الأحاديث الواردة حول خروج المهدي المنتظر .
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : فضيلة الشيخ - حفظك الله - ، ... إذا رأيتم الرايات السَّوداء ... نرجو التوضيح ، وجزاك الله خيرًا ؟
الشيخ : هو حديث مروي في بعض السنن وفي " مستدرك الحاكم " ، لكن فيه علَّة قد لا يتنبَّه لها بعض الناس ؛ وهي أنه من رواية أبي قلابة عن ثوبان فيما أذكر ، وأبو قلابة قد رُمي بشيء من التدليس ، وفي الحديث هذه العلة من حيث الإسناد إن فيه نكارة من حيث لفظه ؛ فإن فيه : فَأْتوها ولو حبوًا ؛ فإنَّه خليفة الله المهدي ، لا يصحُّ أن يقول المسلم الواعي المؤمن بعظمة الله - تبارك وتعالى - ، وأنه لا يليق أن يقال بأن لله خليفة ، ما هذا الإنسان الذي يصلح أن يكون خليفةً لله ؟ أنا أضرب مثلًا على هذا القول الذي سمعته اليوم من بعض الكتَّاب الإسلاميين وأدبائهم حينما يريدون أن يتحدَّثوا عن تفضيل الله لهذا الإنسان الذي جعلَه من خير مخلوقاته ؛ يقولون : بأنه جعله خليفته في الأرض ، ما مثل هذا القول لو كانوا مقتنعين بأن ... بين الخالق وبين هذا المخلوق الذي جعلوه خليفةً لله في الأرض أبعد أبعد ما يمكن أن يتصوَّر ، مستحيل من المثال التالي : كأن يقال : أن الملك الفلاني خَلَفُه من بعده خادمه ، خادمه الذي لا يعلم شيئًا ، ولا يُحسن إدارة ... ؛ أليس في هذا التعبير تحقير لهذا الملك الذي أُخبر عنه أنه أخلَفَ من بعده خادمه ؟! ألم يجِدْ مَن يخلفه من بعده مَن هو قريب منه ؟ لا شك أن هذا الإنسان يقرِّب البعد الشاسع بين الخالق بكماله وعظمته وبين هذا المخلوق مهما كان عظيمًا ؛ فلا يقوى أن يكون خليفةً لله - عز وجل - .
إذا لُوحظ هذا كان واضحًا جدًّا أن هذا الحديث المروي للمهدي فيه هذه الجملة المنكرة ؛ فإنَّه خليفة الله في أرضه ، لا يصلح لأحدٍ أن يكون خليفة الله في الأرض ، والآية التي تقول مخاطبًا آدم : إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً لا يعني ربنا - عز وجل - أنه يجعله خليفةً عن نفسه - تبارك وتعالى - ، حاشا من ذلك ! وإنما جعله خليفةً لقوم من الظلم كانوا أكثروا الفساد في الأرض ، هذا ما يذكره علماء التفسير ، وما ذكره في هذه المسألة بخصوصها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تبارك وتعالى - ، وهو يذكر شيئًا يحسن ذكره الآن ؛ أن هذه الجملة إنما ابتدَعَها بعض غلاة الصوفية الذين يؤمنون بالحلول أو بالاتحاد أن لا شيء هنا ، خالق ومخلوق ؟ لا ، إنما هي وحدة ، الإنسان خليفة الله في الأرض يمكن أن تُمشَّى هذه الجملة على مذهب القائلين بوحدة الوجود من غلاة الصوفية ، أما الذين ... لكن هذا لا يعني ... أحاديث المهدي صحيحة ، فإن هناك أحاديث لا يصح لمثلي أن يُنكرها ، من هذه الأحاديث قوله - عليه الصلاة والسلام - : لا تنقضي الدنيا حتَّى يبعث الله رجلًا يوافق اسمُه اسمي ، واسمُ أبيه اسمَ أبي ؛ يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلئت جورًا وظلمًا . هذا حديث من أحاديث كثيرة صحَّت عن المهدي - عليه السلام - ، لكن مقابل هذا ... أحاديث ... لا تصح وما ... عنه آنفًا هي ممَّا لا يصح .
ولكن هنا تنبيه لا بد منه ؛ وهو أن إيمان المسلمين بمجيء المهدي يومًا ما لم يحدِّده ربُّنا - عز وجل - لا يعني أن يتواكل المسلمون وأن ينتظروا خروج المهدي حتى يُنصَرُوا على أعدائهم ، بل عليهم أن يأخذوا بوسائل النَّصر ، سواء ما كان منها طرقًا أو كان مادَّة ؛ فإن الله - عز وجل - ينصر عباده الذين يأخذون بأسباب النصر كما هو في الآية المعروفة : إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ؛ فلا ينبغي انتظار المهدي ، أو عيسى - عليه السلام - ، نزول عيسى - عليه الصلاة والسلام - ، ونزوله عقيدة سلفية أقوى من عقيدة المهدي ، فلا يجوز للمسلمين أن ينتظروا نزول هذا أو خروج ذاك ، بل عليهم بأن يتخذوا بأسباب النصر ؛ فإنهم حينئذٍ إن جاء المهدي أو نزل عيسى يجدون الأرض مهيَّأة لنزول الغيث عليهم ، وينصرهم الله - تبارك وتعالى - على عدوِّهم .
هذا ما يُمكن أن يُقال تعليقًا على ذلك الحديث الذي لا يصح ، وعلى بعض الأحاديث الصحيحة في خروج المهدي ونزول عيسى - عليه السلام - .
الشيخ : هو حديث مروي في بعض السنن وفي " مستدرك الحاكم " ، لكن فيه علَّة قد لا يتنبَّه لها بعض الناس ؛ وهي أنه من رواية أبي قلابة عن ثوبان فيما أذكر ، وأبو قلابة قد رُمي بشيء من التدليس ، وفي الحديث هذه العلة من حيث الإسناد إن فيه نكارة من حيث لفظه ؛ فإن فيه : فَأْتوها ولو حبوًا ؛ فإنَّه خليفة الله المهدي ، لا يصحُّ أن يقول المسلم الواعي المؤمن بعظمة الله - تبارك وتعالى - ، وأنه لا يليق أن يقال بأن لله خليفة ، ما هذا الإنسان الذي يصلح أن يكون خليفةً لله ؟ أنا أضرب مثلًا على هذا القول الذي سمعته اليوم من بعض الكتَّاب الإسلاميين وأدبائهم حينما يريدون أن يتحدَّثوا عن تفضيل الله لهذا الإنسان الذي جعلَه من خير مخلوقاته ؛ يقولون : بأنه جعله خليفته في الأرض ، ما مثل هذا القول لو كانوا مقتنعين بأن ... بين الخالق وبين هذا المخلوق الذي جعلوه خليفةً لله في الأرض أبعد أبعد ما يمكن أن يتصوَّر ، مستحيل من المثال التالي : كأن يقال : أن الملك الفلاني خَلَفُه من بعده خادمه ، خادمه الذي لا يعلم شيئًا ، ولا يُحسن إدارة ... ؛ أليس في هذا التعبير تحقير لهذا الملك الذي أُخبر عنه أنه أخلَفَ من بعده خادمه ؟! ألم يجِدْ مَن يخلفه من بعده مَن هو قريب منه ؟ لا شك أن هذا الإنسان يقرِّب البعد الشاسع بين الخالق بكماله وعظمته وبين هذا المخلوق مهما كان عظيمًا ؛ فلا يقوى أن يكون خليفةً لله - عز وجل - .
إذا لُوحظ هذا كان واضحًا جدًّا أن هذا الحديث المروي للمهدي فيه هذه الجملة المنكرة ؛ فإنَّه خليفة الله في أرضه ، لا يصلح لأحدٍ أن يكون خليفة الله في الأرض ، والآية التي تقول مخاطبًا آدم : إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً لا يعني ربنا - عز وجل - أنه يجعله خليفةً عن نفسه - تبارك وتعالى - ، حاشا من ذلك ! وإنما جعله خليفةً لقوم من الظلم كانوا أكثروا الفساد في الأرض ، هذا ما يذكره علماء التفسير ، وما ذكره في هذه المسألة بخصوصها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تبارك وتعالى - ، وهو يذكر شيئًا يحسن ذكره الآن ؛ أن هذه الجملة إنما ابتدَعَها بعض غلاة الصوفية الذين يؤمنون بالحلول أو بالاتحاد أن لا شيء هنا ، خالق ومخلوق ؟ لا ، إنما هي وحدة ، الإنسان خليفة الله في الأرض يمكن أن تُمشَّى هذه الجملة على مذهب القائلين بوحدة الوجود من غلاة الصوفية ، أما الذين ... لكن هذا لا يعني ... أحاديث المهدي صحيحة ، فإن هناك أحاديث لا يصح لمثلي أن يُنكرها ، من هذه الأحاديث قوله - عليه الصلاة والسلام - : لا تنقضي الدنيا حتَّى يبعث الله رجلًا يوافق اسمُه اسمي ، واسمُ أبيه اسمَ أبي ؛ يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلئت جورًا وظلمًا . هذا حديث من أحاديث كثيرة صحَّت عن المهدي - عليه السلام - ، لكن مقابل هذا ... أحاديث ... لا تصح وما ... عنه آنفًا هي ممَّا لا يصح .
ولكن هنا تنبيه لا بد منه ؛ وهو أن إيمان المسلمين بمجيء المهدي يومًا ما لم يحدِّده ربُّنا - عز وجل - لا يعني أن يتواكل المسلمون وأن ينتظروا خروج المهدي حتى يُنصَرُوا على أعدائهم ، بل عليهم أن يأخذوا بوسائل النَّصر ، سواء ما كان منها طرقًا أو كان مادَّة ؛ فإن الله - عز وجل - ينصر عباده الذين يأخذون بأسباب النصر كما هو في الآية المعروفة : إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ؛ فلا ينبغي انتظار المهدي ، أو عيسى - عليه السلام - ، نزول عيسى - عليه الصلاة والسلام - ، ونزوله عقيدة سلفية أقوى من عقيدة المهدي ، فلا يجوز للمسلمين أن ينتظروا نزول هذا أو خروج ذاك ، بل عليهم بأن يتخذوا بأسباب النصر ؛ فإنهم حينئذٍ إن جاء المهدي أو نزل عيسى يجدون الأرض مهيَّأة لنزول الغيث عليهم ، وينصرهم الله - تبارك وتعالى - على عدوِّهم .
هذا ما يُمكن أن يُقال تعليقًا على ذلك الحديث الذي لا يصح ، وعلى بعض الأحاديث الصحيحة في خروج المهدي ونزول عيسى - عليه السلام - .
الفتاوى المشابهة
- الخبر في المهدي المنتظر ونزول عيسى عليه... - اللجنة الدائمة
- حكم سؤال الله أن يخرج المهدي - ابن عثيمين
- هل سيظهر المهدي المنتظر على خلافة ممكنة أم هو... - الالباني
- هل سيظهر المهدي المنتظر على خلافة ممكَّنة أم ه... - الالباني
- هل المهدي المنتظر إمام وخليفة؟ - الالباني
- خروج المهدي - اللجنة الدائمة
- من هو المهدي المنتظر.؟ (والكلام على مهدي الشيعة) - الالباني
- ثبوت ظهور المهدي المنتظر عند أهل السنة - ابن باز
- هل يجوز لنا أن نسأل الله أن يخرج فينا المهدي... - ابن عثيمين
- هل صح أحاديث في المهدي المنتظر ؟ - الالباني
- الأحاديث الواردة حول خروج المهدي المنتظر . - الالباني