من شرح " العقيدة الطحاوية " قوله : " الرؤية حقٌّ لأهل الجنة بغير إحاطة ولا كيفيَّة " ، مع بيان تعطيل المعتزلة للأسماء والصفات والرَّدِّ عليهم .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : ... الثاني ، فهذا أخذهم بقوله - تبارك وتعالى - .
و " الرؤية حقٌّ لأهل الجنة بغير إحاطة ولا كيفيَّة " ، وجاء الدليل على ذلك في الكتاب والسنة ، أما الكتاب فهذه الآية الصريحة : وجوهٌ يومئذٍ يوم القيامة يوم الجنة ، وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، ومع صراحة هذه الآية فقد سلَّطَ عليها المعتزلة معاولَ الهدم والتأويل ؛ فقالوا : إنَّ الآية لا تدل على ما ذهب إليه أهل الحديث وغيرهم من أنَّ المؤمنين يرون الله ذاته - تبارك وتعالى - ؛ وإنما مراد الآية في زعم المعتزلة ناظرة إلى نعمة ربِّها ؛ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا ؛ أي : إلى نعمة ربِّها نَاظِرَةٌ .
وهذا كما ترون على النهج الذي سلكوه في كلِّ آيات الصفات تقريبًا ؛ فهم يقولون - مثلًا - : وَجَاءَ رَبُّكَ ؛ أي : آيات ربك ، أو ملائكة ربك أو ، أمر ربك ؛ إلى نحو ذلك من الألفاظ التي يقدِّرونها لكي يفرُّوا من دلالة هذه النُّصوص على خلاف ما ذهبوا إليه من إنكار الصفات كالمجيء والنزول ، وكذلك بالإنكار رؤية المؤمنين لربِّهم يوم القيامة ، فتأوَّلوا قولَه - تبارك وتعالى - : إِلَى رَبِّهَا ؛ أي : إلى نعمة ربِّها ونعيم ربِّها نَاظِرَةٌ .
وهذا التأويل باطل بلا شك بما عُلِمَ في بحث موضوع الصفات وآيات الصفات وأحاديث الصفات ؛ وهو أنَّ الأصل في كلِّ كلام عربي أن يُؤخَذَ على حقيقته وعلى ظاهره لا على تأويله ومجازه ، وإنما يُصار إلى التأويل وإلى المجاز حينما تتعذَّر الحقيقة ولا يمكن الأخذُ بها ، ولكن المعتزلة حينما جمدت أفكارهم على تشبيه الخالق بالمخلوق ابتداءً وعلى تنزيهه انتهاءً ؛ وجدوا أنَّ مثل هذه الآية التي تثبت رؤية المؤمنين لربهم - عز وجل - يوم القيامة في الجنة تُفيد بزعمهم إما الإحاطة بالله - عز وجل - وإدراكه وإما تحديده بجهة ، وهم يقرِّرون بأنَّ الله ليس في جهة ؛ ولذلك يذهبون إلى التعطيل المطلق فيقولون : الله في كل مكان !! كل هذه الانحرافات والتأويلات ما كان منهم إلا لإهمالهم تطبيق قاعدة من قواعد اللغة العربية هي : " أن الأصل في كل عبارة الحقيقة ، ولا تُؤوَّل إلا للضرورة " ؛ وهنا بلا شك ليس ضرورة ؛ لأن رؤية الله ليس من الضروري أن يكون كرؤيتنا لبعضنا البعض ، فرؤيتنا لربِّنا رؤية ليس فيها الإحاطة ، وليس فيها الإدراك ، وليس فيها الحصر لله - عز وجل - في مكان إلى آخر هذه السُّلوب التي يجب علينا أن لا نثبِتَها لعدم ورودها في الكتاب ولا في السنة ؛ فإذ الأمر كذلك فلماذا نحن ننكر رؤية الله بعد ثبوتها وبعد تنزيهنا لربِّنا من كلِّ ما يمسُّ جلاله وعظمته ؟!
السائل : أستاذ ، في سؤال .
الشيخ : تفضل .
و " الرؤية حقٌّ لأهل الجنة بغير إحاطة ولا كيفيَّة " ، وجاء الدليل على ذلك في الكتاب والسنة ، أما الكتاب فهذه الآية الصريحة : وجوهٌ يومئذٍ يوم القيامة يوم الجنة ، وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، ومع صراحة هذه الآية فقد سلَّطَ عليها المعتزلة معاولَ الهدم والتأويل ؛ فقالوا : إنَّ الآية لا تدل على ما ذهب إليه أهل الحديث وغيرهم من أنَّ المؤمنين يرون الله ذاته - تبارك وتعالى - ؛ وإنما مراد الآية في زعم المعتزلة ناظرة إلى نعمة ربِّها ؛ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا ؛ أي : إلى نعمة ربِّها نَاظِرَةٌ .
وهذا كما ترون على النهج الذي سلكوه في كلِّ آيات الصفات تقريبًا ؛ فهم يقولون - مثلًا - : وَجَاءَ رَبُّكَ ؛ أي : آيات ربك ، أو ملائكة ربك أو ، أمر ربك ؛ إلى نحو ذلك من الألفاظ التي يقدِّرونها لكي يفرُّوا من دلالة هذه النُّصوص على خلاف ما ذهبوا إليه من إنكار الصفات كالمجيء والنزول ، وكذلك بالإنكار رؤية المؤمنين لربِّهم يوم القيامة ، فتأوَّلوا قولَه - تبارك وتعالى - : إِلَى رَبِّهَا ؛ أي : إلى نعمة ربِّها ونعيم ربِّها نَاظِرَةٌ .
وهذا التأويل باطل بلا شك بما عُلِمَ في بحث موضوع الصفات وآيات الصفات وأحاديث الصفات ؛ وهو أنَّ الأصل في كلِّ كلام عربي أن يُؤخَذَ على حقيقته وعلى ظاهره لا على تأويله ومجازه ، وإنما يُصار إلى التأويل وإلى المجاز حينما تتعذَّر الحقيقة ولا يمكن الأخذُ بها ، ولكن المعتزلة حينما جمدت أفكارهم على تشبيه الخالق بالمخلوق ابتداءً وعلى تنزيهه انتهاءً ؛ وجدوا أنَّ مثل هذه الآية التي تثبت رؤية المؤمنين لربهم - عز وجل - يوم القيامة في الجنة تُفيد بزعمهم إما الإحاطة بالله - عز وجل - وإدراكه وإما تحديده بجهة ، وهم يقرِّرون بأنَّ الله ليس في جهة ؛ ولذلك يذهبون إلى التعطيل المطلق فيقولون : الله في كل مكان !! كل هذه الانحرافات والتأويلات ما كان منهم إلا لإهمالهم تطبيق قاعدة من قواعد اللغة العربية هي : " أن الأصل في كل عبارة الحقيقة ، ولا تُؤوَّل إلا للضرورة " ؛ وهنا بلا شك ليس ضرورة ؛ لأن رؤية الله ليس من الضروري أن يكون كرؤيتنا لبعضنا البعض ، فرؤيتنا لربِّنا رؤية ليس فيها الإحاطة ، وليس فيها الإدراك ، وليس فيها الحصر لله - عز وجل - في مكان إلى آخر هذه السُّلوب التي يجب علينا أن لا نثبِتَها لعدم ورودها في الكتاب ولا في السنة ؛ فإذ الأمر كذلك فلماذا نحن ننكر رؤية الله بعد ثبوتها وبعد تنزيهنا لربِّنا من كلِّ ما يمسُّ جلاله وعظمته ؟!
السائل : أستاذ ، في سؤال .
الشيخ : تفضل .
الفتاوى المشابهة
- إثبات رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة والرد ع... - ابن عثيمين
- عقيدة الطحاوي وأهل السنة في رؤية الله - عز وجل... - الالباني
- ما الحق في رؤية المؤمنين والملائكة ربهم؟ - ابن باز
- ما قول أهل السنة والجماعة في رؤية المؤمنين ل... - ابن عثيمين
- الرد على من أنكر رؤية الله في الجنة من الكتاب. - ابن عثيمين
- هل جميع فرق المعتزلة ينكرون رؤية الله - عز وجل... - الالباني
- الرَّدُّ على منكري الرُّؤية يوم القيامة . - الالباني
- هل المعتزلة متَّفقون على ما ذهبوا إليه من تعطي... - الالباني
- بيان منهج أهل السنة في باب الأسماء و الصفات مع... - الالباني
- الكلام عن رؤية المؤمنين لربِّهم يوم القيامة ،... - الالباني
- من شرح " العقيدة الطحاوية " قوله : " الرؤية حق... - الالباني