تم نسخ النصتم نسخ العنوان
في مسابقة الإمام بقول : ( آمين ) . - الالبانيالشيخ : إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرورِ أنفسنا و من سيِّئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلَّ له ، ومن يُضلل فلا هادي له ، ...
العالم
طريقة البحث
في مسابقة الإمام بقول : ( آمين ) .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرورِ أنفسنا و من سيِّئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلَّ له ، ومن يُضلل فلا هادي له ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّه حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ، أما بعد :
فإن خيرَ الكلام كلامُ اللهِ - تعالى - ، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وشرَّ الأمور محدثاتُها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
قال - تعالى - : وذكِّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ، ولقد تنبَّهت في ليلتكم المباركة هذه إن شاء الله إلى التنبيه والتذكير لمسألتين اثنتين رأيتُهما في كثير من البلاد التي طفْتُ فيها مخالفةً للشرع ؛ إحداهما تُخالف نصَّ الحديث الصحيح الصريح ، والأخرى تُخالف بعض الآداب الإسلامية التي جرت بعض التقاليد الحديثة على الاستهتار بها وعدم الاهتمام لها .
أما المسألة الأولى ؛ فهي أن جماهير المصلين المقتدين وراء الإمام في الصلاة الجهرية يقعون في مسابقة الإمام في قضيَّة هي كما لو أن الشارع الحكيم فرضَها عليهم على ما هم عليه من الخطأ ؛ أعني بذلك مسابقة جماهير المصلين لإمامهم بالصلاة الجهرية بقولهم : آمين قبل أن يشرع الإمام بقوله : آمين ، وهذه قضيَّة رأيتُها مع الأسف في أكثر البلاد الإسلامية لا نُحاشي ولا نستثني منها بعضَ البلاد المقدسة كمكة والمدينة ؛ فإن الناس عن هذه السنة بل عن هذا الأمر النَّبوي هم من الغافلين ؛ ذلك هو قوله - عليه الصلاة والسلام - : إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ؛ فإنَّه مَن وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه . هذا الحديث جاء تطبيقًا لقاعدة وأصل أصَّله النبيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - في ربط الإمام بالمأموم المأموم بالإمام ، وعدم جواز مسابقة هذا المأموم لذاك الإمام ؛ ذلك هو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتمَّ به ، زاد في رواية : فلا تختلفوا عليه ؛ فإذا كبَّر فكبِّروا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا قال : سمع الله لمن حمده ؛ فقولوا : ربنا ولك الحمد ، وإذا سجد فاسجدوا ، وإذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا ، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعين ، فكما قال - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا الحديث : إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتمَّ به ؛ فإذا كبَّر فكبِّروا إلى آخر الحديث ، كذلك قال في الحديث الأول : إذا أمَّنَ الإمام فأمِّنوا ، فكما أنه لا يجوز للمقتدي أن يُسابق الإمام في شيء مما سبق ذكره في الحديث الثاني : إذا كبَّر فكبِّروا ، وإذا ركع فاركعوا كذلك لا يجوز للمقتدين أن يُسابقوا الإمام بقولهم : آمين ، والغفلة في هذه القضية عامة في أكثر البلاد التي رأيتها ، ولذلك فينبغي على عامة المصلين أن أولًا : أن يستحضروا عقولهم وألبابهم في الصلاة ، ولا يكونوا من الغافلين عن ذكر الله فيها ؛ فإن مسابقة الإمام في آمين تنشأ من قضيتين اثنتين : ... لأمور دنياهم في صلاتهم . والأخرى : جهلهم في هذا الحكم الشرعي الصريح في هذا الحديث الصحيح : إذا أمَّنَ الإمام فأمِّنوا .
لقد تكلم شُرَّاح الحديث في هذه الجملة من الحديث فقالوا : إذا أمَّنَ الإمام فأمِّنوا له معنيان :
المعنى الأول - وهو المعنى الراجح والله أعلم - : إذا شرع الإمام في آمين فاشرعوا أنتم بدوركم في : آمين .
والمعنى الثاني : إذا انتهى الإمام من آمين فابدؤوا أنتم بقولكم : آمين .
فعلى كلٍّ من الوجهين أو الشرحين فمعنى ذلك أن الإمام ينبغي أن يتأخر =
-- عفوًا لو نزَّلت هذا لتحت ... الثقل كثيرًا ، أيوا --
= فعلى كلٍّ من التفسيرين لهذا الحديث فهما يلتقيان بأن المقتدي ينبغي أن يتأخَّر عن الإمام في الشروع بـ آمين ، وعلى هذا فينبغي على كلِّ مصلٍّ أن يراقب قراءة الإمام ، وأن يكون قلبه ولبُّه معه ؛ فإذا وصل الإمام إلى قوله : غير المغضوب عليهم ولا الضالين لا يبادر المقتدي إلى قوله : آمين ، وإنما يحبسُ نفسه إلى أن يبدأ يسمع شروع الإمام بـ آمين ، فهو بعد ذلك يشرع في آمين ، هذا الحديث صريح جدًّا في هذا الحكم الذي خالفه جماهير المقتدين ، ولذلك فينبغي ملاحظة ذلك حتى لا نقعَ في أمرين اثنين :
الأمر الأول - وهو الأهم بلا شك بالنسبة للتعبد لله لعباده بما شاء من أحكام شريعته - ؛ ألا وهو ألَّا نقعَ في مخالفة قوله - عليه السلام - إذا أمَّنَ الإمام فأمِّنوا .
والأمر الآخر ؛ وهو في الحقيقة ممَّا يسعى إليه كل مسلم في هذه الحياة الدنيا العادلة الفانية ليهتبلَها فرصة ليكسب فيها مرضاة الله - تبارك وتعالى - ؛ حيث قال : فمن وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه ، فهذا أجر عظيم تُشَدُّ - كما كانوا يقولون - إليه الرحال ؛ أي : تُتكبد كلُّ المشاق في سبيل الوصول إلى مرتبة الله - تبارك وتعالى - ، وأنتم تعلمون الأحاديث الصحيحة التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من حديث المغيرة بن شعبة وغيره من أصحابه أنه قام حتى تفطَّرت قدماه ، فقالوا : يا رسول الله ، قد غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال - عليه الصلاة والسلام - : أفلا أكون عبدًا شكورًا ؟! .
الشاهد أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قام حتى تفطَّرت قدماه ، لماذا هذا القيام ؟ ولماذا هذه المشقة ؟ لينال مغفرة الله - تبارك وتعالى - ، فمن فضل الله - عز وجل - على هذه الأمة المحمدية أنه - عز وجل - تفضَّل على عباده بأسباب ميسَّرة مُذلَّلة تكون سببًا للحصول على مغفرة الله - تبارك وتعالى - ، من هذه الأسباب ما جاء في الحديث الصحيح ألَّا يسابق المقتدي إمامه بقوله : آمين ، وانما يأتي بالتأمين كما ذكرنا آنفًا بعد أن يشرع الإمام بقول : آمين ، فقد قال - صلى الله عليه وآله وسلم - : فمَن وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة ؛ أي : إن الملائكة الذين وُصِفُوا بقوله - تعالى - : لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون إنهم ليسوا كهؤلاء الناس الذين يسابقون الامام بـ آمين ، وإنما يتأخرون عنه على ما ذكرناه آنفًا ، فمن كان من المصلين من البشر موافقًا في تأمينه تأمينَ الملائكة ؛ أي : لم يسابق الإمام بالتأمين ، وإنما تأخر عنه كما تتأخر الملائكة ؛ فمن وافق تأمينه تأمينَ الملائكة غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه ؛ أفلا تُشَدُّ الرحال إلى الحصول على هذه الفضيلة وعلى هذه المغفرة مهما كانت الصِّعاب والمشاق ؟ لا شك أن الأمر ... ؛ فكيف والأمر ميسَّر مذلَّل لا يحتاج إلا إلى شيء من الانتباه لقراءة الإمام وحبس النفس إذا ما انتهى هذا الإمام من قراءته : ولا الضالين ، ينطق كلُّ فرد لفظه ، ولا يقول : آمين إلا بعد أن يشرع الإمام : آمين ، هذه هي المسألة الأولى .
وأنا بتجربتي الخاصة فتشعرون أنه ليس من السَّهل بعد أن اعتاد الجماهير على تلك المخالفة والمسابقة ، فإن لم تُراقبوا هذه القضية وقعتم في مخالفة أمر الرسول - عليه السلام - أولًا ، وخسرتم الغاية التي أراد الرسول - عليه السلام - أرادها الرسول - عليه السلام - للمسلمين باتباعهم لهذا الأمر النبوي الكريم ؛ ألا وهي الحصول على مغفرة ربِّ العالمين ، فأرجو أن تلاحظوا أنفسكم وأن تنتبهوا لأخطائكم ، لعل الله - عز وجل - يغفرها لكم ، هذه هي المسألة الأولى .

Webiste