تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فوائد حديث معاذ رضي الله عنه قال : " بعثني ر... - ابن عثيمينالشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .هذا الحديث سبق الكلام على شرحه شرحًا موجزًا ووعدنا ببيان فوائده أو ما تيسر منها مما يستنبط، وينبغي أن يعلم أن الكتاب وال...
العالم
طريقة البحث
فوائد حديث معاذ رضي الله عنه قال : " بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( إنك تأتي قوما من أهل الكتاب ... ) ... " .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
هذا الحديث سبق الكلام على شرحه شرحًا موجزًا ووعدنا ببيان فوائده أو ما تيسر منها مما يستنبط، وينبغي أن يعلم أن الكتاب والسنة نزلا ليحكما بين الناس بما اختلفوا فيه، والأحكام الشرعية تؤخذ من من ألفاظ مما دلت عليه منطوقًا ومفهومًا وإشارةً، والله سبحانه وتعالى يفضل بعض الناس على بعض في فهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذا سأل أبو جحيفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه: هل عهد إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء؟ قال: لا، إلا فهمًا يؤتيه الله تعالى من شاء من كتاب الله أو ما في هذه الصحيفة، قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، وألا يقتل مسلم بكافر الشاهد قوله: إلا فهمًا يؤتيه الله تعالى من شاء في كتاب الله فالناس يختلفون، والذي ينبغي لطالب العلم خاصة أن يحرص على استنباط الفوائد والأحكام من نصوص الكتاب والسنة، لأنها هي المورد المعين فاستنباط الأحكام منها بمنزلة الرجل يرد على الماء فيستسقي منه في إنائه فمقلٌّ ومستكثر، فهذا الحديث العظيم الذي بين فيه معاذ بن جبل رضي الله عنه ماذا بعثه به النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن فيه فوائد: أولًا: وجوب بعث الدعاة إلى الله، وهذا من خصائص ولي الأمر المسلمين أن يبعث الدعاة إلى الله في كل مكان، كل مكان يحتاج إلى الدعوة فإن على ولي أمر المسلمين أن يبعث من يدعو الناس إلى دين الله عز وجل، لأن هذا دأب النبي صلى الله عليه وسلم وهديه أن يبعث الرسل يدعون إلى الله عز وجل، ومنها: أنه ينبغي أن يذكر للمبعوث حال المبعوث إليه حتى يتأهب لهم وينزلهم منزلتهم، لئلا يأتيهم على غرة فيوردون عليه من الشبهات ما ينقطع به ويكون في هذا مضرة عظيمة على الدعوة، يعني: ينبغي للداعي أن يكون على أهبة واستعداد لما يلقيه إليه المدعوون حتى لا يأتيه الأمر على غرة فيعجز وينقطع، وحينئذ يكون في ذلك ضرر على الدعوة، ومنها: أن أول ما يدعى إليه الناس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله قبل كل شيء، لا تقل للكفار مثلًا إذا أتيت لتدعوهم لا تقل اتركوا الخمر اتركوا الزنا اتركوا الربا هذا غلط، أصِّل الأصل أولًا ثم فِّرع الفروع، فأول ما تدعو أن تدعو إلى التوحيد والرسالة أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ومنها: أنه إذا كان المدعو فاهمًا للخطاب فلا يحتاج إلى شرح، فإنه قال: أن تدعوهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله ولم يشرحها لهم لأنهم يعرفون لسانهم لسان عربي، لكن لو كنا نخاطب بذلك من لا يعرف المعنى وجب أن نفهمه المعنى، لأنه إذا لم يفهم المعنى لم يستفد من اللفظ، ولهذا لم يرسل الله رسولًا إلا بلسان قومه إلا بلغة قومه حتى يبين لهم، فمثلًا إذا كنا نخاطب شخصًا لا يعرف معنى لا إله إلا الله لا بد أن نشرحها له ونقول: معنى لا إله إلا الله أي لا معبود حق إلا الله، كل ما عبد من دون الله فهو باطل كما قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هو الْبَاطِلُ كذلك أيضًا أن محمدًا رسول الله لا يكفي أن يقولها الإنسان بلسانه أو يسمعها بأذنه دون أن يفقهها بقلبه، فيبين له معنى أن محمدًا رسول الله فيقال: محمد هو ذلك الرجل الذي بعثه الله عز وجل من بني هاشم، بعثه ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، أرسله بالهدى ودين الحق فبين للناس كل خير ودعاهم إليه وبين لهم كل شر وحذرهم منه، وهو رسول الله الذي يجب أن يصدق فيما أخبر ويطاع فيما أمر ويترك ما عنه نهى وزجر، يبين له ويبين أنه رسول وليس برب وليس بكذاب بل هو عبد لا يعبد ورسول لا يكذب صلوات الله وسلامه عليه، ثم وهذا أعني الشهادتين شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله هو مفتاح الإسلام، ولهذا لا تصح أي عبادة إلا بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ومن فوائد هذا الحديث: أن أهم شيء بعد الشهادتين هي الصلاة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات بكل يوم وليلة ومن فوائده: أن الوتر ليس بواجب أن الوتر ليس بواجب، لأن النبي صلى الله عليه لم يذكره ولم يذكر إلا خمس صلوات فقط، وهذا القول هو القول الراجح من أقوال أهل العلم، ومن العلماء من قال: إن الوتر واجب، ومنهم من فصل وقال: من كان له ورد من الليل وقيام من الليل فالوتر عليه واجب، ومن لا فلا، والصحيح أنه ليس بواجب مطلقًا لأنه لو كان واجبًا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن فوائد هذا الحديث: أن الزكاة واجبة وهي فرض من فروض الإسلام، وهي الركن الثالث من أركان الإسلام والثاني بعد الشهادتين، ولهذا قال: أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم ومنها من فوائد هذا الحديث: أن الزكاة واجبة في المال لا في الذمة، لكن الصحيح أنها واجبة في المال ولها تعلق بالذمة، ويتفرع على هذا فوائد منها: لو قلنا: إنها واجبة في الذمة لسقطت الزكاة على من عليه دين، لأن محل الدين الذمة، وإذا قلنا: محل الزكاة الذمة وكان عليه ألف وبيده ألف لم تجب عليه الزكاة، لأن الحقين تعارضا، والصحيح أنها واجبة في المال لقوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً وقال في هذا الحديث: أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم لكن لها تعلق الذمة بمعنى أنها إذا وجبت وفرط الإنسان فيها فإنه يضمن، فلها تعلق بالذمة، ومن فوائد هذا الحديث: أن الزكاة لا تجب على الفقير لقوله: من أغنيائهم فترد في فقرائهم ولكن من هو الغني؟ هل هو الذي يملك ملايين؟ الغني في هذا الباب هو الذي يملك نصابًا، إذا ملك الإنسان نصابًا فهو غني تجب عليه الزكاة وإن كان قد يكون فقيرًا من وجه آخر لكنه غني من حيث وجوب الزكاة عليه، ومن فوائد الحديث: أن الزكاة تصرف في فقراء البلد لقوله: فترد في فقرائهم ولا تخرج عن البلد إلا لسبب، أما ما دام في البلد مستحقون فإنهم أولى من غيرهم، وقد حرم بعض العلماء إخراج الزكاة عن البلد إذا كان فيهم مستحقون، واستدل بهذا الحديث وبأن فقراء البلد تتعلق أنفسهم بما عند أغنيائهم، وبأن الأغنياء إذا صرفوها إلى خارج البلد ربما يعتدي الفقراء عليهم ويقولون: حرمتمونا من حقنا، فيتسلطون عليهم بالنهب والإفساد، ولا شك أن من الخطأ أن يخرج الإنسان زكاة ماله إلى البلاد البعيدة مع وجود مستحق في بلده، لأن الأولى الأقرب أولى بالمعروف، ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على هذا الحديث.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن معاذ رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب متفق عليه ".

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
نأخذ ما تبقى من فوائد هذا الحديث حديث بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن قال: أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم والمراد بالصدقة هنا الزكاة، وهي بذل المال الذي أوجبه الله تعالى في الأموال الزكوية، بذل النصيب الذي أوجبه الله في الأموال الزكوية، وسميت صدقة لأن بذل المال دليل على صدق إيمان باذله، فإن المال محبوب إلى النفوس كما قال الله تعالى: وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً والإنسان لا يبذل المحبوب إلا لما هو أحب منه، فإذا كان هذا الرجل أو المرأة بذلا المال مع حبه له، دل ذلك على أنه يحب ما عند الله أكثر مما يحب ماله، وهو دليل على صدق الإيمان، وفي قوله: تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم دليل على أن لولي الأمر أن يأخذ الزكاة من أهلها ويصرفها في مصارفها وأنه إذا فعل ذلك برئت الذمة، ولكن لو قال قائل: أنا لا آمن أن يتلاعب بها من يأخذها ثم يصرفها في غير مصرفها، نقول له: أنت إذا أديت ما عليك فقد برئت ذمتك.

Webiste