تم نسخ النصتم نسخ العنوان
اتهام السلفيين بأنهم يهتمُّون فقط بقضية التوحي... - الالبانيالسائل : يُشاع أو يَتَّهم البعض السلفيين بأنهم مهتمِّين فقط في قضية التوحيد وخاصة توحيد الأسماء والصفات أكثر من غيرها ، فلماذا ؟الشيخ : هذا السؤال أُلاح...
العالم
طريقة البحث
اتهام السلفيين بأنهم يهتمُّون فقط بقضية التوحيد ، وخاصة توحيد الأسماء والصفات أكثر من غيره .
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : يُشاع أو يَتَّهم البعض السلفيين بأنهم مهتمِّين فقط في قضية التوحيد وخاصة توحيد الأسماء والصفات أكثر من غيرها ، فلماذا ؟

الشيخ : هذا السؤال أُلاحظ في الحقيقة أن فيه اعتدالًا ، وأرجو أن يكون السائل قد قصد ذلك ، ولم يكن منه رمية من غير رامٍ - كما يقال - ، لأنه جاء في ختام السؤال أكثر من غير ذلك ، فنقول صدقت ، وهل هذا خطأ أن يهتم الدُّعاة السلفيون بدعوة المسلمين إلى أسِّ الإسلام ؛ ألا وهو التوحيد أكثر من غير ذلك مما هو دون ذلك بكثير ؟ فهذا يعني هو السؤال فيه إشارة إلى أنُّو هذا خطأ ؟ إن كان الأمر كذلك فالسائل هو المخطئ ؛ لماذا ؟ لو سألنا أيَّ واحد من هؤلاء الذين يَنقمون على السلفيين اهتمامهم بالتوحيد ، وما يتفرَّع منه من محاربة الشركيات والوثنيَّات والخرافات والعقائد الباطلة ، إذا قلنا لهؤلاء المُنكرين فأيُّ شيء ينبغي أن نهتمَّ أكثر ؟ أنا أتحدَّاهم أن يقولوا أنه هناك شيء أهم من هذا ، نعم ، في هناك أشياء هامة وهامة كثيرة جدًّا ، وقد لا يستطيع أن يقوم بالدعوة إليها أو بفهمها شخص واحد ، بل ولا أشخاص ، بل قد لا يستطيع أن يقوم بها جماعة واحدة ، وإنما جماعات ، وكما قيل :
" العلم إن طلبته كثير *** والعمر عن تحصيله قصير
فقدِّم الأهمَّ منه فالأهمّ "
فإذا كان الداعية السلفي لا يستطيع أن يبحث - مثلًا - في السياسة وفي الاقتصاد وفي مدري إيش ، أشياء تسمَّى اليوم في العصر الحاضر واصطلاحات ، لا يستطيع لأنه لم يُعطَ الإنسان قدرة تتَّسع وحافظة تتَّسع لكل ما يجب أن يعلمه جماعة المسلمين ، فيُحيط به فرد من أفرادهم ، هذا أمر مستحيل ، والله - عز وجل - يقول : لا يكلِّف الله نفسًا إلا وسعها .
فإذًا على كل مسلم أن يقوم بواجب من الواجبات خاصَّة إذا كانت واجبات عينيَّة ، فإذا انتهى منها قام بواجبات كفائية ، أما لماذا فلان يعمل في كذا ولا يعمل في كذا ؟ فهذا خطأ ، مَن مِن الناس مهما أحسنتم الظَّنَّ به يقوم بكل شيء يجب أن يقوم به المسلم ؟ هذا أمر مستحيل ، خاصة في باب الفروض الكفائية ، مثلًا أولئك الذين نراهم يشتغلون مثلًا بالناحية السياسية الإسلامية زعموا ، لماذا لا يهتمُّون بإصلاح عقائد المسلمين ؟ ويعيش الفرد الواحد منهم في حزبهم وفي جماعتهم بضع سنين أو أكثر ، ثم يخرج بعد ذلك لم يفقه العقيدة ، لم يفقه معنى لا إله إلا الله التي فهمها العرب في أوَّل الإسلام ، وهم لا يزالون في كفرهم وفي ضلالهم ، لكنهم بعد أن فهموها كفروا بها ، كما قال الله - عز وجل - حكاية عنهم أنهم قالوا : أجعل الآلهة إلهًا واحدًا إن هذا لشيء عجاب .
المسلمون اليوم كثير منهم جدًّا لا يفقهون هذه الكلمة ، فلماذا هؤلاء الذين يشتغلون زعموا بالسياسة ويشتغلون زعموا بالتربية ، لماذا لا يُعنون بإصلاح العقيدة ؟ لماذا لا يُعنون بتصفية الإسلام ممَّا دخل فيه من أحاديث ضعيفة موضوعة ومن عقائد منحرفة ؟ ولماذا ؟ ولماذا ؟ هذا أسئلة لا تنتهي أبدًا ، نحن نكتفي بأن أمثال هؤلاء إذا عملوا بواجب نشكرهم على ذلك ؛ لأنُّو هذا واجب من الواجبات الكفائية ، ولكن بشرط أن لا يُحاربوا أولئك الناس الذي يقولون عنهم بأنهم صرَفوا حياتهم في إيش ؟ الدعوة إلى التوحيد ، وهذا فيه شيء من الإنصاف ، وإلا كثيرًا ما سمعنا بل رأيناه مطبوعًا على رسالة هناك في الأردن يقولون : وماذا عند السلفيين سوى أنُّو تحريك الأصبع سنة وتعليق الساعة الدَّقَّاقة في المسجد بدعة ؟ وهو هذا الذي يكتب هذا يعلم أن هؤلاء السلفيين يُعالجون أهم قضية اليوم يحتاجها العالم الإسلامي ؛ ألا وهي معرفة أولًا توحيد الله - عز وجل - في عبادته ، وفي أسمائه وصفاته ، وثانيًا إفراد الرسول - عليه السلام - في اتِّباعه دون الناس أجمعين ، هذا هو معنى لا إله إلا الله محمد رسول الله .
السلفيون - بفضل الله - أنعم الله عليهم أنَّهم يدعون إلى هذا الإخلاص لله - عز وجل - في توحيده ، وإلى إفراد الرسول - عليه السلام - في اتِّباعه دون غيره حتى الأنبياء والرسل فضلًا عمَّن دونهم من العلماء والصالحين .
ولعلكم تذكرون - والشيء بالشيء يُذكر - حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - الذي أخرجه الإمام أحمد في " المسند " وغيره أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - رأى في يد عمر يومًا صحيفة يقرأ فيها ، قال : ما هذه ؟ قال : هذه صحيفة من التوراة كتبها لي رجل من اليهود ، فقال - عليه الصلاة والسلام - وهو غضبان : أمُتهوِّكون أنتم كما تهوَّكت اليهود والنصارى ، والذي نفس محمد بيده لو كان موسى حيًّا لَما وسعه إلا اتِّباعي ، موسى لو كان حيًّا ما استطاع أن يتَّبع إلا الرسول - عليه السلام - ، من يتَّبع اليوم جماهير المسلمين ؟ هل يتَّبعون الرسول - عليه السلام - ؟ من المؤسف أن أقول بكل صراحة خُذْ أيَّ شيخ تعتقدون فيه العلم ، قل له : صف لي كيف كان رسول الله يصلِّي حتى أصلِّي صلاته ؟ إن كان منصفًا فسيبادرك بالقول أنا مذهبي شافعي ، وإن كان حنفيًّا سيقول أنا مذهبي حنفي ، إذا سألته عن أركان الوضوء وشروط الوضوء سيقول أنا حنفي هي أربعة ، إذا كان شافعي فسيقول هي ستَّة ، يا أخي دلني كيف الرسول - عليه السلام - توضأ ، لا يعرفون الرسول - عليه السلام - ، وانقطعت الصلة - مع الأسف الشديد - بينهم وبين الرسول ؛ فاتَّبعوا غير الرسول حقيقة ، بينما كان واجبهم أن يُفرِدوا الرسول - عليه السلام - بالاتباع تمامًا كما يُفردون الله في العبادة ؛ لأنُّو هذا حق الله ، وهو عبادته وحده لا شريك له ، وهذا حقُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهو اتباعه وحده لا شريك له - أيضًا - في هذا الاتباع ، لا نجد اليوم علماء المسلمين يخلصون للرسول - عليه السلام - في اتباعه ، بل يتَّخذون معه متَّبعين كثيرين وكثيرين جدًّا .
إذًا نحن ندعو إلى تفهيم المسلمين حقيقة هذه الشهادة " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ، فعلى أولئك الذين يشتغلون بما دون ذلك من الإسلام أن لا يُحاربوا هذه الدعوة ؛ لأن دعوتهم لا تساوي - كما يقول عندنا في الشام - " قشرة بصلة " ؛ إذا لم يؤمنوا بهذا التوحيد الذي بيَّنه الله - تبارك وتعالى - في كتابه ، وشرحه نبينا - صلى الله عليه وسلم - في سنَّته ، ربنا يقول : لئن أشركت ليحبطنَّ عملك ولتكوننَّ من الخاسرين ، لئن أشركت ليحبطنَّ عملك ، اليوم مئات الألوف من المسلمين يُصلون - ليس فقط الصلوات الخمس - بل يصلون والناس نيام ، يحجُّون إلى بيت الله الحرام - وليس فقط حجَّة الإسلام - بل قد يحجُّون في كل عام ، ومع ذلك ففي بيت الله الحرام نسمع الشرك يعمل عمله ، ما فائدة هذه العبادات إذا كان ربُّنا - عز وجل - يُصرِّح في كتابه - كما سمعتم - : لئن أشركت ليحبطنَّ عملك ، وقال - عز وجل - في حقِّ الكفار وقدِمنا إلى ما علموا من عمل فجعلناه هباء منثورًا ؟
إذًا نحن إن كان يجوز لنا أن نفخرَ بأننا ندعو في أكثر أمورنا ودعوتنا إلى التوحيد وتوحيد الأسماء والصفات ، إن كان يجوز لنا أن نفخر بذلك ؛ فنحن فخورون جدًّا ؛ لأننا نحقِّق نصًّا في القرآن فاعلم أنه لا إله إلا الله ، فعلى الأخرين أن لا يُحاربوا هذه الدعوة ، بل ينقادوا معها حتى يستفيدوا من جهودهم الأخرى ، التي هي دون تلك الدعوة بدرجات سحيقة وسحيقة جدًّا .

Webiste