تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ما هو الحكم في دُمى الأطفال التي تُصنع من القم... - الالبانيالسائل : سائل يقول : ما هو الحكم في دُمَى الأطفال التي تُصنع من القماش المحشوِّ بالقطن ؟ وهل يجوز رسم العينين والفم على رؤوسها ؟ أفتونا في ذلك ، جزاكم ا...
العالم
طريقة البحث
ما هو الحكم في دُمى الأطفال التي تُصنع من القماش المحشوِّ بالقطن ؟ وهل يجوز رسم العينَين والفم على رؤوسها ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : سائل يقول : ما هو الحكم في دُمَى الأطفال التي تُصنع من القماش المحشوِّ بالقطن ؟ وهل يجوز رسم العينين والفم على رؤوسها ؟ أفتونا في ذلك ، جزاكم الله خيرًا ؟

الشيخ : الذي أراه - والله أعلم - أن اتِّخاذ هذه التماثيل أو الدُّمى بالنسبة للأطفال الصغار هو أمر جائز في السنة ، لكن التعمُّق في تصويرها وتكوينها كما جاء في السؤال ما أرى ذلك ؛ لأني ألاحِظُ شيئًا وهذا في الواقع من دقيق العلم الذي ينبغي على طلاب العلم أن يُلاحظوه :
إنَّ لُعَب الأطفال هذه ووجودها في الدار مع أنها تماثيل للعلماء فيها قولان : أحدهما أنها لا تجوز إعمالًا للنصوص العامة التي تنهى عن التصوير وعن الإبقاء على الصور في البيوت ، ومنهم مَن يقول : أن هذه الصور مُستثناة من النصوص العامة صنعًا وقُنيةً ، وهذا الذي نحن نتبنَّاه ونراه صوابًا إن شاء الله ، لكن لا نشك بأن الشارع الحكيم عندما يستثني حكمًا من نصٍّ عامٍّ فَلِحكمة قد تظهر لبعض الناس وقد تخفى على آخرين ، فنحن نلاحظ أنَّ من الحكمة في إباحة هذه اللُّعَب للأطفال الصغار تمرينًا لهم على ما يتعلَّق بشؤون المنزل مما يسمَّى اليوم بتدبير المنزل ؛ من الخياطة وتركيب زر ونحو ذلك ، أما التعمُّق في تصوير الآذان والأعين والأنف والفم بالخطِّ فهذا له علاقة بما يسمُّونه بالفن ، والشارع الحكيم أباح هذا لمصلحة ظاهرة بالنسبة للفتيات الصغيرات كعائشة - مثلًا - ونحوها ، وليس من مصلحة الفتاة أن تُعنى بهذه الدِّقَّة في التصوير ، ولذلك يقولون : " ما كان على خلاف القياس فعليه لا يُقاس " ؛ فنحن لا نستطيع أن نتوسَّع هنا إلا بما أفاده النَّصُّ في لُعَبِ السيدة عائشة ، ولم يُنقل أنها كانت لُعَبًا فيها هذه الدقة في التصوير ، فيُكتفى بصُنع هذه التماثيل من الخِرَق ليس إلا .
وأما القول أن هذا منسوخ لعموم تلك الأحاديث ؛ فهذه في اعتقادي غفلة عن بعض الشروط التي يذكُرُها علماء الأصول في كتبهم من أنه يُشترط في معرفة الناسخ والمنسوخ أن يُعرف أوَّلًا المتقدم من المتأخر ، وثانيًا - وهذا أهم - ألَّا يُمكن في الأصل التوفيق بين النَّصَّين ، فإذا تعذَّر حينَ ذاك التوفيق صِيرَ إلى النسخ .
أما ادِّعاء أن هذا الحكم الخاص هو منسوخ بالنَّصِّ العام فهذا لا يقول به علماء الفقه - أي : أصول الفقه - أبدًا ، وهذا في الوقع يقع فيه بعض أفاضل العلماء الذين ينسخون بعض النُّصوص الخاصَّة لِمُعارضتها لبعض النُّصوص العامة ، والصواب في ذلك أن يُخصَّص النَّصُّ العام بالنَّصِّ الخاص ، وإن كان السلف يُطلقون على النَّصِّ المخصِّص أنه ناسخ وعلى النَّصِّ العام أنه منسوخ ، ولكنهم يعنون أن جزءًا من أجزائه هو المنسوخ ، وإذا لُوحظ الفرق بين اصطلاح السَّلف واصطلاح الخَلَف بين الناسخ والمنسوخ زالَتْ أمام طالب العلم إشكالات كثيرة حينما يجد - مثلًا - " السيوطي " في كتاب " الإتقان في علوم القرآن " يذكر بأن هناك ثلاث مئة آية تقريبًا منسوخة ؛ فإنما يعني هو تحت الاصطلاح العام ؛ الاصطلاح العام السلفي يعني ، وهو بالاصطلاح الخاص الخَلَفي التخصيص كما قُلْتَ ، حينئذٍ يزول الإشكال ، ثلاث مئة آية منسوخة ! لا ، لا يوجد في القرآن مثل هذا الآيات المنسوخة أبدًا ، لكنهم يعنون مُخصَّصة .
على هذا فأحاديث لُعَب الأطفال التي كانت تصنَعُها عائشة لنفسها ، والتي كان بعض الأنصار يصنعونها لأولادهم لِيُشغلوهم بها عن الإفطار عن الطعام الذي يفطِّرهم في رمضان ؛ فهذه تكون لُعَب بدائيَّة سطحيَّة جدًّا فقط لتحقيق هذه المصلحة التي أشرنا إليها آنفًا ، والله أعلم .

السائل : جزاكم الله خيرًا .

الشيخ : وإياك .

Webiste