تم نسخ النصتم نسخ العنوان
الحديث الذي فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم... - الالبانيالسائل : ... أنُّو أستاذي أنُّو لا يسمع ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - لما حدَّث الكفرة بعد .الشيخ : قليب بدر يعني تقصد ؟السائل : قليب بدر ، مش قال : ...
العالم
طريقة البحث
الحديث الذي فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كلَّم موتى قريش في بدر ؛ هل فيه أنَّ الميت يسمع في قبره ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : ... أنُّو أستاذي أنُّو لا يسمع ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - لما حدَّث الكفرة بعد .

الشيخ : قليب بدر يعني تقصد ؟

السائل : قليب بدر ، مش قال : ما أنتم بأسمع منَّا ؟

الشيخ : إي .

السائل : هي كانت خاصَّة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - يعني ؟

الشيخ : آها ، ادَّاركت حالك هلق [ الشيخ يضحك ! ] . يا سيدي ، هذه القصة الحقيقة مهمة جدًّا ، كنت أنا طبعت كتاب في الشام حول هذا الموضوع مهم جدًّا اسمه " الآيات البيِّنات في عدم سماع الأموات عند الحنفيَّة السادات " ، هذا مو تأليفي ، تأليف الآلوسي أخو محمود الآلوسي صاحب التفسير العظيم المسمَّى بـ " روح المعاني " ، أخوه هذا اسمه الشيخ نعمان الآلوسي ، له هذه الرسالة " الآيات البيِّنات في عدم سماع الأموات عند الحنفية السادات " ، هو حنفي وعالم ، وألقى درس هناك في بغداد وتطرَّق لهالمسألة ، وبيَّن لهم أنُّو الأموات ما بيسمعوا ، فأقاموا القيامة عليه ، الناس ما كان عندهم تفتُّح ، فراح واندفع وألَّف هالرسالة هَيْ ، وتمَّت الرسالة في طيِّ الكتمان إلى أقل من عشر سنوات حتى أنا حصَّلت عليها على نسخة مصوَّرة ، فإجيت نسختها وحقَّقتها وخرَّجت أحاديثها ووضعت لها مقدِّمة في نحو خمسين صفحة ، المقدمة فقط ، وهي مطبوعة ، فعالجت أنا هذا الموضوع بطريقتي الخاصَّة ، بالجملة أوردْتُ أنا هذا الحديث ؛ لأنُّو هذا الحديث ظاهره ينسف الرسالة كلَّها نسفًا ، " الآيات البيِّنات في عدم سماع الأموات " ، والحديث بيقول صراحة : ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، لكن الحقيقة أنُّو هذا الحديث حينما يقف الإنسان معه بتفهُّم بيتبيَّن له القضية ينقلب رأسًا على عقب .
الحديث حجَّة لموضوع الكتاب وليس عليه ، ولمَّا هو المؤلف ما عالج هذه القضية كان همُّه هو إقناع الناس اللي شاغبوا عليه هناك بأقوال أئمة المذهب ، وهذا أسلوب يُفيد مع الناس المتعصِّبين ، فأنا كمَّلت موضوعه من الناحية الحديثية ، من الدليل ؛ انظروا الآن القصة كيف حُجَّة على أنُّو الموتى لا يسمعون ، وإنما هي كما تنبَّهْتَ أخيرًا أنت قضيَّة خاصَّة ؛ أوَّل ذلك لاحظوا معي أنُّو هذا الجواب كان جواب على سؤال مين ؟ عمر بن الخطاب ، لمَّا الرسول - عليه السلام - بعد ثلاثة أيام من بعد أن وضعت الحرب أوزارها وقُضي على المشركين إلا من ولَّى هاربًا ، وكان صناديد قريش أُلقوا في قليب هناك ، وقف بعد ثلاثة أيام فيُنادي : يا فلان بن فلان ، إني وجدت ما وَعَدَني ربي حقًّا ؛ فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًّا ؟ قال عمر بن الخطاب : يا رسول الله ، إنك لَتُنادي أجسادًا لا أرواح فيها . في رواية : قد جيَّفوا ؛ طلعت ريحتهم .
هون هلق نقف قليلًا ؛ قول عمر لنبيِّه يشعر أنه عمر مشبَّع بفكرة أنُّو الموتى لا يسمعون ، وإلا كيف بيجي بهالصراحة هذه وبهالجرأة بيقول له : إنك لتنادي أجسادًا لا أرواح فيها ، أو جيَّفوا ؟!
من أين أخذ هذا العلم عمر بن الخطاب حتَّى يقف أمام مناداة الرسول للكفار ؟ لا شكَّ ما عنده طريق وما عنده وسيلة غير الرسول - عليه السلام - ، منه هو تلقَّى هذا العلم . هَيْ النقطة الأولى اللي بدنا نركِّز عليها .
بتجي نقطة ثانية ، هذا الذي اتَّكأ عليه عمر فيما قاله لنبيِّه - عليه السلام - إما أن يكون صوابًا وإما أن يكون خطأً ؛ فإذا كان صوابًا الرسول يُقِرُّه وإن كان خطأً يردُّه ؛ فماذا كان موقف الرسول - عليه السلام - ؛ هل أقرَّه أم أنكره ؟ أقرَّه ؛ بخلاف ما يظن البعض أنه أنكره ، لا ؛ بس هَيْ الحقيقة تحتاج إلى شيء من علم بأصول الفقه اللي فيه عام وخاص ومطلق ومقيد ، و و إلى آخره .
عمر لمَّا قال للرسول هذا الكلام مستند على آيات وأحاديث تلقَّاها من نبيِّه ، فتشبَّع مخه بأنُّو الموتى لا يسمعون كالآية السابقة وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ ، فلو كان ما كان مستقرًّا في نفس عمر خطأً قال له : من أين لك هذا ؟ ما أجابه بهذا الجواب ، إنما قال : ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ما قال عن الموتى جميعًا ، هدول ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، فإذًا هنا أدخل على مفهوم عمر تخصيصًا تقييدًا ، كأنه يقول إذًا نشرح القضية ؛ يا عمر ، الذي تعرفه هو الصحيح ، لكن تعلَّم شيئًا جديدًا أنُّو هؤلاء الآن ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولذلك جاء في رواية في " صحيح البخاري " أحد رواة الحديث قتادة قال : أحياهم الله له ، فسمعوا صوته توبيخًا وتبكيتًا ؛ شايف كيف ؟ انقلبت القضية إلى كون الحديث دليل على أنُّو الموتى يسمعون إلى أن الموتى لا يسمعون لكن هدول سمعوا ، أحياهم الله - تبارك وتعالى - له - عليه السلام - ليحقِّرهم يبكِّتهم قبل أن يروا العذاب الأليم . هذا كله أنا شرحته في مقدِّمة الكتاب المذكور آنفًا .
وذكرت بالمناسبة قصَّة أخرى ؛ وهي تُشبه هذه تمامًا من حيث أنَّ فيها دِلالة ناعمة جدًّا لخلاف ما يتوهَّم بعض الناس ؛ لا بد أنكم سمعتم حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت : دخل عليَّ أبو بكر الصديق ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسجًّى عندي وعنده جاريتان تغنِّيان بغناء بُعاث تضربان عليه بدفٍّ ، لمَّا دخل أبو بكر استعظم الأمر ، فصاح أَمِزمار الشيطان في بيت رسول الله ؟! هذا مثل قول عمر : إنَّك لتنادي أجسادًا لا أرواح فيها . كيف يتقدَّم أبو بكر الصديق بين يدي الرسول وفي بيته وبيقول : مزمار الشيطان في بيت رسول الله لولا أنه كان لُقِّن هذا العلم ؟ تلقَّن هذا العلم من الرسول - عليه السلام - ، وتمام الحديث يؤكِّد لنا هذا الفهم ، لكن فَعَل الرسول مع أبو بكر هنا مثل ما فعل مع عمر ، أدخل على مفهومه السابق قيدًا ، كذلك هنا أدخل الرسول على مفهوم أبي بكر السابق الصحيح قيدًا ؛ لماذا ؟ قال له بعد ما رفع رأسه قال : يا أبا بكر ، دَعْهما ؛ فإنَّ لكلِّ قومٍ عيدًا ، وهذا عيدنا .
كأنه يقول له : الذي قلته صواب ، مزمار الشيطان ، لكن هذا مستثنًى منه يوم العيد ؛ لذلك هلق الضَّرب بالدف حرام ؛ لأنُّو من جملة الملاهي ، لكن استُثنِيَ من الحرمة الدف في العرس والدف في يوم العيد ؛ فكما أنه هذاك الحديث صار دليل على أنُّو الموتى لا يسمعون إلا هالكفار المشركين - أيضًا - هذا حديث انقلب إلى أنه دليل لا يجوز ضرب الدف إلا في يوم العيد ، وفي الحديث الآخر إلا في إعلان النكاح .
فإذًا حديث أبو بكر دليل على أنُّو الدف آلة من آلالات الطرب ومزمار من مزامير الشيطان إلا في يوم العيد .
فإذًا لا إشكال على قاعدة : وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ أبدًا ، ثم الكلام بيجر كلام ؛ لو كان أحد يسمع من الموتى شيئًا ، مين أفضل من رسول الله ؟ لا أحد ، ثم لو كان أحدٌ يسمع شيئًا في هذه الدنيا ما هو الأولى بأن يسمعه إلا ذكر الله وما والاه ، يسمع يعني الكفر والضلال ؟ لا ، يسمع شيء يلتذ فيه على الأقل ، إذا كان الرسول - عليه السلام - يقول : إنَّ لله ملائكةً سيَّاحين يُبلِّغوني عن أمَّتي السلام ، فلمَّا الواحد منا بيقول : السلام عليك يا رسول الله ، وهو ميِّت كما قال - تعالى - : إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ، فلو كان ميِّت في الدنيا يسمع لَكان الرسول ، ولو كان الرسول يسمع شيئًا ما بيسمع الكفر والضَّلال ، بيسمع الثناء عليه والصلاة عليه ؛ فما بالكم وهو بيقول للملائكة : إنَّ لله ملائكة سيَّاحين يُبلِّغوني عن أمَّتي السلام ، ما قال : أنا أسمع السلام . فإذا كان الرسول وصلاته ما بيسمعه ، مين هذا الميت بقى اللي بدو يسمع ما يقع في الدنيا من أيِّ شيء من ذكر أو صلاة أو ختمة قرآن أو أو إلى أخره ؟
وهذا بيذكّرني بعادة للناس بتدل على غفلتهم وجهلهم من جهة ، فأنا استغللت هالفائدة اللي استفدتها من هذا الحديث من قبل نحو خمسة وعشرين سنة ، كنت انتُدبت لتدريس مادة الحديث في الجامعة الإسلامية التي لا تزال الآن قائمة ولم تكن بعد موجودة يومئذ ، فأنا عم أجري معاملة الجواز - تأشيرة الخروج - وصل الجواز عند ضابط من الضباط ، ويظهر في عنده عاطفة دينية ، شاف أنُّو السفر إلى المدينة ، قال لي : راح تسافر إلى المدينة ؟ قلت له : إن شاء الله . قال لي : بدي أكلفك شيء ؟ قلت له : تفضل . قال : إن شاء الله تصل بالسلامة وبتبلِّغ الرسول - عليه السلام - السلام . قلت له : يا أخي ... .

Webiste