عن علي - رضي الله عنه - يقول : " حدِّثوا الناس بما يفهمون ؛ أتريدون أن يُكذَّب الله ورسوله " ، ما المراد منه ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : هناك أثر عن علي - رضي الله عنه - يقول : " حدِّثوا الناس بما يفهمون ؛ أتحبون أن يُكذَّب الله ورسوله " ، وقد نقل الحافظ ابن حجر قولًا عن مالك أن المراد بذلك أحاديث الصفات ؛ فهل هذا الأثر صحيح ؟ وإن لم يكن صحيحًا ؛ فما المراد بذلك الأمر ؟ ... وإن كان صحيحًا .
الشيخ : الحديث صحيح ، أو الأثر هذا صحيح موقوفًا على علي - رضي الله عنه - ، فقد رواه البخاري متَّصل الإسناد إلى علي - رضي الله عنه - ، فهو صحيح لا ريب فيه ، أما المعنى المقصود به ؛ فهو أنه يجب أن لا نحدِّث عامة الناس بشيء لا تتحمَّله عقولهم ، وليس من هذا القبيل كما ذُكر عن مالك أن نحدِّث الناس بآيات الصفات ، وأحاديث الصفات أو أحاديث الصفات ؛ لأنُّو معنى هذا أن لا نحدِّث الناس بآيات الصفات ، وهذا لا يقوله مَن هو دون مالك بمراحل ، فضلًا عن أن يقوله الإمام مالك - إمام دار الهجرة - .
لا سيَّما وفطرة الناس ، عامة الناس أقرب إلى العقيدة السلفية في هذه القضية من المثقَّفين المتأثِّرين بعلم الكلام ؛ لأن عقيدة السلف هي باعتراف الخلف أسلم ، فكيف يُقال بأنه لا ينبغي أن نحدِّث العامة بالعقيدة التي هي أسلم ؟ فهذا المثال لهذا الأثر غير مطابق له ، ولا هو المقصود مثله منه ، وإنما نأخذ مثالًا له ما رواه البخاري نفسه - في ظنِّي أنه في هذا الباب - أن معاذًا - رضي الله عنه - كان رِدْف النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فقال له - عليه الصلاة والسلام - : ألا أبشِّرك يا معاذ ؟! . قال : " بلى يا رسول الله " . قال : من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله حرَّم الله بدنه على النار . قال معاذ : " يا رسول الله ، أفلا أبشِّر الناس ؟! " . قال : دَعْهم يعملون ؛ إذًا يتَّكلوا .
دعهم يعملون ، فقول الرسول - عليه السلام - لمعاذ وتبشيره إيَّاه بفضيلة هذه الشهادة ، هذه الكلمة الطيبة ، أن من قالها مخلصًا من قلبه حرَّم الله بدنه عن النار ، قد يفهم بعض الناس - كما هو الواقع في كثير من البلاد ، خاصَّة عندنا في سوريا - ؛ أنه خلاص ، ما دام هو بيشهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة " ترنزيت " ، لا حساب ولا عذاب ، بينما ليس المقصود من هذه الشهادة التي لها تلك الفضيلة هو أنَّ من قال بها مجرَّد قول أنجاه الله من النار ، بل لا بدَّ أن يُؤمن بها ، ثم الإيمان بها لا بدَّ أن يتقدَّمه معرفة معناها ، ونحن - مع الأسف الشديد - لا نزال نُجادل جماهير المسلمين في تفهيمهم معنى هذه الكلمة الطيبة ، فإنهم يفسِّرونها - لا يزالون ! - تفسيرًا ناقصًا ، يقولون : معنى " لا إله " أي : لا رب ، وهذا التفسير قاصر ، ولا أريد أن أدخل في هذا الموضوع ، وإنما المعنى " لا إله " أي : لا معبود بحق إلا الله ، فإذا عرف المسلم المعنى الصحيح لهذه الكلمة الطيبة ، ثم آمن به جازمًا من قلبه ؛ هذا بلا شك كما قال - عليه السلام - في حديث آخر : من قال لا إله إلا الله نفعته يومًا من دهره ، لكن من مستلزِمات هذه الكلمة الطيبة أن يعمل بمقتضاها ، ومقتضاها العمل على الأقلِّ بالأركان ، فمن عمِل بلوازم هذه الشهادة حرَّم الله بدنه عن النار تحريمًا مطلقًا ، هذا المعنى الصحيح الكامل ، أما إذا قصَّر في قليل أو كثير من العمل بلوازم هذه الشهادة ؛ فهو أمره إلى الله ، كما قال ربنا - تبارك وتعالى - في كتابه : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، فإذا مات هذا المُوحِّد القائل المؤمن بهذه الشهادة أنجَتْه من الخلود في النار ، لكن لا تحول بينه وبين أن يدخل النار بسبب ذنوبٍ كان قد اقترفها أو أصابها ، إن شاء الله عذَّبه وإن شاء غفر له ، ففهم هذا النَّصُّ كثير من الناس يُسيئونه ، لذلك لما استأذن معاذٌ رسول الله في أن يُبشِّر الناس قال له : لا ، إذًا يتكلوا ، دعهم يعلمون .
فهذا مثال صادق لأثر علي " كلِّموا الناس على قدر عقولهم " ، فالناس أو الأشخاص الذين يفهمون منك إذا بشَّرتهم بهذه البشارة النبوية خلاف المعنى الصحيح ؛ فلا ينبغي أن تحدِّثهم به ، إلا أن تُحدِّثهم وتشرح لهم المعنى شرحًا كاملًا ؛ بحيث أن هذه الشهادة حينذاك إذا ما عرفوها زادتهم إيمانًا على إيمانهم ، وصلاحًا على صلاحهم .
الشيخ : الحديث صحيح ، أو الأثر هذا صحيح موقوفًا على علي - رضي الله عنه - ، فقد رواه البخاري متَّصل الإسناد إلى علي - رضي الله عنه - ، فهو صحيح لا ريب فيه ، أما المعنى المقصود به ؛ فهو أنه يجب أن لا نحدِّث عامة الناس بشيء لا تتحمَّله عقولهم ، وليس من هذا القبيل كما ذُكر عن مالك أن نحدِّث الناس بآيات الصفات ، وأحاديث الصفات أو أحاديث الصفات ؛ لأنُّو معنى هذا أن لا نحدِّث الناس بآيات الصفات ، وهذا لا يقوله مَن هو دون مالك بمراحل ، فضلًا عن أن يقوله الإمام مالك - إمام دار الهجرة - .
لا سيَّما وفطرة الناس ، عامة الناس أقرب إلى العقيدة السلفية في هذه القضية من المثقَّفين المتأثِّرين بعلم الكلام ؛ لأن عقيدة السلف هي باعتراف الخلف أسلم ، فكيف يُقال بأنه لا ينبغي أن نحدِّث العامة بالعقيدة التي هي أسلم ؟ فهذا المثال لهذا الأثر غير مطابق له ، ولا هو المقصود مثله منه ، وإنما نأخذ مثالًا له ما رواه البخاري نفسه - في ظنِّي أنه في هذا الباب - أن معاذًا - رضي الله عنه - كان رِدْف النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فقال له - عليه الصلاة والسلام - : ألا أبشِّرك يا معاذ ؟! . قال : " بلى يا رسول الله " . قال : من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله حرَّم الله بدنه على النار . قال معاذ : " يا رسول الله ، أفلا أبشِّر الناس ؟! " . قال : دَعْهم يعملون ؛ إذًا يتَّكلوا .
دعهم يعملون ، فقول الرسول - عليه السلام - لمعاذ وتبشيره إيَّاه بفضيلة هذه الشهادة ، هذه الكلمة الطيبة ، أن من قالها مخلصًا من قلبه حرَّم الله بدنه عن النار ، قد يفهم بعض الناس - كما هو الواقع في كثير من البلاد ، خاصَّة عندنا في سوريا - ؛ أنه خلاص ، ما دام هو بيشهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة " ترنزيت " ، لا حساب ولا عذاب ، بينما ليس المقصود من هذه الشهادة التي لها تلك الفضيلة هو أنَّ من قال بها مجرَّد قول أنجاه الله من النار ، بل لا بدَّ أن يُؤمن بها ، ثم الإيمان بها لا بدَّ أن يتقدَّمه معرفة معناها ، ونحن - مع الأسف الشديد - لا نزال نُجادل جماهير المسلمين في تفهيمهم معنى هذه الكلمة الطيبة ، فإنهم يفسِّرونها - لا يزالون ! - تفسيرًا ناقصًا ، يقولون : معنى " لا إله " أي : لا رب ، وهذا التفسير قاصر ، ولا أريد أن أدخل في هذا الموضوع ، وإنما المعنى " لا إله " أي : لا معبود بحق إلا الله ، فإذا عرف المسلم المعنى الصحيح لهذه الكلمة الطيبة ، ثم آمن به جازمًا من قلبه ؛ هذا بلا شك كما قال - عليه السلام - في حديث آخر : من قال لا إله إلا الله نفعته يومًا من دهره ، لكن من مستلزِمات هذه الكلمة الطيبة أن يعمل بمقتضاها ، ومقتضاها العمل على الأقلِّ بالأركان ، فمن عمِل بلوازم هذه الشهادة حرَّم الله بدنه عن النار تحريمًا مطلقًا ، هذا المعنى الصحيح الكامل ، أما إذا قصَّر في قليل أو كثير من العمل بلوازم هذه الشهادة ؛ فهو أمره إلى الله ، كما قال ربنا - تبارك وتعالى - في كتابه : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، فإذا مات هذا المُوحِّد القائل المؤمن بهذه الشهادة أنجَتْه من الخلود في النار ، لكن لا تحول بينه وبين أن يدخل النار بسبب ذنوبٍ كان قد اقترفها أو أصابها ، إن شاء الله عذَّبه وإن شاء غفر له ، ففهم هذا النَّصُّ كثير من الناس يُسيئونه ، لذلك لما استأذن معاذٌ رسول الله في أن يُبشِّر الناس قال له : لا ، إذًا يتكلوا ، دعهم يعلمون .
فهذا مثال صادق لأثر علي " كلِّموا الناس على قدر عقولهم " ، فالناس أو الأشخاص الذين يفهمون منك إذا بشَّرتهم بهذه البشارة النبوية خلاف المعنى الصحيح ؛ فلا ينبغي أن تحدِّثهم به ، إلا أن تُحدِّثهم وتشرح لهم المعنى شرحًا كاملًا ؛ بحيث أن هذه الشهادة حينذاك إذا ما عرفوها زادتهم إيمانًا على إيمانهم ، وصلاحًا على صلاحهم .
الفتاوى المشابهة
- شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمين
- تتمة .شرح قول المصنف : عن عبادة بن الصامت -... - ابن عثيمين
- وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر عن شعب... - ابن عثيمين
- معنى كلمة الإخلاص ( لا إله إلا الله ) وبيان شر... - الالباني
- فوائد حديث معاذ رضي الله عنه قال : " بعثني ر... - ابن عثيمين
- باب الحث على التثبت فيما يقوله ويحكيه: قال ا... - ابن عثيمين
- شرح حديث عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي... - ابن عثيمين
- شرح قول المصنف : وفي صحيح البخاري ، قال علي... - ابن عثيمين
- هناك أثر عن علي رضي الله عنه يقول: حدثوا الناس... - الالباني
- هناك أثر عن عليٍّ - رضي الله عنه - يقول : " حد... - الالباني
- عن علي - رضي الله عنه - يقول : " حدِّثوا الناس... - الالباني