فقال لهم : مالي أراكم عزين ؟! مالي أراكم عزين ؟! " ، أي : متفرِّقين .
فإذًا علينا أن نتذكَّر هذا الأدب في تلقي العلم سواء كان التلقي بطريق جرى عليه العلماء اليوم - وهو تلقي الأسئلة والإجابة عليها - ، أو بالطريقة القديمة التي كانت ولا تزال طريقة مطروقةً لتعليم الناس ؛ ألا وهو أن يجلسَ الشيخ مع طلابه ويقرأ عليهم من الكتاب ، سواء كان من التفسير ، أو من الحديث ، أو الفقه المُستقى من الكتاب والسنة ، أو يقرأ عليه أحدهم ثمَّ هو يعلق على ما قرأ ويشرح لهم ما قد يكون غامضًا عليهم .
على هذا أردتُ التذكير بهذا الأدب لنتوجَّه أخيرًا إلى الاستماع إلى ما قد تجمَّع من بعض الأسئلة لننظر فيها ونجيب عليها بقدر ما يوفِّقنا الله - تبارك وتعالى - ، وييسِّر لنا من العلم فيها .
الفتاوى المشابهة
- بيان ما بين الاجساد والقلوب من علاقة وأمثلة عل... - الالباني
- بيان خطورة التفرق في مجلس العلم و عدم التقارب... - الالباني
- حث الشيخ رحمه الله الطلبة على الاجتماع في مجلس... - الالباني
- بيان سنية التقارب في المجالس والنهي عن التفرق... - الالباني
- كلمة الشيخ على وجوب التقارب في المجالس وعدم ال... - الالباني
- نصيحة الشيخ بالتزام أدب التقارب والانضمام في ا... - الالباني
- بيان بعض آداب المجالس . - الالباني
- كلمة من الشيخ في بيان أدب التقارب والانضمام في... - الالباني
- كلمة من الشيخ في أدب المجالس . - الالباني
- نصيحة الشيخ بالانضمام في المجالس العلمية وعدم... - الالباني
- نصيحة الشيخ بالانضمام إلى المجالس العلمية وعدم... - الالباني